أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور أن اليمن يقف على مشارف تحول نوعي في المحتوى التربوي لمنهاج التعليم العام. وأشار - لدى افتتاحه ورشة “ إشهار نتائج الدراسة الوطنية لقيمة الولاء الوطني في المناهج الدراسية والتطور المقترح لتعزيزها” والتي نظمتها وزارة التربية والتعليم قطاع المناهج - إلى أن التغيير ينبغي أن يستهدف كافة مقررات المنهج الدراسي العلمية والإنسانية. واعتبر رئيس الوزراء أن أولوية التغيير يجب أن تنصب على المناهج التعليمية والتربوية الإنسانية وبالأخص منها مقررات التاريخ والتربية الوطنية. وأوضح اهمية الورشة في تشكيل مقاربة علمية منهجية للمناهج الدراسية واستشراف مضامينها المستقبلية لتأتي ملبية لمتطلبات التغيير في بنية الوعي في شريحة النشء والشباب أمل الحاضر ورهان المستقبل. وقال: “يسعدني أن أدشن أعمال هذه الورشة التي تقف أمام دراسة علمية منهجية تمحورت حول واحدة من أكثر الأولويات.. محييا هذا الحشد من الخبراء والمفكرين والتربويين الذين جاؤوا ليسهموا بخلاصة أفكارهم في إثرائها والوقوف على المضامين الهامة التي اشتملت عليها وصولاً إلى توفير مرجعية علمية معتبرة يُعتد بها في صياغة مناهج التعليم العام بمضامين تُرسّخ قيم الولاء الوطني وتعزز الوعي لناشئي هذا الوطن وفتيانه وفتياته بقيم الانتماء، وبروح التحصيل العلمي المنتج والمثمر. واعتبر الدكتور مجور الورشة إضافةً نوعيةً هامةً في الجهود الهادفة إلى تأسيس بيئة ثقافية راسخة تستوعب التحولات الهامة والإنجازات العظيمة التي حققها الوطن في ظل القيادة السياسية الحكيمة وفي مقدمتها الوحدة المباركة والنظام الديمقراطي التعددي والتنمية الشاملة والمستدامة. وأكد دور التربية والتعليم الهام في بناء وإعداد المواطن الصالح السوي والمنتج بما يقتضي بالضرورة استيعاباً للآليات الكفؤة وللأفكار المنهجية والمدروسة التي تجعل من دور التربية والتعليم منبعاً عذباً ونقياً يفيض بالمعرفة والقيم الفاضلة والمعاني الوطنية العظيمة التي تتمتع بخاصية النفاذ السلس إلى عقل ووجدان النشء والشباب وتنأى عن أساليب التلقين التي تفتقد التأثير المفترض للمضامين العلمية والمعرفية والتربوية لمناهج التعليم العام في ذلك الوعي. ووجه رئيس مجلس الوزراء وزارة التربية والتعليم باضافة مقرر التربية الوطنية إلى منهج المرحلة الثانوية من أجل إبقاء وعي الطلاب و الطالبات على صلة بمستجدات الوطن وأولوياته ، معتبرا ذلك مهمة ينبغي أن تضطلع بها وزارة التربية والتعليم باعتبارها الجهة المسئولة عن إعداد السياسات التعليمية وآليات التنفيذ فيما يتعلق بتطوير المناهج الدراسية وتضمينها المعارف والقيم التي تستثير وعي النشء والشباب وتربطهم بأولويات وطنهم وتغرس فيهم قيم العلم والمعرفة وتغذي فيهم روح الابتكار والإبداع المثمرين. وأوضح أن تلك السياسية لكي تكون أبلغ تأثيراً في وعي الأجيال الناشئة ينبغي أن تركز على الأولويات وأن تركز على وسائل فاعلة في التنفيذ ، وتنوع في اساليب غرس قيم الولاء الوطني ولا تغفل أهمية وتأثير القدوة الحسنة التي ينبغي أن يتمثلها المعلم والقائمون على الإدارة المدرسية ، وأن تستثمر كل منافذ التأثير في الوعي عبر مراحل العملية التعليمية والتربوية بدءاً بالطابور المدرسي مروراً بأنشطة الصف المدرسي وانتهاء بالأنشطة اللاصفية التي ينبغي أن تصل النشء ببيئتهم المجتمعية منذ وقت مبكر.. وشدد مجور على أولوية التربية والتعليم في النهوض بمهمة بناء الأجيال علمياً وتربوياً وعدم اغفال الأدوار الهامة لمؤسسات اخرى مؤثرة يتوجب عليها أن تنهض بدورها في هذه المهمة الوطنية. وأكد على اهمية دور وزارات الإعلام