يعد القطاع الصناعي في اليمن من الدعامات الأساسية في إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، لما يقوم به من خلق فرص جديدة للعمل، وتنويع مصادر الدخل، وزيادة الدخل القومي. ويسهم القطاع الصناعي في توظيف مخرجات القطاعات الإنتاجية الأخرى وتوفير الاحتياجات المختلفة من السلع المتوسطة والنهائية عبر الفاعلية التحويلية التي يتميز بها، إضافة إلى أنه يعد المرتكز الرئيسي للتنمية، وعلى أساسه تتحقق إمكانية إقامة القاعدة الأساسية اللازمة لتطوير البنية الاقتصادية وتعجيل معدلات النمو الاقتصادي. ولأهمية هذا القطاع عملت الحكومة منذ إعادة تحقيق وحدة الوطن وإعلان الجمهورية اليمنية في ال22 من مايو 1990م، على توظيف إمكانات وموارد متزايدة في هذا المجال، واتباع سياسات تشجيعية محفزة لزيادة الاستثمارات في المجال الصناعي، وهو ما أثمر عن ارتفاع عدد المنشآت الصناعية من 29 ألفاً و26 منشأة عام 1990م إلى 44 ألف منشأة عام 2006م، وارتفاع عدد المشتغلين فيها إلى نحو 7، 175 ألف عامل عام 2005م مقارنة ب(7، 126) ألف عامل عام 2004م، وبزيادة مقدارها 49 ألف عامل. وتشير البيانات إلى أن القطاع الصناعي التحويلي يسهم بما يربو على 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبنسبة توظيف 5، 4 بالمائة من إجمالي القوى العاملة بالاقتصاد الوطني، ويستأثر النفط والغاز بنصيب الأسد في توليد الناتج الصناعي، إذ تصل نسبة مساهمتهما إلى أكثر من 90 بالمائة من قيمة الناتج الصناعي. وارتفعت قيمة الإنتاج الصناعي إلى نحو 2، 548 مليار ريال العام 2005م، مقارنة ب6، 391 مليار ريال عام 2004م، بزيادة مقدارها 6، 156 مليار ريال، وبنسبة ارتفاع مقداره 40 بالمائة، بقيمة مضافة بلغت 2، 197 مليار ريال، مقابل 8، 140 مليار ريال، بزيادة مقدارها 4، 56 مليار ريال، وبنسبة ارتفاع مقدارها 40 بالمائة خلال نفس الفترة، وتشكل القيمة المضافة نسبة 5، 26 بالمائة من إجمالي قيمة الإنتاج الصناعي. وحقق قطاع الصناعات التحويلية نمواً بلغ بالمتوسط خلال عامي 2004 - 2005م 6، 6 بالمائة، مما يشير إلى تحسن ملموس في انتعاش قطاع الصناعات التحويلية وارتفاع نسبة مساهمته في الاقتصاد الوطني. وتهيمن الصناعات الغذائية والمشروبات وصناعة المشتقات النفطية والمنتجات اللافلزية ومنتجات التبغ على هيكل الصناعات التحويلية بنسبة تزيد عن 71 بالمائة، فيما تتوزع النسبة الباقية على صناعة الورق والطباعة والمعدات والآلات والمنسوجات والملابس التي تعد من أهم الصناعات الواعدة نظراً لتوفر المواد الخام محلياً. ولم يكن القطاع الخاص بعيداً عن هذه التحولات، بل أسهم فيها خاصة منذ إعلان الجمهورية اليمنية في ال22 من مايو 1990م، بحيث أصبحت مساهمته لا تقل عن 80 بالمائة من إجمالي الدخل القومي المولد في القطاعات الإنتاجية والخدمية، ويمتلك 95 بالمائة من المنشآت الصناعية بحسب نتائج المسح الصناعي لعام 1996م. وأشار تقرير رسمي صادر عن وزارة الصناعة والتجارة إلى أن الحكومة نفذت خلال الفترة الماضية العديد من السياسات والبرامج، الهادفة إلى حشد كافة الطاقات والإمكانات في عملية التنمية الصناعية على أساس الحرية الاقتصادية وآلية السوق، من خلال تحديث التشريعات وإصدار القرارات الخاصة بمعالجة أوضاع المؤسسات الصناعية المتعثرة والتوسع في عملية التدريب وتقديم الحوافز لتنمية القطاع الصناعي وتحسين البنية التحتية. بالإضافة إلى إنشاء وتفعيل دور الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة للعمل على