ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    ليست السعودية ولا الإمارات.. عيدروس الزبيدي يدعو هذه الدولة للتدخل وإنقاذ عدن    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    "جريمة إلكترونية تهزّ صنعاء:"الحوثيون يسرقون هوية صحفي يمني بمساعدة شركة اتصالات!"    "الحوثيون يزرعون الجوع في اليمن: اتهامات من الوية العمالقة "    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    البريمييرليغ: السيتي يستعيد الصدارة من ارسنال    زلزال كروي: مبابي يعتزم الانتقال للدوري السعودي!    الوكيل مفتاح يتفقد نقطة الفلج ويؤكد أن كل الطرق من جانب مارب مفتوحة    الارياني: استنساخ مليشيا الحوثي "الصرخة الخمينية" يؤكد تبعيتها الكاملة لإيران    الرئيس الزُبيدي يثمن الموقف البريطاني الأمريكي من القرصنة الحوثية    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    بريطانيا تؤكد دخول مئات السفن إلى موانئ الحوثيين دون تفتيش أممي خلال الأشهر الماضية مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    طعن مواطن حتى الموت على أيدي مدمن مخدرات جنوب غربي اليمن.. وأسرة الجاني تتخذ إجراء عاجل بشأنه    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بيان عاجل لإدارة أمن عدن بشأن الاحتجاجات الغاضبة والمدرعات تطارد المحتجين (فيديو)    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع ''صنعاء القديمة''    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعون زيارة وألف حكاية ورواية الحلق16
اليمن وأهل اليمن
نشر في الجمهورية يوم 05 - 07 - 2008

الإمام أعدم الشيخ حسين الأحمر وابنه حميد ، ووأودع الفتى عبد الله الأحمر رهينة سجن “المحابشة” ، ولم يفرج عنه إلا بعد اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962
الإمام مدمن للأفلام الجنسية ومغازلةحريم القصر واستخدام الخلطات لإنعاش فحولته
رهينة فى محبس الإمام
ولا شك أن الوزن السياسي الكبير للشيخ عبد الله الاحمر يفوق زعامته لقبيلة حاشد ، وهي محصلة تراكمات سياسية ونضالية مقدرة ، وقد ورث الزعامة في الحركة الوطنية عن والده حسين الاحمر وشقيقه حميد الذي اخذه الامام احمد رهينة في حجة بعد انخراطه في الحركة الوطنية منذ ثورة الاحرار الدستوريين عام 1948 ، وخلال فترة سجن رموزها تعهده الاستاذ احمد النعمان بالتوجيه والتعليم ، وحتى جاءت الشيخ حميد الفرصة لاستعادة ثقة الامام احمد ، عبر استدعاء دور قبيلة حاشد في اجهاض انتفاضة المقدم احمد الثلايا عام 1955 ، ثم الاستقواء بها في مواجهة القبائل المتربصة به .
وخلال علاج الامام احمد في روما اضطرب الامن ، وكان سيف الاسلام الحسن وراء الحرائق والفوضى والاغتيالات التي شهدتها مدينتا تعز وصنعاء ، وعندئذ استنجد ولي العهد الامير البدر بالشيخ حميد الاحمر ، ولم يخب ظنه ودخل بحشد كبير من قبيلته “حاشد” الى صنعاء دخول الفاتحين .
على أن خصوم الشيخ حميد وشوا به لدى الامام احمد ، وروجوا لتطلعه الى حكم اليمن واستشهدوا بأهازيج “الزامل” الذي دخلت بها حاشد صنعاء :
إمامنا الناصر ومن بعده حميد سبحان من رد العوائد لاهلها
ويبدو ان ذلك كان صحيحا الى حد ما ، فقد كان الرهان على ترشيحه لرئاسة اول جمهورية في اليمن عبر وثائق المرحوم محمد النعمان .
وهكذا ما إن عاد الامام احمد من روما حتى أحاط به الجواسيس والوشاة ، وروجوا له تلك الاكاذيب ، فما كان منه الا ان خطب خطبته الشهيرة “ هذا السيف وهذا الفرس ، وهذا الميدان .. ومن كذب جرب” ثم استشهد بقول الشاعر :
ماذا يريدونها لأدر درهم ان الخلافة لا يطوى لها علم
ومن هنا كان قراره بإعدام الشيخ حسين الاحمر وابنه حميد ، وايداع الفتى عبد الله الاحمر رهينة سجن “المحابشة” ، ولم يفرج عنه الا بعد اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962 !
