الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاهيم حقوق الإنسان ودورها في التنمية
نشر في الجمهورية يوم 13 - 08 - 2008

«لقد ساهمت عوامل تاريخية عديدة في بلورة مفاهيم حقوق الإنسان، منها مايعود إلى الفلاسفة والمفكرين، ومنها مايعود إلى نتاج بعض الثورات ومنها مايعود إلى الفكر الديني، وكل ذلك أتى في سياق ضرورة تاريخية لانبثاق مفاهيم تمثل خلاصة تجربة إنسانية».
وجاءت مقاصد الشرائع السماوية في حفظ تلك الحقوق، وهو مايعني أن الأديان السماوية كانت السباقة في التشريع لحقوق الإنسان وحرياته، دون تمييز بين البشر أفراداً أو جماعات فمنظومة الحقوق عالمية.
كان صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 01 ديسمبر 8491م على أثر عدد من المحاولات المتعثرة التي ظهرت في الوثائق الدولية المختلفة في فترة مابين الحربين - بمثابة وثيقة تعليمية تنويرية - وإن كانت غير ملزمة قانوناً - تحدد الحقوق والحريات الأساسية للإنسان بحيث تستكمل النقص الوارد بالميثاق في هذا الصدد، وبالرغم من أن الإعلان لايعتبر مكملاً للميثاق بالمعنى الذي يخلع عليه قوة الميثاق نفسه كمعاهدة تحمل صفة الإلزام القانوني إلا أن صدوره كتوصية من الجمعية العامة للأمم المتحدة جعل لها تأثيراً وصدى سياسياً وأدبياً عالمياً، وأكد أهميتها في ميدان حقوق الإنسان من حيث تفصيلها وتحديدها ماهية هذه الحقوق..من جهة أخرى هناك اختلاف وتباين في الآراء من حيث ترتيب الأولويات بين الحريات السياسية من جهة والحقوق الاقتصادية من جهة أخرى.. حيث يرى البعض ضرورة إرجاء ممارسة بعض حقوق الإنسان السياسية حتى يتم تحريره من الجوع والخوف والمرض بينما يرى البعض الآخر وجوب أن تتزامن الحقوق السياسية للإنسان مع حقوقه الأخرى، لأنها هي التي ستمكنه من القضاء على ظروف التخلف وتجاوزها..ولهذا يجب الاعتراف بها وحمايتها مع جواز تقييدها في حالة الضرورة القصوى على نحو معقول ولأسباب مشروعة وغير تعسفية.
مفهوم حقوق الإنسان
ويعرف المهتمون حقوق الإنسان بأنها مجموعة الحقوق التي يتمتع بها الإنسان بوصفه إنسانا، ونصت المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في العاشر من ديسمبر 8491م «يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم البعض بروح الإخاء»، ولم تعد هذه الحقوق مقصورة اليوم على منظومة القيم الأخلاقية، بل امتدت لتشكل التزاماً قانونياً، سواء كانت وطنية أم إقليمية أم دولية. كما أن حقوق الإنسان تعد منظومة مترابطة ومتكاملة من الحقوق تتسم ببعدها العالمي. وتتسم بعد قابليتها للتجزئة أو الانتقاص سواء كانت تلك الحقوق سياسية أم مدنية أم اقتصادية أو اجتماعية أم ثقافية أو فكرية.
حقوق الإنسان والتنمية
مفهوم التنمية :برز مفهوم التنمية بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية، في البداية استعمل كمصطلح اقتصادي.
تطور مفهوم التنمية بعد ذلك ليصبح مفهوما شموليا يشمل جميع مناحي الحياة، فالتنمية المعاصرة والحقيقية هي التنمية الشاملة أو الشمولية، فالتنمية هي عملية تحرر إنساني تشمل تحرير الفرد من الفقر والقهر والاستغلال وتقييد الحرية.
ويستخدم مصطلح التنمية الحديث ليشير إلى عمليات التغيير الإيجابي في المجتمع، ويستند إلى خطط وبرامج علمية معدة ومدروسة للوصول إلى الأهداف المرجوة.. وطبيعة عملية التنمية.
ولتبيين الترابط بين مفاهيم حقوق الإنسان والتنمية وسوف نتناولها من مفاهيم فئات الحقوق أو مايعرف بالأجيال الثلاثة لحقوق الإنسان كمايلي :
1- مفهوم الحقوق المدنية والسياسية :
وتسمى الجيل الأول من الحقوق، وهي مرتبطة بالحقوق والحريات، كالحق في الحياة، وحرية التعبير والحق في الأمن، والمشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير، وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها وغيرها من الحقوق.. وعليه فان الجيل الأول للحقوق المدنية والسياسية يراد بها مجموعة الحقوق السياسية والمدنية التي هي حقوق في مجموعها تتحقق بمجرد الامتناع عن الاعتداء عليها.
