الدكتور/ محمد حجر مستشار التحصين الموسع بوزارة الصحة : انعكس التحصين الروتيني في تخفيض حالات الإصابة بالحصبة وانحسار وفيات الأطفال واقعنا يفرض ألا نتغاضى عن الأوضاع غير الصحية التي رسمت على جبين واقع الطفولة المآسي والمتاعب ,وأن نرسي قواعد الصحة العامة متصدين لكل مامن شأنه الإضرار بصحة وسلامة فلذات الأكباد. وأول خطوة نخطوها لوقف هذا اللغط وتقويض أركانه نحو تحقيق الحماية الكاملة لأطفالنا من الأمراض القاتلة هي بتحصينهم ضد أمراض الطفولة القاتلة ,بدءً من بعد ولادتهم مباشرة مع تواصل تطعيمهم بكامل الجرعات في المواعيد المحددة بكرت أو بطاقة التطعيم الخاصة بكل طفل. تزامناً مع أسبوع التحصين الموسع خلال الفترة من 24 27 أبريل 2010م التقينا بالدكتور محمد محمد حجر مستشار التحصين الموسع بوزارة الصحة العامة والسكان لاستعراض القضايا المتعلقة بالتحصين واستراتيجية وتفاصيل أخرى حول هذا الأسبوع. كل ذلك في السياق التالي: النشأة والدعم بالعودة بالزمن إلى البدايات الأولى للتحصين متى كانت انطلاقته محلياً؟ وما الداعي إلى اهتمام المنظمات العاملة في الحقل الصحي بالتحصين تحديداً؟ كانت البداية الأولى لبرنامج التحصين عام 1977م ووقته أقر البرنامج في إطار خطة خمسيه أولى امتدت خلال الفترة من 1977 1981م مستهدفاً تحصين الأطفال دون العام من العمر ولم تكن جميع الأمراض المستهدفة اليوم مستهدفة آنذاك ,بل البعض منها ثم في وقت لاحق استهدفت بالتطعيم ستة أمراض فتاكة وهي (السل شلل الأطفال الخناق الكزاز السعال الديكي الحصبة) ,حيث أثبتت الأبحاث أن هذه الأمراض من أولى مسببات الوفيات بين الأطفال دون السنة من العمر ,لقلة مقاومة أجسادهم وقابليتها العالية للإصابة بتلك الأمراض ,ولذلك استهدفوا بالتحصين الروتيني. وبدأ برنامج التحصين عمله تحديداً بعد إعلان خلو العالم من الجدري واستئصاله نهائياً منه ,ومثل محور اهتمام منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف منذ بدايته الأولى , لدوره الفاعل في وقاية وحماية الأطفال من أمراض الطفولة القاتلة ,فقد تبنتا البرنامج وحرصتا على تقديم الدعم للبلدان لاسيما في الجانب الفني. كما قدمتا الدعم لبلادنا والذي شمل أيضاً تجهيزات سلسلة التبريد ووسائل النقل واللقاحات على النحو الذي مكنها من نشر وتوسيع أنشطة البرنامج ,وفي إطار أهداف برنامج التطعيم للنساء في سن الإنجاب من عمر 15 45 سنة بلقاح الكزاز والذي يؤدي إلى حماية المواليد من حدوث الكزاز الوليدي المميت لمدة معينة تصل إلى شهرين على ولادتهم ,من خلال انتقال المناعة من الأم إلى وليدها ,شرط تلقيها للجرعات الخمس المضادة للكزاز لتنال وقاية دائمة من المرض تستمر معها طيلة حياتها الإنجابية ولتضمن مواليدها القادمين بشكل مؤقت على نحو ماذكرت. وهذا البرنامج أي برنامج التحصين يطلق عليه (EPT) كون المستهدفين فيه في زيادة مستمرة بزيادة السكان ,ولأن العديد من اللقاحات تضاف إليه بين فترة وأخرى. وكان لبلادنا أن أضافت لقاح الكبد البائي لينظم إلى التطعيمات الروتينية التي يحصل عليها الأطفال المستهدفون ,جاء ذلك عام 1999م ثم في عام 2005م أضيف اللقاح الخاص بالمستدمية النزلية (ب) المسببة لالتهاب السحايا والالتهابات حول القلب والأذن والمفاصل في لقاح مدمج خماسي مضاد لخمسة أمراض قاتلة وهي (الدفتريا الكزاز السعال الديكي الالتهاب