جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انهيار سريع وجديد للريال اليمني أمام العملات الأجنبية (أسعار الصرف الآن)    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    وفي هوازن قوم غير أن بهم**داء اليماني اذا لم يغدروا خانوا    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    كاس خادم الحرمين الشريفين: النصر يهزم الخليج بثلاثية    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    الانتقالي يتراجع عن الانقلاب على الشرعية في عدن.. ويكشف عن قرار لعيدروس الزبيدي    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    مقتل واصابة 30 في حادث سير مروع بمحافظة عمران    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يحسم معركة الذهاب    غارسيا يتحدث عن مستقبله    خبراء بحريون يحذرون: هذا ما سيحدث بعد وصول هجمات الحوثيين إلى المحيط الهندي    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    احتجاجات "كهربائية" تُشعل نار الغضب في خورمكسر عدن: أهالي الحي يقطعون الطريق أمام المطار    العليمي: رجل المرحلة الاستثنائية .. حنكة سياسية وأمنية تُعوّل عليها لاستعادة الدولة    الكشف عن قضية الصحفي صالح الحنشي عقب تعرضه للمضايقات    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    الرئيس الزُبيدي يعزي رئيس الإمارات بوفاة عمه    رئاسة الانتقالي تستعرض مستجدات الأوضاع المتصلة بالعملية السياسية والتصعيد المتواصل من قبل مليشيا الحوثي    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    مأرب ..ورشة عمل ل 20 شخصية من المؤثرين والفاعلين في ملف الطرقات المغلقة    عن حركة التاريخ وعمر الحضارات    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    بعد شهر من اختطافه.. مليشيا الحوثي تصفي مواطن وترمي جثته للشارع بالحديدة    رئيس الوزراء يؤكد الحرص على حل مشاكل العمال وإنصافهم وتخفيف معاناتهم    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    برفقة حفيد أسطورة الملاكمة "محمد علي كلاي".. "لورين ماك" يعتنق الإسلام ويؤدي مناسك العمرة ويطلق دوري الرابطة في السعودية    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    نجل الزنداني يوجه رسالة شكر لهؤلاء عقب أيام من وفاة والده    بعشرة لاعبين...الهلال يتأهل إلى نهائى كأس خادم الحرمين بفوز صعب على الاتحاد    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين الجامعات الحكومية والأهلية من التقييم العالمي
نشر في الجمهورية يوم 24 - 08 - 2008

في أثناء تصفحي للمواقع الإخبارية على الشبكة العنكبوتية، وخلال تصفحي لموقع صحيفة الشرق القطرية لفت انتباهي خبر نشرته صحيفة الشرق القطرية حول التقييم العالمي للجامعات العالمية ومنها الجامعات العربية، فقرأت الفقرة الإخبارية، ثم شدني فضول الاطلاع أكثر فذهبت إلى الموقع الالكتروني الخاص بالمركز صاحب الدراسة، وكم أسفت أن بلادنا لم يكن لها نصيب من التصنيف العالمي سوى تصيف واحد لجامعة أهلية هي جامعة العلوم والتكنولوجيا.
فأخذت أعدد حسرات نفسي وغيري على ما وصلت إليه جامعاتنا وتحولها إلى أشبه ما يكون بهناجر ودكاكين، فيما العالم من حولنا يتنافس في بناء الجامعات ذوات المستوى العالمي والتخصصي، والتي تخرج العلماء والباحثين والقادة، ونحن نخرج الكتبة وأشباه المتعلمين، فيما دولة مثل الصومال تعيش حالة فلاتان أمنياً وانهياراً حكومياً حصلت على تصنيفين لجامعاتها من ضمن العشرة الآلف جامعة على مستوى العالم.
