هو أحمد فارس بن يوسف بن منصور الشدياق أديب وشاعر لبناني ولغوي وصحفي محقق، عرف بعشقه للغة العربية وهو واحد من شعراء العصر الحديث المتميزين، بل يعد أحد الرواد المساهمين في النهضة الأدبية التي قامت في العصر الحديث، والشدياق أديب كاثوليكي ماروني اعتنق البروتستانية ثم تحول إلى الإسلام. ويقال أن لفظ الشدياق أحد ألقاب الشرف والتي تطلق على علية القوم من المتعلمين المثقفين، ويقال أن لقب الشدياق أيضا يقال على الصقر ولعل هذا هو الذي جعل الأديب والمؤرخ اللبناني مارون عبود يطلق لقب “ صقر لبنان” عليه في إحدى كتبه. النشأة ولد الشدياق في قرية عشقوت إحدى قرى كسروان في لبنان وذلك في عام 1804م، درس العديد من العلوم، كما ألم بعدد من اللغات مثل السريانية والإنجليزية والفرنسية، رحل إلى مصر في عام 1825م وأقام فيها فترة فتعمق في دراسة اللغة والأدب وغيرها من أمور النحو والصرف والبلاغة، وأخذ العلوم من كبار العلماء بها مثل العلامة نصر الله الطرابلسي والشاعر شهاب الدين محمد بن إسماعيل المالكي. زاده الأدبي عمل الشدياق وهو في مصر كمحرر في جريدة الوقائع المصرية خلفاً للشيخ رفاعة الطهطاوي، ثم توجه إلى مالطة وتولى فيها إدارة مطبعة المرسلين الأمريكيين، حيث عمل على تصحيح ما طبع فيها من الكتب العربية، ومن مالطة توجه الشدياق إلى لندن ثم إلى باريس والتي تعرف فيها على باي تونس وقام بمدحه بقصيدة فاصطحبه الباي إلى تونس، والتي تولى فيها تحرير جريدة “ الرائد التونسي” وفي تونس اعتنق الإسلام بعد إطلاعه على العديد من الكتب الخاصة بالدين الإسلامي، وبعد تونس انتقل إلى الآستانة وكان ذلك في عام 1857م بناء على دعوى من السلطان عبد المجيد، وتعاظمت شهرة الشدياق في الآستانة وزادت مكانته كأديب متميز واتصل بالعديد من الأمراء والملوك، وفي الآستانة قام بإصدار جريدة “الجوائب” التي لاقت حظاً وافراً من النجاح والشهرة هي الأخرى. مؤلفاته أثرى الشدياق المكتبة الأدبية والشعرية بالعديد من المؤلفات والمصنفات القيمة نذكر منها: اللفيف في كل معنى طريف، الواسطة في أحوال مالطة، كشف المخبا عن فنون أوروبا، كنز الرغائب في منتخبات الجوائب – سبع مجلدات، الجاسوس على القاموس – وهو من أهم أثاره ( ويزخر هذا الكتاب بالعديد من الفوائد اللغوية ولقد وضعه استدراكا لما فات الفيروز آبادي في القاموس المحيط ورد ما وهم فيه من الألفاظ إلى أصولها)، والساق على الساق فيما هو الفارياق، ديوان شعره، وكتاب في التراجم، وغنية الطالب ومنية الراغب – وهو في الصرف والنحو وحروف المعاني، والتقنيع في علم البديع. وفاته انتقل الشدياق في أواخر حياته إلى مصر وظل فيها فترة ثم عاد إلى الآستانة مرة أخرى وتوفي فيها في عام 1887م ودفن هناك ثم تم نقل رفاته إلى بيروت بلده الأصلي، توفى الشدياق بعد رحلة أدبية طويلة قضاها متنقلا بين عدد من الدول قام بوصف عاداتها وتقاليدها وغيرها من الأمور من خلال كتبه ومقالاته، هذا بالإضافة إلى كتبه القيمة في الشعر والأدب وغيرها. ونستعرض هنا جانب من قصائده والتي اشتمل عليها ديوانه الشعري. ألا يا قلب مالك لا تذوب على فقد الحبيب وفيك حوب ويا دمعي الذي بل التراقي يصبّ على مصابي أو يصوب اعني حيث مالي من معين واعنتني من الدهر الخطوب واخمد نار أحزاني ووجدي تسعر في الحشا ولها لهيب أنادي من فقدت وليس يجدي نداي بعد أن حان المجيب اغالته المنية وهي غوئل وإلا غاله في الغيل ذيب وآيا كان فالخسران حلفى وما لي غيره أبدا نصيب ستتركني الأماني دون نفس تمناها ويصحبني الشجوب نجوت من المطارد والمعادي وسيفي في جماجمهم قضيب فأدركني من المقدور ما لا يداوي منه حذر أو طبيب وأبت مآب محروم لهيف يصلب وليس يدري من يصيب وفي قصيدة أخري لقد سافرت في الأرض هذي الجوائب وجابت بلادا لم تجبها الركائب وحيت جميع الناس بالبشر واحتفت بهم فتلقاها حسود وعائب وشانوا لبعد الغور منها نظامها وليس لبعد ما تشان الكواكب وقد كشفت عن كل معنى نقابه فلم تلف من عن معدن الحسن ناقب ولو أبصر الرآى مبادئ قصدها لبانت له فيما يروى العواقب يريدون منها الهزل والجد أبها وأصعب شيء أن تحول النقائب ولم يرضهم منها رزانة طبعها على خفة في جرمها ومناقب فما منهم إلا لهم اليوم ناصب عداوة ذي حقد ولاح مشاغب