الكبدي البائي المستدمية النزلية نوع ب) وحل بذلك محل اللقاح الثلاثي المضاد لثلاثة أمراض فقط من هذه الأمراض ,وكان لليمن السبق بين دول المنطقة في إدخال هذا اللقاح الخماسي المدمج. إن التعاون الذي أرسته وزارة الصحة العامة والسكان ممثلة بالبرنامج الوطني للتحصين الموسع مع حلف اللقاحات العالمي ولا ننسى هنا دور منظمة الصحة العالمية الذي أثمر عن تقديم حلف اللقاحات العالمي الدعم والمساندة لإدماج الخماسي ضمن جرعات التطعيم الروتيني للأطفال دون العام من العمر ,وكذلك أثمر عن إضافة لقاح المكورات الرئوية المسببة لالتهابات رئوية حادة ,وسينضم ويدمج عما قريب بعون الله من خلال ثلاث جرعات ليقدم للأطفال دون العام من العمر تزامناً مع تلقيهم للجرعات الثلاث للقاح الخماسي وشلل الأطفال. هذا بالإضافة إلى أن وزارة الصحة العامة والسكان من خلال التعاون المثمر والمستمر بينها وبين منظمتي الصحة العالمية واليونيسيف وبينها وبين حلف اللقاحات العالمي.. تسعى إلى إضافة لقاح جديد هو لقاح (فيروس الروتا) المسبب للإسهال لدى الأطفال.. وكل ذلك يوضح جلياً مدى الأولوية الكبرى والاهتمام الكبير ببرنامج التحصين الموسع الذي توليه قيادة وزارة الصحة العامة والسكان. الاهتمام السياسي ما موقع التحصين الروتيني في أجندة وزارة الصحة العامة والسكان والحكومة ؟وهل أثمر اهتمامها بالتحصين عن تحقيق نتائج ملموسة؟ وزارة الصحة العامة والسكان في الواقع تعطي أولوية وأهمية كبيرة لبرنامج التحصين والقيادة السياسية مهتمة به أيضاً ,فالدعم السياسي قائم ومستمر وكذلك توفير الميزانيات الخاصة ببرنامج التحصين حتى أن اليمن أصبحت في طليعة البلدان التي تقوم بشراء اللقاحات الأساسية بل والمشاركة في قيمة شراء هذه اللقاحات منذ عام 2002م وفي قيمة شراء اللقاح الخماسي منذ عام 2006م. لاخلاف على هذا ,لكن النجاح مرهون بالنتائج ,فماذا تحقق منها على خلفية الدعم الذي ذكرته والاهتمام السياسي؟ بهذا الدعم وهذه الأولوية للتحصين استطاع البرنامج الوطني للتحصين الموسع تحقيق تغطية للأطفال المستهدفين بالجرعة الثالثة (للخماسي وشلل الأطفال) فهذا هو المعيار الأساسي للتقدم وصولاً إلى نسبة 85 % في عام 2005م تلا ذلك إلى الأعوام 2006م 2007م 2008م 2009م بلوغ نسبة تغطية للمستهدفين وصلت إلى 87 %وهي نسبة وضعت البلاد في مصاف البلدان العالية التغطية بالتطعيمات الروتينية. وانعكس تنشيط التحصين الروتيني في تحقيق خفض كبير في حالات الإصابة بداء الحصبة وانحسار الوفيات الناجمة عنه. ويحضرنا الحديث عن حملات التحصين ضد الحصبة فقد كان لها إسهام في تحقيق هذا النجاح لاسيما الحملة الوطنية الشاملة ضد هذا المرض التي نفذت عام 2006م مستهدفة الأطفال من عمر 9 أشهر 15عاماً ,وعزز ذلك أيضاً ماتلاها من حملة نفذت العام الماضي 2009م مستهدفة الأطفال من عمر 9 أشهر 5 أعوام ,في عدد من المديريات ببعض المحافظات التي سجلت انخفاضاً ملحوظاً من ناحية الإقبال على التطعيمات الروتينية ,وقد نفذت بالتزامن مع حملة ضد مرض الكزاز للفتيات والنساء في سن الإنجاب من عمر 15 45 عاماً. كذلك عملت الحملات التي نفذتها اليمن ضد شلل الأطفال بشكل مكثف عملت على وقف انتشار المرض ومن ثم انحساره تماماً حتى أنه لم تعد ترصد في اليمن حالات إصابة جديدة بهذا الداء منذ فبراير 2006م الأمر الذي جعلها تنال استحقاقاً بخلوها من فيروس شلل الأطفال بناءً على توصيات لجنة الإشهاد وتوصيات المراقبين والخبراء الدوليين ,بل ومنحت بذلك إشهادا من منظمة الصحة العالمية بخلوها منه منتصف عام 2009م.. وقد لاحظ المقيمون والمراقبون الدوليون ماحققته اليمن في هذا الصدد واعتبروا نجاحها نموذجاً للنجاحات التي تحققت لحملات التحصين كحملات شلل الأطفال وحملات الحصبة. نظام المعلومات ماهي دقة الأرقام والإحصاءات المتبعة في البرنامج الوطني للتحصين الموسع؟ يتبع البرنامج الوطني للتحصين الموسع نظاماً دقيقاً للمعلومات وعملية التحقق أكدت فعالية هذا النظام ,إذ ليس فيه تخمين فمن خلال فريق دولي من طرف حلف اللقاحات العالمي أواخر عام 2006م حقق البرنامج نسبة تطابق فائقة في نظام المعلومات وصلت إلى 99,9 %وترتب على هذه النتيجة حصول البلاد على مكافأة وجائزة داعمة لبرنامج التحصين بلغت (مليونين و300 ألف دولار أمريكي وجهت لدعم البرنامج وتعزيز إمكانياته في سلسلة التبريد ووسائل النقل وتدريب الكوادر. أسبوع التحصين ما الداعي إلى إقامة أسبوع للتحصين الروتيني؟ ولماذا تحديداً خلال الفترة من 24 30 أبريل 2010م ؟ - تعتزم وزارة الصحة تنفيذ أسبوع للتحصين الموسع خلال الفترة من 24 30 أبريل 2010م وشعاره لهذا العام (التحصين مسؤوليتنا جميعاً) بناءٌ على دعوة المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق البحر المتوسط للدول المنتمية إليه لإقامته وذلك بهدف تعزيز الوعي لدى الآباء والأمهات وقادة المجتمع وصانعي القرار بمشاركة القطاعات المختلفة لزيادة الدعم لبرنامج التحصين وتوفير الموارد المالية التي تضمن استمرارية هذا البرنامج الحيوي. حيث تتبع بلادنا لتنفيذ برنامج التحصين استراتيجيات أثبتت النتائج فعاليتها وهي: 1 التطعيم من خلال المواقع الصحية الثابتة: عبر المرافق الصحية المقدمة لخدمة التحصين بشكل مستمر طوال العام. كما هو مبين في الجدولين ادناه. 2 تنفيذ النشاط الايصالي : من خلال إيصال خدمات التحصين للمناطق النائية التي تتوفر فيها مرافق صحية بواسطة فرق متحركة تعمل في القرى ,وكذا عبر فرق تطعيم تخرج من المرافق الصحية للمنطقة إلى القرى أو العزل الواقعة في محيط المرافق. 3 تنفيذ الحملات ضد (شلل الأطفال الحصبة الكزاز) وبالتالي أعطت هذه الاستراتيجيات عندما اتخذت حيز التنفيذ تغطية كبيرة بالتطعيمات في أوساط الفئات المستهدفة. وانوه إلى أن تنفيذ المرحلة الأولى من النشاط الإيصالي للعام 2010م لن يتزامن مع أسبوع التحصين الموسع ,نظراً لسوء الأحوال الجوية في أوروبا التي أدت إلى أن توقف الرحلات الجوية ,ماسبب تأخر وصول اللقاحات عن موعدها المحدد. كذلك لايعني تنفيذ هذا الأسبوع للتحصين أن هناك حملة تحصين بالجرعات الروتينية ,إنما التحصين الروتيني قائم على كل حال ,على مدار العام في جميع المرافق الصحية المقدمة لخدمات التطعيم في سائر المحافظات لتحصين جميع الأطفال دون العام والنصف من العمر بحسب مواعيد الجرعات المدونة ببطاقة أوكرت التطعيم الخاص بالطفل ,وكذلك الأمر بالنسبة لتحصين الفتيات والنساء في سن الإنجاب من عمر (15 45 عاماً) بالجرعات الخمس ضد مرض الكزاز ,ذلك أن قدرة الجسم على مقاومة الميكروبات والجراثيم التي يؤمن التحصين وقاية منها مرهونة بالحالة المناعية التي يحصل عليها من خلال جرعات التطعيم من أجل أن يتمكن من صدها ومنع الإصابة بها.