بين غد ذاهب وغد آيب تظل تعد الكمائن تجدل من خيط وهمك وعداً ومن خيط حلمك وعداً وقد وهن العظم واشتعل الرأس والوحش محتفل والرياح سموم ومازلت تلقي بأوراق عمرك للريح تحملها عنك وهي تنوح: غداً وغداً هذا مقطع من قصيدة لصوت من أجمل الأصوات الشعرية لجيل السبعينات في اليمن وأكثرها نقاءً. بقي صوفياً في زمن فيه من القسوة بما لاتسمح بفسحة للنفس لأن تحلم بسلامها الداخلي !! وانا من جيل فتح عينيه ليقرأ ويسمع عبدالله احمد سعيد الشهير بالاستاذ عبدالله القاضي كواحد من أوليا الله الصالحين الذين يزرعون صحراء اليأس بالأمل الجميل ويؤكدون مع كل صباح ندي أن الشعراء هم الكائنات الجميلة التي تعطي لهذا الكوكب صفاءه وبهجته! وانهم (اي الشعراء والله) الاكثر جرأة على الحلم بالغد الاجمل، والاقدر على التعبير عن الالم الذي يعصف بالفقراء والعاشقين! وهم أي الشعراء وحدهم من يحمي ما تبقى من ذواتنا من هجمات القبح في زمن البلاستيك هذا! هكذا بقيت صورة الشعراء وسيرتهم في ذهن جيلنا الناشئ القادم من الجبال المليئة بالحياة والعشق الاصيل بقيت صورتهم ناصعة جميلة مشبعة بروح العطاء ونكران الذات؛ قوية وصلبة باحترام وتقدير المجتمع لهم الآن ماعاد الزمان هو الزمان!! وما عاد الشعراء في عهد(الفيديو كليب) والغناء في الحمامات! ماعادوا بالحالمين الكبار قادة رؤيا التغيير انه زمن الاستهلاك المخيف وثقافة التسويق التي جعلت كل شيء جميل لا يحظى بأي قبول واحترام لهذا انتبذ الشعراء والفنانون مكاناً قصياً لأن المعايير الجديدة تقول ان الجهل هو سيد الموقف المتحكم بمؤسسات العلم والابداع والقبح هو السائد الذي يروج له ليل نهار ليكون عنوان الجمال نعم رأيتني اعود الى الزمن الجميل وانا اقرأ بحب ونهم الديوان الصغير الحجم الكبير بالمعنى والجمال ديوان ندى العشب الجاف للصديق الكبير المبدع عبدالله قاضي اعادني - الديوان - الى زمن جميل كنا فيه صغاراً لم يقتل في اعماقهم الحلم بعد وكان عبدالله قاضي استاذاّ لغوياً رائعاً وشاعراً لو ان قدره جعله في غير هذه الارض الناكرة لمحبيها لكان في قائمة المبدعين الكبار الذين اعطوا للقصيدة العربية المعاصره زخمها الجديد والقها الاجمل لكنه جاء في بلد يضيق بأهله من المبدعين واهل الفكر لتتاكد يوما بعد يوم حقيقة ان ما يسير في الشارع من الناس ماهي الا جثث تتحرك ولا يهزها صوت شاعر ولا يشدها حلم فنان لهذا قرر عبدالله قاضي في لحظة عشق وألم ان يذهب الى ارصفة لا تحوي زحام البشر.