فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الثورة اليمنية في إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات الاجتماعية

بعد قيام الثورة انخرط أبناء الشعب بمختلف شرائحهم في التعليم دون تفرقة أو تمييز
حصول المرأة على فرص التعليم من العوامل التي دفعت بعملية التغيير في حياتها
ان الهدف من إعطاء صورة واقعية عن الوضع السياسي والاجتماعي الذي فرض على المجتمع اليمني وخصوصاً المرأة في ظل نظام حكم الأئمة في اليمن والتحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها المجتمع اليمني عقب قيام الثورة وتعميق الرؤية الموضوعية لهذا الوضع في ضوء منظومة القيم الاجتماعية والثقافية القائمة على التميز والتفرقة في نمط العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع وتحديد أبعادها المختلفة بشيء من التفصيل والتحليل الموضوعي.
كماتهدف أيضاً إلى تسليط الضوء حول دور الثورة اليمنية في إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات والشرائح الاجتماعية وتمكين المرأة من المشاركة الفاعلة في مختلف مجالات الحياة ولتحقيق أهداف هذه الورقة اعتمد الباحث على الوصف والتحليل كإجراء منهجي مناسب لرصد مجمل التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية التي شهدها المجتمع بشكل عام والمرأة على وجه الخصوص منذ قيام الثورة ومقارنتها بماكان عليه الوضع السياسي والاجتماعي في ظل نظام حكم الأئمة ويشتمل الحديث هنا على محورين رئيسيين المحور الأول الأوضاع السياسية والاجتماعية في ظل حكم الأئمة وقد تضمن هذا المحور الظروف السياسية والاجتماعية التي فرضت على المجتمع اليمني وعلى وجه الخصوص المرأة في ظل نظام حكم الأئمة وانعكاساتها على مجمل الأوضاع الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي عاشها المجتمع اليمني خلال تلك الفترة كماتضمن هذا المحور أيضاً استعراض أبرز مظاهر التميز والتفرقة في نمط العلاقات الاجتماعية التي شهدها المجتمع اليمني.
وفي المحور الثاني الثورة والتحولات السياسية والاجتماعية وقد تضمن هذا المحور أهم التحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي شهدها المجتمع اليمني بشكل عام والمرأة على وجه الخصوص عقب قيام الثورة اليمنية وتأثيرها على منظومة القيم والعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية التقليدية التي أحاط الإنسان اليمني نفسه بها في ظل الظروف السياسية والاجتماعية التي عاشها في ظل حكم الأئمة.
الأوضاع السياسية والاجتماعية في ظل حكم الأئمة :
لقدتطلع المجتمع اليمني بعد خروج الأتراك من اليمن وتكوين المملكة المتوكلية عام 8191م إلى آفاق مستقبلية رحبة وفي غمرة الفرحة والتطلع لبناء غد أفضل ونظام سياسي واجتماعي أرقى وأكثر حضارية من النظام التركي إلا أنه سرعان ماتحول نظام حكم الأئمة من حركة ثورية إلى نظام حكم بالوراثة وولاية العهد وعلى إثر هذا التحول فإنه لم يكن من نصيب المجتمع اليمني إلا الخروج من سجن معتم إلى سجن أكثر ظلامية.
فقد تميز نظام حكم الأئمة بافتقاره إلى المضمون الوطني والاجتماعي الرشيد ومقوماته الأساسية التي تنسجم وشروط الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع اليمني بدلا عن ذلك مضامين ومنطلقات قائمة على المذهبية والسلالية الأمر الذي شكل خطورة على وحدة المجتمع ولذا فقد كان هم الأسرة الحاكمة الحفاظ على السلطة واستمرار بقائها.
