أكد المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور عبدالكريم الإرياني أن إشاعة الحوار المتكافئ بين البشر على مختلف عقائدهم وثقافاتهم مسؤولية عامة وواجب يتحمله الجميع سواء في إطار الأمم المتحدة ومنظماتها أو على مستوى التعاون الثنائي بين الدول متعددة الأطراف. وقال الدكتور الإرياني في كلمة اليمن التي ألقاها أمس في مؤتمر الحوار بين الأديان والحضارات المنعقد بمقر الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنيويورك : إن موضوع هذا الملتقى يحمل معنى عظيماً لأنه يؤكد أن التنوع الثقافي والحضاري وتعدد العقائد والمعتقدات وهي سنة من سنن الحياة البشرية في هذا الكون، كما أن لموضوع الدورة دلالة عميقة لأنها تصبو إلى إشاعة ثقافة الحوار الحر المنفتح على الآخر بين أتباع الديانات والثقافات في جيمع أنحاء العالم. وأضاف : إن هذه المعاني والدلالات تكتسب بعداً تاريخياً عميقاً؛ لأنها انطلقت في صيف العام الحالي من مكة المكرمة موطن البيت العتيق في مبادرة تاريخية أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتلاها مؤتمر مدريد العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في يوليو من العالم الجاري، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي برعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وبين الدكتور الإرياني أن نداء مكة الصادر عن المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات قد أكد أن مبدأ الحوار ينطلق من صلب العقيدة الإسلامية استناداً إلى قوله تعالى : «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» وقوله جل جلاله «لكم دينكم ولي دين» إضافة إلى أن الرسالات الإلهية والفلسفات الوضعية المعتبرة تمتلك من المشترك الإنساني مايدعو إلى الالتزام بفضائل الأخلاق ويرفض مظاهر الظلم والعدوان . وشدد أن الحوار المتعمق لاستثمار المشتركات الإنسانية ضروري للتعاون في برامج عمل مشتركة تطوق المشكلات المعاصرة وتحمي البشرية من أضرارها. وقال: إن إعلان مدريد الصادر عن المؤتمر العالمي للحوار الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي برعاية خادم الحرمين الشريفين قد أكد أيضاً وحدة البشرية وأن أصلها واحد والمساواة بين الناس على مختلف ألوانهم وأعراقهم وثقافتهم وإن التنوع الثقافي والحضاري بين الناس آية من آيات الله وسبب لتقدم الإنسانية وازدهارها..وفي حين اعتبر الحوار من ضرورات الحياة ومن أهم وسائل التعاون وتبادل المصالح والوصول إلى الحق الذي سيسهم في سعادة الإنسان، أكد الدكتور الإرياني أن السلام والوفاء بالعهود واحترام خصوصيات الشعوب وحقها في الأمن والحرية وتقرير المصير هي الأصل في العلاقة بين الناس.. ولفت المستشار السياسي لرئيس الجمهورية إلى أهمية عقد مثل هذه الملتقيات والاجتماعات رفيعة المستوى في الأمم المتحدة بهدف ترسيخ السلام والحوار بين أتباع الديانات والثقافات، مذكراً بما قاله الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان أنه بإمكان الأمم المتحدة في أحسن حالاتها أن تكون الموطن الحقيقي للحوار بين الحضارات. ونوه الدكتور الإرياني إلى أن هذه المنظمة الدولية تعد المنتدى الذي يمكن أن يزدهر فيه هذا الحوار ويؤتي ثماره في كل ميدان من ميادين البشر، مبيناً أنه مالم يمر هذا الحوار كل يوم بين جميع الأمم داخل الحضارات والثقافات والجماعات، وفيما بينها فإن السلام لايمكن أن يكون دائماً أو الازدهار مؤكداً. واستطرد قائلاً : بقدر ما علينا نحن المسلمين أن نعتمد على الاجتهاد المؤدي إلى التجديد الذي يسهل تفاعل المجتمعات الإسلامية مع حضارة العصر بجوانبها الإنسانية والإيجابية، فإن على الغرب أن يعيد النظر في العلاقة بين الإسلام والمسلمين داخل وخارج مجتمعاته بعيداً عن التركيز على اختلاف العقائد والثقافات انطلاقاً مما قاله المفكر روجيه جارودي بأنه ينبغى أن يحدث أخصاب متبادل بين الحضارات، وأن نعمل على تحقيق حوار بينها يعرف فيه كل طرف كيف ينفتح على حقيقة الآخر دون أن يفقد ذاته. وأكد الإرياني حاجة المسلمين اليوم إلى إشاعة ثقافة السلام القائمة على الحوار لمواجهة ظواهرالإرهاب والعنف والغلو والتكفير التي مصدرها الجهل بالآخر والادعاء بامتلاك الحقيقة والقول ببطلان مايمتكله الآخر. وتابع قائلاً: ممالاشك فيه أن انهيار جدار برلين وأحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية قد أفرزت شعوراً عام في الغرب بأن هناك خطراً حقيقياً موجوداً وعدواً جديداً اسمه الإسلام .. معتبراً أن وجود مثل ذلك الشعور ناجم عن الجهل المتبادل الذي روج لخطر مصطنع عنوانه صراع الحضارات الذي بشر بحتمية الصراع بين حضارة الإسلام وثقافته مع الحضارت الغربية الحديثة.. ولفت المستشار السياسي لرئيس الجمهورية إلى أن المبشرين بصراع الحضارات قد تناسوا ذلك التاريخ المثمر الذي نجم عن تلاحق الحضارة العربية الإسلامية مع الحضارة اليونانية، والذي أنتج تراثاً إنسانياً جديداً شكل القاعدة الأساسية التي قام عليها عصر النهضة في أوروبا وماتلاه من منجزات علمية غير مسبوقة في تاريخ البشرية.. وأشاد بتعاون بعثتي اليمن وسويسرا في المنظمة الدولية في هذا المجال من خلال تبني عقد ندوات بقصد نشر ثقافة الحوار يشارك فيه نخبه من الأكاديميين المتخصصين. وطالب الدكتور الإرياني في ختام كلمته بأن يخرج هذا المؤتمر رفيع المستوى بإجراءات تقوم بتنفيذها ومتابعة أهدافها لجنة متخصصة يشارك فيها اتباع الديانات والثقافات المختلفة.