فللتعليم الجامعي دور متميز في أي مجتمع، فهو مخزونه من الكوادر البشرية والعلمية والبحثية، وهو مرجع الدول، وعلى ذلك تعتبر الجامعات وأداؤها أحد أهم المقاييس الهامة لمدى تطور الشعوب، ومدى طموح طلاب جامعاتها في المستقبل هو أحد أهم المؤشرات الهامة، على أن المجتمع العلمي يسعى نحو التقدم والتغيير نحو الأفضل، وعلى مدى حيوية هذا المجتمع من ذاك، ولذلك تخضع الجامعات للتقييم السنوي أو الدوري وفق معايير وأسس محددة ومعروفة أكاديمياً، كما يخضع الدكتور والمدرس والفني والإداري للتقييم السنوي، والدكتور يخضع للتقييم من قبل طلابه وكليته، وكذلك البحوث العلمية وحتى الكتاب الجامعي وطرق التدريس، بل حتى الناحية النفسية للمدرسين والطلاب تخضع للتقييم والمعالجة ليتسنى للجامعة القيام بدورها الريادي في التنمية البشرية والمعرفية والعلمية على حد سواء... أما في بلادنا لا الدكتور يخضع للتقييم، ولا المخرجات تخضع للتقييم، وكلها على بركة الله.
وبالطبع فإن من فوائد التقييم الجامعي معرفة الانحراف السلبي ومعالجته، فإذا كانت الدول المتقدمة ومراكز الأبحاث العالمية تخضع كل الجامعات العالمية للتقييم السنوي أو الدوري، فما بالنا لا نخضع جامعاتنا ومدرسيها وأبحاثها ومخرجاتها للتقييم..!
وهاهو مركز CSIC للأبحاث - وهو هيئة عالمية في أوروبا - يتخذ من دولة أسبانيا مقراً له، وهو متخصص بتقويم الجامعات العالمية لتحديد المائة الأولى من الجامعات العالمية في كل قارة ومنطقة، وتحديد أكثر من 10000 جامعة عالمية ذات أهمية على مستوى العالم، وقد قام بنشر تقييمه للجامعات العالمية للعام الجامعي 2008م لأفضل عشر آلاف جامعة معتمداً على عدة معايير علمية ودولية، منها:
1 - إنتاج البحث العلمي في مختلف المجالات العلمية.
2 - نوعية متخرجي الجامعات ومستوياتهم العلمية.
3 - التسهيلات التي تقدمها الجامعات في مجالات عملها.
4 - المساهمات التي تقدمها الجامعات للمعارف الحديثة.
5 - مدى استخدامها العلوم والتكنولوجيا.
6 - حضور الجامعات على شبكة المعلومات الدولية وقدرتها على استخدام المعلومات والتكنولوجيا.
7 - تعطي هذه الدراسة اعتباراً قوياً للمعلومات المنشورة عن الجامعة على الإنترنت أياً كانت الجهة الناشرة، كما تشمل الدراسة عدد زوار الموقع.
8 - أداء الجامعات، ووضوح رسالتها كمؤسسة على صفحتها الخاصة في الإنترنت.
وقد احتل معهد تكنولوجيا ماساتشوستش بأمريكا المركز الأول، والثانية جامعة ستافورد، والثالثة جامعة هارفرد، ثم كاليفورنيا ثم ميتشجان وجامعة ويستكونسن ماديسون، ثم جامعة ميناسوتا وجامعة ايلينوي، وفي المركز العاشر جامعة كورنيل.
أما على مستوى الشرق الأوسط فقد جاءت جامعة الملك فهد لدراسة البترول الأولى على مستوى الشرق الأوسط، وحصلت على المرتبة 637 على المستوى العالمي، ثم الجامعة الأمريكية ببيروت المركز الثاني على مستوى الشرق الأوسط والمرتبة 1382 على المستوى العالمي، والجامعة الأمريكية بالقاهرة حصلت على المركز الثالث على مستوى الدول العربية والمركز التاسع على المستوى الإفريقي والمرتبة 1691 على المستوى العالمي، أما بلادنا اليمن فقد حققت جامعة العلوم والتكنولوجيا المركز 42 على مستوى الشرق الأوسط والمركز 26 على المستوى العربي والمرتبة 4313 على المستوى العالمي... أما جامعاتنا الحكومية فلم تُذكر... تُرى أين الخلل، وما السبب؟!
