جاء الإسلام ديناً تربوياً ليعد الفرد المسلم إعداداً تربوياً أخلاقياً وروحياً عقائدياً تجسيداً للتعاليم السامية لكتاب الله الكريم والسنة النبوية المطهرة التي تعمق لديه روح التسامح والمحبة والولاء لله والرسول ولأولي الأمر وتزرع في داخله مبادئ الاسلام السامية ومكارم الاخلاق وحب الاوطان والبحث عن الحكمة والمعرفة التي تدفعه الى سبر أغوار العلم والمعرفة في شتى مجالات الحياة. وجاء الدين الإسلامي العظيم شاملاً لكل ما ينفع البشرية ويهديها سواء الصراط وسبل الرشاد في كل شؤون الحياة الدينية والدنيوية، وبين الحلال الذي فيه خير الناس ونفعهم، وحرم عليهم كل ما من شأنه أن يضرهم أو يضر بالآخرين. وحث الإسلام منذ بزوغ فجره على أهمية التربية الإسلامية الصحيحة والسليمة والتعليم النافع للفرد المسلم خصوصاً في مرحلتي الطفولة والشباب كونهما مرحلتا تشكيل الشخصية والهوية والتعلم والاكتساب والقوة والعنفوان والحركة والعمل، فحين ينشأ الفرد بالتربية السليمة والعلم النافع يصبح فرداً نافعاً وفاعلاً ومنتجاً في مجتمعه ووطنه، وخلاف ذلك إذا نشأ خاوياً متبلد الأفكار، سلبي الإرادة، منحصر الاهتمام يكون معرضاً للعديد من الاضرار والآفات التي تضره وتضر مجتمعه، بل وعرضة لتشرب الافكار المريضة التي تبتعد به عن طرق السلامة والخير. آفات الفراغ وحول أهمية التربية الإسلامية والتعليم النافع في حياة الفرد وخاصة للنشء والشباب يرى أستاذ الدراسات العليا بالمعهد العالي للقضاء فضيلة الشيخ محمد بن علي المنصور أن التربية الإسلامية والتعليم السوي تعمق جميعها لدى الشباب حب الله سبحانه وتعالى المنعم والمتفضل على عباده، وحب رسوله الصادق الأمين، وصحابته الراشدين، وتعمق بر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران واليتامى والمساكين. مشدداً على ضرورة أن يتحرى الشباب الاهتمام بالصلاة التي هي صلة بين العبد وربه وأن يلمّوا بواجباتها وشروطها ومبطلاتها واحترام أماكنها وصيانتها من كل ما يشوهها. ويقول فضيلته: ينبغى أن يعلم الشباب لماذا خلقوا وما هي مهمتهم في الحياة، فالغاية هي تحقيق العبودية لله والانقياد له والتسليم لجنابه ولا يتم ذلك إلا بالالتزام بالمنهج الرباني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأن يكون الولاء والطاعة لله والرسول وأولي الأمر. وعن آفة الفراغ وأضراره يقول الشيخ المنصور: التربية الإسلامية الصحيحة والتعليم النافع من الصغر سبب كافٍ في ألايجد الشاب فراغاً في حياته. ويضيف: الفراغ مشكلة عظيمة تمسخ الشباب، ولا يؤتى شيئاً مما خلق له إذا فقد التربية والتعليم السليمين، لقول الشاعر: إن الفراغ والشباب والجدة .. مفسدة للمرء أي مفسدة. ويكون الشاب الفارغ وبالاً على أمته ومجتمعه وأهله إذا لم يتربّ على نهج الإسلام ومكارم الاخلاق واحترام الآخرين وحب الوطن، وتكون أضرار الفراغ فادحة، والمجتمع بأسره في شقاء وتعب مما قد يحدث من مشاكل الشباب الفارغ من عقوق وجرائم قتل وسرقة وتخريب وجرائم أخلاقية وإرهاب فكري.. والعياذ بالله. ويرى فضيلته أن المناسب لشغل أوقات الفراغ لدى الشباب هو تعزيز التربية الإسلامية المبنية على الثقة بالله وتعليمهم منذ النشأة التعليم النافع لهم ولدينهم ووطنهم كحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والكثير من الآداب والاخلاق المستمدة من قدوة البشرية ومعلمها الأول الحبيب المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام. تحذير الشباب وبهذا الخصوص يحذر العلامة المنصور الشباب من الوقوع في مستنقعات المناهج الضالة التي تأتي من أعداء الإسلام والوطن وأصحاب الافكار الهدامة والمتشدقين بمبادئ حقوق الانسان الذين لا هم لها سوى زرع الفتنة والشقاق والفرقة بين أبناء الوطن الواحد.. مستدلاً بما يدور في عدد من الدول العربية والاسلامية من إرهاب وقتل وتمزيق وشرخ في