أمن العاصمة عدن: جاهزون لدعم جهود ضبط الأسعار    سعر الريال السعودي في عدن وحضرموت اليوم السبت 2 أغسطس 2025    تسجيل هزات أرضية من البحر الأحمر    محمد العولقي... النبيل الأخير في زمن السقوط    بتهمة الاغتصاب.. حكيمي أمام المحكمة الجنائية    لابورتا: برشلونة منفتح على «دورية أمريكا»    ماريت تفاجئ مولي.. وكيت تنتزع ذهبية 200    طفل هندي في الثانية من عمره يعض كوبرا حتى الموت ... ويُبصر العالم بحالة نادرة    "يأكلون مما نأكل".. القسام تبث مشاهد أسير إسرائيلي بجسد هزيل    حماس: ندعو لجعل الأحد يوما عالميا لنصرة غزة    وفاة امرأة وأضرار مادية جراء انهيارات صخرية بذمار    اليوم بدء حملة الضبط الميداني للدراجات النارية المخالفة    بيان حلف قبائل حضرموت.. تهديد جديد مستفز صادر من حبريش    الخلفية السياسية في التحسن القياسي لسعر الريال اليمني بالمناطق المحررة.    الجنوب هو الحل    هل فقدنا العزم برحيل أبو اليمامة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    تقرير حكومي يكشف عن فساد وتجاوزات مدير التعليم الفني بتعز "الحوبان"    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    وعاد الجوع… وعاد الزمان… وضاع الوطن    صوت المواطن في قلب نيويورك    ذمار.. سيول جارفة تؤدي لانهيارات صخرية ووفاة امرأة وإصابة آخرين    مأرب.. مسؤول أمني رفيع يختطف تاجراً يمنياً ويخفيه في زنزانة لسنوات بعد نزاع على أموال مشبوهة    ترامب يأمر بنشر غواصتين نوويتين ردًا على روسيا    تنفيذية انتقالي عدن توجّه بحملات ميدانية لضبط أسعار السلع الأساسية    أولمو: برشلونة عزز صفوفه بشكل أفضل من ريال مدريد    لاعب السيتي الشاب مصمّم على اختيار روما    تعافي العملة الوطنية مستمر لليوم الرابع.. الريال السعودي ب500 ريال يمني    الطليعة يفوز على الصحة بثلاثية نظيفة في بطولة بيسان    عدن.. غرق 7 شباب في ساحل جولدمور بالتواهي    الرئيس المشاط يعزي في وفاة محمد محمد حمود سلبة    تعز .. الحصبة تفتك بالاطفال والاصابات تتجاوز 1400 حالة خلال سبعة أشهر    من أين لك هذا المال؟!    عدن.. شركة النفط تعتمد تسعيرة جديدة للوقود تزامناً مع استمرار تحسن الريال    الأرصاد تحذر من أمطار غزيرة ورياح شديدة في معظم المحافظات    استقبال رسمي وشعبي وقبلي للشيخ محمد الزايدي بصنعاء    نيابة الأموال العامة بذمار تستعيد أكثر من 18 مليون ريال    ترامب يفرض رسوما جمركية على عشرات الدول لإعادة تشكيل التجارة العالمية    مارسيليا يعلن تعاقده مع المهاجم الغابوني المخضرم أوباميانغ    استمرار النشاط الزلزالي في البحر الأحمر    فضيحة على الهواء.. قناة برشلونة تسخر من أحد أساطير ريال مدريد    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    مدارس فيوتشر كيدز تكرم معلميها وأوائل طلابها وتحتفي بتخرج الدفعة الثالثة للثانوية العامة    صنعاء.. حكم عسكري بإعدام النجل الاكبر للرئيس السابق صالح ومصادرة ممتلكاته    ما أقبحَ هذا الصمت…    لمن لايعرف ملابسات اغتيال الفنان علي السمه    وزارة التجارة توجه مكاتبها بتكثيف حملات التفتيش لضبط الأسعار تماشيًا مع تحسن الريال    الأمور مش طيبة    وداعاً زياد الرحباني    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    اكتشاف فصيلة دم جديدة وغير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    تحذير طبي: وضع الثلج على الرقبة في الحر قد يكون قاتلاً    7 علامات تدل على نقص معدن مهم في الجسم.. تعرف عليها    تسجيل صهاريج عدن في قائمة التراث العربي    العلامة مفتاح يؤكد أهمية أن يكون الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام أكبر من الأعوام السابقة    المحرّمي يبحث مع وزير الأوقاف تعزيز نشر الوسطية ومواجهة الفكر المتطرف    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعز.. مدينة النجوم الحالمة
قطعة من شوق
نشر في الجمهورية يوم 05 - 03 - 2008

تتفيأ مدينة تعز ظلال جبل صبر؛ ثاني أعلى جبال اليمن.. تتكئ على التلال الخضراء لسفح الجبل وتعيش بذاكرة تشهد بالعراقة التاريخية لعاصمة اليمن الثقافية.. إنها عاصمة الملك المظفر وعاصمة الدولة الرسولية؛ المدينة التي تتزين بقلائد من الإنجازات والأسماء، فهي الحالمة ومدينة العز ومدينة النجوم، كما أنها عاصمة بعض أئمة اليمن خلال الفترة بين أشهر ثورتين شهدتهما اليمن الثورة الدستورية 1948م وثورة سبتمبر- أيلول 1962م، وقد قيل في المصادر "تعز قطعة من شوق".
