فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصورة الأسوأ في حضرموت
الإ خلال بنمط العمارة الطينية
نشر في الجمهورية يوم 24 - 01 - 2008


وزير الثقافة:
ليس لدينا شرطة لضبط من يشوهون الثراث
المؤرخ باحليقة:
للعمارة الطينية خصوصية في مقاومة العوامل الطبيعية
الوكيل المساعد لحضرموت :
لن نسمح بالإضرار للمعالم التاريخية
مهندس ألماني
الزمن سيثبت أن العمارة الطينية هي الأجدر للبقاء
سُياَّح : عليگم أن تسألوا أنفسگم لماذا نأتي إليگم؟
في حضرموت ، يقترف «الإسمنت» جرائم جسيمة بحق «العمارة الطينية»، يسطو عليها وينتهك التاريخ أمام مرأى الجميع ، مدعماً ب«تفسيرات دينية» يطلقها مشيدو المباني هناك في وجه الجهات المختصة : هل هذا حرام ؟!
حين تزور مدن حضرموت الوادي والصحراء ربما أن كل شيء فيها سيلفت انتباهك وبإثارة ستدفعك بالتأكيد لأن تستحضر أوراقك .. وتدون أكثر من فكرة صحافية في آن دون تكلف لمخاضها.. خلال زيارتي وهي الأولى لوادي حضرموت في ديسمبر الماضي، استوقفتني صورة التداخل العشوائي للبناء من بين صور عديدة .. حيث تزحف العمارة الخرسانية (الحديثة) وتلاصق عديد معالم تاريخية.
القضية هنا لم تعد محصورة عند مفردة مشكلة بل تعدت بكثير وأضحت ظاهرة تستشري بقوة في المدن التاريخية ، يشكل حضورها الصورة الأسوأ في مدن ضاربة بجذورها وحضارتها إلى آلاف السنين .. مهتمون كثر يجمعون على أنها ظاهرة أخلت بمنظومة العمارة الطينية .. خلال تجوالك في حواريها ستبدو لك مشاهدها كأجسام غريبة غير قابلة للانسجام في بيئة «لم يخلق مثلها في البلاد».
ملاحظات يابانية
وأنا أجول في ساحة مدينة شبام استوقفت السائحة اليابانية (كيكو سوجانو) .. وبعد حديث قصير معها طرحت ملاحظتها بخصوص الاختلال الحاصل في بعض مدن وادي حضرموت قالت: إن هناك اختلالاً في نسق العمارة وهذه ظاهرة يبدو أنها ظهرت دون أن يدرك الجميع سواء الحكومة أم المجتمع بأبعادها السلبية كون البناء الاسمنتي يشوه البناء المتناسق للعمارة الطينية .. هكذا تحدثت إليّ السائحة اليابانية.
(كيكو) تحذر من استمرار هذه الظاهرة وقالت: إن استمرارها سيكون بمثابة كارثة على حضارة وادي حضرموت وسيؤدي إلى محو كثير من الخصائص التاريخية والحضارية للمنطقة..
وتضيف : كان عليكم أن تسألوا أنفسكم لماذا يأتي السياح إلى بلادكم؟
وتجيب: لأنها بلاد حضارة عريقة وتاريخ قديم، فالعمارة الطينية والموروث الثقافي والفلكلور الشعبي هو ما يقودنا لزيارة هذه المنطقة .. لذا عليكم الحفاظ على هذا التراث المعماري وعلى هذه الحضارة العريقة.
أسف الألمان
المهندس الألماني عمر عبدالعزيز الحلاج رئيس فريق خبراء المشروع اليمني الألماني - للتنمية الحضرية بمدينة شبام- يرى بأن هذه الظاهرة مؤسفة .. وقال: مع مرور الوقت ستثبت العمارة الطينية أنها الأجدر للبقاء في وادي حضرموت لأنها العمارة الأنسب بيئياً ..ومع ارتفاع تكاليف البناء وتكاليف التكيف ووعي المواطنين بمشاكل البيئة أعتقد أننا سوف نعود في نهاية المطاف إلى العمارة الطينية ، فهي العمارة التي بنى بها الرسول صلى الله عليه وسلم مسجده في المدينة وهي العمارة التي صمدت في وجه عوامل الحرارة والصحراء والجفاف، أعتقد أنها العمارة الأنسب لتستمر.