منذئذ ظل الشيخ عبد الله الاحمر الرجل الثاني بعد رأس الدولة بشكل واقعي حتى من دون مراسم او مناصب دستورية ، لا بصفته رئيساً لمجلس النواب فحسب ، وانما لانه بات رقماً كبيراً على الساحة السياسية الداخلية والخارجية لليمن على مدى يزيد عن أربعة عقود ، تراكمت خلالها خبراته وحكمته وقدراته على احكام التوازنات السياسية والحفاظ على الوحدة الوطنية ، ودوره المقدر في تعزيز الوحدة اليمنية عندما داهمتها المؤامرة الانفصالية عام 1994 ، حيث خيب ظنون المتآمرين الذين راهنوا على اثارة القلاقل القبلية ، ونجح كما لم يتوقع احد في حماية السلطة التشريعية من التشتت وحالة الخلافات التي دبت في اروقة السلطة انذاك!
اسمه بالكامل عبد الله بن حسين بن ناصر بن مبخوت الاحمر ، وقد ولد عام 1923 في حصن جبور بمنطقة ظليمة حاشد ، وهو كان وقبيلته حاشد في طليعة المدافعين عن الثورة والجمهورية ، ودوره معروف في الحركة التصحيحية التي أنقذت اليمن والثورة من الانهيار في الخامس من نوفمبر 1967 ، ولعل أهم انجازاته السياسية عندما القى بثقله يوم 12 يونيو عام 1995 اسهاما في حل مشكلة الحدود اليمنية مع السعودية ، حيث ظل يواصل التفاوض في الرياض مع الامير سلطان وزير الدفاع السعودي اربعين يوماً متصلة ، حتى نجح في التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود المشتركة يوم 12 يونيو 2000 .
واذا كان الشيخ عبد الله الاحمر قد اختار صيغة التجمع اليمني للاصلاح لزاعمته السياسية ، وضم جناحاً قوياً للاسلاميين ، الا ان الرجل كان بالمرصاد للتطرف الاصولي ، وهو الذي دعم القرار الشجاع الخاص بفرض هيبة الدولة وإشرافها المباشر على المعاهد العلمية حتى لا تتحول الى طالبان الافغانية ، في الوقت الذي لم يتخل عن ثوابته في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ، ووقوفه بصلابة في مواجهة الهيمنة الامريكية وفضح أساليبها المشبوهة المعادية للاسلام والمسلمين !
ولعلي أذكر بالمناسبة أن الاستاذ محسن العيني كان قراره بالاستقالة من رئاسة الحكومة عدة مرات يرجع الى صدامه دوما بالنفوذ القبلي الذي وقف حجر عثرة امام مشروعه الاثير من بناء الدولة الحديثة في اليمن .
مؤتمر شعبي .. على قمة جبل !
الذي زار اليمن مع بداية ثورتها .. لم يكن ليعرفها حين كانت تحتفل عام 1966 بالمؤتمر الاول لتنظيمها السياسي الوليد .. “الاتحاد الشعبي الثوري” .. ولقد زرت اليمن من قبل عدة مرات .. ولم يسبق أن شعرت بمثل هذا الاطمئنان والاستقرار السياسي والعسكري.. الذي يشمل انحاء اليمن .
توقفت الحرب تماماً على حدود اليمن .. وأصبحت شوارع صنعاء وبقية المدن اليمنية، خالية من مشاهد “الترسانة” المسلحة التي كانت تتحرك على اكتاف الرجال في صورة بنادق ومدافع رشاشة ..
وكان وراء معالم الاستقرار السياسي والعسكري في اليمن سببان !
الأول اثبات سياسة النفس الطويل للقوات العربية قدرتها على أداء مهمتها بكفاءة وفاعلية !
الثاني الاجراءات الثورية التي قام بها الرئيس السلال بعد عودته اثر غيبته في القاهرة.. وانتهاء سياسة التنازلات مع السياسيين المحترفين والضرب على يد المنحرفين والمخربين ، وتطهير جهاز الدولة منهم تباعاً إيذانا بالشروع في بناء القوة الذاتية لليمن ..
ووسط مناخ الاستقرار والسلام كان طبيعياً أن يقوم الاتحاد الشعبي والثوري .. وهو التنظيم السياسي والجماهيري الوحيد .
يومها قال لي الرئيس عبد الله السلال : لقد عادت الثورة الى اصحابها الحقيقيين ، وخالق الشيء احرص عليه” .