فإذا كان تقرير عام 2007م خلق جواً من الاستياء العام لدى المواطن العربي ولدى المعنيين بالتعليم الجامعي والعالي في الوطن العربي، وإحباطاً شديداً لدى متخرجي الجامعات العربية وللطلبة الذين مازالوا على مقاعد الدراسة بشكل خاص، بل اتسع مداه ليشمل كل من اطلع على التقرير من أبناء المجتمع العربي، وتساءل المواطن العربي: لماذا لم تحقق أي من مؤسساتنا التعليمية التي تعتمد على كفاءة مخرجاتها لتحقيق التنمية الشاملة لم تحقق أي منها، على كثرة عددها، ما يؤهلها لأن تدخل سباق المنافسة للوصول إلى القمة؟! ونحن نتساءل: ما مدى جدية إصلاح التعليم لجامعي في بلادنا ومحاولة إخراجه مما أصابه من علاّت ومحاولة علاجه؟!
فلو نظرنا إلى الجدول سنلاحظ أن دولاً عربية تعاني من الحروب، ولكن جامعاتها حققت مراكز متقدمة ومنها الصومال، حيث حققت اثنتان من جامعاتها مراكز متقدمة، وإذا كان المال هو ما ينقصنا فها هي فلسطين المحتلة وتحت الحصار تحقق 8 جامعات منها مراكز عالمية متجاوزة أصحاب الثروات والاستقلال والإمكانات... وإذا نظرنا إلى الموارد البشرية لوجدنا دولة مثل الأردن اهتمت بالإنسان واستطاعت أن تحقق لنفسها رقماً كبيراً من خلال سبع جامعات... إذن أين الخلل في اليمن؟ ليست الإمكانات ولا الموارد البشرية وإنما تنقصنا الإرادة وحب العمل والتفاني فيه، فإذا كنت أحد متخرجي جامعاتنا الحكومية والأهلية على حد سواء، حيث كنا نعاني الأمرين من المدرسين غير الأكفاء وأصحاب الديكتاتوريات منهم في التعامل مع الطلاب وأصحاب الحشو والحفظ للمقررات، مع احترامنا الشديد لبعض الدكاترة الذين في الحقيقة يستحقون كل حبنا وتقديرنا على ما يبذلونه في ضوء ما يواجهونه من روتين وإهمال داخل أروقة الجامعات... ففي أثناء دراستنا في كلية التجارة جامعة صنعاء كنا نقعد لأحد الدكاترة فوق البلاط، فأي تعليم نرجو ونحن كذلك؟! بالإضافة إلى المكتبات التي مضى على محتوياتها عقود عديدة دون تجديد... وإهمال التشجير داخل الجامعات، وضعف عملية التواصل مع المدرسين، وإهمال للمعامل ومستلزماتها، أما المواقع الالكترونية فحدّث ولا حرج، كلمة الافتتاح وصورة رئيس الجامعة وأسماء الكليات، وكفى، وتمر عليه سنين دون تجديد، في حين أن موقع الجامعة المفترض أن يكون خلية نحل، فما يبحث عنه الطالب يجده مبتغاه في الموقع الالكتروني، وما يحتاج له من استفسار بالمنهج أو تواصل مع الدكتور يجده في المواقع الالكترونية... إذن ماذا ننتظر أن تنافس جامعاتنا جامعة هارفارد أم كولومبيا؟! إن مأساة التعليم الجامعي بكل مكوناته في بلادنا يحتاج إلى صحوة ضمير من الجميع، فالجامعات روح المجتمع ونبضه الحي، فإلى متى الإهمال والتردي في كلياتنا ومرافقها؟!
