تعتبر قلعة صيرة من أقدم المعالم الأثرية التاريخية بمحافظة عدن، وتعد مع صهاريج الطويلة أشهر معلمين أثريين في تاريخ عدن ، وهي عبارة عن قلعة محصنة قديمة توجد فيها تحصينات عسكرية تعتلي جبل صيرة الأسود الذي يطلق عليه جزيرة صيرة ويقع في البحر قبالة خليج حقات، وتنتصب الجزيرة و قلعتها في البحر كديدبان يعايش النهار ويسامر الليل بكل يقظة لحماية عدن و كخط دفاع متقدم ؛ و تستمد الجزيرة من موقعها الحساس ميزة مهمة هي مراقبة حركة السفن القادمة إلى ميناء عدن والخارجة منه ، وتقع جزيرة صيرة وجبلها قبالة جبل المنظر (من جبال حقات). وتوجد بالقلعة بئر تسمى (بئر الهرامسة)، تروج بعض الأساطير أن الجن والعفاريت هم من قاموا بحفرها، وتتعدد الآراء في المصادر التاريخية القديمة والحديثة حول تاريخ وفترة زمن بناء القلعة ، ولا يعرف على وجه الدقة تاريخ إنشائها الحقيقي فمنهم من يرى أنها أنشئت مع بدايات ظهور ميناء عدن كريتر كميناء تاريخي لعدن ، ويعود ذلك إلى فترة ما قبل الإسلام ، ويرجع آخرون ظهور تلك الاستحكامات التحصينات الدفاعية إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين أثناء دخول المماليك والأتراك اليمن تحت غطاء مواجهة الغزو البرتغالي ، ويعود ذلك التخبط إلى غياب أو اندثار بعض المصادر التاريخية التي قد تكون أوردت شيئاً عما يتعلق بإنشاء قلعة صيرة، قلة وغياب الدراسات الأثرية المتخصصة في هذا الجانب ناهيك عن قلة وضعف الإمكانيات المادية الخاصة بعمل حفريات وتنقيبات أثرية بالقرب من موقع القلعة أو حولها بما يميط اللثام ويكشف تاريخ بناء القلعة العتيقة المهمة. وترجح إحدى الدراسات الميدانية الحديثة اعتماداً على شواهد تاريخية بأن أول بناء أصلي للقلعة يرجع إلى الأمير الأيوبي عثمان الزنجبيلي التكريتي والي عدن من قبل توران شاه الأيوبي شقيق صلاح الدين الأيوبي الذي جاء إلى اليمن في سنة (1173م) ، وكلف واليه على عدن عثمان الزنجبيلي ببناء الأسوار والحصون ، وما يؤيد هذا الرأي هو التشابه في المخطط العام للقلاع وأبراجها التي أقامها الأيوبيون في مصر والشام مع قلعة صيرة .وتتكون قلعة صيرة من برجين كبيرين أسطوانيين تنحصر بينهما مداخل القلعة ، ويوجد في البرجين فتحات لرمي السهام تسمى (المزاغل) ، ويتم الصعود إلى مدخل القلعة بواسطة سلم يؤدي إلى بوابة مستطيلة خشبية تؤدي إلى باب خشبي خلفي يطل على الصالة المركزية الرئيسية والتي تتوزع منها طرقات (ممرات جانبية) توصل إلى غرف (حجرات) ذات مساحات مختلفة توجد بجدرانها فتحات لرمي السهام ، كما يوجد سلم (درج) آخر يوصل إلى الطابق العلوي للقلعة ، وتوجد بالممرات أقبية ذات شكل أسطواني ، كما توجد بأسقف الحجرات فتحات لدخول الضوء وتحسين التهوية - وبصورة خاصة في الصالة المركزية ، كما يوجد في سطح القلعة - ( فوق الطابق الثاني ) - قواعد مستديرة الشكل من الحجارة الضخمة ، ويوجد على تلك القواعد قواعد حديدية لغرض تركيب المدافع ( استخدمت بداية فترات الأتراك والإنجليز ) ، ومنذ القدم اكتسبت قلعة صيرة أهمية لدى ولاة وحكام الدول المتعاقبة في السيطرة على عدن ، وتعرضت للإهمال وعدم العناية الكافية. وفي مطلع القرن السادس عشر الميلادي في عهد الدولة الطاهرية نالت القلعة أهمية ، وتم صيانتها وترميمها ودعمها بالعدد الكافي من الحراس لتحصينها بغرض صد هجمات الغزو الخارجي .