فرض سياسة التعسف الإمامي
ولضمان الحفاظ على السلطة واستمرار بقائها فقد فرض على المجتمع اليمني في ظل حكم الأئمة أن يعيش حقبة تاريخية طويلة خالية من كل مقومات التعليم والاتصال بالعالم وذلك من أجل إبقاء ينابيع الجهل والتخلف بجميع صورها وأبعادها في المجتمع كماتعمد النظام السياسي فرض سياسة التعسف والقهر والاستبداد والاستغلال السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتكريس حالة التمزق بين أفراد المجتمع الواحد تعمد أفراد الأسرة الحاكمة أيضاً أن يسلكوا تجاه أفراد المجتمع سلوكاً سياسياً واجتماعياً قائماً على أساس التميز والتفرقة وذلك من خلال شيوع الكثير من العادات والتقاليد الاجتماعية القائمة على اللامساواة والتمييز في نمط العلاقات الاجتماعية والتي تبرز باسم العادات والتقاليد الاجتماعية المتخلفة تارة وباسم الدين تارة أخرى والتي على إثرها شهد المجتمع اليمني تقسيما اجتماعياً للعمل وتوزيعا متفاوتاً للأدوار والمكانة الاجتماعية.
ولعل من أهم مظاهر التميز والتفرقة بين أفراد المجتمع مايلي :
- أسباب احتكار المعرفة والثقافة واقتصارها على فئات محدودة من المجتمع ممن تربطهم علاقة بالأسرة الحاكمة ولذا ظل قطاع كبير من المجتمع وخصوصاً المرأة يرزح تحت وطأة الأمية والتخلف وقد أشار تقرير البنك الدولي عام 0691م إلى التخلف المتمثل في ارتفاع نسبة الأمية إلى حوالي 59% من إجمالي السكان وهذا الحرمان من التعليم قد جاء من منطلق أن التعليم قد يفسد أخلاق المجتمع وخصوصاً المرأة وقد كان لهذه المصوغات أثر كبير في زيادة حالة التخلف وتدهور الحياة الثقافية والاجتماعية.
-احتكار فرص العمل في الأسرة الحاكمة حتى لايتهدد نظام حكم الأئمة حيث كانت كل الوظائف الحكومية والدينية الرئيسية وغير الرئيسية هي من حق الأمام وأسرته ومن ينتمي إلى نفس المذهب والسلالة الحاكمة باعتبارها حقا من حقوقها الخاصة وسمة من سماتها الشخصية والوراثية التي لايجوز للآخرين مشاركتها فيها أو منازعتها ولم يكن لبقية أفراد المجتمع اليمني والذي يمثل الغالبية الساحقة من السكان أي حق ابتداء من إمامة الصلاة وكتابة العقود وتولي السلطة بصفة عامة وإدارة القضاء والوظائف العادية وهذا الحق قد أصبح لا كمبدأ سياسي فحسب بل وكتشريع ديني وعنصري سنته الأسرة الحاكمة لنفسها.
- غياب العدالة في توزيع ثروات وموارد المجتمع وتركزها في يد الأسرة الحاكمة وتسخيرها لتسيير مصالحها الخاصة باعتبارها سلطة جباية ولم تكن سلطة لخدمة أفراد المجتمع وقد انعكست تلك الأوضاع في مجملها على مستوى وشروط الحياة المعيشية للمجتمع.
- فرض أساليب القهر والاستغلال الاقتصادي من خلال استيلاء أفراد الأسرة الحاكمة على أراضي الأوقاف التي تقدر بأكثر من 02% من إجمالي الأراضي المزروعة في تلك الفترة.
5- إفقار الفلاحين بفرض ضرائب قد تصل إلى أكثر من نصف المحصول الزراعي ومصادرة أراضيهم ونهبها تحت حجج لامبرر لها وإضفاء الشرعية عليها والدفاع عنها.
6- حرمان المجتمع من أبسط الخدمات الاجتماعية وخاصة في المجال الصحي وقد انعكس ذلك الوضع في انتشار الأمراض والأوبئة التي كانت تحصد دوريا الآلاف من السكان وقد أشار تقرير البنك الدولي عام 0691م إلى ارتفاع نسبة الوفيات إلى 92 من كل ألف شخص باعتبار ذلك شأناً من شئون القدر الذي لادخل للإمام وسلطته فيه.
