إذاعة صنعاء تبث البيان الأول للثورةوصوت العرب دعمها البيان الأول وسط اجواء صنعاء التي قرأت وسمعت عنها كثيرا حتى جاءت الفرصة للتعرف عليها ، كان مقر اذاعة صنعاء المكان شبه الوحيد الذي أوي اليه واستظل به من هجير الوحشة، وأنشد الحوار والمعرفة والمؤانسة ، وأنا لا أكاد اعرف في حياتي مثل الابتسامة الودودة التي التقاني بها المرحوم أحمد حسين المروني ، وهو الضابط السابق من دفعة اليمنيين الذين درسوا العلوم العسكرية في العراق ، ومن المناضلين الرواد وواحد من الرموز النبيلة لثورة 1948 ، وكان انذاك مذيعا في اذاعة صنعاء وبعدها تولى عدة مناصب وزارية للاوقاف والتربية والتعليم والاعلام وكذا المرحوم عبد الله حمران الذي اصبح من بعد الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية والدكتور عبد العزيز المقالح مدير جامعة صنعاء وهو الشاعر الكبير الموسوعي المعارف والاستاذ عبد الوهاب الجحاف الذي ظل علي حد علمي لم يبرح موقعه امام ميكروفون الاذاعة بعد ، حتى انني لم اتبين بينهم في البداية الرئيس من المرؤوس, ربما للتوافق بينهم في الرؤي الثقافية والسياسية والانسجام الانساني . وسط هذه الصحبة الجميلة كنت اتنسم عبق التاريخ والثقافة والوطنية اليمنية ، وادراك مفردات الشخصية اليمنية ، وارهاصات المستقبل الزاهر الذي ينتظر اليمن .. وأحمد الله ان صلات التواصل بيني وهذه الباقة من الاصدقاء اليمنيين لم تنقطع قط ، ولعلي اتذكر ان اخر لقاءاتنا كانت عبر رحلة ممتعة منذ خمس سنوات الى منطقة “المحويت” السياحية بصحبة الدكتور عبد العزيز المقالح و الصديق الشاعر الاديب خالد الرويشان وزير الثقافة فيما بعد . على ان صلاتي بالاستاذ المروني ، اتاحت لي التعرف على الكثير من تاريخ النضال اليمني عبر سيرته الذاتية العطره ، فهو عندما كان مديرا للاذاعة عام 1959 ، فاض به الكيل لما حل باليمن من مظالم ونكبات ، حتى انه اندفع تلقائيا يندد بالعهد البائد وتخلفه عبر برنامج موجه للشباب اليمني ، بل الى حد المطالبة بانهاء هذا العهد .. دون ان يذكر عهد اسرة حميد الدين تحديدا ، لكن المعنى والهدف كان واضحا للمستعمين . من سوء حظه ان الامام احمد سمع هذا البرنامج خلال علاجه في روما ، وكان بصحبته انذاك القاضي عبد الرحمن الايرياني الذي استشعر الخطر المحدق بالمروني .. ومن ثم اتصل بالاستاذ احمد نعمان في القاهرة حتي يجد وسيلة لحث المرونة على الافلات من انتقام الامام الوشيك ! وبالفعل تمكن في اخر لحظة من الهرب الى عدن ، وانضم الى مجموعة الاحرار الذين سبقوه اليها، وبينهم الشيخ سنان ابو لحوم واللواء حمود الجائفي والقاضي عبد الكريم الفسيل ، وانخرط في نشاط المعارضة اليمنية عبر كتابة المقالات والمنشورات الثورية والعمل بالتدريس في المعهد الاسلامي حتى يكسب قوت يومه، وكان من زملائه في هيئة التدريس الاستاذ محسن العيني الذي سبق وتتلمذ عليه من قبل, وحتى عاد مجددا الى اليمن في اعقاب فشل انتفاضة الثلايا ، وفي تعز التقي بالامام احمد الذي كلفه بمسئولية إدارة الاذاعة مع زملائه المقالح وحمران والجحاف ، حتى اعلن عن وفاة الامام ، وعندئذ تحفز الاحرار لتسريع وتيرة الاعداد للثورة ، خاصة بعد ان فقد بعضهم الامل في الاصلاح على يد الامام الجديد البدر حين خطب للمصلين في المسجد الكبير بصنعاء وقال : “إذا