والشعب اليمني الذي آمن بقيادته منذ اندلاع الثورة ، وبذل جهوداً خارقة لحمايتها كانت فرحته بعودة قادته من الخارج بلا حدود .. وأخذ يلاحق العملاء والخونة والاذناب ..
حاولت أجهزة الإعلام العميلة التشكيك في الحكم الحالي .. بشتى الوسائل .. حتى تصور للرأي العام العالمي .. أن الاوضاع في اليمن غير مستقرة .. ولكننا لم نأبه لها .. وسرنا في طريقنا الثوري ..
حاولت الرجعية والاستعمار . أن تقوم بعمليات إزعاج في الداخل ، عن طريق بث الالغام وشراء العملاء لقطع الطرق ولكن هؤلاء العملاء تم القبض عليهم وقدموا الى محكمة أمن الدولة التي أدانتهم وخلصت الشعب من جرائمهم .
وقلت للرئيس السلال : لماذا جاء التنظيم الشعبي الثوري بعد مرور اربعة أعوام على نجاح الثورة ؟
قال الرئيس السلال : الثورة مرت بمراحل .. كانت هناك مرحلة تأمين الثورة .. ضد القوى المعادية التي تسللت من خارج الحدود للقضاء عليها ومنع استمرارها .
وكانت هناك مرحلة تأمين الثورة ضد محاولات ضربها من الداخل ..
وكانت هناك مرحلة تطهير اليمن من المنحرفين والخونة وتهيئة المناخ الملائم للاستقرار .. وهي المرحلة الحالية التي قام خلالها التنظيم الشعبي الثوري . . قلت للرئيس السلال : ما هو تقديركم للنجاح الذي حققه المؤتمر الاول للاتحاد ؟
قال : لقد كان المؤتمر هو الرد المفحم لكل تقولات أعداء الثورة ، وقد فتحنا أبواب المؤتمر على مصراعية لرجال السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي ورجال الصحافة والاعلام من كل دول العالم .. ليعرفوا أن قيادات الشعب لن ترضى بغير الطريق الثوري بديلا .. وانها مع التقدم ومع العروبة والوحدة والاصلاح الاجتماعي .. وضد حكم الائمة والملوك والمأجورين .
إن أبرز نجاح حققه المؤتمر في تقديري .. هو إحكام صلة القاعدة بالقيادة .. اضف الى ذلك ان المسئولية في حماية الثورة وبناء اليمن لم تعد على عاتق القيادة وحدها .. بل اصبحت مشاعات بين الحكومة والشعب ..
والشاهد انني واكبت على ارض اليمن بعد ثورتها اكثر من مؤتمر .. ولكن هذا المؤتمر كان شيئا اخر .. كان يعبر عن مدى التقدم الذي احرزته الثورة ..
فقد حضر المؤتمر اكثر من العدد المقرر لكل وفد ، حتى امتلأت صنعاء بالالاف التي جاءت حتى من المناطق النائية التي تدعي اجهزة الاعلام المعادية انها واقعة تحت تأثير العدو .. جميع الاعضاء والمرافقين جاءوا من مناطقهم واقاموا في صنعاء طوال مدة انعقاد المؤتمر .. على نفقتهم الخاصة ، دليلا على التزامهم السياسي تجاه الاتحاد وذلك أمر جديد على مؤتمرات اليمن .
اختفاء النعرات القبلية والطائفية تماما خلال مناقشات المؤتمر وكان احساس الاعضاء ان المؤتمر فرصة لتحقيق الوحدة الوطنية .. وتناسى الجميع الخلافات القديمة .
عدم حضور الوجوه المعروفة في كل مؤتمر ، من السياسيين التقليديين والمشايخ المتاجرين بالمبادئ ، اعضاء المؤتمر كانوا من الفلاحين والمثقفين ورجال الدين والضباط والجنود والمهنيين ومشايخ القبائل والتجار الشرفاء .
من خلال كلمات الوفود ، واجتماعات اللجان كان أي مراقب للمؤتمر يستطيع ان يدرك مدى الوعي الذي بلغه الشعب اليمني ومدى العزم الاكيد على المحافظة على الاستقرار والسلام الذي يسود اليمن الآن ..
طالب العمال بتوحيد الحركة العمالية ، تحت قيادة واعية ، ومعاقبة القيادات العمالية المنحرفة ..
وفد الحديدة طالب بانشاء جمعية تعاونية تضم صغار الصيادين .. لحمايتهم من استغلال كبار التجار ..