أما إذا نظرنا إلى تبريرات اتحاد الجامعات العربية عن المستوى المتردي لمعظم الجامعات العربية فلا أبلغ من رد الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية لصحيفة الرياض الدكتور صالح هاشم، حيث بيّن أن التصنيف المتضمن ترتيباً لأفضل (500) جامعة في العالم اشتمل على مغالطات وجهل بواقع وظروف التعليم الجامعي العربي، حيث إن مهمتها الرئيسة تأهيل الكوادر البشرية، وهي جامعات تعليمية في المقام الأول يشكل طلبة مرحلة البكالوريوس 90% من طلبتها و10 % هم من طلبة الدراسات العليا، بينما توصف جامعات العالم المتقدم بأنها جامعات بحثية يشكل طلبة الدراسات العليا نسبة 50 % من مجموع طلبتها، كما أن التعليم الجامعي والعالي في الوطن العربي يعتبر حديث العهد قياساً على ما تحقق في البلدان المتقدمة، إذ يعود بدء تأسيس الجامعات في الوطن العربي، باستثناء جامعات القاهرة والخرطوم والقرويين، إلى مطلع الستينيات من القرن الماضي ب(23) جامعة وإن عددها حالياً يبلغ حوالي (240) جامعة تقريباً، منها (173) عضواً في الاتحاد، تمثل جامعات القطاع الخاص 35 % منها، وإن هذه الجامعات تضم ما ينوف على أربعة ملايين طالب يدرسهم قرابة (140) ألف عضو هيئة تدريس، وإن نسبة 57 % من مجموع الطلبة العرب موجودون في ثماني دول عربية هي: اليمن، الصومال، السودان، موريتانيا، جيبوتي، مصر، والمغرب، ويتراوح معدل الإنفاق السنوي على الطالب فيها بين (550 - 1500) دولار، ويتواجد 32.5 % من الطلبة العرب في سبع دول عربية وهي: الأردن، العراق، فلسطين، الجزائر، ليبيا، تونس، ولبنان، ويتراوح معدل الإنفاق السنوي على الطلاب فيها بين (1750 - 3000) دولار تقريباً، بينما يتواجد الباقي في دول الخليج العربي، ويتراوح حجم الإنفاق السنوي على الطالب بين (7 - 15) ألف دولار تقريباً.
وتبلغ نسبة الطلبة العرب الملتحقين بالدراسات الإنسانية والاجتماعية والقانونية والإدارية حوالي 78 % من مجمل عدد الطلبة الملتحقين بالجامعات العربية، بينما تتراوح نسبة الطلبة الملتحقين بالدراسات العلمية والتكنولوجية بين (25 - 30%)، وهذا ينعكس سلباً على التطور التكنولوجي والعلمي، ويشير إلى أننا مستهلكون للتكنولوجيا لا منتجين لها.
وتتراوح معدلات النمو السكاني في البلدان العربية من نسبة منخفضة تبلغ 1.1 % في تونس إلى مرتفعة تصل إلى 4.1% في اليمن، ومتوسط يساوي 3.5 % حسب تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002، يبلغ عدد سكان الوطن العربي حسب إحصاءات عام 2000 حوالي 280 مليون نسمة.
ونظراً للتزايد السكاني المرتفع في العالم العربي، وما يصاحبه من إقبال متزايد أيضاً من متخرجي الدراسة الثانوية للالتحاق بالتعليم الجامعي فإن الدول العربية تشهد توسعاً كبيراً في إنشاء المؤسسات التعليمية بمستوياتها المختلفة لاستيعاب متخرجي المرحلة الثانوية.