- تكريس حالة التمزق في البنية الاجتماعية ففي ظل نظام حكم الأئمة قسم المجتمع إلى طبقتين طبقة مسيطرة ومستغلة وتشمل النخبة الحاكمة من أسرة بيت حميد الدين وكل من تربطهم مصالح بهذه النخبة وطبقة الثانية مسيطرة عليها ومستغلة وتشمل هذه الطبقة أصحاب مختلف الحرف والمهن التقليدية ويغلب على التركيبة الاجتماعية لهذه الطبقة أنماط متعددة ومتداخلة ومتشابكة من العادات والتقاليد الاجتماعية التي تعيق تطلعهم وتحد من أدوارهم الاجتماعية.
- ولتكريس حالة التمزق في البنية الاجتماعية قد تتعمد أفراد الأسرة الحاكمة وأنصارها أن يسلكوا تجاه أفراد المجتمع اليمني الواحد سلوكاً سياسياً واجتماعياً قائماً على أساس التفرقة المذهبية والسلالية والمهنية وقد أوغل أفراد الأسرة الحاكمة في التميز والتفرقة في بعض المسائل الاجتماعية إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير ففرضوا أنواعاً مختلفة من التميز السلالي والعنصري كالميل إلى عدم الاختلاط بالغير إلا في حدود معينة ورفض تزويج إناثهم لكل من لاينتمي لهذه السلالة.
- كمافرض نظام حكم الأئمة تقسيما اجتماعياً للعمل وتوزيعاً متفاوتاً للأدوار والمكانة الاجتماعية تعزز وتعمق حالة التميز والتفرقة في وعي المجتمع مثل النظرة الدونية لبعض المهن الحرفية واحتقار العاملين فيها مثل زارعو الخضار والفواكه وبائعوها وحائكو الأقمشة وسالخو الحيوانات وطارقو الحديد وغيرها من المهن وجعلهم يتقبلون ذلك التميز والاحتقار ويقرون به في إطار قانون القدر وليس في إطار التسلط السياسي والاستغلال الاقتصادي.
الوضع الاجتماعي للمرأة في ظل نظام حكم الأئمة
فلا شك أن الوضع الاجتماعي والثقافي المتخلف الذي عاشه المجتمع اليمني في عهد الأئمة قد كان أشد وطأة على حياة المرأة اليمنية التي عاشت هذه الحقبة حيث كانت المرأة أكثر حرمان من الحقوق المجتمعية ولعل من أبسطها حق التعليم وذلك انتقاصاً لأدوارها ومكانتها وقدرتها العقلية والجسمية وبذلك كانت المرأة مبعدة إبعادا كاملاً عن كل مناشط الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية كما كانت محرومة من كثير من الحقوق المجتمعية الأمر الذي أضعف أدوارها ومكانتها وفعاليتها في حياة الأسرة والمجتمع.
ولعل من أهم مظاهر التفرقة والتميز بين المرأة والرجل في ظل حكم الأئمة تكريس النظرة الدونية للمرأة وذلك من خلال فرض حالة التخلف وشيوع الكثير من القيم والعادات والتقاليد القائمة على التميز واللامساواة بين الرجل والمرأة على اعتبار أن المرأة كائن قاصر وتابع وقد انعكس تأثير تلك القيم في تهميش المرأة وهيمنة الرجل والوصاية عليها ووضع حركتها في إطار كثير من المحرمات والممنوعات وحرمانها من الحقوق الإنسانية الكاملة وربطها خلال تنشئتها الاجتماعية بمفاهيم وقيم الشرف والعيب والعار ومايجوز ومالايجوز والحلال والحرام وبالتالي أصبحت تستقبل منذ ولادتها بالشؤم والتذمر والخجل وقد حال ذلك دون مشاركة المرأة في العملية التنموية.
