تجري هذه الأيام في عموم مدارس محافظات الجمهورية امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية بمشاركة أكثر من نصف مليون طالب وطالبة، وذلك بالتزامن مع امتحانات الفصل الدراسي الجامعي الثاني والتي يخوضها ما يزيد عن مائتي ألف طالب وطالبة في مختلف كليات الجامعات اليمنية . في هذه الأثناء تعيش مراكز الخدمات الطلابية ومكتبات القرطاسيات التي تنتشر أمام بوابات المدارس أو بشكل أخص تلك المتواجدة أمام بوابات الجامعات أو الكليات أو على الشوارع الرئيسية المجاورة لها- تعيش سباقا مع الزمن لإمداد الآلاف من زبائنها من الطلاب والطالبات.. بالملازم والمراجع والمحاضرات والبحوث النظرية الجاهزة والملخصات الدراسية وغير ذلك من الخدمات القرطاسية كالتصوير والتغليف .. “الجمهورية “ قامت بجولة خلال الأيام الخمسة الماضية من زمن الامتحانات على عدد من محال خدمات الطالب ومراكز التصوير المنتشرة بجوار جامعة صنعاء، ورصدت خلالها جملة من الملاحظات حول بعض الممارسات التي يتقنها أصحاب هذه المراكز خلال هذا الموعد الامتحاني الطلابي من كل عام. خدمات متعددة من يقف أمام مراكز الخدمات الطلابية ومكتبات القرطاسيات هذه الأيام، يشاهد أعدادا كبيرة من المتعاملين معها طلابا وطالبات وغيرهم من منسوبي التعليم، ويقف على أنواع عدة من الخدمات التي توسعت هذه المراكز في تقديمها . ففي مثل هذا الوقت من كل عام تشهد هذه المراكز إقبالا كثيفا من الطلاب والطالبات، وحركة شرائية مرتفعة، وانتعاشا ملحوظا في خدماتها الطلابية.. كطباعة وتصوير الملازم والبحوث والمراجع والمحاضرات والملخصات الدراسية، أو ببيعها لما يطلق عليها بكتب التقوية ، أو كتيبات تحتوي على أسئلة تخمينية يتوقع ورودها ضمن الامتحانات الخاصة بشهادتي المرحلتين الأساسية والثانوية. كما تقوم هذه المراكز أيضا بعرض خدمات من نوع آخر وتتمثل، في إنجاز البحوث العلمية والأدبية المطلوبة من قبل مدرسيهم، وتقوم بالتسويق لها في مثل هذه الوقت من كل عام وترغيب الطلاب والطالبات فيها من خلال الوقت القياسي الذي يستغرقه زمن إجرائها والذي لا يتجاوز في أدناه 48 ساعة للبحث الواحد وبيعها عليهم بأسعار متباينة. موسم خصب ويؤكد العديد من أصحاب هذه المكتبات ومراكز البحوث والخدمات الطلابية أن الحركة التجارية لمبيعاتهم تشهد ارتفاعاً كبيراً خلال هذه الفترة من كل عام وبنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالأيام الدراسية العادية . ووفقا للأخ أسامة زاهر - صاحب مركز تصوير وخدمات طلابية: فإن فترة الأيام الامتحانية تعد موسما ينتظره طوال العام الدراسي لما يدره عليه من أرباح كبيرة نتيجة نمو الحركة الشرائية على خدمات المركز من قبل الطلاب بمختلف المستويات الدراسية الجامعية.. منوها إلى ان أرباح محله تزيد خلال هذه الفترة بنسبة تصل إلى 80 في المائة، منذ بداية الأسبوع الذي يسبق فترة الاختبارات لترتفع أرباحه خلال أيام الامتحانات وحتى نهايتها لتصل نسبتها مابين 200 إلى 300 % . ويشير صاحب المركز إلى أن بعضا من هذه المراكز توفق ببرم اتفاق مع بعض المدرسين والأكاديميين بأن ينفردوا بتوفير وتصوير مقررات وملازم المادة التي يدرسها والتي تنزل أحيانا قبيل الامتحانات الأمر الذي يجبر الطلاب على التوافد بشكل كثيف إلى المركز لشرائها.. إضافة إلى الإقبال على خدمات أخرى من تصوير وتغليف وغيرها .. ولم يخف صاحب المركز قيام بعض أقرانه من أصحاب مراكز التصوير برفع أسعار بعض الخدمات التصويرية أو البحثية بغرض الاستفادة من الموسم والإقبال الطلابي الكبير، وتحقيق اكبر قدر من الأرباح خاصة أن هذه الفترة تعتبر ذهبية بالنسبة لهم حسب تعبيره . جشع وابتزاز من ناحيتهم عبر عدد من الطلاب والطالبات وأولياء أمورهم الراغبين في تصوير الملازم والمحاضرات أو الكتب وغيرها من المذكرات الدراسية، عن دهشتهم من قيام بعض محال مراكز خدمات الطالب والقرطاسيات برفع أسعار خدماتها عما كانت عليه قبل موعد الامتحانات، موجهين أصابع الاتهام إلى جشع أصحاب هذه المحال واستغلالهم موسم الامتحانات . ويذكر إبراهيم حاشد - طالب بكلية الآداب - أنه فوجئ عند قيامه بتصوير إحدى المقررات الدراسية، بطلب عامل محل التصوير مبلغا يزيد عما كان عليه في السابق بشكل يقارب الضعف لنفس الكمية من الأوراق، وعند سؤاله للعامل عن سبب زيادته للأسعار، لم يجد سببا شافيا منه سوى مبررات واهية من بينها زيادة سعر الورق والأحبار ، حسب ذكره . وطالب إبراهيم الجهات الرقابية بمتابعة هذه المراكز التي تقدم الخدمات الطلابية للحد من تلاعبهم بالأسعار وخصوصا في زمن الامتحانات.. وذكر أنه لم يسمع عن محل تم إغلاقه بسبب زيادته في الأسعار، وأن بعض محال التصوير والتجليد والمكتبات القرطاسية تستغل المواسم وترفع الأسعار دون خوف من الرقيب ومن ذلك موسم الامتحانات . وعن آلية تحديد أسعار التصوير وغيرها من الخدمات الطلابية الأخرى ومن المسؤول عنها يؤكد أحد العاملين في مركز لخدمات الطلاب والتصوير أنه هو من يقوم بتحديد سعر أي خدمة يطلبها الطالب وليس هناك أي قاعدة يلتزم بها سوى حكم المنافسة حسب تعبيره . نفقات طلابية مضاعفة وخلال فترة الامتحانات أيضا تتضاعف نفقات طلاب المرحلة الجامعية بشكل قياسي وخاصة المنتسبين منهم والذين يندفعون قبيل وأثناء الامتحانات إلى تصوير الملازم والمحاضرات وشراء الكتب وخصوصا تلك التي تنزل قبل بدء الامتحانات بفترة قليلة وتكون متوفرة في مراكز محددة مما يجعل الإقبال عليها مركزا وكثيفا. يتحدث كثير من الطلاب وأولياء أمورهم عن تخصيصهم ميزانية مالية سنوية طارئة خاصة لمواجهة متطلبات ونفقات الاختبارات والتي تتمثل في شراء المراجع والكتب والبحوث والملازم، وصولا إلى التكاليف العرضية التي ينفقها الطالب في سبيل توفير الأجواء المناسبة لاجتياز مرحلة الامتحانات محققا أعلى الدرجات. وبحسب الحاج محسن الأشول، فإنه يخصص ما بين 2000 الى 2500 ريال لأبنائه الذين في المرحلة الثانوية فيما يدفع لمن هم في التعليم الجامعي نحو 5000 ريال لمواجهة نفقات الامتحانات . هذا ويبلغ عدد الطلاب الذين يخوضون امتحانات الشهادة الأساسية (312.550) طالباً وطالبة، فيما يبلغ عدد طلاب الشهادة الثانوية العامة (221186) طالباً وطالبة، وبإجمالي يبلغ (533.736) طالباً وطالبة، يضاف إليهم ما يزيد عن مائتين وخمسين ألف طالب وطالبة يؤدون بالتزامن امتحانات التعليم الجامعي في مختلف الجامعات اليمنية . وتشير أوساط طلابية في المراحل الجامعية أن معدل ما ينفقه الطالب خلال فترة الامتحانات يبلغ في متوسطه 4000 ريال، فيما يقدر طلاب من المرحلتين الأساسية والثانوية متوسط إنفاقهم خلال فترة الامتحانات مابين 1500- 2000 ريال . خدمات بلا رقيب خلاصة ما يمكننا التأكيد عليه هنا، هو أن ثمة ممارسات وأساليب يتفنن فيها أصحاب مراكز الخدمات الطلابية ومكتبات القرطاسيات قبيل وأثناء موسم الامتحانات، وتحظى بإقبال طلابي كثيف، وتتمثل في:” قيام عدد من هذه المحال برفع أسعار خدماتها للطلاب مقارنة بما كانت عليه قبل فترة الامتحانات، فضلا عن قيام البعض الآخر بعرض خدمات إنجاز البحوث العلمية والأدبية المطلوبة من الطلاب في فترة وجيزة مقابل مبالغ مالية قياسية ، إضافة إلى قيام العديد من هذه المراكز بإعداد وتجميع ما يصفونها ب”الملخصات للمواد الدراسية” وبيعها للطلاب والطالبات بأسعار مرتفعة، ناهيك عن قيامها بتصوير مذكرات وكتيبات بشكل مصغر جدا عن أصولها لمساعدتهم على الغش !!. إذاً فقد تحولت هذه المراكز تدريجيا من خدمة طالب المدرسة أو الجامعة إلى ماهو أكبر من ذلك، فالطباعة والتصوير بأي كمية وبأي مستوى.. لأي موضوع ولأي منشور ولأي شخص.. دون مراعاة حقوق الملكية الفكرية وأنظمة الطباعة والنشر.. هذا بالإضافة إلى التغليف والتجليد وخدمات الفرز والترجمة وعمل الملخصات والتقارير وخاصة إعداد البحوث المفترض أن ينجزها الطالب.. كل ذلك وأكثر من الخدمات التي هي في الأساس خارجة عن اختصاص مثل هذه المراكز، أو جلها!! ويبقى السؤال قائما بلا تفسير عن تداعيات وأثار هذه الممارسات على مستقبل العملية التعليمية ومخرجاتها في بلادنا، طالما ظلت هذه المراكز بلا رقيب .