أما من ناحية المعايير فكان رده:
1 - طبّق معاييره على جميع الجامعات بغض النظر عن الاختصاص، سواء كانت جامعات علوم طبيعية (علمية وتكنولوجية) أم علوماً إنسانية أم جامعات خدمات طبية أم دونها، وبغض النظر عن حجمها سواء أكانت جامعات كبيرة أم صغيرة وجامعات بحث علمي أم تعليم أكاديمي، وهذا ما يجعل تطبيق هذه المعايير غير ملائم بهذا القدر أو ذاك.
2 - إن التغيير السريع في ترتيب بعض الجامعات من سنة لأخرى كما هي الحال في جامعةDUKE البريطانية التي قفزت 11مرتبة في سنة واحدة، يثير تساؤلات حول درجة التعديل على المعايير المستخدمة في هذا الترتيب.
3 - لقد أهمل القائمون على إجراء الترتيب المدخلات المالية والبشرية التي اعتمدت كعنصر رئيس في تقييم الجامعات وترتيبها، إذ لا يمكن موازنتها السنوية 2.8 مليار دولار مع جامعة أخرى كجامعة واترلو في كندا التي تبلغ ميزانيتها 119 مليون دولار، علماً بأن كلفة التعليم العالي في أمريكا تقدر سنوياً بحوالي (173) مليار دولار، بينما لا تتجاوز (5) مليارات دولار في العالم العربي، مع تقارب نسبة عدد سكان أمريكا والعالم العربي التي تقدر بحوالي 280 مليون نسمة.
4 - لقد أعطى التقرير أهمية للبحث العلمي في اعتباره أحد أهم العناصر التي اعتمدها القائمون على إجراء الترتيب... وهنا لابد من التأكيد على ما يلي:
أ - إن الجامعات العربية - كما أسلفنا - هي حديثة العهد، مهمتها الرئيسة عند بدايات عملها تأهيل الكوادر البشرية لغايات بناء أو تأسيس الدول العربية وتوفير الكفاءات الكفيلة بتأدية مهامها، وهي جامعات تعليمية في المقام الأول يشكل طلبة مرحلة البكالوريوس 90 % من طلبتها و10 % من هم طلبة الدراسات العليا، بينما توصف جامعات العالم المتقدم بأنها جامعات بحثية يشكل طلبة الدراسات العليا نسبة 50 % من مجموع طلبتها.
ب - إن ما تنفقه الدول المتقدمة على البحث العلمي يعادل (15 - 25) ضعفاً مما تنفقه الدول العربية مجتمعة، إذ لا تزيد نسبة ما تخصصه الدول العربية لهذا الغرض عن 0.15 % من الناتج المحلي الإجمالي، ولا تزيد حصة الجامعات منه عن نسبة 30 %، بينما تنفق اليابان وحدها حوالي (150) ضعف ما ينفقه العالم العربي، بل إن جامعة بيركلي الأمريكية بفروعها التسعة تحصل مقابل خدماتها البحثية على ستة أضعاف ما ينفق على التعليم العالي في الوطن العربي، وذلك نظراً لأن الجامعات في العالم المتقدم - كما بيّنا - هي جامعات بحثية بالمقام الأول تخصص لها المؤسسات الصناعية والإنتاجية موازنات كبيرة لغايات البحث والتطوير، بينما تنتشر في الوطن العربي ظاهرة إنشاء المراكز البحثية التي يتجاوز عددها خمسمائة مركز بحثي.
ج - لقد خصص التقرير (20) نقطة للباحثين الحاصلين على جائزة نوبل في الجامعات، في حين لم يتمكن أي باحث في أي من الجامعات العربية الحصول على مثل هذه الجائزة... وهنا لابد من الإشارة إلى ما يلي:
د - إن معظم أبحاث علمائنا في جامعاتنا العربية - على قلتها - تنشر باللغة العربية في دورياتنا العلمية المحكمة التي يصل عددها إلى حوالي (450) دورية علمية، وهذا ما يشكل عائقاً أمام انتشارها في المحافل العلمية، وذلك بسبب ضعف الإمكانات المتاحة أمام هؤلاء العلماء ونشر أنتاجهم وحصوله على فرص المنافسة مع غيره من نتاج العلماء الآخرين.