تحسين مستوى وجودة المنتجات الصناعية وتعزيز قدرتها التنافسية أمام المنتجات الأجنبية في الأسواق المحلية والخارجية، وكذا إنشاء المجلس الأعلى للصادرات وفتح أسواق جديدة لها من خلال تعزيز التوجه الصناعي نحو التصدير وتنمية الصادرات الصناعية. كما نفذت الحكومة عدداً من السياسات والإجراءات الهادفة إلى تشجيع التوجه نحو الاستثمار في القطاع الصناعي، وذلك من خلال تحسين البنية التحتية، والعمل على إنشاء المجمعات والمناطق الصناعية لتشجيع تسهيل الاستثمار والتوطن الصناعي، وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة المحلية، ومراجعة القوانين المتعلقة بالاستثمار والنشاط الصناعي. وتتوافر في اليمن العديد من فرص الاستثمار في قطاع الصناعات التحويلية، من أهمها الفرص المتعلقة بالصناعات الغذائية سواء في مجال صناعة الفواكه «تعليب الموز، المانجو، العنب، الخوخ، وغيرها من الفواكه، وصناعة تعليب الأسماك وصناعة الملابس»، والتي يتوقع أن يكون لها مستقبل واعد نظراً لتوافر القطن اليمني وجودته العالية، بالإضافة إلى الصناعات البتروكيماوية كصناعة زيوت السيارات والمحركات والصناعات الجلدية والورقية والكهربائية والإسفنج، وغيرها من الصناعات المعتمدة على المواد الخام المحلية والصناعات اللافلزية الإنشائية كالأسمنت والرخام والجرانيت، التي تتوافر في اليمن بكميات تجارية كبيرة. وكان لتبني الحكومة سياسة الانفتاح الاقتصادي دور أساسي في إفساح المجال أمام القطاع الخاص ليلعب دوره الريادي في التنمية الاقتصادية والاستثمار في القطاعات المختلفة، باعتباره المساهم الأول في الاستثمارات الإنمائية المخططة للحفاظ على مستوى عالٍ من الاستثمار والتشغيل وتوفير فرص العمل. وتسعى الخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 2006 - 2010م إلى رفع نسبة مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي إلى نحو 12 في المائة خلال فترة تنفيذ الخطة مقارنة بنحو 3، 10 في المائة حالياً، وكذا إنشاء المناطق الصناعية على مراحل، وتوفير البنى التحتية اللازمة، والاتجاه نحو إنشاء المشاريع الصناعية المتوسطة والكبيرة، وإنشاء صندوق للتنمية الصناعية، وتحديث استراتيجية التنمية الصناعية. وتهدف الخطة إلى توفير بيئة استثمارية ملائمة للاستثمارات الصناعية عن طريق تبسيط الإجراءات، والعمل على معالجة معوقات الاستثمار الصناعي، وتوسيع القاعدة الصناعية وتطويرها وتنويعها، واستكمال البنية التشريعية والقانونية في هذا المجال، ووضع خطة ترويج بالفرص الاستثمارية في المناطق الصناعية، وإعداد الخرائط الصناعية في الجمهورية. كما تستهدف زيادة حصة الصادرات الصناعية إلى إجمالي الصادرات غير النفطية من خلال التركيز على معايير الجودة، وتبسيط إجراءات التصدير، والاهتمام بالمواصفات والمقاييس، والاستفادة من المنطقة الحرة في عدن، وتنمية الصناعات الصغيرة والحرفية التي تتوافر لها قاعدة للنمو والتطور كصناعة المنسوجات والملابس والصناعات الحرفية والغذائية التي يمكنها اختراق الأسواق الخارجية، وذلك من خلال اتباع عدد من الإجراءات والسياسات، وفي مقدمتها إعداد مشروع للنهوض بالصناعات الصغيرة، وإعداد الدراسات اللازمة لإنشاء حاضنات للصناعات الصغيرة، وتفعيل دور صندوق تمويل الصناعات الصغيرة، وتنظيم تلك الصناعات في إطار جمعيات متخصصة تقوم برعاية وتشجيع هذه الصناعات، إلى جانب تنظيم الأسواق التجارية والمعارض التعريفية للصناعات الصغيرة والحرفية، وتشجيع مشاركة المرأة في هذا المجال.