فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله الراعي:فشل السكري في اغتيال البدر فحاول الانتحار !
قصة ثورة وثوار
نشر في الجمهورية يوم 07 - 09 - 2008

لم يكن الحوار مع عبدالله الراعي سهلاً، لأن الرجل ظل يخبئ أسراراً طمرتها أحداث مرت عليها 54عاماً، أي منذ اندلاع الثورة اليمنية في السادس والعشرين من شهر سبتمبر «أيلول» من العام 2691م، ولأن الأحداث لا تروى من الذاكرة فقط، بل ومن الوثائق أيضاً، فإن هذا الحوار استمر لعدة أشهر، في محاولة لتوثيق مراحل لم يمط اللثام عنها منذ فترة طويلة، ومحاولة لاستعادة تاريخ يحاول الكثير طمسه ومحوه من ذاكرة الأجيال اللاحقة للثورة اليمنية.الفصل السادس
26سبتمبر
ماذا يتذكر عبدالله الراعي من ليلة اندلاع الثورة؟ أين كنت؟ كيف أصبت؟ وماذا تتذكر من اللحظات الأولى لانبلاج فجر الثورة؟
- كنت في ليلة الثورة في مبنى مدرسة الأسلحة، أخذت مهمتي كما أخذ غيري مهمته، ثم توزيع المهام، حضر التوزيع 3شخصيات من قيادة التنظيم هي: الملازم أحمد الرحومي، الملازم علي عبدالغني والملازم صالح الأشول، حيث وزعوا المهام وأعطوا كلمة توجيهية، وتوجهنا على ضوئها لتنفيذ المهام.
أنا كنت على إحدى الدبابات مع عبدالله صبرة، ومع مجموعة الاقتحام الأولى التي أوكل إليها مهمة اقتحام قصر البشائر، وكانت دبابتي أول من هدمت سور خزيمة ودخلنا إلى ميدان التحرير، لكن خطة الهجوم تغيرت كثيراً عما رسم لها، بسبب أن الملازم محمد الشراعي- رحمه الله- مر بدبابته إلى قصر البشائر دون أن يحسب حساب الماسورة التي على دبابته، كان عليه أن يحرك المدفع إلى الخلف ويدخل بدبابته بسهولة، لكن بقي المدفع مصوباً إلى الأمام واصطدم بالجدار، وبقيت الدبابات كلها في ميدان شرارة «التحرير حالياً» وحصلت مشكلة ومتاعب إلى حين سحبت دبابة محمد الشراعي من باب دار البشائر بين زخات الرصاص إلى ميدان شرارة.
هل كان هذا الخطأ الأول والقاتل للثورة؟
- نعم، هذا الخطأ هو الذي غير مسار الثورة، فالإخوان كانوا يريدون التوجه إلى قصر البشائر، لكن من أين يسيرون؟ قطعت علينا الطريق، فلم يكن هناك سوى طريق الإذاعة التي كانت سهلة وطريق «دار الوصول» الذي هو القصر الجمهوري حالياً، فتعبنا، خرجت الدبابات، توزعت المهام من جديد، صار كل في موقعه، وبقيت أنا في موقعي، وفشلت خطة الهجوم المخطط لها والمعد لها من قبل مجموعة من الضباط، لاقتحام قصر البشائر وقتل الإمام البدر وإخراجه وقتل كل من يقف أمامنا، ففشلت الخطة.