الدين والعقيدة. ويرى أن الاهتمام بتربية الشباب وحمايتهم من آفات الفراغ وغيره مسؤولية تقع على أولياء الأمر من الأبوين والإخوة ونحوهم، ثم الدولة والحكومة التي يتوجب عليها استغلال طاقات الشباب واستثمار أوقاتهم من خلال توفير المراكز المختلفة والمناهج السليمة التي تعدهم الإعداد الأمثل وتعزز لديهم مبادئ العقيدة الإسلامية الصحيحة بلا غلو ولا إفراط ولا تفريط التي تكفل لهم التقدم والتفوق في كل المجالات وتجعل منهم أفراداً فاعلين في بناء أسرهم ووطنهم. لافتاً إلى أن الشباب هم سر قوة الأمم ومبعث كرامتها وعزتها وحاملو لواءها ورايتها وقادتها إلى المجد والنصر، وقاعدة نهضتها. وأشار فضيلته إلى ما حققه الإعلام الشباب على امتداد مراحل التاريخ الإسلامي الذين حملوا على كواهلهم أعباء الدعوة وتحملوا الصبر والعذاب والتضحية لقيام الدولة الاسلامية التي أخضعت المملكتين العظيمتين فارس والروم، وكذلك الذي فتحوا بلاد الروس وطرابلس وافريقيا وغيرهم من المبدعين الشباب الذين سبقوا العالم في علوم الطب والفلك والبصريات والهندسة والرياضيات ومازالت كتبهم تدرس إلى الآن في جامعات الغرب. الغذاء الروحي ويؤكد مدير مكتب الأوقاف والإرشاد بمديرية التحرير، أمانة العاصمة، ناصر الحيمي أهمية العناية بمرحلة النشء والشباب كونها مرحلة بناء ونمو وحركة ونشاط وتقبل لأي نصائح أو توجيهات أو تعاليم قد تكون إيجابية أو سلبية. ويقول: إن مرحلة الشباب كما هي بحاجة الى تزويدها بالغذاء المادي والاحتياجات الملموسة ونحو ذلك هي بحاجة إلى التغذية الروحية العقائدية كي يتمكن من العيش في حياة آمنة ومطمئنة واستقرار روحي ووجداني، ولن يتسنى ذلك إلا في ظل الشريعة الاسلامية الصافية والنقية التي تحيل الشباب إلى أفراد قادرين على العطاء ونافعين لأنفسهم وغيرهم ومساهمين في إصلاح مجتمعهم وتقدمه. ويضيف: إن الإسلام اهتم بتربية النشء والشباب وحث على تربية الأبناء التربية الاسلامية وتعليمهم التعليم النافع ورعايتهم وإكسابهم آداب وأخلاق وسلوكيات دينهم في كل نواحي الحياة، وأرشدهم إلى سبل مكافحة غرائزهم وكبح جماح شهواتهم، فإذا نشأ الشاب على الاستقامة في العقيدة والاخلاق كان فرداً فاعلاً يعتمد عليه في عزة دينه وازدهار وطنه ورفعته ورقيه. وشدد على أهمية أن يحرص الشباب على أخذ المعارف والمعلومات من مصادرها الصحيحة وعدم الوقوع في مستنقع الأفكار الدخيلة والآراء الشاذة التي تؤدي به إلى الإضرار بنفسه ومجتمعه ووطنه. ولفت الحيمي إلى ما توليه وزارة الأوقاف والإرشاد من اهتمام بهذه الفئة في هذا الجانب من خلال سعيها الجاد لإيجاد مدارس لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية في عموم المحافظات، وكذا تنفيذها حملات توعوية إرشادية خاصة في أوساط طلبة المرحلتين الأساسية والثانوية.. فضلاً عن تنفيذها دورات تدريبية للمرشدين والمرشدات وإعدادهم وتأهيلهم الإعداد الأمثل للاستفادة منهم في الإرشاد والإصلاح والتوعية الدينية المجتمعية لكل فئات وشرائح المجتمع. الاهتمام بالنشء ويرى مدير النشاط الاجتماعي، عضو اللجنة الثقافية بوزارة الشباب والرياضية، محمد نعمان، أن تعزيز الجانب الديني لدى النشء والشباب وتربيته التربية الإسلامية والتعليم الصحيح ضروري جداً في تكوين شخصيتهم وتحديد سلوكهم وشحذ هممهم وأفكارهم للجد والاجتهاد والبذل والعطاء والاحترام المتبادل والتآخي والتوحد والتطلع لمعرفة كل ما هو جديد في مختلف العلوم بما يعود على وطنهم بالخير والنفع والفائدة. مشيراً بهذا الصدد إلى ما تبذله الوزارة من جهود في إطار اهتمامها بالنشء والشباب من أنشطة وفعاليات شبابية مختلفة سواء كانت رياضية أم ثقافية أم اجتماعية أو دينية وغيرها من الأنشطة المتعددة بما يعمل على تعزيز الجانب الديني لديهم، إلى جانب الجوانب الاخرى العلمية والبدنية والثقافية والأدبية والوطنية وبما يكفل