لم يعد مرض نقص المناعة البشرية الإيدز ذلكم الشبح والوحش المكشر عن أنيابه كما كنا نعتقد في السابق .. بل هو مرض مثله مثل بقية الأمراض كالسكر والضغط ... الخ. واصبح واقعاً بيننا شئنا ذلك أم أبينا وتحتم علينا المخاطر التي تحيط به التسليم بوجوده والقبول به وبالتالي فإن الأمر يتطلب منا معرفة أكثر عن هذا الوباء وإدراك حقيقته حتى نتجنب الوقوع في شراكه. وحدة مشروع مكافحة الايدز بالمجلس الوطني للسكان تهدف إلى نشر التوعية بهذا المرض والعمل على إزالة الوصمة والتمييز ضد المتعايشين مع فيروس الايدز لإدماجهم في المجتمع فدورها توعوي وقد نفذت العديد من الأنشطة التوعوية بهذا المجال .. وحول هذه القضية الصحية التي تقلق المجتمعات التقينا الزميل عبدالرحمن الشميري المسئول الإعلامي بوحدة مشروع مكافحة الإيدز بالأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان لنتعرف على اهمية الحملة وبعض تفاصيل هذا المرض. دورنا توعوي •حدثنا عن الأنشطة التي تنفذها وحدة مشروع مكافحة الإيدز بالأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان في هذا المجال. تعد وحدة المشروع جهة معنية بعملية التوعية الإعلامية في أوساط المجتمع، وبهذا الصدد فإننا نقوم بعقد الفعالية التوعوية المختلفة وإنتاج مواد إعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة وبقوالب مختلفة في محافظات الجمهورية إلى جانب التواصل مع الخطباء والمرشدين وعقد الورش والندوات الهادفة إلى تعزير الوعي من خلال خطبتي الجمعة.. فوحدة مشروع مكافحة الإيدز بالمجلس وفي إطار الجهود الكبيرة التي يقوم بها لمكافحة هذا المرض الخطير نفذ خلال الأشهر القليلة الماضية العديد من الفعاليات التوعوية والتدريبية وعقد العديد من اللقاءات التشاورية والندوات العلمية وطباعة وتوزيع البروشورات والملصقات والمواد الإعلامية المختلفة في مجال التوعية بمخاطر مرض الإيدز والذي استهدف من خلالها الآلاف من الشباب والشابات في المدارس والجامعات والأندية الرياضية المختلفة والكوادر الإعلامية والقيادات التربوية والمدرسية والقيادات المحلية وقيادات المجتمع المدني والخطباء والمرشدين الدينيين ومنتسبي القوات المسلحة والأمن بالإضافة إلى الفئات المهمشة والفئات الأكثر عرضة مثل الصيادين والسجناء وعمال النظافة وسائقي شاحنات النقل واللاجئين وغيرها من الفئات الأخرى المستخدمة وذلك في مختلف محافظات الجمهورية. كما نفذنا بمحافظة تعز الشهر الماضي حملة إعلامية استهدفت أكثر من 1700 شخص على مدى أسبوع اشتملت على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى عبارة عن محاضرات توعوية لطلاب وطالبات المرحلة الثانوية في مدارس: 22 مايو ، ثانوية تعز النموذجية الكبرى ومدرسة الشهيدة نعمة رسام والشهيد الحكيمي. وقال الشميري: يجب علينا تكثيف الأنشطة التوعوية ونشر الوعي بمخاطر مرض الإيدز في أوساط المجتمع باعتباره إحدى الوسائل العامة والرئيسية لمكافحة الإيدز والوقاية منه، بالإضافة إلى العمل على بناء القدرات المؤسسية، المجتمع المدني والقطاع الخاص وفقاً لما حددته الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإيدز. أما المرحلة الثانية تمثلت بإعلام جوال متنقل بين أماكن التجمعات السكانية والتواصل مع الجمهور عبر مكبرات الصوت مع توزيع بروشورات حول المرض.. حيث تم الالتقاء بالمارة وزودناهم بمفاهيم توعوية واختتمت الحملة في مرحلتها الثالثة بمهرجان جماهيري تحضره قيادة المحافظة والعديد من المختصين والمهتمين، وتهدف الحملة التي تحمل شعار “حارب الإيدز ولا تحارب المصابين به” إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي بمخاطر فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز في أوساط الشباب وترسيخ مبدأ التعايش مع المصابين من خلال التواصل المباشر من الجمهور. الأمية و انتشار المرض • كيف ترى واقع الإيدز في اليمن؟ الإيدز مرض صامت يتسلل بطرق عدة إلى جسد الإنسان ويحطمه بهدوء وببطء ويضعف مقاومته ويحدث الأمراض الانتهازية والأورام السرطانية التي تقضي على المريض، لذا فإن بعض المصابين لا يعرفون بأنهم حاملون للفيروس وهذه مشكلة أخرى فقد ينقلون الفيروس لشخص سليم لذا فنحن نشجع الفحص الطوعي للتأكد من خلوه من الفيروس وعدم انتشاره.. لذا أقول بأن مرض الإيدز مرض متشعب وقد أصبح حقيقة بيننا وهناك حالات مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في بلادنا وتلعب الأمية والفقر وعدم المعرفة بطرق الانتقال دوراً كبيراً في انتشار المرض في أوساط المجتمعات .. لكن المشكلة أن البعض مازال يعتقد أن هذا المرض خاص بالأجانب فقط وأصحاب العيون الزرقاء .. فيما فيروس HIV لا يفرق بين كبير أو صغير أبيض كان أو ذوي اللون الأسمر يمنياً أو أجنبياً .. فالأم المصابة بالفيروس تستخدم أدوية واقية أثناء حملها حتى لا يولد الطفل مصاباً بالفيروس. وهناك حالات مصابة في بعض المحافظات وإن كانت نسبتها ضئيلة بحسب بعض التقديرات، فإن هذا لا يعني أن نتساهل بالتعامل مع المرض ولا نلقي له بالاً. • كم عدد الحالات المصابة بفيروس الإيدز في بلادنا؟ للأسف الشديد لا توجد هناك إحصائية علمية دقيقة توضح عدد المصابين في اليمن وهذا يعد خللاً كبيراً لدى واضعي السياسات الصحية في بلادنا ويقلل من الرؤيا والاستراتيجيات الهادفة إلى محاصرة المرض بطرق علمية صحيحة، هناك أرقام تشير إلى أن عدد المصابين في اليمن يبلغ أكثر من 2800 حالة لكن هذا الرقم تم اكتشافه عن طريق الصدفة كأن يتم فحص متبرع بالدم لأحد المتعرضين لحادث ما فتظهر النتيجة بأنه مصاب .. أو يتم الفحص لغرص الحصول على عمل أو تأشيرة فيزا ... وهكذا يتم التبليغ عن الحالات المصابة إلى البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز بوزارة الصحة العامة والسكان. بمعنى أن هناك حالات يتم اكتشافها في المستشفيات خاصة وحكومية لا يتم التبليغ عنها ... فلا ننتظر، الصدفة هي التي تنبهنا بهذا الخطر الذي غزا بلادنا وهاجم بسهومه ضحايا جدداً .. لذا نحن بحاجة ماسة إلى دراسة علمية تغوص بتفاصيل هذا المرض وتوضح حجم الإصابات والأسباب التي تساعد على انتشاره ليتم بموجبها إعداد استراتيجيات وخطط تحد من انتشار المرض في بلادنا. لا للوصمة المجتمعية • حدثنا عن انعكاسات النظرة السلبية للمصابين. من خلال عملنا في مجال مكافحة الإيدز التقينا العديد من الحالات المصابة في أوساط اليمنيين ولمسنا بأنهم مؤمنون بالمرض لكن معاناتهم تزداد أكثر من الوصمة المجتمعية أكثر من معاناتهم من المرض، وقد حدثني منسق البرنامج الوطني للإيدز في محافظة تعز بأنه يتم بين الحين والآخر اكتشاف حالات جديدة بالمحافظة ويتم التعامل معهم بإيجابية من حيث سرية المعلومات حتى لا يتعرضوا للمضايقات من قبل البعض .. فالنظرة السلبية للمصابين تضعهم في زاوية ضيقة وتشكك بأخلاقهم وتجرمهم وربما أن هذه المعاملة تحول المصاب إلى شخص منتقم وهذا يضاعف من حجم المشكلة ولا يساعد في التقليل منها، كما أنه ليس من حق أحد أن ينصب من نفسه قاضياً ويطلق الأحكام والتهم على الآخرين .. وديننا الإسلامي يحثنا على التعامل الحسن مع المرضى. وتعد بلادنا من أوائل البلدان العربية التى أصدرت قانوناً للمتعايشين مع الايدز.. ونحن في إعلام المجلس الوطني نعمل على إزالة وصمة التمييز ضدهم لإدماجهم في المجتمع. ودعا الشميري في ختام حديثه وسائل الإعلام المختلفة إلى مواصلة التوعية بمخاطر مرض الإيدز وإلى إيلاء هذا الجانب مزيداً من الرعاية والاهتمام وذلك بصورة مستمرة، وأن لا يكون الاهتمام والتركيز على هذا الجانب في المناسبات أو في المواسم فقط وإنما بشكل متواصل وعلى مدار العام متمنيا لكل اليمنيين ولشعوب العالم أجمع دوام الصحة والعافية والسلامة من مخاطر المرض ومن الأمراض والأوبئة الأخرى.