هل كنت من المنفذين للهجوم؟
- نعم، كنت واحداً من المجموعة الأولى المنفذة للهجوم؟
وأين كان عبدالله صبرة؟
- عبدالله صبرة كان يحملنا على دبابته، كنا مسلحين بقنابل، ورشاشات على أساس نقتحم قصر البشائر، عندما فشلت مجموعة الاقتحام، انتقلت إلى دبابة أخرى، كان الوحيد فيها الملازم عبده قائد محمد، وكان هو السائق وأنا المدفعي، انتقلنا إلى غرب قصر البشائر ومعنا 3دانات فقط، وفي الساعة الواحدة ليلاً، جاءنا الزعيم المشير عبدالله السلال راكباً على سيارته مع سائقه وهو باللباس العسكري مع الحزام «الطيار» «والبندقية» الجرمل ينادي بعبارة «أنا الزعيم عبدالله السلال يا ضباط أنا الزعيم عبدالله السلال»، فأجبته أنا، وهذا أمر ذكره في حواراته ومذكور في مذكراتي فنزل إلي وقال: «تم التنفيذ يا ولد عبدالله»، قلت له: نعم» قال: «لم يتصل بي عبدالسلام صبرة ولا حسين الدفعي» اللذان، كانا مكلفين تلك الليلة بالاتصال به، رغم أن التلفون لم يفصل على عبدالله السلال» سألني: «من يوجد في القيادة؟ قلت له: «يوجد الإخوان عبدالله جزيلان وعبداللطيف ضيف الله، وأحمد الرحومي وعبدالله الجائفي»، وقال: «كيف الحال»؟، قلت له: «الهجوم مركز ومازلنا محتفظين بذخائرنا»، قال: «أريد الذهاب إلى هناك»، قلت له: «يصعب عليكم ياسيدي الزعيم»، قلت له لدينا أوامر بأن لا يتحرك أحد، لم يكن عندكم كلمة السر والأفضل أن تعودوا إلى البيت وأنا سأبلغ»، فتوكل على الله وعاد إلى بيته.
جاءت بعد ساعة المجموعة التي تدور بالمدرعة على الإخوان الذين كلفوا بالمهام، عبداللطيف ضيف الله والملازم أحمد الرحومي يشرفان علينا، وتساءلا عن العمل وما هو الموقف إلى آخره، أخبرتهم بأن الزعيم السلال جاء وقال: كذا وكذا وهو الآن في البيت، اتصلوا بعبد السلام صبره، يتصل بعبدالله السلال.
وذهبوا إليه عند الفجر وطلع معهم إلى مقر القيادة، فيما واصلت مع الملازم عبده قائد واقتربنا إلى الجانب الغربي لقصر البشائر حتى انتهت علينا الذخائر «الدانات» والنفط قل كثيراً في الدبابة، واستمررت مع الملازم عبده قائد حتى طلوع الزعيم السلال وتم فتح قصر السلاح، وهناك حولت مهمتي.
عندما فشلت خطة اقتحام القصر، من وضع الخطة البديلة، من كان المشرف؟ هل تصرفتم لوحدكم؟
- تصرفنا كل بطريقته، لم تبق مهمة للاقتحام أصلاً.
يعني انتهت مهمة الاقتحام المطروحة من قبل التنظيم وتحولت إلى خطة أخرى؟
- تغير كل شيء، كل واحد منا بادر للتصرف من تلقاء نفسه، فقد فشلت خطة الاقتحام وتوزعنا على مهام أخرى.
هذا الإرباك الذي حدث، ألم يقم على مرجعية؟
- لا المدفع الذي على دبابة الشراعي اشتبك مع سور القصر، فلا استطاعت الدبابة أن تدخل قصر البشائر ولا تخرج، أي لم تستطع التقدم إلى الأمام أو تراجع إلى الخلف، فأخرت تقدم كل الدبابات في «ميدان شرارة»، فشلت خطة الاقتحام نهائياً، ولم تعد في الحسبان، ذهبنا لنتزود بالنفط والذخائر بعد أن أفرج عن مخازن الأسلحة، كلفت والملازم عبدالكريم المنصور والملازم محمد مداعس «بمهاجمة دار الشكر، كان الأمير عبدالله بن الحسن قد بدأ يطلق النار، كان عند «الغيل الأسود» أمام جامع القبة، بدأ الناس بالخروج والتصفيق للثورة وفي مقدمتهم الطلبة، لم يكونوا حينها يعرفون معنى «حظر التجول»، بدأ عبدالله بن الحسن يضرب أية دبابة أو مدرعة تتقدم باتجاه القصر.
كلفنا من القيادة بأن ينزل عبدالكريم المنصور والطاقم الذي معه ليأخذ موقع شمال قصر «دار الشكر» عند حمام المتوكل ويبدأ بالضرب، وأنا والملازم محمد المداعس وواحد من صف الضباط لا أتذكر اسمه نأخذ موقعنا جنوب شرق «دار الشكر» أي فوق «الغيل الأسود» الذي كان يمول صنعاء بالماء وبالذات منطقة باب السباح، لم يلف عبدالكريم المنصور يساراً ويدخل إلى حمام المتوكل ليأخذ موقعه، بل ذهب إلى «باب الشقاديف» جوار سجن «الرادع» وكنت أشاهده وأراقبه وقد خرج عن الطريق.
