أخصائيون: تنمية القدرات الإبداعية وتعزيز القيم الدينية صمام أمان للشباب من الانحراف المسئولية يجب أن تتحول من خطاب الجبر والمنع إلى خطاب القناعة والمناعة لدى الشباب والأطفال يشير بعض المختصين في علم الاجتماع إلى أن المعدل النسبي لأية ظاهرة سلبية مهما كانت خطورتها كانت تدور في نطاق «5% إلى 10% » وهي ظاهرة مقبولة وعادية ولايخلو منها أي مجتمع من المجتمعات، لكن إذا تجاوزت هذه النسبة «15% و 20%» فإنها تتحول من ظاهرة إلى مشكلة اجتماعية وتدخل دائرة الخطر الاجتماعي الذي يهدد المنظومة الاجتماعية بالانحراف والانهيار. مشكلة انحراف الأطفال والشباب تعتبر من أهم المشاكل التي يتوجب الوقوف أمامها بمسؤولية وللمشكلة عدة أسباب وآثار ناقشناها في هذا الموضوع إلى جانب وضع الحلول المناسبة والتي تحدث لنا بها بعض المختصين والمهتمين في هذا الجانب.. الأخ عبدالناصر غالب دحان علم نفس تحدث عن الظاهرة قائلاً: ظاهرة انحراف الاطفال والشباب من الظواهر المقلقة في المجتمع والانحراف هو خروج الفرد عن المألوف والمعايير الاجتماعية بما لايتفق مع القيم الإسلامية والاجتماعية والمنحرف هو فرد شاذ صاحب سلوك سلبي يؤدي إلى ظاهرة ذات آثار اجتماعية ونفسية وبالتالي فإن الانحراف بشكلٍ عام يمثل معضلة في المجتمع سواءً في القانون أو المجتمع أو الأسرة، ويعتقد دحان أن البطالة وعدم توفر العمل للشباب أحد الأسباب المؤدية إلى الانحراف وعدّد دحان بقية الأسباب قائلاً: الأسباب المؤدية إلى انحراف الأطفال والشباب كثيرة جداً منها التنشئة الاجتماعية الخاطئة، وعدم نشر التعليم في جميع مناطق الوطن، مجالسة الأصدقاء ورفقاء السوء، وعدم التمسك بالمبادئ الدينية والأخلاقية، إلى جانب توسع فجوة الفقر وينعكس هذا سلباً على الأطفال والشباب. ويرى دحان أن وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة «الانترنت، الموبايل، والقنوات التلفزيونية الغربية» تلعب دوراً كبيراً في انحراف الأطفال والشباب داخل مجتمعنا نتيجة لاستخدامهم السلبي لهذه التكنولوجيا وينصح دحان الشباب بضرورة الاستخدام الايجابي والمفيد لهذه التكنولوجيا ويعتبرها نعمة يجب الاستفادة منها لا كما هو حاصل في الوقت الحالي حيث أصبحت مدمرة لأهم فئتين داخل المجتمع «الأطفال، الشباب». ظاهرة خطيرة ومقلقة الأستاذ الدكتور حمود العودي رئيس قسم علم الاجتماع.. بكلية الآداب «جامعة صنعاء» تحدث فقال: ظاهرة انحراف الأطفال والشباب هي من الظواهر الاجتماعية التي لايخلو منها أي مجتمع من المجتمعات واليمن هي جزء من المجتمعات الإنسانية التي تتجلى فيها مختلف الظواهر بشكلٍ عام والمشكلة من وجهة النظر الاجتماعية هي ليس في القول بإمكانية إلغاء ظاهرة الانحراف في أوساط الأطفال أو الشباب بشكلٍ مطلق أو أن هذه الظاهرة هي القاعدة المطلقة للموضوع. وفي الوقت نفسه هذه الظاهرة يمكن أن تتحول إلى مشكلة خطيرة في المجتمع إذا ما اتسع نطاقها وبدأت تغطي مساحات كبيرة من حياة الشباب والأطفال! ماهو المقياس الذي يمكن أن نعتمد عليه في هذه المسألة؟ هو المعدل النسبي، عندنا في علم الاجتماع أي ظاهرة سلبية مهما كانت خطورتها كانت تدور في نطاق 5 %إلى 10 % على أقصى سلبية المجتمع سواءً كان انحراف الاطفال أو الشباب أو الجريمة أو الطلاق أو السرقة أو غيرها فإنها ستظل ظاهرة مقبولة ظاهرة، عادية في المجتمع ولايخلو منها أي مجتمع ولايوجد خطورة على المجتمع لكن إذا ماتعدلت هذه النسبة وتجاوزت 15% و20% فإنها تتحول من ظاهرة إلى مشكلة اجتماعية بمعنى أنها تدخل دائرة الخطر الاجتماعي الذي يهدد المنظومة الاجتماعية للانحراف والانهيار. الأسباب والدوافع وأضاف قائلاً: وإذا تحدثنا عن الأسباب التي تكمن وراء هذه الظاهرة المشكلة، فبالتأكيد هناك مجموعة من الأسباب والعوامل التي تحول ظاهرة مامقبوله إلى مشكلة اجتماعية غير مقبولة، وفي مقدمة هذه الأشياء الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها المجتمع والتغيرات التي تحدث في بنية المجتمع فلدينا تغيرات اجتماعية خطيرة وكبيرة جداً حدثت في المجتمع وهي تشكل سبباً مباشراً وغير مباشر في تفاقم هذه المشكلة من ضمن هذه التغيرات هو الإرسال الفضائي الذي يغطي كل بيت ويغطي حياة كل مجتمع ووسائل الاتصال «التلفون الانترنت المقاهي المفتوحة للأطفال والشباب في كل مكان»، هذه الوسائل فتحت العالم كله بدون قيود وبدون ضوابط وبدون أي موانع، والعالم هو مفتوح بطبيعته وبالتالي صارت هناك صعوبة للسيطرة على ماهو سلبي وماهو ايجابي في هذا الانتفاع غير المعهود وغير المسبوق، قدرة الاطفال والشباب تحديداً، بالسيطرة على أنفسهم في اختيار ماهو المفيد وماهو السيئ ضعيفة جداً لانهم ينبهرون بما تطل به عليهم صفحات الانترنت أو القنوات الفضائية المشفرة، وغير المشفرة أو حتى أجهزة التلفون التي يحملها الصغار والكبار بدون سبب وبدون حاجة هذا الانبهار يدفع الاطفال والشباب إلى التعامل مع ماهو سلبي أكثر من التعامل مع ماهو إيجابي «الجريمة الانحراف الجنس، العري، البذاءة ..إلخ» كل الأشياء السلبية ينجذبون إليها أكثر مما ينجذبون إلى ماهو ايجابي ومايمكن أن تقدمه هذه الوسائل من خدمة للمجتمع ومعرفة مهمة ينجم عن ذلك حالة الانحراف وهذا سبب من أسباب المشكلة. طموحات بدون قاعدة تلبيها سبب آخر: الظروف المعيشية للناس والأسر والأفراد عندما يشاهدون حالة من الترف في طرف مامن المجتمع بينما القاعدة الواسعة في حالة فقر، الطموح الذي تأصل في أذهان الشباب للوصول إلى الترف والسيارة، الفارهة والملابس غير المعقولة وإلى الصحبة المشروعة وغير المشروعة، وهذه كلها طموحات بدون قاعدة تلبيها فمن لديه هذه الامكانية من المترفين والميسورين الذين بدأوا يتشكلون في مجتمعنا هم من يتسببون في خلق هذه المشكلة لأنهم يدرون على أطفالهم وأبنائهم من السيارات والأموال ومن وسائل المسخ للأسف الشديد القات والمشروبات وفي الفسح وفي البطالة المقنعة، مايجعل الفئات الأخرى الأوسع في المجتمع وقليلة الامكانيات تشعر بالاحباط لانهم غير قادرين على الوصول إلى مايصل إليه قرناؤهم من المترفين مايدفعهم إلى البحث عن تلبية هذه