الاتهامات الموجّهة لجيل الشباب عديدة لعل أبرزها على الإطلاق تهمة الافتقار للجرأة والشجاعة في تحمل المسؤولية والركون إلى الراحة والكسل والاعتماد على الأهل في توفير كافة احتياجاتهم ، فإذا ما تخليا - الأهل -عنهم أصبحوا عاجزين غير قادرين على تحمّل المسؤولية والاعتماد على الذات . تتراشق الاتهامات في حق الشباب الحالي فيقال عنه ، متخبط لا يعرف لنفسه هدفاً معيناً ولا تُشغله قضية أو أداء رسالة معينة في الحياة فهو بذلك لا يضيف لنفسه ومجتمعه شيئاً مفيداً ولا يستطيع إنقاذ سفينة المجتمع من الغرق .. كما أن البعض نعته بصفات سلبية كالانهزامية والانكسار من الداخل ، فكل شاب يرى خيبة الأمل ترافقه وتقف أمامه في كل خطوة يخطوها ولكن شبابنا يجدون العذر لذلك الإخفاق والانكسار في طبيعة الواقع السيء والمحبط الذي يعيشونه ويحيط بهم . خوف الشباب وهروبه من المسؤولية قد يعود للاعتقاد السائد عند الغالبية من أن المسؤولية تعني فقدان الحرية فهو سيظل حراً بدون أية ارتباطات في الوقت الذي لا يدركون أن الإتكال على الآخرين والتبعية لهم سوف تفقدهم الحرية تماماً . يُقال أيضا ، شبابنا مستهتر بات ممسوخاً ومستنسخاً عن الغرب يعتمد على الأفكار الجاهزة فيهتم بالشكل على حساب المضمون ، فالترويج لثقافة الاستهلاك التي وسمت الشباب بالسطحية وعدم الرغبة في الاعتماد على النفس فتشغيل العقل عند الشباب يسبب له المتاعب فهو بعيد جداً عن نور العلم لا يراه إلا كهيئة وميض يبرز بأطراف الصحراء ، لا يدري بمشاكل الأمة ثقافته تبدأ وتنتهي بالقنوات الفضائية والفيديو كليب ، يبدل الغالي والنفيس في سبيل التعرف والتقرب من فتاة وإقامة العلاقات الغرامية والدخول إلى الشات والغزل عبر التلفون متجهاً نحو اللهو والتسلية كل الوقت والتسكع في الشوارع والمراكز التجارية . أما الفتيات فلسن أفضل حالاً من الشباب ، تطالهن تهمة الاتكالية والعجز عن تحمّل المسؤولية .. فتيات هذا الزمن يقضين الساعات الطويلة في أحاديث حول الشباب والموضة والكلام عن المطرب الفلاني دون اهتمام الفتاة بتثقيف نفسها وإزالة النقص الذي هو الجهل حتى تعمل على بصيرة وتتحلى بالشجاعة الواعية المطلوبة ، والشعور بالمسؤولية لتتمكن من القيام بأعبائها دون الرجوع إلى الوالدين والإخوة . إمعاناً في الهروب من المسؤولية يرغبن الكثيرات في الاقتران بزوج غني عوضاً عن شاب في مقتبل الحياة العملية ، فلا رغبة لديهن على تحمّل صعوبات الحياة وضيق الرزق ومعاناة شظف العيش . ويمضون في القول أن الشباب ذوي رغبة جامحة في إشباع جانبهم المادي متلذذ بالغرائز ومنغمس بها ، ذهنه معبّأ بالأفكار الغريبة والمغلوطة البعيدة عن مجتمعه ودينه فلا يجدون لأنفسهم القدوة الحسنة ولا يتم توظيف طاقتهم في النشاطات العلمية والثقافية . يستمر توجيه الاتهام لهم بالتقاعس والتراخي الذي أوصلهم إلى ضيق الأفق والأنانية ، يأخذون دون أن يعطوا معتكفين على ذاتهم بعيدين عن مساعدة الغير والمجتمع . فالأناني يموت قبل الجميع فهو يعيش في ذاته ومن أجل ذاته . شبابنا : أنا هنا أتكلم بلغة البعض وليس الكل لكني أؤمن إنهم ( كثيرون ) ..! هل صحيح ما يُقال عنكم ؟! أعلم أنكم لم تعدوا أطفالاً ، بل شباباً ناضجاً لديه القدرة على اتخاذ قراراته وتحمل تبعاته للنهاية والقبول بتحديات العصر وعدم التقوقع في مربع ضيق ، أنتم شباب المستقبل ستمضون بقوة لبناء مجتمع حديث راق علمياً وفكرياً ، بتّ على يقين تام أنكم لن تخذلونا . [email protected]