لبست الخوذة ومعي الرشاش «شميزر» والبدلة العسكرية ونزلت لأخذ مدفعي ومحمد مداعس يسوق الدبابة، امشي بخطوات سريعة،وصلت ونبهت عبدالكريم المنصور ولف حتى جعلته يصل إلى طريقه، ثم عدت إلى دبابتي، وأثناء اعتلائها أصابتني طلقة في الخوذة وعملت مايطلق عليه في المصطلح العسكري« سكترمة» ،يعني «الخدش»،أخذت وضعاً آخر، فضربت بطلقة في ساعدي وطلقة في كتفي، وتمكنت من الدخول إلى الدبابة بالرغم من الإصابة،ومزق أحد ضباط الصف جزءاً من بنطلوني وربط محل الإصابة.
بعدها صممت أن لا أطلع «وقد أرادوا إسعافي فوراً إلى القيادة» إلا وقد أخذت بالطلقات التي أصبت بها، ضربت 3 دانات على «دار السعادة» حتى هدمت نصف الطابق العلوي منه، لم أعرف في حينه ما الذي عمله عبدالكريم المنصور، وأسعفوني فوراً إلى مبنى القيادة، وصلت إلى القيادة وأنا أنزف، والشيء الذي لا أنساه أن الزعيم عبدالله السلال، وأنا كنت من طلبته في كلية الطيران، وهو كان قائدنا عندما رآني جريحاً قام بتقبيلي على رأسي،وقال:« هذا اليوم الذي أعددتكم يا ولد عبدالله من أجله، الله يوفقنا لتحقيق الفوز والنصر» وبقيت في القيادة منذ حوالي الساعة العاشرة صباحاً، لحظة إصابتي، حتى العصر.
متى كان موعد انطلاق خطة الهجوم على القصر؟
كان من المفروض أن يكون الهجوم عند الساعة العاشرة والنصف مساء، وقد تأخر الموعد قليلاً إلى الساعة الحادية عشرة، تحرك الإخوان للهجوم على القصر، ولم يصل بعد النبأ من داخل القصر بنجاح مهمة حسين السكري، ولم نكن نعرف هل نجح في مهمته أم فشل، هل مازال حياً أم قتل، ولم نعرف حقيقة الأمر إلا فيما بعد، عندما تأكدنا أنه فشل في اغتيال الإمام البدر، وحدث ماحدث بعد ذلك.
لماذا تم اختيار هذا الوقت بالذات؟
اختير هذا الوقت على اعتبار أن الإمام البدر يخرج للاجتماع مع وزرائه عند العاشرة والنصف، أو الحادية عشرة، وكان في الخطة أن يكون حسين السكري قد نفذ مع مجموعته مهمة اغتيال الإمام وشل حركة القصر في هذا التوقيت، كان هذا هو السبب في اختيار الموعد للهجوم على القصر.
متى كان ذلك ليلة 62 أو 52؟
كان ذلك ليلة الأربعاء 52 سبتمبر الممتد إلى صباح الخميس 62 سبتمبر، وهو صباح الانتصار، حيث صحا المواطنون على الثورة وبياناتها ورجالاتها.
تحسبون يوم الانتصار هو يوم الثورة، وليس يوم الهجوم؟
يوم الثورة هو يوم الانتصار وليس يوم الهجوم.
ماذا حدث بعد ذلك؟
ذهبت إلى الاذاعة يوم 62 سبتمبر، بعدما تم تكليفي من قبل مجلس قيادة الثورة بالذهاب إلى هناك لأتولى مسؤولية محطة اللاسلكي، واستلم كل مايأتي من الخارج وكل مايرسل إلى الخارج، ورفضت أن أذهب مع المجموعة التي جرحت ضمن البعثة إلى الخارج، حيث فضلت البقاء للعلاج هنا، كنت جريحاً عندما ذهبت لتسلم مهمتي،فالعمل لم يكن بدنياً، بل عمل فكري، كان عبارة عن استقبال وإرسال برقيات واتصالات هاتفية وغيرها من الأمور الإدارية، وبقيت تقريباً بين 51 02 يوماً في الإذاعة، وعندما شفيت بعد نحو شهر من اندلاع الثورة وأصبحت صحتي جيدة ذهبت على ظهر دبابة لأقود حملة إلى منطقة آنس بمحافظة ذمار، بهدف مواجهة الحملة المناوئة للثورة، حيث بدأ هناك بعض التمردات لصالح الملكيين.