نتاج لثقافة الأجداد
وأي زائر لمدن وادي حضرموت بالتأكيد سيلاحظ أن نمط العمارة القديمة أكثر انسجاماً مع بيئة المنطقة بشكل عام وربما أن هذا النمط المعماري هو نتاج لثقافة وسلوك الناس الذين عاصروها في البدايات الأولى وظل يتوارثه أبناء وادي حضرموت حتى اليوم.
حسن العيدروس -مدير الآثار بالوادي والصحراء-يؤكد أن العمارة الطينية بكل مكوناتها وبكل ما تحمله من معان تنسجم تماماً والسلوك الذي يهتدي به الناس في هذه المنطقة .. بالتالي فهي الى حد كبير تخدم حياتهم أكثر مما تخدمها العمارة الدخيلة التي ظهرت في الآونة الأخيرة ، وانتشرت بشكل كبير في مدن وادي حضرموت وكما هو الحال أيضاً في مدن اليمن عموماً
لم تكن هناك أية متابعة
في نهاية ثمانينات القرن الماضي صدرت لوائح تحد من هذا التداخل في البناء.. يقول حسن العيدروس : للأسف الشديد لم تكن هناك متابعة .. ونظراً لذلك نشاهد اليوم استمرار زحف البناء بالخرسانة الاسمنتية نحو مركز مدينة سيئون وصولاً إلى ملاصقة المباني التاريخية المعروفة في وادي حضرموت ، ومن أهمها قصر سيئون «الدويل».
وقال: هذه العمارة شوهت إلى حد كبير نمط العمارة الطينية التاريخية.
المشكلة لاتنحصر في منطقة بعينها
الشيء نفسه لا ينحصر على منطقة بعينها بل الأمر تعدى معالم ومدناً تاريخية أخرى وشوه جمالياتها فالحال هنا ينطبق أيضاً على مدينة تريم حيث بدأت تظهر العمارة الاسمنتية بجوار منارة المحضار ومعالم أخرى عديدة.
ومع مرور الوقت قد لا يسمح المجال لتصحيح الاختلالات والتشوهات التي تحدثها العمارة الاسمنتية في وادي حضرموت.
يقول حسن العيدروس:علينا المبادرة سريعاً لإنقاذ هذا التراث الذي ينهار يوماً بعد آخر .. ويحمل مسئولية ذلك وزارة الثقافة بدرجة أولى والجهات المتصلة بالتخطيط الحضري كما ينبغي على المهندسين المعماريين أن يكونوا على ثقافة وإدراك بأصول وعناصر العمارة اليمنية القديمة وأن ينفذوا مبانيهم ومخططاتهم بهذه الأنماط.
جهود طوعية لايقدرها أحد
الجمعية اليمنية للتاريخ وحماية التراث في مدينة تريم تعمل جاهدة وبحسب إمكاناتها للحد من تداخل البناء الاسمنتي بالبناء المعماري القديم والمحاولة لإيقاف الأعمال الانشائية التي تؤدي إلى تشويه جماليات المدن التاريخية وفنها المعماري الفريد حسب حديث محمد عبدالله الجنيد رئيس الجمعية والذي قال :
إن المعرض السنوي الذي تقيمه الجمعية يضع هذه القضية في الصدارة حيث تم عرض كثير من المعالم التي تعرضت للتشوهات الجمالية في مختلف مدن وادي حضرموت.
مناشدات عدة
ويقول خالد سعيد باغوث - أمين عام الجمعية: ناشدنا الجهات المسئولة ذات العلاقة بالآثار والتراث أكثر من مرة بضرورة التدخل لإيقاف هذا التداخل في البناء ورفعنا أكثر من بلاغ بخصوص أن هناك أعمالاً تشويهية تطال معالمنا التاريخية .. لكن ليس هناك تفاعل حقيقي للحد من هذه الظاهرة السلبية.