الحاجة والتمثل بأقرانهم بأي وسيلة كانت ومن ضمنها الانحراف سواء السرقة أو الجريمة أو غيرها وهذه أيضاً من الأسباب. تلبية الحاجات السطحية ويواصل العودي رئيس قسم علم الاجتماع حديثه فيقول: إن الآثار المترتبة على هذه المشكلة آثار سلبية وكثيرة لأنها تهدد المنظومة الاخلاقية للأسرة والمجتمع والمسجد والدين بكثير من الانهيار وبالتالي تنتشر الجريمة واللامبالاة وتقل القدرة على الابداع لدى الشباب والتركيز ويصبح همهم الأول تلبية الحاجات السطحية السابقة من الأشياء الاستهلاكية والمظهرية الفارهة وهذا يخلق عبئاً كبيراً على المجتمع لأن الشباب يصبح غير قادر على العطاء وغير قادر على مواجهة تكاليف الحياة المتزايدة وغير قادر على أداء رسالته المستقبلية التي تنتظره في المجتمع. القناعة والمناعة وعن الحلول قال العودي هناك وسيلتان أو ثلاث رئيسة لامكانية تجاوز هذه المشكلة أولاً المسئولية الاجتماعية العامة للدولة والمجتمع تجاه الأجيال الحالية والقادمة فالمسئولية تتوقف على الدولة والمجتمع وعلى كل مؤسسات المجتمع المدني بدءاً بالتربية والتعليم مروراً بالمسجد والأسرة وصولاً إلى المجتمع مجتمع المجورة ومجتمع القرية فالكل يجب أن يستعيد مسئوليته تجاه أبنائه لامن منطلق المنع والرفض لأن أحياناً الرفض هو جزء من المشكلة المنع والرفض لكل ماهو جديد هو جزء من المشكلة وبالتالي المعالجة لاتأتي من هذا المنطلق كما تفعل الجماعات المتزمتة والسلفية التي تكفر كل شيء وتحرم كل شيء وبما في ذلك وسائل الاتصال هذا غير ممكن حتى لو اعتبرنا ذلك خطأ وهذا غير صحيح لأنها وسائل علمية للعالم كله لكن حتى لو اعتبرناها كذلك لايمكن أن نمنعها ولانستطيع لأنه لايوجد من يستطيع أن يسد الفضاء اليوم إذن المسئولية يجب أن تتحول من خطاب الأمر والرفض والإكراه والجبر والمنع إلى خطاب تنمية القناعة والمناعة لدى الشباب ولدى الأطفال بحيث ننمي لديهم القدرة على التمييز بين ماهو خطأ وماهو صح ودفعهم إلى الارتباط والعمل بماهو مفيد وتجنب ماهو غير مفيد. تنمية القدرات وتعزيز القيم الشيء الآخر يجب أن نهتم بقدرات الشباب ونشجع القدرات الايجابية المبدعة أو خلق نموذج يحتذى به في أوساط الشباب والأطفال، الابداع والتفوق لكي نعطي له قيمة عليا وتشجيعاً كبيراً إضافة إلى فرص العمل يجب أن تعمل الدولة على فتح مجالات واسعة للعمل والانتاج والمشاريع التي تستوعب هذه الطاقة الهائلة للشباب غير المرتبط بعمل منتج ومفيد لنفسه ولمجتمعه كما يجب أن نعزز القيم الدينية والأخلاقية لدى المجتمع لأن الدين هو صمام الأمان، الدين النقي المتسامح وليس المتزمت الذي يزيد الطين بلة، ولكن القيم الدينية والأخلاقية التي تعزز لدى الإنسان المناعة في التعامل مع الآخر والثقافات الأخرى وتجعله قادراً على التمييز بين ماهو مفيد وماهو غير مفيد وكيف يختار المفيد ويتجنب غير المفيد، فلدينا وسائل كثيرة لمواجهة هذه المشكلة وعلينا أن نبدأ لا أن نتفرج لأنه في النهاية هذه هي أجيالنا نصف الحاضر وكل المستقبل كما يقولون إذا أهملت فسيدمر