2- مفهوم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
وتسمى الجيل الثاني من الحقوق، وتشمل الحق في العمل والتعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، والحق في المسكن والملبس، والحق في الغذاء، وغيرها من الحقوق. إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تتطلب تدخلا إيجابيا وفاعلا من قبل الدولة، فإذا كانت الحقوق المدنية والسياسية غالبا لتحقيقها لاتحتاج سوى امتناع الدولة عن القيام بفعل ما، للوفاء... ،بينما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مثل التعليم، يحتاج إلى جهود حثيثة وتضافر للموارد وتدخلا من قبل الدولة. وعلى الرغم من ذلك، فإن إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يعني بدوره هناك التزاما فوريا، وهو الشروع الفوري في اتخاذ الإجراءات الملائمة التشريعية والتنفيذية وتجنيد الموارد المتوفرة بغض النظر عن كمها للوفاء بتلك الحقوق.
3- مفهوم الحقوق الجماعية
وتسمى الجيل الثالث من الحقوق ويعني بالحق في التنمية الثقافية والسياسية والاقتصادية..وهذا الجيل يطلق عليه الحقوق الجماعية كالحق في التنمية والحق في بيئة نظيفة والحق في السلام العالمي.
ونلاحظ مماسبق أن حقوق وحريات الجيل الأول اقترنت بالفرد، بينما اهتمت حقوق وحريات الجيل الثاني بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية..أما حقوق وحريات الجيل الثالث فقد اقترنت بالدور التضامني على المستوى الأممي وهذه الحقوق يرتبط بعضها بالفرد بينما يرتبط البعض الآخر بالجماعة..وهو مايعني أن الجيل الثالث من حقوق الإنسان يمثل الحق في التنمية.
وأصبح مفهوم حقوق الإنسان معياراً لمستوى تقدم أوتأخر المجتمعات، لاسيما بعد أن أصبحت التنمية في عمقها سبيلاً إلى تحقيق حقوق الإنسان..ونلاحظ من ذلك التطور التدريجي لحقوق الإنسان أن تطورت مفاهيم تلك الحقوق والحريات، التي ارتبطت بالمساواة السياسية، وبالعدالة الاجتماعية، وهو تطور ارتبطت بالمصلحة العامة للناس ولم تعد مقصورة على الفرد..ومن هنا فإن «التنمية هي نتيجة وسبب في التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان، تعني في نهاية الأمر احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتعزيز مبدأ سيادة القانون وإشراك المواطنين في إدارة شئونهم وفي الحياة السياسية.
وقد اختلفت الرؤى حول علاقة التنمية بحقوق الإنسان طوال العقود الماضية، وخاصة في ظل الحرب الباردة بسبب التنافس بين إعطاء الأولوية للحقوق السياسية أو الحقوق الاقتصادية في الخطاب العام للدول، والمهم هنا هو معرفة حقيقة العلاقة بين حقوق الإنسان والتنمية ورؤية المجتمع الدولي والأمم المتحدة لهذه العلاقة، وكذلك الرؤية العربية للعلاقة بين التنمية وحقوق الإنسان، والبون الشاسع بين الرؤى النظرية والتطبيق الفعلي في هذا المجال».
وقد وردت هذه العلاقة في مواثيق الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسة، وإعلان الحق في التنمية، فحقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة، فهي مترابطة، فمثلاً العوز والخوف مرتبط بالتحرر وبحرية التعبير والمعتقد، والتنمية تمكن الإنسان من ممارسة حقوقه.
واستهدفت المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان أن تكفل برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية للفرد التمتع بحقوقه، وتم وضع آليات دولية من قبل الأمم المتحدة يلزم الدول الأطراف بتقديم تقارير دورية عن ذلك للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان.
وقد عرف الإعلان العالمي للحق في التنمية «6891» التنمية بأنها :
«مسار اقتصادي واجتماعي وثقافي وسياسي شامل يهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية كل السكان وكل الأفراد بالاعتماد على مشاركتهم الفاعلة والحرة والتقاسم العادل للخيرات الناتجة عن تلك المشاركة»..وأن «التنمية حق يتمثل في تحقيق المساواة في الفرص للتمكن من الموارد الأساسية، من تعليم وصحة وتغذية ومسكن وعمل، وكذلك التقاسم المنصف العادل للمداخيل، ويحتم اتخاذ التدابير اللازمة لتمكين الناس والنساء على وجه الخصوص من المشاركة الفعلية باعتبار المشاركة عنصرا هاما في التنمية وفي تحقيق كامل حقوق الإنسان».