ه - إن معظم ما يجريه الباحثون في جامعاتنا العربية يعكس الاهتمامات الشخصية والفردية لأعضاء هيئة التدريس، كالبحث عن الترقيات، وعدم وجود سياسة واضحة تربط بين البحوث العلمية واحتياجات مؤسساتنا العربية الإنتاجية واعتمادها على الباحثين وأعضاء هيئات التدريس لتزويدهم بدراسات لتطوير منتجاتهم، وتوفير الدعم المالي اللازم لهم.
من هنا، تلحظون اهتمام القمة العربية الأخيرة التي عقدت في الخرطوم من حيث إيلائها موضوع البحث العلمي الأهمية التي تستحق ضمن قراراتها، والذي نرجو أن يتجلى ذلك بسياسة بحثية عربية تعطي هذا الموضوع الاهتمام اللازم.
ج - إن العديد من الباحثين في جامعات الدول المتقدمة هم من الدول النامية بشكل عام والدول العربية بشكل خاص، ويقدر عدد المهاجرين العرب بحوالي مليون فرد، يشكلون رافداً علمياً وبحثياً للدراسات التي بها يعملون، وبالتالي فإن حصول عالم مثل أحمد زويل، وغيره كثيرون، على جائزة نوبل إنما يحسب للجامعة التي يعمل فيها، لا للبلد ومؤسساته التي رعته وهيأته للوصول إلى هذه الدرجة من الكفاءة والنجاح.
ولعله ليس بالجديد، إذا عرفنا أن حوالي 15 % من علماء وكالة (ناسا)، وهي أعظم وكالة فضاء أمريكية، هم من العرب، وأن حوالي 34 % من مجموع الأطباء العاملين في بريطانيا هم من الدول النامية.
د - إن ترتيب الجامعات العالمي بسبب معاييره الموحدة يهمل الثقافات والبيئات التعليمية والاجتماعية في الأنظمة المختلفة، وإذا كان إعطاء الأهمية بالنسبة للبحث العلمي في تقييم وترتيب الجامعات يحمل مبرراته الجدية من حيث إن الجامعات هي من ناحية أخرى مؤسسات شاملة ذات أغراض متعددة يشكل البحث العلمي مكوناً واحداً من مطالب أصحاب المصلحة، ويشكل إنتاج المتخرجين المهنيين المتدربين لغرض خدمة الاقتصاد المتقدم، كما في الجامعات الألمانية - مثلاً - مطلباً رئيساً للمجتمع، ولعل التركة الثقيلة التي تعانيها اقتصاديات ومجتمعات الدول النامية، وما يرتبط بها من نقص الموارد المالية وغير المالية، يجعل مقارنة جامعاتها بجامعات العالم المتقدم ضرباً من التضليل الإحصائي.
ه - اعتمد التقرير نسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلبة مؤشراً رئيساً في عملية ترتيب الجامعات... وإذا كان المعدل المثالي والنسبي بين أعضاء هيئة التدريس والطلبة هو (1 : 15) ففي واقعنا العربي هو أعلى بكثير إذ يصل إلى (1 : 90) بل، وقد يصل في الكليات الإنسانية (1 : 320)، وفي أدناه بين (1 : 25).
و - لقد أعطى التقرير أهمية لمعايير الاعتماد وضبط الجودة في الجامعات موضوع الترتيب وخصص لها (20) نقطة من مجموع النقاط المحسوبة لغايات ترتيب الجامعات.
ز - وحيث إن الجامعات العربية حديثة العهد في الاهتمام بهذا الموضوع، ومع قناعاتنا بأنها تحظى حالياً بالأهمية التي تستحق، وتعتبر في طليعة أهداف استراتيجية مؤسسات التعليم العالي العربية بشكل عام، وفي مقدمة اهتمامات اتحاد الجامعات العربية بشكل خاص، فإن تقييم جامعاتنا وفق هذا المعيار مع جامعات الدول المتقدمة فيه ظلم لها.