خلية القصر
لو عدنا قليلاً إلى موضوع حسين السكري، والمهمة التي كان مكلفاً بها لاغتيال الإمام البدر، كيف تصرف الرجل وكيف انتهت الأمور؟
الخطة كانت موضوعة لاغتيال البدر، وتقدم لهذه التضحية الكبيرة النقيب حسين السكري، وكان قد بحث التنظيم في أهمية أن تكون هناك خلية للتنظيم في دار البشائر وهو المركز المهم، فعين التنظيم النقيب حسين السكري مسؤولاً عن تكوين خلية في القصر لتكون من الخلايا الرئيسية، فكون السكري خلية من التالية أسماؤهم:« حسين السكري أميناً ورئيساً للخلية، الملازم محمد اليريمي، الملازم حسين السخيمي، الملازم علي النعامي، النقيب صالح العروسي، النقيب علي الشعبي والملازم يحيى النهمي، وقد استمروا في مواصلة عملهم التنظيمي كخلية من الخلايا في مواضع ومواقع أخرى.
قبل كم تم تكوين هذه الخلية؟
كان هذا بعد قيام التنظيم بشهرين أو 3 أشهر، لأن خلية القصر كانت مهمة، وقد استمر أعضاء خلية القصر بمواصلة أعمالهم التنظيمية حتى وفاة الإمام أحمد، ثم أخذوا مهمتهم كما أخذت بقية الخلايا والفروع مهامها لتفجير الثورة.
كانت مهمة هؤلاء جميعاً أن يبقى النقيب حسين السكري إلى جانب الإمام البدر، ويراقبه علي الشعبي يأخذ موقعه.
في الساعة الخامسة بعد الظهر كلف أحد الإخوان بالاستطلاع حول مدرسة الأسلحة، فقد كانت هناك دورية سرية من 2 إلى 3 من الأخوان للاستطلاع حول ما إذا كان هناك شيء يدور حول مدرسة الأسلحة؛ فشوهد الإخوان وهم الملازم علي النعامي والملازم يحيى النهمي والآخرون في الخلية ما عدا صالح العروسي وعلي الشعبي وحسين السكري، طلعوا ليغيروا ملابسهم ويتطهروا ويستقبلوا الشهادة، فهؤلاء جميعاً كانوا مكلفين بالضرب على البدر.
انتظم اعضاء الخلية بالطابور وبدأوا التحية للبدر بعد انتهاء عقد جلسته مع وزرائه، وكان من المفترض أن يكونوا إلى جانب حسين السكري عندما يباشر بإطلاق النار على البدر، فضرب حسين السكري وأصيب بحالة إرباك، فحشرت الطلقة في حجرة بندقية «الشميزر» فلم يدرك البدر الأمر، فعدل السكري وعاد إلى وضع «سلام سلاح» لكن الذي فطن للأمر هو خادم البدر عبدالله طميم، الذي صرخ بأن هناك خيانة؛ فرد صالح العروسي بهدوء أنه ليس هناك خيانة ولا شيء، إنما حسين السكري متعب وله أسبوع سهران “ وانتهت القضية إلى هنا جاء الحرسي، واجتمع مع صالح العروسي بصفة خاصة باعتباره “ حارس البدر، وحقق مع حسين السكري ، فكان كلامهما متطابقاً ، فأطلق سراح السكري وترك صالح العروسي.
لكن ما الذي حدث بالضبط، ولماذا ارتبك السكري ؟
حدثت هذه التطورات كلها في نصف ساعة، حسين السكري كان قد ارتبك في قيادة المجموعة ولم يأخذ بندقيته التي كانت جاهزة ومنظفة لتنفيذ العملية، أخذ بندقية شخص آخر، ولم تكن هذه البندقية مجهزة لتنفيذ عملية خطيرة كهذه.