وقد أشار السيد/ إبراهيم غرايبة، في عرضه لكتاب التنمية حرية للمؤلف : أمارتيا صن، أن المؤلف أكد «أن التنمية يمكن النظر إليها باعتبارها عملية توسع في الحريات الحقيقية التي يتمتع بها الناس، فالتنمية في حقيقتها هي إزالة مصادر افتقاد الحرية كالفقر، والاستبداد وشح الفرص الاقتصادية، والحرمان الاجتماعي والغلو والتطرف، وإهمال المرافق العامة»..ويلاحظ أن نقص الحريات مقترن مباشرة بالفقر الاقتصادي الذي يسلب الناس حقهم في الحرية والحصول على حاجاتهم الأساسية، وفي أحيان أخرى يكون افتقاد الحريات مقترنا بضعف المرافق العامة والرعاية الاجتماعية، مثل برامج مكافحة الأوبئة أو الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية».
مفهوم المشاركة
إن ضمان المشاركة بطريقة ديمقراطية وتساوي الفرص وتحقيق الاحتياجات الأساسية للإنسان تشكل جوهر الحق في التنمية وتوفر تلك الشروط الأساسية لاحترام حقوق الإنسان وتمكين الأفراد من الانخراط في دائرة الفعل السياسي والاجتماعي.. كما أن احترام حقوق وحريات الإنسان الأساسية هدف أساسي له.
ويعتبر مفهوم المشاركة من أكثر المفاهيم المرتبطة بالحق في التنمية أهمية، فهو الوسيلة الأساسية التي يمكن من خلالها حشد كل طاقات المجتمع ومصادره بشرية كانت أم طبيعية ومكافحة عدم المساواة والتمييز والفقر وأشكال التهميش الأخرى لفئات تعاني من الحرمان في المجتمع كالمرأة والأقليات.. إلخ..وحتى تكون المشاركة ذات تأثير فعال يجب أن لا تقتصر على اتخاذ خطوات حتى لو كانت هامة وجوهرية بهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وإشراك الأفراد والجماعات للوصول إلى ذلك الهدف، بل يجب أن تكون تلك المشاركة ديمقراطية في صياغتها وفي نتائجها.
إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ولاسيما الحق في التنمية، تقتضي عملا أكثر جدية وتأصيلا أكثر عمقا في عمل وتفكير المنظمات العربية، إن الحق في التنمية وباقي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لم تعد أبدا عملا خيريا أو منحاً تقدم للمواطنين، بل إنها حقوق إنسان أساسية تستوجب النضال الفاعل والمؤثر لضمان الحماية القانونية لها ولاحترامها وتعزيزها في المجتمع..إن المجتمع يجب أن يوفر الحماية والدعم الخاص للفئات الأكثر حرمانا في المجتمع ليتسنى لهم ممارسة حقوقهم المختلفة وحرياتهم الأساسية دونما تمييز..إضافة إلى ذلك، يجب أن توفر الحماية القانونية للحق في التنمية وتحديدا مشاركة المواطنين بطريقة ديمقراطية والوفاء بالمتطلبات والاحتياجات الأساسية للمواطنين كالصحة والسكن والطعام والتعليم.
وخلاصة القول، إن الربط بين التنمية وحقوق الإنسان هو أمر ضروري، لأن التنمية التي تتم في الغالب بدون احترام حقوق الإنسان هي تنمية منقوصة.
ومن مقتضيات الحق في التنمية : عدم قابلية الحقوق للتجزئة، الحق في التنمية كحق للإنسان وكحق للشعوب، والانسان هو الموضوع الرئيسي للتنمية، ومن واجب الدول وضع سياسات تنموية وطنية ملائمة.
حماية الحريات وحقوق الإنسان في ظل الوحدة اليمنية
لقد تبلورت حماية الحريات وحقوق الإنسان في اليمن في ظل الوحدة اليمنية في عدة نقاط أطرحها ليس على سبيل الحصر ولكن وعلى سبيل المثال :
- منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 0991م، جرت في الجمهورية اليمنية ثلاث دورات انتخابية للبرلمان في الأعوام : «3991م، 7991م، 3002م». وفقاً للدستور وقانون الانتخابات العامة والاستفتاء، كما انعقد مؤتمر الديمقراطيات الناشئة صيف عام 9991م بمدينة صنعاء العاصمة، وفي 4002م انعقد مؤتمر الديمقراطية وحقوق الإنسان ودور محكمة الجنايات الدولية بالإضافة إلى العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية التي استضافتها اليمن، كاعتراف دولي بدور اليمن في توطيد المسار الديمقراطي..بالإضافة إلى ذلك تم إجراء الانتخابات الرئاسية المباشرة من الشعب لاختيار رئيس الجمهورية لأول مرة في 32 سبتمبر 9991م، في ظل أجواء ومناخات تنافسية وديمقراطية بشهادة العديد من المراقبين الدوليين..كما عززت التجربة الانتخابية للمجالس المحلية التي شهدتها بلادنا مطلع العام 1002م من قاعدة المشاركة الشعبية وتفعيل دور المجتمعات المحلية في المشاركة في رسم السياسات والخطط والبرامج التنموية والمساهمة في تنفيذها..- صدرت العديد من التشريعات والقوانين الجديدة، وتم تعديل الكثير من التشريعات التي كانت قائمة آنذاك وهو ماعزز من قيم المنظومة التشريعية لحقوق الإنسان، التي راعى فيها المشرع اليمني جوهر المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها بلادنا والتي بلغت أكثر من «75» اتفاقية دولية، وقد كفلت تلك التشريعات للمواطن كافة حقوقه المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقه في تكوين المنظمات والاجتماعية والثقافية، وحقه في تكوين المنظمات والأحزاب وغيرها من الحقوق الأساسية، كما أن مبدأ المساواة بين الجنسين يعتبر في التشريعات اليمنية من أهم ضمانات حقوق الإنسان.