وفود القبائل طالبت بتشكيل جيش شعبي منهم يتبع الجيش اليمني لحماية الحدود من التسلل .
وفود حضرت عن القبائل من جميع مناطق اليمن ، مثل ذوحين وبرط وبني ذبيان ومراد وحريب وخولان والحدا وحاشد وبكيل وهمدان .. وكان حضور ممثلي هذه القبائل التي تسكن مناطق نائية يؤكد نجاح المؤتمر .
وفد “ إب “ شرٍح حالة القضاء الشرعي المتخلفة ، وطالب بتطويره .
أما المطالب العامة .. فكان معظمها يدور حول مواصلة الخطوات الثورية .. والقضاء على ركائز الرجعية .. وتطهير أجهزة الدولة من المنحرفين وتغيير رؤساء المصالح بغيرهم ممن يتوفر فيهم الكفاءة والثورية ، وفتح المستشفيات والمدارس وشق الطرق واستصلاح الاراضي .. وتسويق المحاصيل تعاونياً .
وتنتهي أعمال المؤتمر بعد ثلاثة أيام .. ويعلن الامين العام المؤقت للاتحاد الشعبي الثوري قراراته .. وتخرج صنعاء عن بكرة أبيها مع الوفود التي حضرت الى المؤتمر .. في مسيرة شعبية ضمت اكثر من 40 الف نسمة نحو جبل نقم على بعد كيلو متر من صنعاء .. حيث كان يقضي الائمة ايام الاعياد .
وهناك انعقد مؤتمر شعبي ضخم استمر خمس ساعات .. أعلن فيها الشعب فرحته بنجاح المؤتمر وتأييده لخطوات قيادته الثورية .. مجددا العزم على خوض معركة البناء والتعمير .
ويتقدم الرئيس السلال المسيرة الشعبية مع القائد العام للقوات العربية .. ويرقص الجميع مع الشعب على غناء الزامل ..
ويومها قال لي يحيى بهران الامين العام المؤقت للاتحاد ان اعضاء الامانة واللجنة التأسيسية .. سوف يقومون بجولات واسعة خلال شهر مارس القادم في أنحاء اليمن ، لمتابعة تنفيذ قرارات المؤتمر .. والتمهيد لتشكيل لجان الاتحاد في كافة المناطق والنواحي والقرى اليمنية .. وتلك كانت الخطوة الأولى في المسيرة الطويلة والمضنية على صعيد تأسيس الكيان السياسي لليمن ولملمة شتات وحدته الوطنية .. وخلق منابر الرأي والتنوير .
حق الحريم
لم تكن زياراتي لليمن قاصرة على متابعة التطورات السياسية والمعارك العسكرية فحسب ، كانت هناك فرص وسويعات سانحة للبهجة والحبور والمعرفة والاحتكاك بالواقع الاجتماعي والثقافي والوجداني !
وكان الامام احمد حميد الدين لا يطيق الاقامة طويلا في صنعاء ، خاصة بعدما أظهرت عداءها لوالده الامام يحيى عبر دعمها ومناصرتها لثورة الاحرار عام 1948 التي بدأت عهدها باغتياله ، ولذلك كان يفضل الاقامة معظم الوقت في تعز وسط سكانها المسالمين الذين يحترفون الزراعة والتجارة ، وبينهم العلماء والمثقفون . .كان قصره في تعز يفوق قصره في صنعاء من حيث توافر اسباب الراحة والاستمتاع تارة بمداعبة ما لديه من الاسود ، وتارة وهو يرقب الجواري العرايا وهن يتلاعبن في حمام السباحة الملحق بالقصر عبر مجلسه في “الشزروان” !
اذكر عندما قدر لي زيارة قصر الامام احمد في تعز لاول مرة ان الحارس طاف بنا جنباته حتى توقف متردداً في خجل أمام غرفة مغلقة ، فلما ألححنا عليه السؤال عن سر إغلاقها ، قال : هذه الغرفة – بصراحة – حق الحريم ، ومن ثم أعدنا عليه الالحاح كي نشاهد محتوياتها حتى وافق مضطراً ومشكوراً !
أكداس من المجلات والبومات الصور الجنسية ، وعدد من آلات العرض السينمائي وإلى جوارها علب كبيرة من المعدن بداخلها عشرات الافلام الجنسية .. ولعب اطفال ابرزها قطارات تدار “بالزمبلك” وتجري على قضبان دائرية قال الحارس إن الامام احمد كان يهوى ومعه حريمه الفرجة على تلك القطارات !