هل علمت القيادة بالأمر؟
نعم علمت القيادة بما حصل، فقد نزل عبدالله صبرة ، والنقيب صالح الرحبي على دراجة نارية، وأفهما القيادة بما حصل، وكان قبلها قال صالح الرحبي، وهو من ضباط مدرسة الأسلحة لحسين السكري:” طالما والإخوان لم يحضروا، خليني إلى جانبك”، قال له: “ لا يا صالح روح لك ولاتلفت نظر” وقد كان يتكلم بانفعال، ولو كان بقي صالح الرحبي مع السكري لكان البدر قتل حسب الخطة.
لم يقبل أحداً لمعاونته من خارج الخلية، هل كان لايثق بأحد؟
الأمر لا يتعلق بثقة، لقد كان الرجل مرتبكاً، ولم يكن يريد أن يلفت النظر إلى ما يتم التخطيط له.
بعد هذا الحادث هل وقع الهجوم على القصر؟
كان حسين السكري قد ذهب إلى بيته بعد وقوع الحادثة مباشرة، وبعد الهجوم ذهبوا وأرسلوا له مدرعة فيها ضابط وأوصلوه إلى القصر ووضعوه تحت الحراسة، عندما حصل الهجوم على القصر، رفعوا السكري إلى فوق، وكان معداً لإعدامه بواسطة سلاح الرشاش الثقيل ، لكن ذلك لم يحدث، والذي حدث أن الحرسي بقي محرجاً من حسين السكري هل يقتله أم لا، يسجنه أو لا يسجنه ، لكن حسب اعتقادي الشخصي أنه جرى توقيف السكري للتحقيق معه، وحاول حسين السكري أن ينتحر، قناعتي والله يعلم، أن السكري حاول الانتحار، فقد طلعت الطلقة وخرجت من فكه ، وجاء بعض الإخوان وأسعفوه إلى المستشفى وبقي يتعالج هناك حتى انتهت المهمة وقد تعذب سنوات طويلة وخضع لعلاج لسنوات عدة.
هذه حقائق أقولها لأول مرة والكثير علموا بها ولاأدري هل أفصحوا عنها أم لا، لكن جرى التوقف عندها، بمعنى آخر أن خلية القصر لم تؤد مهمتها مع رئيسها وهذا كان منعطفاً خطيراً في تاريخ الثورة، قضية الدبابة واشتباك المدفع بباب القصر، هذا منعطف سبب مشكلة ، وهروب البدر كان أيضاً منعطفاً خطيراً في تاريخ الثورة بسبب عدم الالتزام بإداء المهمة.
ألم تصلك معلومات عن تحقيق جرى مع خلية القصر حول سبب غياب العناصر المكلفة باغتيال البدر؟
الملف لم يفتح حتى اليوم، لأن أحداثاً ومنعطفات كبرى شهدتها الثورة بعد قيامها، خرج الضباط كلهم من صنعاء، استشهدت القيادة والكثير من الضباط الذين أسسوا تنظيم الضباط الأحرار، وأنا أول من يكشف هذا السر، ولايهمني أنني أكشفه؛ فهذه حقيقة تاريخية يجب أن تقال بعد مرور54عاماً على قيام الثورة.
هل أفهم من حديثكم هذا أن الثورة قيدت بطريقة غامضة؟
الكثير من الأشياء المرسوم لها ليلة الثورة لم تنجح، قصر السلاح لم يفتح، الإذاعة لم تسلم بسهولة، اغتيال البدر لم يتم، تحرك سير الدبابات تعثر بسبب دبابة الملازم محمد الشراعي، هادي عيسى وصف الضباط الذين كانوا في مدرسة التحرير أنهم لم يتحركوا بما كلفوا به، وهو احتلال المنازل المجاورة لقصر البشائر، حمود بيدر اعتقل من قبل أمراء الجيش في المدفعية صباح الثورة ولم يقم بالمهمة الموكلة إليه، المتمثلة بالسيطرة على المدفعية والذخائر كان قد أرسلها مع بعض الأخوة لكن اعتقاله سبب تعثراً كبيراً في المدفعية، أشياء كثيرة لم تنفذ ضمن أجندة تلك الليلة من المهام والتكليفات.
ثورة جديدة
هل نستطيع القول إن ثورة جديدة تخلقت داخل الثورة نفسها، بمعنى آخر أن فكراً جديداً للثورة أو خطة جديدة ظهرت عند فشل خطة الثورة التي وضعت من قبل؟
هذا صحيح، فقد تصرف كل شخص بما يراه في صالح نجاح الثورة وانتصارها.