والأوقاف والإرشاد والشباب والرياضة ومنظمات المجتمع المدني بما يجسد الشراكة والتكامل بينها ويؤسس بيئة ثقافية إيجابية تحتفي بقيم الولاء الوطني ويتعزز بها منهج الوسطية الذي ميز ديننا الإسلامي الحنيف. ودعا رئيس الوزراء الى الاستفادة من الاستراتيجية الوطنية للنشء والشباب والتي احتوت على مضامين ممتازة يمكن أن تسهم في إثراء المناهج بما تستهدفه من تغيير نوعي في محفزات الوعي بقيم الولاء الوطني. ووجه وزارة التربية والتعليم بتنفيذ التوصيات التي توصلت إليها تلك الدراسة وما سيتمخض عن الورشة . كما وجه وزارة المالية باعتماد المخصصات المالية التي تحتاجها عملية تطوير المناهج لتكون الخطوة فاتحة لتحولات نوعية في محتوى مناهجنا التعليمية بما يتواكب مع التطورات الوطنية والإقليمية ومتطلبات التنمية والنهوض الحضاري للوطن.. وكان وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالسلام الجوفي استعرض جهود الوزارة في الارتقاء بالعملية التعليمية والمنهج الدراسي لمواكبة أبرز المتغيرات العلمية والاجتماعية والوطنية واحتوائها وفقاً للأسس ومعايير مؤسسية علمية ، مشيراً الى ما شكله ال 22 من مايو المجيد من نقطة تحول في مسار التاريخ اليمني وتغيير فلسفة التربية والتعليم بعد قيام الوحدة المباركة. وأوضح ان الدراسة التي نفذتها الوزارة على مدى عام كامل بمشاركة نخبة من اساتذة الجامعات اليمنية والخبراء والمختصين شملت 78 كتاباً من المنهج الدراسي في مواد العلوم الانسانية ابتداء من الصف الثالث من التعليم الاساسي وحتى الصف الثالث الثانوي ، لافتاً الى انه تم مسح كافة الكتب في تلك المراحل الدراسية وقياس مدى توفر قيم الولاء الوطني فيها وفق 58 معياراً لقياس مدى توفر هذه القيم في المنهج الدراسي . وأكد الوزير الجوفي مسؤولية الجميع في تعزيز وغرس قيم الولاء الوطني كل من موقعه سواء في التنظيمات السياسية او منظمات المجتمع المدني او الجهات المعنية بما يكفل بناء جيل قوي متمسك بثوابته الوطنية ضد أية تدخلات شاذة ، مشيراً الى حرص الوزارة على دعوة كل اطياف المجتمع للمشاركة وإثراء الدراسة بما يلبي الطموحات المأملة منها. ونوه الى أن موضوع الدراسة اصبح همّ الساعة في الكثير من دول العالم العربي نظراً لما تعانيه أمتنا من استهداف لأمنها واستقرارها وفكرها. فيما قدم مدير مركز تطوير التعليم الجامعي بجامعة صنعاء رئيس فريق عمل الدراسة الدكتور عبده محمد المطلس عرضاً موجزاً للدراسة التي سعت إلى ترجمة القيم التي تم التوصل اليها الى معايير قيمية تعكس ما ينبغي ان يمتلكه المتعلمون من معارف متصلة بقضايا الوطن وكشفت عن الواقع الراهن للكتب ووثائق المنهج التعليمي من حيث توفر قيم الولاء الوطني وتوزيعها في الكتب الدراسية على مستوى الصفوف والحلقات الدراسية لمرحلتي التعليم الاساسي والثانوي كما قدمت تصوراً عملياً شمل مصفوفة معايير غرس قيم الولاء الوطني لدى تلاميذ التعليم العام . كما استعرض الدكتور المطلس التصور المقترح لغرس قيم الولاء الوطني لدى طلبة التعليم العام المتمثل في عشرة محاور اساسية “ التمسك بالثوابت الاسلامية التي تؤكد سلوكيات المواطنة المسؤولة ، التمسك بقيم ومبادىء الثورة اليمنية “سبتمبر و اكتوبر” ، حب الوطن والاخلاص له،الحرص على الوطن ووحدته ، احترام الدولة والنظام والقانون ، التمسك بالديمقراطية واحترام مبدأ المواطنة المتساوية ، الاعتزاز بالثقافة الوطنية ، دعم الاقتصاد الوطني والاعتزاز بالانتماء للامة العربية. وقد أثريت الورشة بالعديد من المداخلات المستفيضة من قبل المشاركين من اكاديميين وباحثين وممثلي تنظيمات سياسية ومنظمات مجتمع مدني وجهات معنية ومهتمين.