مستقبل المجتمع. القطيعة بين العلم والواقع الاجتماعي وعن دور مراكز الأبحاث الاجتماعية والمختصين الاجتماعيين في دراسة الظواهر المرتبطة بالشباب أجاب العودي: ممالاشك فيه أن مراكز الأبحاث والمتخصصين الاجتماعيين لم ولن يغفلوا دراسة مثل هذه الظواهر أو المشاكل وهذا هو عملنا ولدينا أبحاث كثيرة جداً في هذه الجوانب ولكن أستطيع أن أقول مايتوفر لدينا من إمكانيات الدراسات والأبحاث والاهتمامات والدارسين والباحثين في المجال الاجتماعي لا أقول بأنه وصل إلى درجة الكمال ولكنه يعتبر الحد الأدنى الذي نستطيع إذا ما اعتمدنا عليه أن نبدأ خطواتنا بحل المشكلة لكن الشيء المؤسف أنه لاتوجد آذان صاغية ولاعقول متنبهة لكي يطبق مايقال في الجامعات ومراكز الأبحاث وبهذا لاتزال الأمور «كل يغني على ليلاه» كما يقولون فهناك قطيعة بين العلم والواقع الاجتماعي ومع ذلك نحن متفائلون بالخير. عدم تماسك الأسرة ان ظاهرة الانحراف لدى الأطفال والشباب هي ظاهرة متفشية في معظم دول العالم والأسباب تبدأ من الخلية الأولى في المجتمع وهي الأسرة وماتعانيه من الظروف البيئية والاجتماعية والاقتصادية المحيطة بها هذا ماأكده الدكتور مازن شمسان أستاذ علم النفس في جامعة عدن وزاد بالقول: عدم تماسك الأسرة يؤدي إلى انحراف الحدث وبداية تشكل الآفات النفسية لديه والتي ترتبط غالباً بالتفكك الأسري بسبب طلاق الأب للأم وأسباب مختلفة أخرى. ايضاً غياب التنشئة الصحيحة والسليمة وانغماسهما في مشكلات عديدة خاصة بهما مماينعكس على المعاملة السيئة التي يلقونها لأبنائهم. أزمة نفسية ومن الآثار النفسية المترتبة على هذه الظاهرة خصوصاً فئة الأطفال والشباب هو إهمالهم لواجباتهم الدراسية وتركهم للمدارس بعد أن يكون قد خسر أسرته ويصبح أمامه الشارع ملجأ وحيداً بكل مافيه من رفاق السوء الذين يرحبون بالوافد الجديد..اذن يصبح الشاب والطفل يعانون أزمة نفسية غير طبيعية تعكس انحلالا واعتلالاً بالقيم والعلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع الأمر الذي ينتهي بهم إلى سوء التوافق الاجتماعي والصحة النفسية غير السوية. المعالجات ويرى الدكتور مازن أنه لمعالجة هذه الظاهرة لابد أن يكون للأسرة دور كبير وسليم في التنشئة والتربية وتوجيه الأبناء بشكل سليم كما لابد أن يكون هناك دور كبير للمؤسسات الخدمية والاجتماعية والثقافية التي تساهم في تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين طبقات المجتمع ممايساعد الأسرة والمدرسة على التحرك الجاد والمدروس لضبط ايقاعات المجتمع من خلال لجم الأفكار والتصرفات الانحرافية التي قد تنشأ فيه. أنشطة رياضية وثقافية ويقترح عبدالناصر غالب دحان عدة حلول للتصدي لهذه الظاهرة فيقول: من الضروري جداً توفير وخلق فرص عمل للشباب تبعدهم عن الفراغ وسلبياته أيضاً الحاق الأطفال بالتعليم وإقامة ندوات علمية وبرامج توعوية توعي الشباب بما يتفق مع المبادئ والقيم السامية في المجتمع، تفعيل وتوفير أنشطة رياضية وثقافية للأطفال والشباب وإبعادهم عن اللهو ورفقاء السوء.