اشتهرت اليمن عبر تاريخها الطويل بتضاريسها القاسية والصعبة وبجبالها الوعرة والشديدة الانحدار وهو ما أعطاها ميزة مختلفة عن غيرها من البلدان المجاورة.. تلك ميزة جعلت اليمن بلدة منيعة ويصعب السيطرة عليها سواء من قبل الدويلات التي قامت على أراضيها أو على المحتلين أو من يفكرون بالسيطرة عليها وذلك عبر مختلف العصور التاريخية لليمن, وبالرغم من هذه الميزة إلا أننا نجد أن الإنسان اليمني لم يكتف بما لديه من تحصينات طبيعية فاتجه إلى إقامة الأسوار القوية حول المدن وكذلك الحصون والقلاع المنيعة كل هذا وذاك جعل اليمن بلداً صعب المنال والسيطرة عليه ما جعل الكثير وخصوصاً ممن احتلوا اليمن يطلقون عليها العبارة الشهيرة «اليمن مقبرة الغزاة»..في الاستطلاع التالي نتحدث باختصار عن عدد من القلاع التي اشتهرت بها اليمن: قلعة صيرة.. بوابة عدنالجنوبية وحارسها الأمين قلعة صيرة إحدى أهم وأشهر المعالم الأثرية والتاريخية في مدينة عدن, تعتلي جبل صيرة الذي يقع على شكل جزيرة صغيرة قبالة خليج حقات بارتفاع 430 قدماً فوق مستوى سطح البحر, وقد اختلفت الروايات التي تتحدث عن تاريخ تأسيسها فهناك من يعيد تاريخ إنشائها إلى فترة ما قبل الإسلام وذلك مع تأسيس ميناء عدن كريتر التاريخي, وهناك ومن يرى أنها تعود إلى الفترة التي شهدت دخول المماليك إلى اليمن خلال القرنين الخامس والسادس عشر الميلاديين, كما أن هناك مصادر ذكرت أن آل زريع، حكام عدن (1083-1173م) هم أول من بنى الدور الحجري للقلعة بعد أن كانت مبنية من الخوص والقصب وترجع مصادر تاريخية أخرى ظهور التحصينات الدفاعية أعلى جبل صيرة إلى عهد الأيوبيين (1173-1228م) مستدلين بقيام الوالي الزنجبيلي بإعادة وتجديد سور عدن وتحصيناته بما فيها قلعة صيرة وسورها، وبناء الفرضة (الميناء). وقد اكتسبت هذه القلعة أهمية كبيرة واستراتيجية نظراً لموقعها الهام والذي مكنها من حماية المدينة من الجانب البحري, كما كان لها دور كبير في مراقبة حركة السفن القادمة والخارجة من والى ميناء عدن قبل نقله من قبل الانجليز إلى خليج التواهي عام 1850م. أما شكل القلعة وتقسيماتها فيمكن الصعود إليها عبر سلم يؤدي إلى بوابة خشبية مستطيلة الشكل في الجهة الغربية من القلعة تؤدي بدورها إلى باب خشبي خلفي ومن خلالها يصل إلى ساحة القلعة ومنها إلى مداخل وغرف القلعة المختلفة الأحجام, وعلى جانبي البوابة برجان كبيران اسطوانيا الشكل عليهما ما يسمى بالمزاغل وهي فتحات المراقبة التي من خلالها ترمى السهام ضد المهاجمين.. ويعود الإشراف على القلعة إلى الجمعية اليمنية للتاريخ وحماية الآثار فرع عدن. قلعة القاهرةبحجة.. سجن الأحرار والثوار قلعة القاهرةبحجة أحد أهم وأبرز المعالم الأثرية والسياحية في محافظة حجة, تطل من على ربوة مرتفعة من الناحية الشرقية لمدينة حجة, وقد اكتسبت - القلعة - أهمية كبيرة عبر تاريخها الطويل وبالرغم من عدم وجود ذكر محدد لتاريخ تأسيسها إلا أن ذكرها حسب ما ورد إلينا يبدأ منذ القرن الحادي عشر الميلادي إبان فترة حكم الدولة الصليحية , أما شكلها الحالي فيعود إلى فترة حكم العثمانيين لليمن وذلك بعد التحسين والتجديد اللذين شهدتهما القلعة في عهدهم. وقد لعبت هذه القلعة دوراً بارزاً خلال فترة الحكم العثماني, ومن ثم في الفترة التي لحقتها حين تحولت إلى مقر لأحفاد الإمام القاسم, ثم حين أصبحت فيما بعد في فترة حكم الأئمة من بيت