يصادف الثامن من مارس من كل عام اليوم العالمي للمرأة، وهو من الوقفات الهامة المرتبطة في ظاهر الأمر بالتاريخ النضالي للمرأة وفي باطنه يحكي عن معاناتها الطويلة والمتواصلة من أجل حقوقها ، ويمثل الاحتفاء به سنوياً محطة تستوجب الوقوف عندها لتسجيل أبرز الأشواط التي قطعتها المرأة والنظر إلى ما حققته من نتائج حصدت ثماره خلال الفترة الماضية، وما تتطلع إليه في الفترات القادمة باعتبارها عنصراً فاعلاً في الأسرة والمجتمع وشريكاً للرجل في بناء الديمقراطية وتحقيق التنمية والحفاظ على مقومات الهوية الحضارية والقيم الأصيلة والانخراط الفاعل في مسيرة تقدم المجتمع. إن غالبية النساء، التي يحتفل العالم بأسره في الثامن من مارس بيومهن لا يجيدن القراءة والكتابة، وأوفرهن حظاً في التعليم لا تعرف أن لها يوماً تحتفل به نظيراتهن من النساء، وإن علمن بذلك فلا يملكن الوقت الكافي للاحتفال، فالكثير من النساء الريفيات المنسيات والبعيدات عن تقلد المناصب واللواتي يكدحن ليلاً ونهاراً في الحقول طلباً للقمة العيش وقد نحت الزمن أثره على وجوههن شقاءً وبؤساً، وما تبقى لهن من الوقت يخصص لتربية الأبناء والاعتناء بهم. يمر الثامن من مارس والعديد من النسوة مازلن لا يمتلكن الشجاعة على كسر العرف الاجتماعي والمطالبة بحقوقهن في الإرث بعد أن استولى على حصصهن في الميراث الشرعي إخوانهن وأعمامهن، وهناك فتيات صغيرات ينتظرن إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية لتحديد السن القانونية للزواج وإحقاق حقوقهن الإنسانية في طفولة آمنة وأخذ فرصتهن في التعليم ورفع مستوى وعيهن، ونساء أخريات يطالبن بتجريم العنف والتحرش الجنسي لصون كرامتهن، والتوقف عن منح الأعذار للمعتدي عليهن عبر تسفيه المرأة وإلقاء اللوم عليها، وأيضاً نساء يكافحن ضد النظرة الدونية والتمييز والتهميش، ويقفن بثبات رغم الحظر والمنع الذي يمارس ضدهن، وهناك من تستطيع أن تتجاوز خوفها الشديد من الفشل في تحمل المسؤولية، فلا تتهاون ولا تتخاذل في معركتها بحثاً عن الذات الضائعة وتحقيق الطموح وتكوين الشخصية المستقلة. ربما المجتمع المدني عبر منظماته المختلفة التي تعنى بشؤون المرأة وتدافع عنها إن تطلب الأمر ذلك، يشكل نقطة تحول كبرى في مسيرة نضال المرأة وصولاً إلى كامل حقوقها وينشرها كثقافة إنسانية، حيث يلامس واقع المرأة بغرض تحسين وضعيتها والنهوض بأوضاعها والعمل على إزالة ستار الجهل الذي اتخذ طابع الاحترام والتقديس وصار يقيّد حرية المرأة بحجة الحفاظ على الأعراف الاجتماعية والانسياق وراء ثقافة العيب المسيطرة على عقلية أغلب الشرائح الاجتماعية وكانت النساء أكثر تضرراً منها، والعمل على تخطي الإجحاف الواقع عليها بتهميشها وتعطيل دورها في مختلف مناحي الحياة وضياع فرصتها في التقدم والرقي والخلاص من واقعها المفروض عليها. وأخيراً إلى كل امرأة .. كل عام وأنتِ بألف خير. [email protected]