يعاني قطاع المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة في اليمن الكثير من المشكلات والمعوقات على الرغم من تبوئها مكانة هامة على خارطة الخطط التنموية في البلاد باعتبارها إحدى الركائز الأساسية في تطوير الحياة الاقتصادية ، ودورها في نمو الدخل القومي والمساهمة في سد احتياجات المجتمع، من خلال رفد السوق المحلي فرص العمل والمنتجات . وقد اكدت دراسة علمية حديثة إن مشكلة التمويل تعد أهم المعوقات الرئيسية التي تحول دون تنمية المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة في اليمن وآليات تطويرها . وأضافت الدراسة التي أعدها أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة صنعاء الدكتور علي عبد الله قائد:" إن العمالة الفنية والمدربة تعد من المشكلات الأساسية التي يفتقر إليها قطاع المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة حيث تعاني من قصور شديد في الخبرات الإدارية والتنظيمية وتسودها الإدارة العائلية أو الفردية. وكشف الدراسة أن (67%) من المشتغلين في المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة يعانون من الأمية العلمية أو المعرفة الإدارية، الأمر الذي يجعلهم يفتقرون إلى ابسط قواعد التنظيم الإداري والوعي المحاسبي. وبحسب الدراسة فان جوهر المشكلة في تمويل المنشأة يعد عند التأسيس عن طريق المستثمرين أنفسهم ومن دخولهم الذاتية، واستكماله عن طريق الأقارب والأصدقاء وهو تمويل يعد غير كاف ، إضافة إلى عدم شمولها في نظام الحوافز و التسهيلات التي تقدمها الدولة وفقاً لقانون الاستثمار. الدراسة العلمية اكدت دور مؤسسات المجتمع المدني في المساهمة للنهوض بقطاع المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة.. مشيرة في ذات الصدد إلى أن هذا الدور قد تركز على جانب التدريب الفني والمهني والتأهيل للعمل في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن تفضيل العاملين الاشتغال لدى المنشآت الكبيرة لقدرتها على رفع الأجور والحوافز، وصولاً إلى عدم ملائمة أنظمة التعليم العام والتقني والتدريب المهني لمتطلبات هذه المنشآت ، وهو ما عمق الفجوة بين مخرجات التعليم التقني والمهني ومتطلبات العمل في تلك المنشآت . وأشارت الدراسة إلى أن المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة تعاني قصوراً في توفير مستلزمات الإنتاج بالقدر الذي يكفي لسد احتياجات الطاقة الانتاجية، إضافة الى ضيق حجم السوق المحلية وصعوبة إتباع وسائل تسويقية إعلانية ودعائية نتيجة افتقارهم للأجهزة التسويقية المتقدمة . كما أن تعد مشكلة الافتقار إلى منافذ تسويقية تعرف المستهلك بالمنتج اضافة إلى ضعف القدرة التنافسية بين المنشآت المحلية والسلع المستوردة، وغياب المعلومات والدراسات الكافية عند المستثمرين في قطاع المنشآت الصغيرة وكيفية عملها وتطويرها من أبرز المشكلات التي تواجه قطاع المنشأت والصناعات الصغيرة والمتوسطة في اليمن وفقاً للدراسة . هذا وقد أوصت الدراسة بضرورة ايجاد تعريف واضح ودقيق للصناعات الصغيرة والمتوسطة ،و إصدار تشريعات منظمة ومشجعة لتنمية هذه الصناعات، مؤكدة ضرورة تشجيع التصنيع الزراعي مع إيلاء الصناعات الريفية أهمية خاصة وإقامة الجمعيات التعاونية الإنتاجية وتشجيع التعاونيات الحرفية وإنشاء مراكز تسويق صناعي لتوفير الخامات وتصريف منتجات المشتغلين بالصناعات الصغيرة والمتوسطة . كما دعت إلى إعادة النظر في السياسة