الثورة والتحولات السياسية والاجتماعية
لاشك أن قيام الثورة اليمنية في 62 سبتمبر 2691م قد شكل تحولاً سياسياً واجتماعياً على درجة كبيرة من الأهمية في حياة المجتمع اليمني فالثورة اليمنية في الواقع إلى جانب كونها عملاً وطنياً وإنسانياً قد مثلت بتوجهاتها السياسية وأهدافها الوطنية الجديدة وماترتب عنها من تغييرات سياسية واجتماعية وثقافية أهمية كبيرة في تحقيق طموح المجتمع اليمني في القضاء على مظاهر التخلف الاجتماعي بمختلف صورها.
ولتحقيق طموح المجتمع اليمني في إزالة مظاهر التخلف الاجتماعي القائمة على أساس الفوارق والامتيازات بين أفراد المجتمع أكد الهدف الأول من أهداف الثورة على أهمية إذابة الفوارق والامتيازات بين الطبقات الاجتماعية وعلى إثر التحولات السياسية والاجتماعية التي شهد المجتمع اليمني بعد قيام الثورة تحولاً كبيراً في نمط العلاقات الاجتماعية بين الطبقات الاجتماعية وفي المشاركة والإسهام بشكل فاعل في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية دون تمييز بين مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية بشكل عام وبين الرجل والمرأة على وجه الخصوص على اعتبار أن المرأة تمثل نصف المجتمع وأن للمرأة كما للرجل مصلحة فعلية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي ينشدها المجتمع.
تلاشي القيم الاجتماعية المكرسة للتفرقة والتميز
الواقع إلى الحراك السياسي والاجتماعي الذي شهده المجتمع اليمني منذ قيام الثورة قد تلاشت بموجبه منظومة القيم الاجتماعية والثقافية التقليدية المكبلة بالعديد من العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية التي كرست حالة التميز والتفرقة في نمط العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع وعمقت حالة النظرة الدونية للمرأة وبعض المهن والحرف التي على إثرها شهد المجتمع اليمني تقسيما اجتماعياً للعمل وتوزيعاً متفاوتاً للمكانة والادوار الاجتماعية.
ولعل من أهم مظاهر التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها المجتمع اليمني بشكل عام والمرأة على وجه الخصوص منذ قيام الثورة اليمنية مايلي :
الالتحاق بالتعليم دون تفرقة
- لقد أتاح انخراط أبناء مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية في التعليم على حد سواء دون تفرقة أو تميز بعد قيام الثورة إحداث تحول ملحوظ في البنية الاجتماعية التقليدية حيث أصبحت التربية في إطار المدرسة قائمة على أساس تعميق الولاء الوطني على الولاءات الضيقة وأصبحت المكانة الاجتماعية تتوقف على مستوى الفرد التعليمي والثقافي ودرجة الترقي في الوظائف العامة وليس على أساس الانتماء لطبقة أو شريحة اجتماعية.
-تراجع وتلاشي حدة النظرة الدونية لبعض المهن والحرف اليدوية التي أصبحت مع ظهور مبدأ تقسيم العمل والتخصص تحظى باهتمام المجتمع.
- حصول المرأة على التعليم وخروجها إلى العمل قد أديا إلى إحداث تحولات ملموسة في أوضاعها وفي أدوارها ومكانتها في الأسرة والمجتمع وفي نمط العلاقات الاجتماعية والتي كان من أبرزها ترقي المرأة في الوظائف العامة وحصولها على المناصب القيادية في الدولة.
مشاركة المرأة
كما أن حصول المرأة على فرص التعليم يعتبر من أهم العوامل التي دفعت بعملية التغيير في حياة المرأة وأوجدت لديها وعياً نسبياً بذاتها ومركزها الاجتماعي ووعياً أسرياً ومجتمعياً حول أهمية مشاركتها في الحياة العصرية فتواجدت المرأة في مختلف مجالات العمل كما مكنها التعليم أيضاً من المشاركة الفاعلة في منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والنقابات ويمكن قياس مدى التحول في أدوار المرأة ومكانتها في المجتمع اليمني منذ قيام الثورة من خلال قياس مدى مشاركة المرأة في التعليم والعمل باعتبارهما دعامتن أساسيتن في تحول أوضاع المرأة اليمنية ونمو مركزها في الأسرة المجتمع.