مشيراً إلى أن البناء الاسمنتي حجب بعض المنارات في مدينة تريم وغيرها من مدن الوادي وثمة أعمال أعادت بناء معالم قديمة بنيت بمواد اسمنتية وغيرها لا تتوافق مع نمط البناء القديم.
إخلال بالطابع العام
محمد عوض هادي - أمين عام محلي مديرية تريم - يؤكد أن المجلس المحلي قد قام بتوجيه بعض القضايا التي تخل بالطابع العام وبالموروث الثقافي وأضاف :
المهم أن نقوم بعمل مؤسسي يضمن لنا البقاء على هذه النمطية وهذا الطراز المعماري .. وأقل ما يمكن إذا كان هناك بناء جديد أن يكون على نفس النمط المعماري القديم .. وقال : فعلاً توجد هناك بعض التجاوزات ولكن ما أمكن توجد جهود في سبيل الحفاظ على هذا النسق القديم.
إحياء التراث ضرورة وطنية
أبو بكر باعباد عضو البرلمان قال:
- إن أول من تنبه لهذه الظاهرة قبل حوالي سنتين هم المهتمون بالتراث الحضاري للمدن التاريخية والإرث المعماري الطيني في وادي حضرموت وصدر قرار حسب قوله بمنع البناء الاسمنتي سواء كان في المدن التاريخية أم على الواجهات في الوادي.
ويعتقد باعباد أن القرار نفذ بنسبة (80%) وقال : نحن مازلنا بحاجة إلى الاهتمام بهذه المعالم التاريخية من قبل الدولة ممثلة بوزارتي الثقافة والسياحة ، وإحياء هذا التراث والمحافظة عليه لأننا نعتبره مكسباً اقتصادياً للبلاد.
الجهل بقيمة التراث
ويصف دور الجهات المعنية بمسألة الحفاظ على المدن التاريخية وتراثها المعماري ب(القاصر) واعتبر زحف البناء الاسمنتي نحو تلك المعالم التاريخية يأتي من جهل بقيمة التراث الذي قال: إنه جاء نتيجة لتراكمات حضارية عبر آلاف السنين.
ويطالب باعباد بضرورة نشر الوعي الثقافي في أوساط المواطنين واعتبر ربط المجتمع بماضيه الحضاري ضرورة حضارية.
دور الإعلام والصحافة غائب
ووصف دور الإعلام والصحافة إزاء هذه الظاهرة ب(الغائب) تماماً، ولهذا السبب يأمل أن يكون هناك إعلام متخصص بالتراث الثقافي والمعماري وقال بأن ذلك ضرورة حتمية ، وحمل عضو البرلمان وزارتي الثقافة والسياحة مسئولية حماية المدن والمعالم التاريخية والحفاظ على الموروث الثقافي وتوثيقه والاهتمام بتسويقه والترويج له في الداخل والخارج لما لذلك من أهمية اقتصادية للبلد.
منظر نشاز لمظهر فوضوي
عبدالرحمن بن حسن بن عبيدالله السقاف مدير هيئة المتاحف والآثار بالوادي والصحراء يقول :
- إن الخلل يجتاح العمارة الطينية والمخططات العمرانية وارتفاع المباني وأشكالها غير المنسجمة مع البيئة سواء كان من مكوناتها أم من أشكالها ، فكل هذا نشاز في هذه المنظومة المنسجمة.. ويشير إلى أن كل حالة نشاز أو خلل في هذا النظام المعماري تظل كندبة ونقطة سلبية على حد تعبيره ويرى بأن هذه الظاهرة إذا أخذت في الاستمرار سيطغى عليها المظهر الفوضوي غير المتجانس ..
وقال: إن المسألة بحاجة إلى جهود كبيرة من قبل المؤسسات المختلفة على أن تؤدي دورها بشكل مرن ومنطقي ، مع أن كثيراً من المواطنين يفسرون الأمور بطريقة فقهية ويشرعون في سلوك هذه الظاهرة ويسألون : هذا حرام ؟!