في ركن يمين الغرفة كانت منضدة طويلة مفروشة بعشرات الزجاجات التي تحتوي على سوائل ملونة وعلب أدوية عليها عبارات بالانجليزية اذكر منها “جفرين” وتستسترون” وانواع من الفيتامينات ، لكن ما لفت نظري وجود “هون” من النحاس وخلاط كهربائي ، فلما سألت عنهما .. قال الحارس ان الامام احمد كان يستخدمهما بنفسه في طحن الاعشاب والادوية المنشطة للجنس خشية ان يضع له احد السم ، ثم اشار الى وعاء بلوري كبير ممتليء بمادة داكنة لزجة .. وقال : هنا كان الامام يضع خلطة حق الحريم ، واضاف انها تساوي وزنها ذهبا .
ولا أذيع سراً انني افرغت علبة سجائر كانت معي ، وملاءتها من الوعاء ، لكنني امسك عن اسماء الاصدقاء المصريين الذين وزعت عليهم خلطة الامام بعد عودتي للقاهرة ، وكانوا جميعاً من كبار السن ، وقد شهدوا بمفعولها في إنعاش فحولتهم الرجولية .
على انني مع توالي زياراتي لليمن ، كنت حريصا على الغرف قدر الامكان من وعاء “حق الحريم” في قصر الامام في تعز ، وأظن ان غيري قد انتبه لفاعلية محتوه ، ولذلك كنت الاحظ ان مادته اللزجة تهبط رويدا رويدا الى القاع ، لكني في إحدى المرات وجدت الوعاء البلوري وقد امتلأ بالكامل .. ولم اكد اهم بسؤال الحارس عن السبب حتى بادرني ضاحكا : لان المسئولين عن جرد محتويات القصر اتهموني بتبديد محتويات وعاء حق الحريم ، فلم يكن بوسعي سوى تعبئته بالعسل الأسود وطحين الذرة !
مستشفى العلاج بالاعشاب
كنت قد توجهت الى محافظة “إب” لزيارة محافظها الصديق يحيى المتوكل يرحمه الله، وفوجئت انه في مهمة عاجلة تتعلق بالمصالحة بين قبيلتين لفض ما بينهما من خلاف ، حيث وجدت في انتظاري العقيد الجورباني مدير امن المحافظة !
طاف بنا الجورباني مشكوراً بين مروج اب الخضراء وهو يقود بنفسه سيارته الرسمية طراز “لاندروفر” ، ولاحظت خلال جولتنا انه كثيرا ما يتوقف ، ثم يخرج من السيارة لالتقاط النباتات العشوائية سواء كانت خضراء أو جافة !
سألته عن السبب وقال لأنني أبا عن جد وحتى أولادي “عشابين” ، وهذه الاعشاب التي جمعتها سوف تتحول الى ادوية لعلاج بعض الامراض ، وحين استضافنا في منزله على الغداء ، اطلعني على غرفة بها اكياس من الاعشاب وخلاط كهربائي ، وكم هائل من الزجاجات الكبيرة والصغيرة وعلب بلاستيك ، بعضها ممتلئ بالمراهم والسوائل الملونة ، وحين لاحظ دهشتي وفضولي قال ان الله سبحانه وتعالى جعل لكل داء دواء ، حتى الامراض المستعصية مثل السرطان والروماتويد والصدفية لدينا دواؤها الناجع .
وقال الجورباني : عرضت على الدكتور عبد العزيز المقالح مدير جامعة صنعاء وقتئذ انشاء مستشفى جامعي لعلاج مختلف الامراض بالاعشاب ووعدني بدراسة الموضوع مع العلماء والاطباء ذوي الاختصاص ، ثم قال ان لدينا في جزيرة سوقطرة اليمنية كنوز نادرة من الاعشاب .
عندئذ طاف في مخيلتي اقاربي واصدقائي المرضى وانواع امراضهم وسألته ان كان لديه علاج لها من الاعشاب .. ونهض الرجل يعبئ الزجاجات والعلب البلاستيك بالدواء المطلوب .. ثم راح يكتب عليها تعليمات استخدام الدواء ، وعدت من إب الى صنعاء وحتى القاهرة وانا احمل معي الحقيبة التي تحتوي هدية الجورباني .. ووزعت على كل مريض دواءه .. وبعدها بفترات متباينة وصلني من منهم ما يفيد الشفاء او تحسن ما في حالتهم الصحية !