ويرجع البعض تاريخ تأسيس المدينة إلى الأيوبيين في عهد السلطان توران شاه عام"1173م" ثم أخيه سيف الإسلام طغتكين - الذي اهتم كثيراً بتطوير بناء المدينة، فشيد القصور وشجّع على توسع البنيان وأقام البساتين.
وبعد انتقال الحكم من الأيوبيين إلى بني رسول عام 1229م وإعلان الملك المظفر مدينة تعز عاصمة لمملكته شهدت توسعات كثيرة وازدهاراً في مختلف جوانب الحياة، وشهدت المدينة عبر العصور كثيراً من الأحداث التاريخية.
ويحيط بالمدينة القديمة سور كان يبلغ ارتفاعه عند إنشائه حوالى "4 أمتار" تحيط به الأبراج وله ثمانية أبواب، وقد أعيد بناء السور في العام 943ه واستمر البناء ما يربو على سبع سنوات وكان يتخلل السور العديد من أبراج الحراسة والقلاع الدفاعية، وله بوابتان رئيستان هما الباب الكبير وباب المداجر.
ويرصد التاريخ أن مدينة تعز كانت من المدن اليمنية التي نشأت في الفترة الإسلامية، وكانت مدينة حربية قبل أن ينتقل إليها للسكنى من مدينة زبيد توران شاه عقب إخضاعه لليمن حوالى 570 ه، وبالتقريب يمكن القول إن المدينة وجدت حوالى عام 1000م وفيه أعطيت الاسم الذي تحمله الآن.
غير أن عدداً من الباحثين يؤكدون أن مدينة تعز في تطورها لم تكن مجرد مدينة حربية بل هي إضافة إلى ذلك مثلت منذ نشأتها الأولى محطة تجارية، وهي في ذلك كانت كغيرها من المدن الآسيوية التي لم تكن تنشأ إلا في الحالات التي يكون فيها الموقع مناسباً تماماً للتجارة الخارجية.
وقد حققت المدينة خلال الفترة الزاهية من تاريخ المدينة الممتدة من 1229م إلى 1454م التي كانت فيها المدينة عاصمة اليمن، تطوراً ونمواً مشهوداً وقد وصلت مساحتها إلى ما قرابته 81.5 هكتار.

وقد زار تعز الرحالة العربي الشهير ابن بطوطة عام 779ه، 1377م في عهد الملك المجاهد الرسولي، ووصفها بأنها أحسن مدن اليمن وأعظمها.
ووصف ياقوت الحموي"ت. 1229م" مدينة تعز بقوله إنها قلعة عظيمة من قلاع اليمن المشهورات، ووصف عدينة بأنها ربض لتعز اليمن، وقال ابن المجاور، الذي صنف كتابه عام 630ه "1232-1233م" إن تعز قلعة حصينة، وليس في جميع اليمن أسعد منه حصناً لأنه سرير الملك وحصن الملوك، وقال إنها قلعه وضعت بين مدينتين إحداهما المغربة والثانية في لحف جبل صبر.
وقد بدت مدينة تعز للرحالة الأوربي الأول لليمن لودفيكو دي فارتيما "1508م" بأنها مدينة قديمة جداً، بمسجدها الذي يذكره بكنيسة السيدة مريم المستديرة في روما وقصورها الرائعة، وقال إنهم يصنعون فيها كميات وفيرة من ماء الورد، كما وصف الكابتن الهولندي "بيتر فان دن بروكه" تعز "1618م" بأنه رأى فيها سته أبراج شاهقة ومساجد عديدة ووجد أنها مركز تجاري مهم.