وفي ضوء ما سبق، وفي سياق الحاجة إلى تطوير أنظمة تقييم وترتيب الجامعات، فإنني أرى ضرورة مراعاة أنظمة التعليم المختلفة والاختلافات في البيئات والإمكانات والأغراض والمهام المختلفة للجامعات في دول الشمال والجنوب وفي أقاليم العالم المختلفة، أن يتم تقسيم ترتيب الجامعات العالمي الموحد الحالي إلى ترتيبات متعددة ومقسمة على أساس إقليمي يراعي الخصوصيات ويتيح الفرصة الملائمة والمتكافئة للجامعات المتميزة لتأخذ المكانة الملائمة في الترتيب الإقليمي للجامعات Regional University Ranking وهذا المقترح يمكن أن يحقق ما يأتي:
أ - استيعاب الخصوصيات والتنوع في البيئات المختلفة التي تعمل فيها جامعات الأقاليم المختلفة.
ب - إعطاء جامعات أقاليم الجنوب (كما هو الحال في الإقليم العربي الذي يضم الدول العربية). فرصة أفضل للظهور والمشاركة المتكافئة بعيداً عن الصيغة الغربية المتحيزة لترتيب الجامعات العالمي، وبما يجعلها بمثابة معيار إقليمي Regional Benchmark لكل جامعات الإقليم بنفس الطريقة التي تكون فيها جامعة هارفرد معياراً أمريكياً أو حتى دولياً.
ج - تحقيق الانفتاح على معايير تقييم الجامعات في الأقاليم المختلفة والأدلة والفهارس المستخدمة في هذا التقييم.
د - تحقيق الموازنة بين متطلبات البحث العلمي ومتطلبات التعليم الأكاديمي لإعداد المتخرجين المهنيين المدربين لأغراض التنمية في أقاليم الجنوب.
آملاً أن نتواصل مع المعنيين عن اعتماد هذا الترتيب العالمي للجامعات، وأن نتحاور معهم لأخذ ما أسلفنا بعين الاعتبار عند أي ترتيب جديد للجامعات.
استراتيجيات وسياسات
أما عن دور اتحاد الجامعات العربية لتحسين أداء جامعاتنا من ناحية الاستفادة من ثورة الاتصالات والتكنولوجيا المتطورة، ويأخذ بما أفرزه عصرها من أنماط جديدة كالتعليم المفتوح والتعليم الافتراضي والإلكتروني والتعليم عن بعد... فقد أوضح أن هناك العديد من الاستراتيجيات والسياسات التي يعمل على إنجازها، منها:
1 - العمل على إقرار نظام مجلس ضمان الجودة وذلك لاعتماد معايير علمية لتقويم مؤسساتنا التعليمية وبرامجها وفقاً للمعايير العالمية وبما يتناسب وظروفنا وبيئتنا الثقافية والاجتماعية، والتي نأمل إقرار نظامه الأساس في اجتماع المؤتمر العام للاتحاد القادم.
2 - العمل على تطوير برامج الدراسات العليا والاهتمام بالبحث العلمي وربطه باحتياجات المجتمع وتفعيل دوره في تحقيق التنمية الشاملة، وتوفير الدعم المالي للباحثين وربط إنتاجهم باحتياجات مجتمعاتهم، وتوفير الدعم المالي اللازم للأبحاث العلمية محلياً وخارجياً، وتعزيز العلاقات مع المؤسسات والشركات الصناعية، مع التأكيد على التنسيق بين جامعاتنا في مجال البحث العلمي والمؤسسات البحثية العربية.