استغلال أوقات فراغهم وصقل مواهبهم وإبداعاتهم في مختلف المجالات. ونوه إلى أن الأنشطة والفعاليات كثيرة إلا أن أبرزها تنفيذ فعاليات المراكز الصيفية في كافة محافظات الجمهورية بهدف استغلال أوقات فراغ طلبة المدارس والجامعات خلال الإجازة الصيفية، إضافة إلى فعاليات ثقافية واجتماعية ومسابقات ثقافية وأدبية وعلمية متنوعة يشارك فيها عدد لا بأس به من الشباب من مختلف المحافظات، فضلاً عن تأسيسها وإنشائها العديد من المراكز والبيوت الشبابية التي تحتضن الشباب وترعى مواهبهم وإبداعاتهم. ويقول: كما أن للاستراتيجية الوطنية للطفولة والشباب التي بدأت الوزارة بالتعاون والتنسيق مع عدد من الوزارات والجهات المعنية تنفيذها دوراً هاماً وكبيراً في رعاية النشء والشباب، وستسهم بشكل كبير في صنع مستقبل مشرق لهم نظراً لما تتضمنه من برامج وأنشطة وحلول تسهم في القضاء على البطالة وتكفل استثمار أوقات الشباب واستثمار أوقاتهم وتنمية مداركهم وصقلها في كافة مجالات الحياة. ويدعو نعمان المعنيين بوزارة التربية إلى إعادة النظر في المناهج عموماً والمناهج الدينية خصوصاً وتكثيف المواد الدينية حتى يتسنى ترسيخ محتواها بشكل كامل في أذهان الطلبة. مسؤولية الجميع من ناحيته يرى أستاذ التربية الإسلامية أحمد عثمان أن التربية الإسلامية تمثل الحياة بالنسبة للبشر ومن دونها فهم ميتون وإن عاشوا فما جدوى حياتهم..ويقول: حين يكون الشاب خاوياً روحياً ووجدانياً بعيداً عن آداب وتعاليم الإسلام يكون كالشجرة غير المثمرة عبئاً على مجتمعه ولا معنى ولا هدف له في الحياة. ويضيف: والمسؤولية مسؤولية الجميع من الأسرة والمدرسة والجامعة والحكومة وكذلك واجب العلماء والمرشدين والدعاة و كل الجهات في هذا الجانب الهام حتى يثمر ثمرة طيبة يجني الوطن خيراتها. وأكد أنه لا يوجد فرق بين الهوية الدينية والوطنية لأن الانسان المسلم المتخلق بأخلاق دينه وآدابه وأحكامه سينشأ محباً وبناءً وصالحاً ونافعاً لوطنه..ونوه إلى دور وزارة التربية والتعليم في هذا الجانب من خلال ما تنفذه من أنشطة وفعاليات تربوية وتعليمية لطلاب وطالبات المدارس في عموم المحافظات، وكذا ما تتضمنه المناهج في مختلف المراحل الدراسية من مواد دينية في حفظ القرآن الكريم والحديث الشريف والتفسير والفقه والأصول والسيرة النبوية والتاريخ الاسلامي التي تعزز وتنمي الفكر والسلوك السوي للطلاب والطالبات. نقص إلمام الشاب هاني النزيلي يقول: المجتمع اليمني، والحمد لله، مسلم لكن الكثير ينقصهم الإلمام الكافي بأهمية التربية الإسلامية، وهذه مهمة منوط بها الوالدان والحكومة عبر وزارة التربية والتعليم في تكثيف المواد الدينية لأهميتها في تذكية عقول الطلبة والطالبات، كما هي مسؤلية بقية الجهات المعنية بالنشء والشباب. ويضيف: لاشك أن التربية الاسلامية لها أهمية ودور كبير في تربية الفرد وتعليمه وتنشئته على الفضيلة والأخلاق الحسنة والمبادئ السامية والسوية وتحفزه على الاطلاع والتعلم والابداع في كافة المجالات الأدبية والعلمية والدينية والرياضية والوطنية وتؤهله ليكون عنصراً فاعلاً مساهماً في عملية بناء وتنمية الوطن. اهتمامات سطحية فيما تعتبر الشابة منى المقطري أن التربية الإسلامية للفرد المسلم ضرورة قصوى لاسيما في الوقت الراهن حيث العوامل والموجات الثقافية القوية التي تحمل كل غث وغثاء وأفكار سقيمة حولت اهتمامات الشباب الأساسية إلى اهتمامات سطحية وهابطة ومنحرفة، وللأسف أثر ذلك على كثير من الشباب في مختلف المجتمعات الإسلامية. وتؤكد أن الفرد الصالح الذي ينشأ مكتمل التغذية دينياً ومادياً وبدنياً سيكون شخصاً ناجحاً ومنتجاً، لأن الإسلام لا يمكن فصله عن هوية الشخص الذي دونه يتيه ويضيع، والإسلام يحث على العمل والعلم واحترام الذات والآخرين والتحلي بالصفات الحميدة التي تغذي فيه مزيداً من الحب والتفاني لدينه ووطنه ومجتمعه.