آل حميد الدين وأبنائه حيث أصبحت إحدى أهم القلاع وقد اشتهرت في فترة حكم الإمام أحمد كسجن لمعارضيه وبالتحديد في أواخر العقد الرابع من القرن العشرين حيث سجن فيها أبرز قادة الثورة اليمنية خلال الثورات المختلفة ضد حكم الإمامة. أما بناء القلعة فهي تأخذ مساحة 700 م2 تقريباً عند مستوى قمة الجبل وتتكون من ثلاثة طوابق, وللقلعة سور حجري مربع الشكل تقريباً يرتفع من 8 -10 أمتار والمدخل إليها عبارة عن بوابة خشبية معقودة الشكل يؤدي إلى ساحة واسعة ثم إلى مداخل الغرف والمخازن, وتحتوي القلعة على العديد من المنشآت كمخازن ومدافن الحبوب والذرة وغيرها من المواد اللازمة للغذاء وكذلك خزانات المياه بالإضافة إلى المسجد وعلى مسافة قريبة من القلعة يقع جامع المطهر نسبة إلى المطهر بن يحيى وقد شهدت القلعة ترميمات لها خلال الفترة الماضية شملت السور ومباني القلعة والمرافق إلا أنها لا تزال بحاجة إلى مزيد من الاهتمام والترميمات حتى تظهر بالصورة المثلى والتي تليق بحجم هذه القلعة التاريخية. قلعة سمارة.. شقيقة النجوم وجارة السحب سماره نقيل يقع إلى الشمال الشرقي لمدينة إب على بعد 39 كم من المدينة وعلى ارتفاع 2800م فوق مستوى سطح البحر, وفي هذا النقيل يقال المثل الشعبي (سمارة مُرد العجل) دلالة على الارتفاع الشاهق وشدة انكساره.. وقد ذكرها المفلحي في كتابه معجم البلدان حيث قال: بضم ففتحتين, قلعة ونقيل فيما بين مدينة إب ومدينة تريم, في الطرف الشمالي لحقل قتاب, وهو مشهور قديماً بنقيل صيد”. أما قلعة سمارة والتي يدور حديثنا عنها فهي تقع في أعلى قمة هذا النقيل (الجبل) وإذا ما بحثنا عن تاريخ هذه القلعة فلا نجد لها تاريخاً معيناً أو من قام بإنشائها, ولكن نجد أن ياقوت الحموي قد ذكرها في معجم البلدان وذلك في القرن السابع من التاريخ الهجري في حديثه عن جبل صيد وذكر أن في رأسه قلعة يقال لها سمارة وهذه دلالة على وجود القلعة قبل هذه الفترة, كمال يقال أن هناك مسجداً بناه معاذ بن جبل دون الإشارة إلى القلعة قد يكون هذا تاريخاً سابقاً للقلعة ولكنه يظل إشارة هامة إلى تاريخ المنطقة. وللقلعة سور مربع الشكل تقريباً على كل ركن من أركانه برج اسطواني الشكل يرتفع أعلى من السور ويبرز إلى الخارج قليلاً أما مدخلها فهو في الجهة الجنوبية للقلعة, والى الداخل منها نجد فيها مسجداً للصلاة يقع أمام المدخل مباشرة بالإضافة إلى مبنى من طابقين يقع إلى الجهة الشرقية من المسجد مدخله في الجهة الغربية منه.. وبالإضافة لذلك نجد خزانات الماء الموجودة في فناء القلعة وهو شيء أساسي للقلاع وذلك لحفظ المياه عند الحصار أو أية ظروف قد تطرأ. وتتميز قلعة سمارة بموقعها الفريد حيث إنها تتوسط الطريق بين صنعاء وبقية المدن كتعزوإب والحديدة وغيرها من المدن ومن يسيطر عليها يكون قد سيطر على إحدى أهم الطرق كما أن ارتفاعها الشاهق لعب دوراً في تعزيز أهميتها أما القلعة حالياً فيلعب موقعها دوراً بارزاً كونه مكاناً في غاية الجمال والروعة فموقعها في قمة جبل سمارة وكأنها شقيقة النجوم أو كأنها تاج يتوج الجبل المكسو بالخضرة أغلب فترات السنة, ما يؤهلها لتكون منتزهاً واستراحة رائعة للمسافرين والزائرين.. وقد نالت هذه القلعة نصيباً من الإهمال في الفترات السابقة غير أنها شهدت مؤخراً بعض الترميمات والتحسينات عليها على أمل أن نشهد خلال الفترات اللاحقة مزيداً من الاهتمام الذي تستحقه. قلعة