كان أبي يقطع من الرأس فأنا سوف اقطع من النصف” ! وذكر لي الاستاذ المروني ان الاذاعة كانت خلية ثورية ، وكان دورها الاعلامي ضمن مخطط تفجير الثورة السبتمبرية ، وكان من المتعين ليلة الثورة ان تمتد فترة البث الاذاعي لما بعد موعدها المعتاد ، وعلى ما يبدو ان الامام البدر استشعر شيء ما يدبر ضده، ولذلك طلب وقف الاذاعة ، وحتى وصل الضابط على ابو لحوم في دبابة ، حيث اذاع محمد الفسيل البيان الاول للثورة وقيام النظام الجمهوري ، ثم أذيع البيان في اليوم التالي بعد ان ادخلت عليه بعض التعديلات والاضافات استكمالا لاهداف الثورة ، بعدها تواصل البث الاذاعي على مدار النهار والليل ، وكان جمع غفير من الاذاعيين والفنيين يواصل العمل في حماس وعبر مجهود بدني ونفسي كبير ، خاصة بعد ان اخفق العميد السكري يرحمه الله في قتل الامام البدر ، وشاع خبر هروبه من صنعاء ، فكنانتناوب الحديث الحماسي تباعا عبر الميكروفون بشكل تلقائي من وحى اللحظة لمواكبة التطورات العسكرية والسياسية الملتهبة ، فكانت تجربة غير مسبوقة حققت معادلة التكامل بين العمل الاعلامي ودوره في الحشد وتنوير الجماهير وبين التغيير السياسي الثوري بقوة السلاح . صوت العرب فى صنعاء وحتى كان تدفق القوات المصرية لمساندة الثورة اليمنية ، وفي ركابها كان وصول احمد سعيد مدير اذاعة صوت العرب لاستكشاف الموقف على الطبيعة وتلبية الحاجة الملحة لدعم الاذاعة اليمنية ومواجهة “بروباجندا” الثورة المضادة ، خاصة فيما يتعلق بالاذاعات المعادية الموجهة الى اليمن ، وانتشار الراديو الترانزستور وجلبه من عدن .. وتلك كانت أول محاولة لتحديث اذاعة صنعاء منذ قدوم أجهزتها في الأربعينيات على سيارات الجيب الامريكية ليتقدمها الكولونيل ادي, وربما كانت هذه الهدية اول اتصال امريكي مع اليمن !. المهم ان احمد سعيد اختار لهم تحديث اذاعة صنعاء بينهم بعثة من الاذاعيين المقتدرين في صوت العرب ، أمين بسيوني وابراهيم مصباح وحول متابعة هذه المهمة القومية وما تضمنته من احداث وتفاصيل يقول أمين بسيوني : وصلنا عبر طائرة مدنية خاصة الى صنعاء وكان بصحبتنا اثنان فقط من الركاب ، وكانا من المستشارين القانونيين في مجلس الدولة المصري لوضع دستور الجمهورية العربية اليمنية وكذا القوانين التي تلبي احتياجات النظام الثوري الجديد . في هذه المرحلة بدأنا على الفور اتصالاتنا بالاخوة .. وكان اول لقاء مع رئيس الجمهورية / المشير عبد الله السلال – رحمة الله عليه – الذي استقبلنا وقدم لنا زميلا عزيزا هو الاستاذ / عبد الله حمران – رحمة الله عليه – وقال :”هذا هو مدير الاذاغة الذي اخترته، ستجسلون معه وتضعون الخطط اللازمة لتدعيم صوت الاذاعة اليمنية” .. وعلى الفور درسنا الموقف واكتشفنا ان الارسال ليس بالمستوي المطلوب الذي يمكنه ان يغطي كل اليمن .. وكان لابد من الحصول على محطة ارسال جديدة وهكذا واجهتنا اول المشاكل ، إذ كان شراء محطة ارسال جديدة يستغرق من ستة الى ثمانية اشهر على الاقل الى حين يتم الاتفاق مع احدي الشركات العالمية على تصنع المحطة المطلوبة فليس هناك شيء جاهز تشتريه من السوق .. حينها قلنا : ان الوقت ثمين جدا ولا نستطيع الانتظار ثمانية اشهر .. فبعثت القيادة المصرية تعليماتها الى سفينة كانت تحمل محطة ارسال طلبتها مصر قبل ثمانية اشهر ، وكانت