تمنى أن لا يفيق من نومه وضع كلتا يديه فوق المخدة و دس رأسه بين ذراعيه لم يكن يرغب في أن تشرق الشمس و يتواري الليل و تنجلي له حقيقة الفشل و الحظ العاثر أو أن يرى يوماً آخر يعيش فيه ذل الانكسار
صباح آخر ككل الصباحات
لماذا لا يستمر الليل و لا يأتي الصباح…؟ نسي الناس الليل و راحوا يتغنون بالصباح كم هم جاحدون و هو الذي أرخى ستائره ليواري سوءة الإنسان و ليخفي ما دنسته يداه
ما يزالون ملفوفين بعباءة من الحمق
يبتزه النهار و يمتص منه كل طاقته فيلجأ إلى الليل منهكاً منكسراً ليسرق منه إكسير الحياة و ليعود بعدها إلى النهار ليهديه ما استولى عليه في جنح الظلام
منذ أمد بعيد كان يعيش في كنف أسره تمحورت حول أبيه
كم كان يحب والده
الحياة لعبة شطرنج …كش ملك.. مات الأب …سقط العمود و انهارت تلك الخيمة التي ظللت عليه و أخوته طوال لحظات الأمان الحياة مسرح كبير ينتهي مشهد و يبدأ آخر الأم المسكينة هالها القدر سادتها الرغبة العارمة أن تعوض عليهم فقده فكانت لتلك الخيمة عموداً من مشاعر مرهفة……. ضلت الطريق….. بعد أن أرادت أن تمنحهم كل شيء…… فخسروا كل شيء
الأقرب عقرب تجاذب الأبناء خال سكير استوطنت الخمرة عقله و ما بقي من شتاته التهمته لزوجته العاهرة خالة حاسدة أنبتت من أرضها الآسنة أربع حيات خبيثة عم لئيم في السابق كان رجلاً و أصبح دمية استولت عليه زوجته الدميمة و بناتها المنحلات و ليكتمل الطوق كانت العمة جاحدة…
ابتسموا لهم فسعد الحمقى بغدرهم تشاطروا لحمهم فعمق الضياع
أراد لهم الخير أخاهم الأكبر… بعث من بينهم … أراد أن يصلح الضلع الأعوج…… فانكسر أحاط بهم الغباء أراد لهم كل شيء …..فسلبوا منه كل شيء ولم يسمحوا له حتى بستر عورته عندما سقطت عنها ورقة التوت
و من بعد المخاض انتشلته زوجته الطيبة من ألمه و راحت ترمم روحه المتصدعة و تدله على الطريق أهدته زينة الحياة بعد أن يئس منها.. بضعة صبيان و بينهم ورده
أي صباح هذا الذي لا يأتي بجديد؟ تباً للفشل و تعساً للانكسار
و في غمرت التيه نظر أمامه.. و سقطت عيناه المتعبة على بندقية أبيه الصدئة جلس بجانبها و سحب الزناد و أطلق النار .. اخترقت الرصاصة ضلوعه فمرت بينها من دون أن تكسرها
قامت زوجته فزعة من نومها وأخذت تهرول نحو الصوت رأته في ركن الغرفة منزوياً على نفسه و مخضباً بدمائه هالها المنظر فراحت تسابق الزمن لعلها تمنعه من أن يختطفه منها.
و من حيث يرقد في ملاءة بيضاء خرج الطبيب من غرفة العمليات مبتسماً و قال …….سيعيش.