لم يكد يمر النصف شهر على مغادرة عيد الفطر لفضاءات محافظة شبوة جريمة بشعة في رابعة النهار، فاهتز لهولها الجميع واحتشد مئات الناس أمام مبنى المحافظة فيما توقفت حركة الباصات في مدينة عتق،وتوالت الاجتماعات المهمة حتى تم النطق بالحكم أمام الملأ، على اعتبار أنه أسرع الأحكام على الإطلاق. عند ظهيرة الثانية عشرة والنصف وصل بلاغ من صاحب نحل إلى أمن مديرية نصاب عن جثة مسجاة ببطانية في بطن باص،وشاع الخبر إلى المجني عليه المدعو عبدربه محمد عوض ، الذين جاءوا بسرعة البرق، وتم تقصي آثار الجناة من خطواتهم المرسومة على الرمال.. .كان المكان وادي حجر على مبعدة بسيطة من مفرق مرحة،ولم تمر بضع ساعات حتى تم القبض على الجناه وهم «ع،م ،س» تسعة عشر عاماً، و«س، م، ص» ثلاث وعشرون عاماً الجثة كان مع المتهمين كما يقول المحقق علي لحول، ويضيف أنهما اعترفا بفعلتهما الإجرامية، واعترفا كذلك أن هناك شخص يدعى «أ. ع.أ» ثلاثين عاماً سوف يقوم بطريقته ببيع المركبة التي سيسرقونها، وخلال اليوم طافا الجانيان على العديد من أصحاب الباصات لإستجارهما في مشوار طويل، ولم ينجحوا في ذلك لتعلل السائقين بكراهتهم للمسافات البعيدة ،ولم ييأسا،فأقاما في الفندق وفي الصباح اتفقوا على أن يذهب أحدهم لاستئجار باص إنجيز، والآخر يبتاع سكيناً وينتظره عند فرزة نُصاب، والتقت المواعيد في أزمنتها، وكان الإيجار الذي اشترطه عليهم عبدربه ثلاثة آلاف ريال، وقعد «ع. م. س» إلى جانب السائق، بينما قعد «س. م .ص» في الكرسي الذي يلي السائق مباشرة وغادر ثلاثتهم عتق في جو تسوده الألفة والمحبة أو هكذا خيل لعبدربه وفي مفرق خورة وبالتحديد وادي حجر ناول «ع. م .س» كيساً إلى «س. م .ص» . كان ذلك كما يقول هذا الأخير ايعازاً أن هناك حجراً صلبة وسط الكيس المحتوي على بعض الملابس ،حيث ردد المدعو «ع . م. س» لصاحبه بخبث: إحذر القات ان يحترق، وفهم صاحبه مقصده ،و،بلا مقدمات إستل «ع. م. س» سكينه وغرسها في صدر عبدربه الذي بدوره انتزعها وحاول أن يدافع عن نفسه فأصاب «ع . م. س» في يده ثم إخترقت قفص الباص الحديدي، ودارت المعركة بين الإثنين فأستنجد الجاني بصاحبه « س. م. ص» الذي هوى بالحجر على مؤخرة رأس عبدربه ، وظل يواصل الضرب حتى اشعره بالخوار، وعلى الفور أخذ «ع. م .س» السكين و جعل يغرسها في صدر وبطن عبدربه ثم ينزعها بتلذذ رغم علمه بموته حتى وصلت الطعنات إلى سبع.. ترجل الإثنان من الباص وأخذا عبدربه من أمام المقود وهو غارق بدمائه المتصببة، ثم حملاه إلى مؤخرة الباص وغطوا عليه ببطانيته ،وقاد «س. م. ص» الباص بخوف وارتباك، وكان في نيتهم أن يقذفوا به في مكانٍ نائي ويتخلصوا من جثته، لكن إطارات الباص وعلى مبعدة خمسين متراً من الواقعة غرقت في الرمال، وفر الجناه بجلودهم معتقدين ان الله لن يكشفهم وقد كشف عن عدة سوابق لهم، خصوصاً المدعو «ع. م.س». أمام بوابة المحافظة في مدينة عتق طوفان من الناس تردد سرعة البت في القضية، وباصات المدينة شلت الحركة بتوقفها، فيما صور المجني عليه تزين وجوه المركبات، وبيان نقابة سائقي باصات الأجرة على كل جدار وزجاج والمحافظ الدكتور علي الأحمدي مجتمع مع اللجنة الأمنية والقضائية والمشائخ والشخصيات الاجتماعية، ووسائل الإعلام،ومتابع القضية بإهتمام بالغ، والألسنة تركض بين الأخذ والرد، ويرتفع حديث القاضي أحمد على حسن القطوي رئيس محكمة نصاب وحطيب الابتدائية بالتخيير ما بين تحول القضية إلى المحكمة المستعجلة،أو تركها له للبت فيها سريعاً بجلسات متواصلة، واتفق الجميع على هذا الرأي الأخير،.. اشرف المحافظ بنفسه على القضية ولم تكد تمر بضعة أيام حتى عاد الحشد الجماهيري من جديد لمعاينة الحكم...كانت جلسة المحاكمة علنية أمام الجميع، واستوعبت القاعة ضعف طاقتها الاستيعابية التي تصل إلى ثلاثمائة فرد وأكثر، فيما توزع مئات الناس في الفناء والإزفلت وعلى النوافذ، وقبع المتهمون الثلاثة ينتظرون الحكم بحضور كل الجهات المعنية في شبوة. آلاف الأعين تكاد أن تمزقهم إرباً، واصدر القاضي أحمد الحكم في الجلسة التي كانت صباح الاثنين 19أكتوبر2009م في قاعة محكمة الاستئناف بعتق، للقضية رقم 4للعام 1430هجرية. وقضى الحكم بإدانة جميع المتهمين بالتهم المنسوبة اليهم، ومعاقبة «علوي مبارك سالم » بالإعدام ،وكذا سالم بالإعدام، والحكم بالسجن للمتهم «أحمد» ثلاث سنوات مع النفاد وقد برر القاضي بسجنه لأنه كان يريد إبلاغ الأمن عن الجناه قبل أن يرتكبوا جريمتهم.. كما قضى الحكم بتعويض ورثة الدم مبلغ وقدره خمسمائة ألف ريال ومائتي الف ريال نفقات المحاكمة والمحامين، وبعد النطق بالحكم فرح الجميع بما فيهم أولياءالمجني عليه الذين استجابوا لدفن إبنهم بعد اخراجه من ثلاجة المستشفى، وفي جنازة مهيبة حضرها المحافظ ومسئولو المحافظة تم دفن االمجني عليه «عبدربه» في مقبرة عتق، وملايين الرحمات تداعب روحه البريئة.