الدملؤة.. قلعة المنتصرين دائماً قلعة الدملؤة إحدى أمنع القلاع وأشدها تحصيناً, تقع في مديرية الصلو الواقعة جنوب شرق جبل صبر على بعد 45 كم.. وقد ذكرها الهمداني في صفة جزيرة العرب مقترنة بجبل أبي المغلس, والقلعة حسب المفلحي في معجم البلدان “بضم الدال واللام.. قلعة منيعة مشهورة, فوق قرية المنصورة من جبل الصلو, على بعد 60 كيلو جنوب شرف مدينة تعز». أما القلعة اليوم فهي عبارة عن خرائب وبقايا آثار وكان الهمداني قد وصفها في عصره في كتابه «صفة جزيرة العرب» ففي مختصر ما قاله في وصفه لها يصعد إليها بسلمين إحداهما يعلو الآخر وكل منهما مكون من أربعة عشر ضلعاً ورأس القلعة يتكون من أربعمائة ذراع وفي مثلها منازل وكذلك مسجد جامع فيه منبر, وباب القلعة في الجهة الشمالية وفي أعلى القلعة عدد من الصهاريج». أما تاريخ القلعة فالبرغم من أن تاريخ تأسيسها مجهول ولا نجد مصدراً معيناً يذكر لنا تاريخ تأسيسها إلا أن هناك من يعيد تأسيسها إلى فترة ما قبل الإسلام وبالتحديد إلى الدولة السبئية, ومن خلال ما توارد الينا من أخبار عن هذه القلعة نجد أن لها تاريخاً طويلاً في الصراعات التي خاضتها الدويلات التي مرت بها في الفترات الإسلامية كالدولة الصليحية والأيوبيه ودولة بني زريع وبني رسول وغيرها من الدول التي سيطرت على تلك المنطقة.. وقد قيل في هذه القلعة أن من يسيطر عليها يسمى الملك المنصور لأنه يعتبر المنتصر في أي قتال يشن عليه وذلك لشدة حصانتها وقيل أنها لا تسقط إلا بمؤامرة من الداخل, كما أن أهل تعز يسمونها أيضاً باسم المنصورة نسبة إلى الملك المنصور عمر بن علي بن رسول مؤسس الدولة الرسولية. قلعة القاهرةبتعز.. معلم سياحي فريد قلعة القاهرة إحدى أهم المعالم السياحية في مدينة تعزواليمن بشكل عام, تقع على السفح الشمالي لجبل صبر على قمة صخرية مطلة على مدينة تعز القديمة على ارتفاع (1500م) عن مستوى سطح البحر, وترجح المصادر التاريخية تأسيس هذه القلعة إلى فترة ما قبل الإسلام, غير أن ذكرها التاريخي يعود إلى الدولة الصليحية في القرن (5ه)، عندما اتخذها عبدالله بن محمد الصليحي شقيق محمد بن محمد الصليحي حصناً له, استولى عليها (توران شاه) سنة (569ه 1173م) بعد أن قضى على قوات (عبد النبي الرعيني), وصارت في عهد الدولة الرسولية حامية لمقر الملك المظفر يوسف بن عمر بن رسول.. ثم آلت بعد ذلك إلى الطاهريين في سنة (924ه 1518م), وانتزعها الأيوبيون من قوات الدولة الطاهرية بعد هزيمتها عام (924ه 1518م), وظلت موقعاً عسكرياً مهماً للسيطرة على مدينة تعز بعد ذلك. وقد قامت قلعة القاهرة بأدوار عسكرية وسياسية هامة خلال تاريخها الطويل, وليس ذلك فحسب, بل إنها أيضاً تمثل تحفة معمارية نادرة, بما تحويه من منشآت متنوعة, فضلاً عن موقعها المطل على مدينة تعز, لذا توجهت إليها الأنظار وامتدت إليها يد الترميم والتطوير لصيانتها وتأهيلها, لتكون موقعاً سياحياً فريداً يستقبل الزوار في منشآتها الترفيهية, كالمنتزهات والمطاعم والشلالات, بالإضافة إلى المكتبة والمسرح والمتحف ومرافق أخرى تقدم خدماتها الراقية لمرتاديها. وهناك عدد كبير من القلاع التي تشتهر بها اليمن، عدد لا يمكن حصره في موضوع واحد كما أسلفنا سابقاً وتنتشر هذه القلاع في محافظات الجمهورية المختلفة فمنها قلاع البيضاء ورداع, وقلاع صنعاءوإبوتعز والحديدة وعمران وغيرها من القلاع في مختلف المحافظات اليمنية.