- توجد في الساحة اليمنية اليوم أحزاب تعمل وفقاً للقانون ومنظمات مهنية وجمعيات أهلية ونقابات واتحادات ومايزيد على «051» مطبوعة صحفية تضم الجرائد اليومية والأسبوعية والشهرية، وتعمل في اليمن ثمانية مراكز للأبحاث التربوية والثقافية والاجتماعية وخمسة مراكز لأبحاث السياسة المستقبلية، وتنشط العديد من الجمعيات كحماية المستهلك وحماية البيئة والعديد من الجمعيات العاملة في مجال الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة.
- في الجمهورية اليمنية عدة لجان ومنظمات حكومية وغير حكومية تعمل في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان - وقد تجاوز عدد منظمات المجتمع المدني حتى نهاية 4002م «0005» منظمة - وتتنوع مهاما بين تقديم المشورة لاتخاذ القرارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والقيام بأعمال ميدانية تتعلق بالتوعية ونشر ثقافة حقوق الإنسان وأهمية تعزيزها وحمايتها، وذلك بغرض تجذير مفهوم ثقافة حقوق الإنسان كمفهوم أساسي في مسيرة تنمية هذه الحقوق والحفاظ عليها وترسيخها في وعي الأوساط الشعبية وعقول الأجيال الشابة والجديدة.
اتجاهات تعزيز الحق في التنمية
في ظل التطور الحاصل في مجالات حقوق الإنسان في اليمن هناك جهود تبذل على المستوى الرسمي «الحكومي» والشعبي في العديد من الاتجاهات مثل :
-دعم وتشجيع المخططين على إعتماد سياسيات تهدف إلى حماية الفئات المحرومة والمهمشة من الفقر.
- تشجيع المبادرات التي في النهوض بالمستوى المعيشي لتلك الفئات.
- مساندة التوجهات التي تهدف إلى اتخاذ تدابير تشريعية خاصة تتيح لذوي الإحتياجات الخاصة الحصول على مختلف الخدمات الأساسية والتمتع بكافة الحقوق.
- تشجيع منظمات المجتمع المدني للعمل في إطار تلك الفئات المهمشة.
- تشجيع مشاركة ذوي الإحتياجات الخاصة من خلال مشاريع القروض الميسرة.
-دعم التدابير التشريعية والقانونية التي تعزز من دور القطاع الخاص في المشاركة في عملية التنمية.
- تعزيز مجالات الشراكة مع المنظمات الدولية من خلال تبني وتشجيع دعم مشاريع إستراتيجية في مختلف المجالات.
- استكمال إصدار القوانين والتشريعات التي تكفل تمتع المواطنين بحقوقهم وتدعم حرياتهم العامة وتقديم التسهيلات الكفيلة بتمكينهم من التمتع بهذه الحقوق وممارسة الحريات والحصول على الاحتياجات الأساسية التي تترتب على حق المواطنة من خلال :
- تنمية الوعي السياسي وتقاليد الممارسة السياسية.
- دعم وتشجيع غرس المفاهيم الديمقراطية في برامج واستراتيجيات النشء والشباب.
- تشجيع إدماج المفاهيم والقيم الديمقراطية في المناهج والمقررات الدراسية.
قائمة المراجع
- حقوق الإنسان في الإسلام - فادي كحلوس
- إعلان الحق في التنمية.
- اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 14/821 المؤرخ في 4 كانونو الأول/ ديسمبر 6891.
- نحو رؤية جديدة لحقوق الإنسان تتجه إلى شيء من الإلزام - مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
- «الحق في التنمية : المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان».
- حماية الحريات والحقوق الإنسان في ظل الوحدة اليمنية -
د. خديجة الهيصمي.
- مغاوري شلبي - التنمية وحقوق الإنسان.. مأزق الفكر والتطبيق !!
- هيثم مناع، الإمعان في حقوق الإنسان.
- مفهوم التنمية د. أحمد الطلحي - جريدة المحجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.