كيف تم حسم موضوع قصر السلاح؟
كانت هناك خلية في قصر السلاح على رأسها النقيب علي الرازقي والنقيب مراد زامل، وكانت خلية مناضلة، كان الاتفاق معها من قبل التنظيم أن تصل دبابتان إلى باب قصر السلاح الذي لم يكن بالشكل الحالي، كانت بوابته ذات لفتين، بحيث يصعب دخول السيارة إليه فما بالك بالدبابة، وعمل هكذا منذ أيام الاحتلال التركي لليمن حتى لايسهل الهجوم عليه واحتلاله تم الاتفاق وأرسلت الدبابتان، الأولى بقيادة الملازم حسين شرف الكبسي والثانية بقيادة الملازم علي محمد الشامي، تحركت الدبابتان وفتح «باب اليمن» بصعوبة من قبل النقيب أحمد صالح مثنى بكل شجاعة وجرأة أمام الجنود، وكانت موجودة في ذلك الوقت سرية من الجيش النظامي، ودخلت الدبابتان ووصلتا إلى باب قصر السلاح.
هناك كانت خلية قصر السلاح، حيث اعتذر أعضاؤها وهم من التنظيم، وقالوا إن الوقت حرج، بخاصة وأن الحرس «البراني» وكل أفراده من الأهنوم والذين لايقلون عن 002 فرد موجودون ومستعدون للدفاع عن القصر، حينها قال لنا أعضاء الخلية إن من الأفضل ياإخوان أن تأتوا بأمر من قائد الحرس الملكي عبدالله السلال وسنفتح القصر، حينها بدأ الأخذ والرد حتى الصباح إلى حين طلوع المشير عبدالله السلال إلى القيادة حيث اصدر أمره بكل شجاعة بفتح قصر السلاح، حيث طلع النقيب صالح الرحبي والملازم هاشم صدقة لتوزيع السلاح على الثوار، وأنا أقول لولا هذا الموقف ماكان سيكون هناك ثورة ولايحزنون، لم تكن ستأتي الساعة السادسة من مساء 62 سبتمبر إلا ورؤوس الضباط معلقة في الشوارع والأسواق.
هذه لحظة مفصلية في تأريخ الثورة وانعطافه نحو النجاح أليس كذلك؟
نعم هي لحظة مفصلية وخطيرة جداً، فقد جاء الفرج من القصر بعد فتحه، فقد وزعت الذخائر وعادت الروح إلى ضباط الثورة، حينها خرج الطلاب والجماهير إلى الشارع تأييداً للثورة وللمشير السلال وتحركت مدرسة الإشارة وفوج البدر، وتحول ولاؤهم وهنا بدأت مسيرة جديدة ورحلة جديدة من تاريخ الثورة.
ألم يكن هناك من موالي الإمام من وقف ضد الثوار أثناء فتح قصر السلاح؟
في قصر السلاح كان ولاء نحو 002 فرد من الجيش «البراني» من الأهنوم للإمامة أعمى، كان هناك قلق من أن يؤدي ذلك إلى انتكاسة، حاول صالح الرحبي أن يجمعهم وطلب منهم تسليم سلاحهم لكنهم رفضوا ودخلوا في مشادات تطورت بعدها إلى اشتباك عسكري واستشهد صالح الرحبي، وتم تطويق المنارة التابعة لجامع البكيرية حيث وضع عليها رشاش ثقيل 21/7 وكان يضرب عليه سعيد الجرادي، وهو رجل بطل وتمت السيطرة على القصر وكان وقتها وزيراً للدفاع وعضو مجلس قيادة الثورة ومعه العقيد محمد القادري نائب وزير الدفاع، حيث سيطرا على القصر وطوقا مع من معهما من الضباط والجنود على الجيش «البراني» وأعدم من أعدم وقتل من قتل وتم تصفيتهم تصفية نهائية.
من الذي أبلغ السلال بموضوع قصر السلاح؟
ذهب إليه أحمد الرحومي، وكان فتح السلال لقصر السلاح قراراً شجاعاً يحسب له وأتذكر أنه جاء أحمد الرحومي والبرد قارس بعد منتصف الليل وقال إنه لاحل إلا بدعوة المشير عبدالله السلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.