أي البناء بالاسمنت إلى جوار المعالم التاريخية .. ويستفتون في ذلك ممن لديهم المعرفة ويجدون الجواب أن ذلك ليس بحرام الأمر الذي يدفعهم إلى البناء بالخرسانة .. واعتبر ابن عبيد الله ذلك جرماً لأنه يلحق ضرراً كبيراً بالمجتمع وباقتصاد البلد.
مشيراً إلى أن هؤلاء الناس يجهلون الأبعاد الاقتصادية من وجود هذه المعالم التاريخية والمحافظة عليها .. وقال : إن التوعية في هذا الجانب عنصر مهم للغاية وإن تنفيذ القوانين أو سنها أمر مهم أيضاً.
الاعتزاز بالهوية عنصر غائب
ويرجع هذه الأزمة إلى أن المهندسين أغلبهم درسوا أنماطاً معمارية في جامعات محلية وأجنبية وعادة هم يطبقون مادرسوه.
ويؤكد بن عبيد الله أن مسألة الاعتزاز بالهوية والثقافة الوطنية وبالتراث المعماري غائبة وهذا نتاج لغياب الجانب التوعوي .. وقال الخلل يكمن هنا بدرجة رئيسة.
دور قاصر ولوائح لم تر النور
ويتفق بن عبيد الله مع ماطرحه أبو بكر باعباد العضو البرلماني بشأن دور وسائل الإعلام والمساجد والجهات الرسمية التنفيذية والذي وصفه بالدور القاصر .. وقال : إن السلطات المحلية والمركزية والوزارات تبني مبانيها بشكل قوالب لا تراعى فيها خصوصيات البيئة في كل منطقة ، ويختلف مع باعباد في مسألة تنفيذ اللوائح والقوانين التي تحد من هذا التداخل العشوائي في البناء المعماري ..حيث قال : إن كثيراً منها لم تفعل ولم تر النور بعد ، وظلت كمسودات لاتحظى بالقبول.
مبدياً أسفه الشديد ازاء ذلك .. وقال: ينبغي أن نحرص على نقاء هذا التراث وإبراز شخصيتنا بشكل واضح كمساهمين في الثقافة الإنسانية.
القانون لم يصدر
م. جمال بامخرمة - مدير هيئة المحافظة على المدن التاريخية بوادي حضرموت - يؤكد أن المشكلة التي تواجهها الهيئة بخصوص الحد من هذه الظاهرة تتمثل في غياب قانون حماية المدن التاريخية الذي لم يصدر حتى اليوم .. وقال: هناك مسودة في وزارة الشئون القانونية مازالت حبيسة الأدراج.
ولهذا من الصعب أن نوقف أي مواطن من البناء باستثناء مدينة شبام فهناك تعاون يبديه الأهالي والسلطة المحلية وهذا التعاون والوعي جعلنا نسيطر عليها.
ويأمل بامخرمة أن يصدر القانون في القريب العاجل .. مطالباً جميع مؤسسات الدولة عندما تشرع في قيام مشاريع لها في المدن التاريخية القديمة أن تحافظ على الطراز المعماري والطابع الخاص بكل منطقة وبما يتوافق مع بيئتها ، وألا تنقل تصاميم غير ملائمة للبيئة .
مؤكداً أن المنطقة غنية بالتراث ويمكن أن توزع لكل منطقة وفقاً لمزاياها المعمارية وبمواد البناء نفسها .. وقال : إذا التزمت مؤسسات الدولة بذلك بالتأكيد سيلتزم المواطن أيضاً اقتداءً بها.
معالم آيلة للسقوط
ويشير إلى أن ثمة مدناً تاريخية قديمة في أطراف المدن الرئيسة مثلاً الهجرين ، تريم و سيئون غزتها الخرسانة .. وقال: ينبغي علينا أن نحافظ على هذه الأحياء القديمة في هذه المدن .. فهناك معالم آيلة للسقوط وأخرى متهالكة .. وهذا ما يتطلب امكانات كبيرة للحفاظ عليها وإعادة ترميمها وصيانتها.