هذه المحطة في طريقها الى الاسكندرية بالفعل ، ومن ثم صدرت التعليمات بان تتوجه فورا الى الحديدة وتنزل شحنتها هناك لكي تكون هي محطة ارسال الاذاعة اليمنية .. وبعدها تطلب مصر محطة بديلة لها ، ويمكن لها ان تنتظر محطة اخري مدة ثمانية اشهر بمعنى انه ليست هناك مشكلة أمام مصر كاليمن . وكانت هذه اول محطة ارسال حديثة تصل بالفعل الى اليمن خلال ايام – لان السفينة كانت على وشك الوصول الى الاسكندرية ، فعدلت مسارها الى الحديدة .. حينها كان هناك زميل يمني عزيز مهندس الاذاعة اليمنية (على الأبيض) وهو الذي التقي بنا وتعاونا معاً الى ان تم تركيب المحطة . اختبار المذيعين ثم يضيف أمين بسيوني من ذكرياته قائلا : “ الاشكالية الثانية التي واجهتنا .. كانت في البحث عن شباب يمني مؤهل للعمل في الاذاعة .. اذ لم يكن هناك عاملون بما فيه الكفاية .. فكان لابد من توفير عاملين جدد .. هذا تم بوجود الاستاذ / أحمد سعيد الذي جلس معنا فترة ، وضعنا خلالها الخطط والدراسات اللازمة ثم تركنا وسافر الى القاهرة لمباشرة مهام أعماله وترك لي وللاخ / ابراهيم مصباح مهمة التفاصيل والانشاء والخريطة الاذاعية .. الى اخره .. فكانت اول مهمة نبحث عن العاملين الجدد .. فجلست مع الاخ الزميل / عبد الله حمران وقلت له اننا نريد ان نعلن عن حاجتنا لعاملين في الاذاعة ونحدد يوما لاختبار المتقدمين للعمل ليأتوا الى صنعاء ونختبرهم.. فضحك الزميل عبد الله .. قلت له : لماذا تضحك ؟ .. فقال : “يا أخي انت متخيل ان المجيء من انحاء اليمن سهل وسلس في تلك الطرق الوعرة ؟ .. ليس عندنا الا طريق واحد مرصوف - طريق صنعاء الحديدة فقط في ذلك الحين - فكيف تنتظر ان يأتي اليك في صنعاء المتقدمون من جميع المناطق ثم لا يتم تعيينهم ؟ قلت : سنعين الذي ينجح .. قال : ومن لم ينجح يجب ان يعوض عن تلك المسافة الطويلة الشاقة التي قطعها .. !! قلت : ماذا تقترح ؟ قال : اقترح ان نذهب نحن الى الناس !! قلت : هل نذهب الى الناس في بيوتهم ؟ قال : لا .. نعمل ثلاثة مراكز – مركز في صنعاء للقاطنين فيها وما حولها ، ومركز في تعز .. ونقول كل من يسكن تعز وما حولها يأتي في يوم كذا ، وكل من يسكن الحديدة يأتي يوم كذا للاختبار – واعطانا الرئيس السلال يومها ورقتين : الورقة الاولي موقعه منه بالبحث عن مكان مناسب جاهز كمقر للاذاعة اليمنية من بين قصور بيت حميد الدين التي الت للثورة وكانت كثيرة في تلك الفترة .. ورقة اخري تتيح لنا ان نركب الطيران اليمني في أي وقت حسب ظروفنا لكي نختار العاملين في الاذاعة اليمنية .. ولا أزال احتفظ بالورقتين . اخترنا على الفور مبنى قصر من القصور كان الاقرب الى احتياجات الاذاعة وعدد الغرف واتساعها .. ثم جلسنا نختبر ابناءنا الذين اتوا لاداء الاختبار الى حين بناء مقر خاص للاذاعة . وهكذا واجهتنا اول المشاكل ، اذ كانت مهمة اختيار المقر سهلة .. انما المهمة الجليلة التي توفرنا عليها هي اختيار الكوادر البشرية اليمنية التي يمكن ان تبدأ هذا النشاط الاذاعي في اليمن . فوجئنا انهم مثقفون يقرأون جيدا ، ولما كنت اسألهم عن مؤهلاتهم كانوا يقولون انها تعادل الثانوية العامة او تعادل السنة الأولى الثانوي او الثانية ثانوي فاستغربت وقلت تعادل ماذا ؟ يا إما معك شهادات يا إما ليس معك .. قالوا ليس لدينا شهادات على الاطلاق لانه لا يوجد تعليم في اليمن يتيح لنا ذلك أو لم توجد مدارس ولم يكن مسموحا بذلك فكنا نهرب الكتب من عدن ونذاكر فيها بأنفسنا ونختبر بعضنا البعض فإذا نجحنا في السنة الاولى الثانوية نبعث في طلب كتب السنة الثانية .. نحن نمتحن بعضا .. فلك ان تختبرنا لتجد اننا في مستوى الثانوية العامة او التوجيهية كما في ذلك الحين . سعدت جدا – يقول أمين بسيوني – لانني كنت اعتز بأننا لدينا تجربة لانسان علم نفسه وبلغ الذري وهو (عباس محمود العقاد) انا اعتبر انني التقيت بأكثر من عقاد في اليمن ، اذ كانوا بالفعل نموذجاً للاقبال الشغوف على العلم بدافع ذاتي . الطالب فعلا اذا كانت لديه الرغبة الذاتية في التعليم يحصل اعلى من الطالب الذي يتعلم باعتباره ادى واجبا مكلفا به .. وهكذا بدأنا في توزيع هؤلاء الزملاء في اقسام الاذاعة المختلفة ، وانتهزت فرصة الشهر الذي بقيت فيه في اليمن في تدريب الاخوة الزملاء الموزعين على عملهم كمذيعين ومحرري الاخبار على كيفية تحرير النشرة وكتابة التحرير السياسي والتعليق السياسي ، والذين توسمت فيهم القدرة على ان يهتموا بالاعمال التمثيلية او كتابة نصوص تمثيلية ، كل مجالات التخصص الاذاعي عملنا دورة مكثفة طيلة الشهر الى ان أطمأننا تماماً على ان الاذاعة اليمنية وضعت اقدامها على بداية الطريق العلمي الصحيح لجيل يعتبر جيل الرواد بالنسبة للاذاعة في اليمن .. وانا سعيد ان كل الزملاء الذين نجحوا في الاختبارات التي اشرفت عليها والذين شرفت بتدريبهم التقيت بهم بعد ذلك كسفراء لليمن في كثير من البلاد العربية ، وقلت لهم هل تركتم مهمتكم الاساسية ؟ قالوا : هناك أجيال جديدة تواصل بعدنا الطريق . الاذاعة اليمنية كانت في تلك الفترة تتميز فعلا بحماس الشباب وايمانهم برسالة ثورة سبتمبر .. وتتميز بحرصهم على الاستفادة بأقصي قدر ممكن من الخبرة الاعلامية المصرية.. تركت اليمن بعد الشهر الذي تفرغت فيه لانشاء الاذاعة واختبار المتقدمين لها وتدريبهم واصبحوا جاهزين للعمل حتى واصل المهمة زملاء أعزاء منهم الاخ الزميل / سعد غزال – عليه رحمة الله – واشرف على تدعيم التعاون بين الاذاعة المصرية والاذاعة اليمنية حتى اصبحت كميات البرامج تأتي والاناشيد والأغاني الوطنية وكل ما يمكن ان تحتاج اليه الخريطة الاعلامية اليمنية من دعم, وفي نفس الوقت زيادة جرعة الانتاج اليمني اولا فأولاً حتى اصبح يملأ كل ساعات الارسال التي بدأت بسيطة ثم نمت بالتدريج ، واعتقد ان تلك البداية المبكرة تواصل التعاون فيها دون كلل وان تغير من مرحلة الى مرحلة، لا استطيع ان اقول ان التعاون المصري كان في تلك الفترة الرائدة فقط .. التعاون لم يكن مقتصرا على الاذاعة اليمنية وما فعلناه للزملاء من دفعة على الطريق ولكن ايضا كان صوت العرب يتبنى كل اخبار الثورة اليمنية .. وقضية ثورة سبتمبر نفسها وقضية المسيرة الوطنية الجديدة لتحديث اليمن ووضعها على خريطة العصر . كان صوت العرب هو الاذاعة التي تحتضن كل اخبار اليمن وما تحققه الثورة فيها من مجالات عديدة من اجل اعادة بناء اليمن الحديث وتواصل هذا الدور مع اختلاف الاشكال الفنية التي تعكس كل نبض في الشارع العربي ، وما زال التعاون الاعلامي المصري اليمني بلا حدود ، عبر متدربين يمنيين يأتون الى معهد التدريب الاذاعي في القاهرة ومن ثم بعد ذلك معهد