ما كانت الوحدة اليمنية في يوم من الأيام وحدة أرض وحسب؟،بل هي وحدة أرض،وإنسان،وبهذا يكون قد كتب لها البقاء على امتداد المكان والاضطراد مع الزمان،وعليها أصبح على شباب اليوم وكل يوم لزاماً ضخ دمائهم عبر أوردة البدن الواحد وشرايينه كونهم قلب الأمة النابض،وبمفهومية اللحمة الواحدة فالحرص كله على أن نفني سنين أعمارنا طمعاً في الحفاظ على ألفة الأرواح وحميمية الإخاء ما بين أقاصي المدى الذي يحتوينا وعلى امتداد الشاطىء وحتى آخر ذرة من ثرى البر اليماني. - الشباب أكثر قدرة على صد نعرات الشذوذ الفكري أو العقائدي المشوب بِحيَل نازية ورؤى هدامة،فهم الساعد الذي يعلق عليه الأمل في حصر تيارات ثقافة الانحسار،وتصويب مساراتها ما لم فنفخها في الهواء إلى غير رجعة،نعم الشباب الضارب بجذور إرادته في أعماق الصالح العام والمستلهم فلسفته في الحياة من ترانيم الهم المشترك والهدف الواحد. وإن كان ما أخشاه على شباب اليوم،فهو الانزلاق في دهاليز التصعيدات الضيقة،أو الانجرار خلف جهابذة النُّسق التراجيدية أولئك المنزوون في الهامش.. أخاف عليهم من أعين أدمنت الظلام أو توارثته،ومن ألسنةٍ فتقت حوافها بمطارق الوسواس القهري، وعقولِ يعشعش فيها الإبهام،وتفرخ فيها غرابيب الشؤم، من أولئك الذين تتوالد في صدورهم المأساة،فيجدون نشوتهم في الاختمار بآه الحرمان المزيّف ، وبها يصدون عن ثكناتهم سنا الفجر،ويعمدون إطفاء قنادل البهجة في الخلجات العامرة بالآمال والحدقات المقبلة على كل جميل في الحياة.. - الوحدة اليمنية تعبير من شأنه أن يفصح عن نموذج لوحدة السلالة البشرية،ضمن إطار عام وعلى الرغم من تباين الأطر التفصيلية إلا أنها أجزاء تكمل بعضها،من أجل الاستمرارية. - إن الوحدة اليمنية على ذات القدر من القداسة،مقرونة بتقدمنا ورقينا،ومن مدلوليتها تنبثق كل آمالنا،وتحت سمائها يترعرع كل طموحِ على علاقة باليوم الحالي والغد المرتقب أو المستقبل البعيد،إنما تلكم هي تصرفات البعض من ذوي الأقلام ومحترفي الخطابة مثيرة للتأفف والامتعاض،كونهم يفسرون لفظة"المعارضة" بالصد على كل الأحوال،أي ليست ضد الأشواك فقط بل والورود في المقام الأول،ولا يهمهم أن يعتنوا بالأشواك ولو سحقت الزهور بأحقادهم. كثيراً ما يتغافلون عن مرادفات الحق والخير والجمال وفوق ذلك يعمدون إقحامها في سجلات المسكوتات عنها،لمرضِ في النفوس،فويل لكل من يتوارى خلف حائط الأمن والسلام من يتقنع برداء العد والمساواة.لأجل أن يحقق وفرة من القلاقل،ويستنفر الشيء من النزوات العابثة،في رحم زمنِ ينكر لغة الحرب،ودونه والعنف والإرهاب خرط قتاد...،وهنا تكمن خطورة جُرع الثقافة العشواء التي تُروج لها الحفنة الهمجية والتي كل همها تكوين ثقافة مأساوية كمرجعية في مدارك الأجيال الصاعدة،والحيلولة دون نفاذها إلى المتوقع والظفر بالحلم الممكن... - لماذا كل هذا العبث؟!ولأجل من؟! في الوقت الذي أشد ما نكون بحاجة إلى جيل واعي وشباب يرصد نهضته بحجم الوحدة. - لماذا يجتهد من كان في استمالة الكم من الشباب والزج بهم في سلك"لا" ومحاولة برمجتهم على تعقب "لا" والبحث عنها حيثما وجدت،أو تزييفها في حالة غيابها،وإذا لم يسعفهم أرشيف الخطايا في قولبة مرفوض بمسحة الآنية من شأنه غواية مستهلك أو أكثر والأخذ به إلى أسفل سافلين؟! - شباب حالم؟،يتحين اليوم الذي تتكاتف فيه الجهود بعيداً عن منفرات المحاور الضيقة ونهم التفرد،وحري أن يطوع المتذمرون بلا كلل أو ملل جل اهتماماتهم وتوجهاتهم إسهاماً في عنونة انطلاقة شعب واحد كل مافيه يبحث عن كيف يتفق والآخر ويدقق في إمكانية المواءمة والانسجام،ويتفحص مبادئ الأخذ والعطاء ويميز بين المقبول والمرفوض والممكن واللاممكن،مستعيناً بمنظار القاعدة الإنسانية وعدسة التعايش الآدمي،ويستغل ملكاته بطريقةٍ مُثلى اعتمادا على مبرهنات قضايا المنطق الصائبة،وكل ما يأتي على هذا النحو الأقرب والأصوب لآجل تكوين ثقافة وحدوية راسخة،وبلورة توجه عام يجسد صراحةَ، منجز بحجم الوحدة[email protected]