وقد وصف نيبور أثناء رحلته التي قام بها ضمن البعثة الدنمركية "1763م" مدينة تعز بشكل مفصل من حيث موقعها عند أقدام جبل صبر، مشيراً إلى سورها وأبراجه وأبواب المدينة وحصن القاهرة، وقد ضمّن نيبور كتابه رسماً توضيحياً للمدينة بين فيها مواقع معالمها الرئيسة، حيث أشار إلى بقايا مدينتين هما: عدينة، وتقع على سفح جبل صبر، فوق مدينة تعز مباشرة، ولم يبق منها سوى مساجد مهدمة، ونقل عن السكان أنها كانت مقر حكام المنطقة.

والأخرى ثعبات، وتقع على بعد نصف ميل تقريباً جنوبي شرق تعز على جبل صبر ولاتزال تشاهد، مشيراً إلى أنه كان لايزال يشاهد بقايا من سورها ومن مسجد كبير فيها، لم تبق منه سوى قبة صغيرة، كما لاتزال تشاهد فيها جدران مسجد الأحمر، وهي مبنية بحجارة حمراء وأغرب ما فيها خط طويل كتب في أعلى الجدران، ليس كوفياً ولا عربياً حديثاً.

وتعد قلعة القاهرة التي تتربع على قمة الجبل الأحمر أشهر معالم المدينة، حيث تعد القلعة من أكثر القلاع علواً، وقد سميت بقلعة تعز الاسم الذي أصبح بعد ذلك اسماً للمدينة قبل أن تتحول إلى قلعة القاهرة.. ويرجع تاريخ إنشاء القلعة إلى عهد الدولة الصليحية "436ه - 532ه". حيث بناها السلطان عبدالله بن محمد الصليحي - مؤسس الدولة الصليحية ويحيط بها سور ذو بوابة عملاقة يمكن الوصول إليها من خلال طريق جبلي ملتوٍ. وتتكون القلعة من عدد من المباني والقصور التي تشرف على المدينة والتي سكنها عدد من ملوك الدولة الرسولية مثل الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي رسول الذي اتخذ من القلعة مقراً له، كما اتخذها الأيوبيون مقراً لجيشهم حتى انتهى عصر الدولة الأيوبية في العام 628ه.
وقد تم العثور على عدد من اللقى الأثرية في قلعة القاهرة ترجع إلى عصور ما قبل الإسلام ومنها تمثال من الفخار وكذلك رأس حصان يعتقد أنه كان من قطع الشطرنج، كما تم العثور أيضاً على تمثال فخاري ومبخرتين من الطراز القتباني وخاتم يحمل عنقود العنب، إضافة إلى النقش الذي وجد على مدخل الباب الرئيس للقلعة ويتكون من ستة أحرف، حورت أربعة أحرف منها إلى الخط العربي، والحرفان الآخران لايزالان على حالهما بالحرف الآرامي، إضافة إلى الحصول على أحجار منحوتة من الجوانب مع بروز ملحوظ في المنتصف، وهو النمط الذي شاع انتشاره في العصر الثالث للعمارة اليمنية، إضافة إلى وجود عمود اسطواني على رأسه تاج لعله كان مستخدماً في معبد ما.
وجميع هذه الشواهد لا تقبل الشك بأن قلعة القاهرة تعود إلى عصور ما قبل الإسلام، كما عثر خلال عملية ترميم القلعة على نحو 140 قطعة من زخارف الفسيفساء ترجع في الغالب إلى العصر الأيوبي، إضافة إلى قطع صغيرة من الزجاج مزخرفة بماء الذهب.

وتشتهر تعز بالعديد من الحصون والقلاع الأخرى كحصن العروس، وحصن الدملؤة وقصر صالة، وقلعة القحيم وحصن الجاهلي وقلعة المؤيمرة، وحصن تعز.
كما تشتهر مدينة تعز بجامع الجند الذي يوجد في ضواحي المدينة، ويعد الجامع من أوائل المساجد التي بنيت في اليمن بعد الإسلام، حيث بناه الصحابي الجليل معاذ بن جبل في السنة السادسة للهجرة، ثم أعاد الحسين بن سلامة "317-402ه" بناءه.. ويقال إن الحاكم الصليحي "المفضل بن أبي البركات" هو الآخر قام بأعمال إنشائية بالجامع.. وقد تعرض للهدم أيام مهدي بن علي بن مهدي الرعيني الحميري عام "558ه" ثم أعاد الحاكم الأيوبي سيف الدين أتابك سنقر بناءه عام 575ه مضيفاً إلى المبنى الرواق الجنوبي والرواقين الجانبيين والصحنين الواقعين بالحرم.