الازدواج في العمارة
المؤرخ جعفر باحليقة السقاف قال :
- إن المهندسين المعماريين يحاولون تنفيذ بناء معماري مزدوج من الاسمنت والطين أي يبنون الطابق الأول من الإسمنت والآخر من الطين.
ويطالب باحليقة مدرسي وطلاب الجامعات بأن يدرسوا مادة الطين وخصوصياته بالنسبة للحرارة والبرودة والعزل والضغط والتماسك.
وقال: إن منارة مسجد المحضار بتريم صامدة ولم تتأثر بعوامل الرياح وغيره .. مضيفاً: لو كانت مبنية من الاسمنت رغم ارتفاعها الحالي لكانت قد سقطت لأن الاسمنت أو الحجر لا يصمد طويلاً مقارنة بالطين .
وأضاف : نتعشم في جامعاتنا ومراكز الابحاث الثقافية في اليمن ان يهتموا بمادة الطين وخصوصية البناء حسب النمط القديم سواء كان الفن المعماري أم المنقوش والزخرفة ومدى تكييفها وملاءمتها لبيئة وادي حضرموت.
ويؤكد باحليقة أهمية الحفاظ على هذا التراث المعماري والبناء على الطراز المعماري نفسه بالمادة الطينية نفسها.
الحد من مخالفات البناء بتريم
محمد سعيد باقطن مدير عام مديرية تريم - قال :
- نحن مهامنا تكمن في عملية التنسيق ووجهنا الجهات ذات العلاقة بمنع البناء بالاسمنت .. مشيراً إلى أن كثيراً من هذه المخالفات توقفت في مدينة تريم ، لكن هناك تشوهات ومخالفات تمت من قبل ونحن نعمل على حصر هذه المواقع الجغرافية حول قصور أثرية ولن نسمح لأحد بالبناء في محيطها إلا بالطين.
البناء بالطين هو السائد
محمد باجبير -نائب مدير الأشغال العامة بالوادي والصحراء - يقول :
- إن البناء بالطين مازال هو السائد في مدن وادي حضرموت وبخاصة بناء البيوت السكنية للمواطنين ومع التطور الحاصل والاستثمار في المنطقة بدأت تدب فكرة الاستفادة من المساحات ، باعتبار أنها بدأت تتقلص بفعل الاستثمار.
ويضيف باجبير: هناك توجه وسلوك قائم للبناء المسلح أو البناء الاسمنتي على اعتبار أن البناء بهذه المادة توفر مساحات كبيرة واتجاهاً رأسياً للبناء كما أنه يتلاءم مع متطلبات حركة الاستثمار وغيرها.
فرض قيود
ويؤكد أن الجهات المعنية تفرض قيوداً على أعمال البناء بالمسلح وتحديداً في محيط المدن القديمة مثل مدينة (شبام وسيئون وتريم) وقال : هناك رقابة ومتابعة مستمرة للحد من هذه الظاهرة ، ويشترط في التراخيص الممنوحة البناء بالطين في المدن التاريخية ومراكزها ومحيطاتها كما يشترط أن يكون الشكل الخارجي للمبنى على نمط العمارة الطينية ، في حال تم البناء بالاسمنت خارج المدن التاريخية وأن تكون النوافذ والأبواب على النمط القديم نفسه ويكون رأس العمارة وهو آخر دور مماثل لنمط العمارة الطينية وعندما تشاهد ذلك يخيل لك أنها عمارة طينية مزينة بالخيش والألوان الخضراء ويغلب عليها اللون الأبيض ويكون لون الشكل الخارجي طينياً مائلاً أقرب الى لون المادة الطينية.
وتلزم هذه الشروط كل من يرخص له بالبناء بالاسمنت المسلح أن يتقيد بهذه الاشتراطات ونعمل على متابعة ذلك.
ويعد اللون الأبيض هو السائد في معظم المباني الطينية وتطلى به لكي يحافظ عليها فترة طويلة حيث تطلى بالمادة الجيرية.