3 - إنشاء شبكة معلومات إلكترونية موحدة للجامعات العربية وصانعي القرار المعلومات والإحصاءات الضرورية للمخططين والدارسين وواضعي السياسات، وهو ما يقوم به اتحاد الجامعات العربية حالياً من خلال مركز المعلومات فيه، الذي يوفر في موقعه على شبكة الإنترنت معلومات جيدة عن الجامعات الأعضاء فيه، وأعضاء هيئة التدريس في هذه الجامعات من حيث تخصصاتهم العلمية الدقيقة ورتبهم الأكاديمية، بالإضافة إلى معلومات عن الدوريات العلمية العربية المحكمة وغيرها مما يهم الدارسين والباحثين والطلبة.
هذا وتسعى الأمانة العامة حالياً لتنفيذ مشروع للربط الإلكتروني بين الجامعات الأعضاء وتأمل أن تحصل على التمويل اللازم لتنفيذه.
وختاماً فإنه مع كل ما بيّناه آنفاً من عدم تطابق ما اعتمده واضعو هذا التقرير من معايير تتعارض وواقعنا التعليمي، فإننا سنسعى للتواصل معهم لوضعهم في صورة التعليم الجامعي والعالي في الوطن العربي، مع التأكيد أن مثل هذه التقارير لن تفت في عضد القائمين على التعليم الجامعي والعالي في وطننا العربي... وسنواصل المسيرة وصولاً إلى تعليم متميز بإذن الله
يهدف هذا التصنيف بالدرجة الأولى إلى حث الجهات الأكاديمية في العالم لتقديم ما لديها من أنشطة علمية تعكس مستواها العلمي المتميز على الانترنت... والتصنيف عبارة عن نسخة تجريبية أولية ليس الهدف منها تقييم الجامعات حسب الجودة أو المكانة العلمية لكل جامعة، وإنما هو بمثابة المؤشر لالتزام الجامعات بالاستفادة من الانترنت لعرض ما لديها لكي تتم الاستفادة منه من قبل الآخرين.
وإذا ما أرادت أي جامعة إحراز تقدم في هذا الترتيب فإن عليها أن تعيد النظر في محتوياتها على الإنترنت لتتناسب مع مكانتها العلمية، وستجد أن مركزها في التقييم قد تغير إلى الأفضل في التصنيفات التالية، ويتم عمل هذا التصنيف في الشهر الأول والسابع من كل سنة ميلادية.
الخلاصة :
من المعروف أن بلادنا مازلت بحاجة لإنشأ جامعات في كل محافظة، لكنني أرى أن يتم إصلاح الموجود أولاً وإكمال بنيته التحتية وتطويره، ثم الانتقال إلى إكمال بقية الجامعات مع الاهتمام بإنشأ الجامعات المتخصصة والمعاهد العلمية النوعية والمعتمدة على المعايير الدولية في التعليم الجامعي والقادرة على خلق أجيال قادرة على البناء والعطاء في جميع المجالات وذوي نوعية عالية ومتمكنة.
ومع أن المعايير العلمية المستخدمة قد انتقدت من البعض إلا أنها تعتبر ذات أهداف بحثية خاصة، إلا أنه يجب على جامعاتنا الاستفادة من تلك المعايير وغيرها من المعايير المختلفة، فلم يكن اهتمام الأكاديميين بموضوع تصنيف الجامعات العالمية بسبب مصداقية معايير المؤسسات العلمية والبحثية التي قامت بكتابة تلك التقارير بقدر ما هو محاولة منهم لإصلاح الوضع القائم لجامعاتنا، والذي لا يختلف اثنان على أنها بحاجة إلى تطوير وإصلاح إذا ما أردنا أن نجد لنا مكاناً بين تلك الجامعات، وأن لا نكتفي بتبادل التهم دون أن تكون هناك رغبة حقيقية في الإصلاح.... ولا يمكننا أن نعزو تأخر جامعاتنا إلى جهة دون أخرى، فالجميع يتحمل المسؤولية، والجميع مطالب بالمشاركة في عملية الإصلاح والتطوير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.