ويقول الدكتور عبدالله عبدالسلام الحداد، أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة صنعاء في خلاصة دراسته للنصوص التأسيسية بجامع معاذ بن جبل بمدينة الجند: "يعد جامع الجند بمحافظة تعز من أقدم جوامع العالم الإسلامي عامة وثاني جامع يبنى في اليمن بعد جامع صنعاء الذي بني في العام السابع من الهجرة النبوية، حيث بني جامع الجند في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحديداً في السنة العاشرة من الهجرة النبوية على يد الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودته من غزوة تبوك لدعوة أهل اليمن وتفقيههم في أمور دينهم، فتوجه معاذ إلى مكة لأداء فريضة الحج ثم خرج منها إلى اليمن حيث وصل مدينة الجند في شهر جمادى الثانية من السنة نفسها وأسس مسجدها وتم الانتهاء من بنائه في الأول من رجب وصليت به أولى صلاة للجمعة في اليمن، ولذلك تعد الجمعة الأولى من شهر رجب عيداً من الأعياد الدينية في اليمن والتي يحتفى بها كل عام".. وعن تاريخ الاهتمام بهذا الجامع ومراحل ترميمه يضيف الدكتور الحداد: "نظراً لأهمية الجامع الدينية فقد أسهم كل من تولى اليمن من الولاة والحكام وملوك الدول المستقلة في توسيعه وترميمه بدءاً بدولة بني زياد في زبيد 204-426 ه، ومروراً بالدولة الصليحية بجبلة 445-532 ه، والدولة الأيوبية 569-626 ه، والدولة الرسولية 626-858 ه، والدولة الطاهرية 858-923 ه، والدولة العثمانية 945- 1045 ه، وكذلك في عصرنا الحاضر".

وتشتهر مدينة تعز بجوامعها كجامع المظفر وجامع الأشرفية واللذين يعودان إلى القرن السادس الهجري، كما يعدان تحفة معمارية نادرة، إضافة إلى مدارسها الإسلامية العريقة كالمدرسة المظفرية والأشرفية والمعتبية والأحمدية والأتابكية.
ومن المعالم الإسلامية الشهيرة في تعز مسجد أهل الكهف وقبة الحسينية، ومسجد ابن علوان في يفرس.
غير أن من أشهر المعالم الإسلامية وأهمها جامع ومدرسة الأشرفية التي تُنسب إلى الملك الأشرف اسماعيل بن العباس؛ الذي يعد من آخر ملوك بني رسول وقد بنى المدرسة الأشرفية في العام "803ه - 1400م" وفيها يوجد ضريحه.. كذلك تشتهر تعز بالمدرسة المظفرية التي لا تقل أهمية عن المدرسة الأشرفية وهي تسبقها من حيث الإنشاء حيث أمر ببنائها الملك المظفر يوسف بن عمر بن رسول، ثانى ملوك بنى رسول.. وتجمع تعز بين ميزاتها الطبيعية التي تتجلى من خلال جبل صبر المكسو بالخضرة إلى جانب تفرد أسواقها كسوق الشنيني بالعديد من الحرف التراثية الرائعة كصناعة الحلي والمجوهرات، والفضيات التقليدية، والمنسوجات اليدوية، والمصنوعات الجلدية، والأواني الفخارية والحجرية، وصناعة الحصير من أشجار النخيل.. كما تتفرد تعز بالعديد من السمات التي تُنسب إليها كما هو الحال مع الشجرة النادرة التي يقال إنها لا توجد إلا في تعز لذلك سميت شجرة "الغريب" وقد تحولت إلى مزار سياحي نظراً لقدمها وغرابة شكلها، حيث يقدر عمرها بمئات السنين، ولها جذع ضخم جداً يبلغ محيطه 35 متراً، وقطره 18 متراً، وارتفاعه 15 متراً، تتفرع منه الجذور والفروع فتغطي أكثر من عشرة أمتار من كل اتجاه، وأوراقها كبيرة الحجم فى وضع متبادل مجزأة "507" وريقات رمحية إلى احليجية أو بيضاوية مقلوبة على حافتها كاملة، وقمتها حادة وأزهارها كبيرة الحجم متدلية بيضاء إلى صفراء باهتة، لها رائحة قوية، ولونها يشبه لون جسم الفيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.