التدريب التليفزيوني ثم معهد التدريب الهندسي كذلك التعاون في مجال الرسائل الاذاعية والتليفزيونية في مجال الانتاج وكثيرا من البرامج التي انتجناها معاً لا تزال موجودة لدى صوت العرب ولدى الاذاعة اليمنية .. وكما قلت .. تتغير الاشكال الفنية ، لكن هذا التواصل بين الاعلام اليمني والاعلام المصري وبخاصة مع صوت العرب ما زال قائما كما هو لم يتأثر ولم يقل . أول شهداء الطيارين المصريين كان الشاب الوسيم عز الدين ناصر أول شهداء القوات الجوية المصرية في اليمن ، وقد كانت وصيته إذا توفى في اليمن أن يدفن في ثراها ، وظلت والدته وزوجته – بعد وفاة والده – تزوران قبره ضمن قبور الشهداء من العسكريين المصريين في صنعاء . كان يسكن الى جوار منزلنا بحي الروضة في القاهرة ، وكنا نكن له محبة غامرة واعجاباً شديداً ، اذ كان شابا مستقيما وقد تعهده والده – مهندس الري – برعايته ثقافيا ورياضيا ، حتى حاز بطولة مصر في الملاكمة وكان في وزن الريشة ، ثم وقع عليه الاختيار لتمثيل مصر في الدورة الاوليمبية في لندن اوائل الخمسينيات وكان ترتيبه الثاني على العالم ، وتزوج وانجب طفلة جميلة قبل ايام من مشاركته في الدفاع عن الثورة اليمنية . وقد لا يعرف البعض ان الرئيس حسني مبارك شارك في الدفاع عن الثورة اليمنية، اذ كان وقتئذ قائدا لسرب يدعي “مبارك” وكان من الطائرات الروسية قاذفة القنابل الثقيلة طراز “توبلوف” وهي الطائرات الاستراتيجية التي كانت تقلع من مصر وتتوجه صوب اليمن لتدمير مواقع القوات المعادية للثورة ، وبعدها تعود الى المطارات المصرية دون حاجة لاعادة التزود بالوقود خلال رحلتها الطويلة الى اليمن ذهابا وإيابا ! كذلك كان احمد نوح وزير الطيران السابق اول طيار مدني يصل الى اليمن بعد اندلاع الثورة بعد يومين في 28 سبتمبر 1962 ، وكان انذاك طياراً في القوات الجوية ، حيث قاد من مطار الماظة الحربي اول طائرة عسكرية للركاب تحمل مجموعة صغيرة من ضباط وجنود المظلات وأول شحنة من السلاح والذخيرة والمعدات لتسليمها الى الثوار في صنعاء! وقد تلقت الطائرة انذاراً لاسلكيا باسقاطها من الحامية البريطانية في جزيرة “سمران” المواجهة للساحل اليمني ان لم تكشف عن هويتها ، لكنه لم يمتثل للتهديد وواصل رحلته الى اليمن التزاما بالتعليمات الصادرة اليه من القاهرة .. حتى لو اقتضى الامر اسقاط الطائرة ! أما “السودان” وهي اول باخرة مصرية تصل الى ميناء الحديدة فكان صباح الجمعة 5 أكتوبر 1962 ، وتحمل أول سرية عسكرية من جنود المظلات المصريين بكامل اسلحتهم وعتادهم ، وكانت السودان قد غادرت ميناء السويس يوم 30 سبتمبر 1962 حيث كان في استقبالها جمع غفير من اليمنيين يتقدم الدكتور عبد الرحمن البيضاني الذي ظهر لاول مرة مع بداية الثورة والعميد على عبد الخبير كبير الخبراء المصريين باليمن فيما بعد ومندوب المشير عبد الحكيم عامر والعقيد محمود فهمي عبد الرحمن والنقيب محمد عبد السلام محجوب محافظ الاسكندرية فيما بعد ! أما أول ضابط مصري يستشهد في اليمن ، فكان نبيل الوقاد خلال معارك الدفاع عن الثورة في مواجهة اجتياحات القبائل الملكية ، وتلك كانت المرة الثانية التي قدر له التواصل النضالي مع الشعب اليمني ، حيث كانت المرة الاولي عندما كان ضمن البعثة العسكرية المصرية وتولى الاشراف على مدرسة صف الضباط باليمن !