- أن المرأة اليمنية اليوم لم تعد كما كانت في السابقة تتمثل فقط دور المرأة الزوجة وإنما قد أصبحت تقوم بدور مزدوج دورها كربة بيت وعاملة خارجه في نفس الوقت كما أصبح لها اهتمامات وأدوار كانت حكراً على الرجل وقد أصبحت المرأة عاملة تحقق قبولاً واستحساناً لدى المجتمع ولكن ينبغي مع ذلك ان نشير إلى أن تغير مراكز المرأة وأدوارها يسير بشكل تدريجي نوعاً ما حيث لايزال الخجل في حياة المرأة متأثراً بمنظومة القيم والمعادلات الاجتماعية وهي نتاج سنوات العزلة والركود.
- كما أدى التحول المستمر في المجتمع اليمني إلى ظهور اتجاهات وقيم جديدة تتيح للأبناء حرية اختيار المهنة وحرية المناقشة في مسائل الزواج والمصاهرة وهو أمر غير معهود قبل قيام الثورة.
- بروز تحول نسبي يحد من الزواج المبكر بشكل تدريجي فرضته الظروف الاجتماعية والثقافية المتغيرة نتيجة انتشار التعليم وخروج المرأة إلى سوق العمل والتلاشي التدريجي للعادات والتقاليد التي تشجع الزواج المبكر.
تنامي الوعي المجتمعي
والواقع أنه على الرغم من التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها المجتمع اليمني منذ قيام الثورة غير أن مثل هذه التحولات بروز العديد من التوجهات الثقافية التحديثية وحدوث نوع من الصراع بين التوجهات والممارسات الثقافية التقليدية والحديثة الأمر الذي أسهم بشكل فعال في ازدياد وتنامي استجابة المجتمع اليمني بعد قيام الوحدة اليمنية لكثير من مظاهر التحول الاجتماعي والسياسي والتي تبدو بعض مظاهرها في الأدوار والعلاقات الاجتماعية وفي المشاركة السياسية وماأفرزته هذه المشاركة من حراك سياسي واجتماعي على درجة كبيرة من الأهمية.
وإجمالاً يمكن القول أن مجمل الحقوق والحريات التي اكتسبتها المرأة في إطار القوانين والتشريعات اليمنية قد شكلت من الناحية النظرية خطوة جريئة ومتقدمة مقارنة بماتحقق للمرأة في كثير من الدول العربية غير أن تفعيل مثل هذه الحقوق والحريات في إطار الممارسة الفعلية التي كفلتها لها القوانين والتشريعات اليمنية يتطلب وضع آلية عمل ترتكز على عدد من العوامل المساعدة التي يمكن اختصارها فيمايلي :
- التوعية المجتمعية المستمرة بأهمية تعليم وتأهيل المرأة في مختلف المجالات التي من شأنها تسليط الضوء على أهمية مساهمتها في عملية التنمية على اعتبار أن المرأة تمثل نصف المجتمع.
- دعوة وسائل الإعلام المختلفة لتغيير صورة المرأة وعدم التركيز على العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية والادوار التقليدية النمطية للمرأة التي تكرس تأخر المرأة وتخلفها في مجالات التعليم والعمل والمشاركة الاقتصادية والسياسية وفي صنع القرار.
- حث الحكومة على وضع الآليات والبرامج التي تضمنتها الاستراتجيات الوطنية التي أقرتها الحكومة ووضعها موضع التنفيذ وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني المعنية بقضية النهوض بالمرأة.
- العمل على رفع المستوى الثقافي والمهني لدى المرأة الأمية بشكل عام والريفية على وجه الخصوص وذلك من خلال محو أميتها الأبجدية والحضارية معا وفي آن واحد.
- دعوت كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني للمشاركة والحوار لتبني المبادرة التي أطلقها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بتخصيص نسبة «51%» من مقاعد مجلس النواب والشورى للنساء وذلك لتعزيز دور المرأة وثقتها بنفسها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.