إلزام
باجبير قال : إن مكاتب الأشغال في المديريات تعمل على متابعة المخالفات كما يتابع المهندسون تراخيص البناء وضبط المخالفات وإلزام المعنيين بالتنفيذ والتقيد بما جاء في الترخيص وتحديداً ما يخص العمارة الحديثة المبنية من الخرسانة.
ويشير إلى أن البناء الذي يشيد حالياً بجوار قصر سيئون هو على شكل هيكل اسمنتي ولكن القائمين عليه ملزمون بأن يأخذ المبنى شكل العمارة الطينية مثل الشكل الخارجي واللون المائل إلى المادة الطينية والنوافذ ويلاحظ ذلك النمط في أكثر من عمارة في محيط سيئون وفي محيط الجامع.
البناء الحديث بسيىء للطابع القديم
ويصف د.عبدالله باوزير -رئيس الهيئة العامة للمتاحف والآثار هذه الظاهرة بأنها محل نشاز واشمئزاز من قبل مشاهدها سواء من سكان هذه المناطق أم من الزائرين لها .. وقال: إن واقع هذا البناء الحديث بالخرسانة يسيىء للطابع المعماري للعمارة الطينية في مدن وادي حضرموت.
غفلة
طارق طالب بن فلهوم - مدير عام مديرية شبام - يؤكد أن كل الجهات المعنية كانت في غفلة عن تداخل البناء الحديث الاسمنتي وقال : فوجئنا بعد وقت أن هناك كتلاً اسمنتية وأنماطاً حديثة من البناء ربما لظرف أو لآخر كان الناس مندفعين مع هذه الأنماط الجديدة..ويرجع زحف البناء الاسمنتي نحو هذه المعالم لعدم وجود اللوائح ولعدم صحوة القائمين على هذا التراث بوضع الضوابط .. وقال: نحن في مدينة شبام نبذل جهوداً كبيرة في سبيل عدم التأثير على سور المدينة ومحيطها الجغرافي .. مؤكداً ألا وجود للأنماط الحديثة في المدينة وتم تحديد حماية للمدينة من كافة الاتجاهات بما يقارب (2كم) كحرم أو كمحيط للمدينة تسمى منطقة المادية.. ويشير الى أنه تم توقيف كل أعمال البناء فيها وإعادة تخطيطها وإقرار مخططها من قبل الوزارة والهيئة العامة للمدن التاريخية.
المؤسف أن يغزو الإسمنت بيئة الوادي
سليمان كشميم - مدير عام مديرية حورة ووادي العين -قال :
- من المؤسف جداً أن يغزو البناء الاسمنتي بيئة وادي حضرموت وهي بيئة لاتتناسب مع هذا البناء شكلاً ومضموناً .. وأضاف: نحن نسعى للحد من هذه الظاهرة من خلال توعية المواطنين واقناعهم بضرورة أن يكون البناء بنفس النمط المعماري الطيني الملائم لبيئة وادي حضرموت حتى المشاريع التي نقوم بتنفيذها فهي تعتمد على البناء بالطين في مديرية حورة وليس هناك مشاريع حكومية (مدارس أو مرافق صحية) وغيرها بنمط حديث بل نحن نعمل على أن تكون بالنمط المعروف في وادي حضرموت.
مظهر العمارة حق عام
ويرى فهد صلاح الأعجم - الوكيل المساعد لشئون مديريات حضرموت الوادي والصحراء- أن مسألة الوعي المجتمعي إزاء هذه الظاهرة مهمة جداً .. وقال: كلما كان المجتمع أكثر وعياً كلما تم معالجة المشكلة في وقت أسرع .
وقال : إن الأمور لاتحتاج لإدارة أو ماشابه ذلك بل بحاجة إلى وعي مجتمعي وإلى صرامة في تنفيذ القرارات.. وهذا حق عام للإنسانية .. مشيراً إلى أن أي تدخل يشوه هذه المعالم والمدن هو في المقام الأول يضر بالإنسان ولا نرضى لأحد بأن يتصرف بالحقوق الخاصة على حساب الحق العام .. وهنا ينبغي على السلطات المحلية في المديريات بأن يضطلعوا بمسئولياتهم ونحن مع هذا الاتجاه ولا نسمح بالاضرار بالمعالم التاريخية في أي منطقة كانت.