التعليمية الحالية والعمل على تطوير وزيادة إمكانات التدريب لتوفير العمالة الماهرة في مجال الصناعات الصغيرة وإدخال مادة إدارة المشروعات للصناعات الصغيرة والمتوسطة ضمن مواد مقررات التعليم الجامعي وإيجاد برامج بمنح دبلوم عال تخصص اقتصاديات الأعمال الصغيرة . وكانت وزارة الصناعة والتجارة قد أعلنت رصدها لعدد من الصعوبات والتحديات التي تواجه قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة وفي مقدمتها صعوبات إدارية وفنية ومالية وتسويقية . ووفقاً للدراسة التي أعدتها ونشرتها الوزارة فان الصعوبات الإدارية تتمثل بعدم اتباع الأساليب الإدارية الحديثة في إدارة تلك المشاريع، ونقص المعلومات والإحصاءات وعدم وجود برامج لتطوير الصناعات الصغيرة، وأن الصعوبات الفنية تمثلت في الاعتماد على الآلات والمعدات القديمة وضعف بعض دراسات الجدوى . فيما رأت الدراسة أن عدم وجود منافذ تسويقية منتظمة وضيق نطاق السوق المحلي واتباع الأسلوب التقليدي في مجال التسويق وتفضيل المستهلك للمنتجات الاجنبية على المحلية تشكل أبرز الصعوبات التسويقية التي تواجه هذا القطاع، اما المشاكل المالية فتمحورت في قلة الموارد التاحة وفقا للدراسة. واقترحت الدراسة عدداً من الحلول و المقترحات لتنمية الصناعات الصغيرة، اهمها ايجاد جهة لتنمية المشروعات الصغيرة ويتم عبرها التنسيق بين كل الجهات العاملة في هذا القطاع ونشر الوعي العام باهمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة والاهتمام بتطوير الكفاءات الانتاجية لهذه الصناعات وتسويق منتجاتها وخدماتها، بالإضافة إلى إيجاد نظام تمويلي متكامل لمساعدة هذه الصناعات. هذا وتشكل الصناعات الصغيرة في اليمن ما نسبته (95.80 ) في المائة من إجمالي عدد المنشآت الصناعية يعمل بها (22) في المائة من إجمالي عدد المشتغلين في القطاع الصناعي، ويشكل العنصر النسوي منهم (2.5) في المائة. ويساهم هذا القطاع بحوالي (41.45) في المائة من القيمة المضافة المولدة في قطاع الصناعات التحويلية ، ويعتبر مجالاً خصباً لاستغلال الموارد المادية و البشرية و المشاركة بفعالية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية و الاجتماعية . وبحسب إحصاءات العام 2006م فمن إجمالي حجم المنشآت الصناعية في اليمن البالغة ( 38.160) منشأة، تمثل الصناعات الصغيرة(1-4) عمال منها(36.252) منشأة يعمل بها (76.390) عاملاً وعاملة ، إلا أن مساهمتها في الناتج الصناعي الإجمالي لا يتجاوز ال (34.22) في المائة. أما المنشآت الصناعية المتوسطة (5-9) عمال ، ويبلغ عددها نحو (15266) منشأة وتمثل ما نسبته ( 4.01) من إجمالي حجم المنشآت الصناعية يعمل بها (33130) عاملاً و عاملة. جدير بالذكر ان العاصمة صنعاء كانت قد استضافت خلال الفترة 25- 26 نوفمبر المنصرم "الملتقى العربي الرابع للصناعات الصغيرة والمتوسطة " تحت شعار "الجودة والإبداع.. ضمان لمستقبل الصناعات العربية في ظل العولمة". وهدف الملتقى الذي نظمته وزارة الصناعة والتجارة بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين والبنك الإسلامي للتنمية، إلى تشخيص المعوقات والتحديات الأساسية التي تواجه الصناعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية في ظل التطورات العالمية، وإيجاد تصورات علمية لمعالجة تلك المعوقات، وتشجيع الابتكار والتجديد والمبادرة الفردية في الدول العربية، وتخفيف حدة مشاكل البطالة بخلق فرص عمل في العالم العربي.