في سوقطرة قتل قابيل هابيل
لم يتح لي حتى الان زيارة جزيرة سوقطرة او سقطرى الاسطورية ، اذ كانوا يطلقون عليها في الزمن القديم ارض الاله او ارض السعادة او الارض المقدسة ، وهي مخزن بيئي بحري ونباتي وحيواني فريد من نوعه ، وهي تتسع بمساحة 3800 كليو متر مربع وتقع شرق خليج عدن ، وتعتبر من اهم المحميات الطبيعية المدارية في العالم .
تحتضن سوقطرة ثروة هائلة من 300 نوع فريد من الاشجار والنباتات التي لا نظير لها في العالم ، ولا تنمو سوى في هذه الجزيرة ، ولعل اهمها شجرة “دم الاخوين” التي نسج حولها الكثير من الاساطير من انها نبتت وتغذت من دم الاخوين هابيل وقابيل اثر اول جريمة في التاريخ ، وهذه الشجرة تنمو على سفوح الجبال ويتراوح طولها بين ستة وتسعة أمتار وترتفع ثم تنتشر كمظلة ، ويستخرج منها الاهالي مادة لزجة حمراء وتستخدم في الصناعات الدوائية .. ثم هناك ايضا اشجار “المر “ و”الصبر” السوقطري ، وكذا العند والشوع والايفورين والكومبيورا والعفص وكلها ذات فائدة طبيعية وتستخدم في العلاج الشعبي باليمن بالتوازي مع نباتات البابايا والشمر والعثرب والقرض والزعتر والطلح وفائدتها مجربة في علاج القولون والتهابات اللثة والسيلان والسرطان والجزام . .ولسقطرة شهرة تاريخية في انتاج مواد التحنيط وطقوس العبادات القديمة والكثيرة من الصناعات مثل اللبان والبخور والحناء ، ويؤكد الباحث اليمني الدكتور محمد الكامل أن سوقطرة عرفت منذ زمن بعيد ما هو اقوى من “الفياجرا” في علاج الضعف الجنسي ، وهو الجرجير السوقطري الجبلي ، اضافة الى فائدته المحققة في تنشيط الدورة الدموية وزيادة الحيوية لدى جميع الاعمار من الجنسين .
الى ذلك فإن سوقطره تختص بأنواع نادرة من الطيور الجميلة والماعز الضئيلة الجسم والقط الزبادي وهو اكبر حجماً من القط العادي ويستخرج منه الاهالي عبر اسلوب معين للضغط على جسمه للحصول على افرازاته من العطور ذات الروائح النفاذة وهو من اشهر المنتجات التي تصدرها الجزيرة !
خلطة العريس
اذكر بالمناسبة ان بعض العسكريين والمدنيين الذين قدر لهم المشاركة في دعم الثورة اليمنية ، كثيرا ما يلحون على حتى الان ان اجلب لهم خلال زياراتي لصنعاء او حضرموت وصفة علاجية معروفة في محلات العطارة باسم “خلطة العريس” ، ويشيدون بمفعولها الاكيد في شحن وتحفيز الفحولة ، كما وانها مفيدة للغاية للنساء في الشهور الاولى من الحمل !
على ان “خلطة العريس” كانت ولا تزال لها مشكلاتها الاجتماعية الحادة ، اذ كثيراً ما يتقدم ولي الامر الى المحكمة يطلب الحكم بخلع ابنته من زوجها بسبب طاقته الجنسية العارمة الناتجة عن تعاطي “خلطة العريس” ، خاصة في الشهور الاولى للحمل ، واقرب مثال على ذلك 15 حالة خلاف عائلي حول هذه المشكلة معروضة على نياية مدينة الحديدة عند كتابة هذه السطور ، حيث تشكو الزوجات من اصابة ازواجهن بيهستريا جنسية غير طبيعية ولا مألوفة اضافة الى عدم الاتزان النفسي ، مما ادي الى نفور الزوجات !
ويعود السبب في هذه الظاهرة الجديدة على المجتمع اليمني ، الى تطوير العشابون بخلطة العريس على نحو تصاعد تداعياتها الجنسية اكثر مما كان معتادا من قبل ، وبينها كان تعاطيها وقفا على العريس لشد ازره ليلة الدخلة ، اصبحت الان مشاعا بعد اضفاء مسحة روحية على تصنيعها بدعوى اجازتها عبر أدعية المطاوعة ، خاصة مع ارتفاع ثمن حبات الفياجرا الزرقاء المستوردة من الخارج والتي يقبل عليها الاثرياء والقادرين فحسب !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.