المفلحي : الثقافة ليس لديها أقسام شرطة
طرحنا هذه القضية على د.محمد أبو بكر المفلحي - وزير الثقافة - ورد بالقول:
- إن وزارة الثقافة ليس لديها أقسام شرطة لضبط من يشوهون المعالم التاريخية في المدن القديمة بالبناء الاسمنتي ..وقال : إن مسألة الحفاظ على التراث المعماري تحتاج بدرجة أساسية إلى وعي مجتمعي بأهمية إبقاء هذه المعالم كما هي .. وأضاف : نحن بحاجة إلى جهود مشتركة من قبل المثقفين وأصحاب الرأي في المجتمع بحيث انهم يخلقون رأياً عاماً مجتمعياً يهتم بصيانة وترميم المعالم التاريخية والاهتمام بالتراث المعماري الطيني.
اليد الواحدة لا تصفق
ويرى د. المفلحي أن الدولة وحدها لا تستطيع أن تحد من ظاهرة البناء الاسمنتي في المدن التاريخية ،ولم يكن هناك توجه شعبي تجاه الحفاظ على هذا التراث الهام جداً على حد تعبيره لأننا.. والكلام للوزير.. لو فقدنا هذا التراث في الحقيقة نكون قد فقدنا هويتنا بدرجة أساسية ، وكذلك تفقد المنطقة هويتها التي تميزها عن كثير من المناطق.
وقال لي وهو يومئ بيده مؤشراً نحو عديد من المعالم في مدينة سيئون ونحن على أحد سطوح قصر سيئون تصور لو أن هذه المنطقة تتحول إلى مبان إسمنتية سيكون وجود الزائرين لها نوعاً من العبث.
الوعي المجتمعي
الأمر هنا يتطلب من أصحاب الرأي المثقفين أن يساندوا وزارة الثقافة والدولة في عملية خلق وعي مجتمعي بأهمية أن تبقى هذه المدن على النمط نفسه وأن يتم البناء بالمواد التي بنيت بها العمارة الطينية في مدن وادي حضرموت منذ مئات السنين .. وأضاف الوزير : دون هذا التعاون المجتمعي ودون التعاون من المثقفين ورجال الصحافة والإعلام بدرجة أساسية أعتقد أننا سوف نخسر مثل هذه المدن التي تشكل ليس فقط تراثاً شعبياً وإنما تشكل أيضاً مورداً اقتصادياً هاماً جداً لأبناء هذه المناطق.
التشريعات بحاجة لآليات تنفيذية
وقال الوزير: إن ثمة بعض التشريعات المتعلقة بحماية هذه المدن ولكن ربما تحتاج إلى الآليات التي تنفذها على الواقع حسب قوله فالوزارة ليس لديها شرطة أو لديها من يقوم بعملية التنفيذ ، في إشارة منه إلى أن عملية منع المخالفات في البناء وتشويه جماليات المعالم والمدن التاريخية من مهام وزارات أخرى.
ولهذا السبب يعتقد وزير الثقافة أنه لايكفي أن تقوم الدولة بمنع المخالفات ما لم يكن هناك احساس مجتمعي بأهمية ابقاء هذه الآثار والمعالم التاريخية كما هي عليه وابقاء هذا النمط المعماري الفريد جداً الذي يأتي الناس إليه من كل أنحاء العالم من أجل مشاهدة هذا التراث الحضاري.. وقال :- ترى هذه المباني وهو يومىء بالاشارة بيده نحوها أمامك المباني الشاهقة مبنية من الطين ، ربما لايوجد مثلها في أي مكان بالعالم كله..ولذا نحن ندمر هذا التراث بعدم اكتراثنا بهذا الموروث الذي بذل فيه الأجداد سنوات العمر وآلاف السنين ونحن لا نستثمرها اليوم ، ولكننا ندمر هذا الموروث الذي ممكن أن يشكل بالنسبة للبلاد دخلاً رئيساً في المستقبل إذا ما حافظنا عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.