الالتهابات تسبب تسمم الدم والشلل والعمى عند الأطفال الشلل الحركي بمختلف أشكاله، الصمم، العمى، الالتهاب الرئوي الحاد، تضرر الدماغ والجهاز العصبي بشكلٍ خطير وأضرار تدميرية أخرى بالجسم في(القلب، الكبد، العضلات، الأعصاب).. تعد جزءاً من العلل الوخيمة الناجمة عن أمراض الطفولة التسعة التي تتربص الدوائر بفلذات الأكباد، وغالباً ما تودي بحياة الكثيرين. . وتظل الوقاية بالتحصين مطلوبة للحد منها ومن مضاعفاتها الخطيرة والمميتة.. في ثنايا اللقاء التالي مع الدكتور محمد حجر – مستشار التحصين الموسع بوزارة الصحة العامة والسكان، سننقل عن كثبٍ الصورة الحقيقية لمشكلة الالتهابات الجرثومية الناشئة عن المكورات الرئوية وميزة اللقاح المضاد للمكورات في تعزيزه صحة فلذات الأكباد دون سن الخامسة، وما إلى ذلك من تفاصيل في السياق التالي: أمراض قاتلة • تسعة أمراض تهدد عافية الأطفال وتدمر مستقبلهم لتسببها بعاهات وإعاقات دائمة مدى الحياة قد تؤدي إلى الوفاة، وهي مسؤولة عن ارتفاع عدد وفيات الأطفال دون الخامسة من العمر.. ما قراءتك لحجم المشكلة لاسيما مع إحجام بعض الآباء والأمهات عن تحصين أطفالهم؟ _ أمراض(السل، شلل الأطفال، الكزاز، التهاب الكبد البائي،التهاب السحايا بسبب المستدمية النزلية “ب”، الخناق، السعال الديكي، المكورات الرئوية، الحصبة) جميعها أمراض تهدد صحة الأطفال الذين يُحرمون ولا يحُصنون ضد هذه الأمراض بكامل جرعات التحصين في مواعيدها خلال عامهم الأول من العمر وحتى آخر جرعة (الجرعة الثانية) ضد مرض الحصبة لدى بلوغهم عاماً ونصف من العمر. حيث يذكر تقرير لمنظمة الصحة العالمية بأن نصف وفيات الأطفال الناتجة عن السعال الديكي وثلث الوفيات بشلل الأطفال وكذلك ربع الوفيات بمرض الحصبة تحدث قبل العام الأول من العمر، وهذا لاشك نتيجة حرمانهم من التحصين الروتيني. أوجه الاستعدادات • انضمام لقاح المكورات الرئوية إلى لقاحات التحصين الروتيني للأطفال دون العام من العمر يندرج ضمن جملة من الاستعدادات والتحضيرات لهذه الخطورة النوعية.. فما أوجهها وأوجه المساعي الرامية إلى إضفاء المزيد من معززات الوقاية والحماية للطفولة في البلاد ؟ _ أوجه الاستعدادات على مختلف المستويات.. مركزياً ولا مركزياً وعلى مستوى المرافق الصحية كثيرة ومنها تدريب (3آلاف) عامل صحي بالمرافق الصحية على دليل المكورات الرئوية الذي أعُد سلفاً لأجل هذا التدريب . أيضاً أقام برنامج التحصين دورات تدريبية لمشرفي التحصين المركزيين ومشرفي المحافظات للاضطلاع بمهامهم الجديدة في الإشراف على التطعيم ضد المكورات الرئوية، وكذا دورات أخرى لمسؤولي الترصد الوبائي ومدراء الرعاية الصحية الأولية مع تعزيز سلسلة التبريد للقاحات، وكل ذلك على مختلف الأصعدة مركزياً وعلى مستوى المحافظات والمديريات والمرافق الصحية. كما تم تأمين لقاح المكورات الرئوية بدعم من حلف اللقاح العالمي ومساهمة حكومية تصل إلى أقل من ربع دولار لكل جرعة، بما يكفي لتحصين الأطفال المستهدفين دون العام من العمر في اليمن بثلاث جرعات والذين يصل عددهم تقريباً إلى (840) ألف طفل. كما أن الاستعدادات على مستوى جميع المرافق الصحية في جميع المحافظات والمديريات في طريقها إلى الجاهزية الكاملة ليوم تدشين لقاح المكورات الرئوية في (29يناير 2011م)، وبدءاً من هذه الانطلاقة للقاح سيتم إدراجه بصورة مستمرة ضمن لقاحات التحصين الروتيني ليُعطى بمعية لقاحي الخماسي وشلل الأطفال جرعة بجرعة حتى اكتمال الجرعات الثلاث المطلوبة. لقاح متعدد الإفادة • طالما لقاح المكورات الرئوية يقي من(13) نمطاً أو نوعاً من جراثيم المكورات، وهناك ما يزيد عن (20 نمطاً)مصلياً.. أليس في هذا دلالة على أنه يقي فقط من الالتهابات الجرثومية للمكورات الرئوية وليس جميعها؟ ليس في الأمر مشكلة طالما توفر هذا اللقاح الذي يقي الطفولة من ( 13) نمطاً مصلياً من الجراثيم التي تسبب التهابات جرثومية واسعة في الجهاز التنفسي العلوي والسفلي والتي تؤدي أيضاً- إلى تسمم الدم الجرثومي والتهاب السحايا (الغشاء المحيط بالدماغ أو المخيخ)، وطالما أنه يٌعطي بجرعاته الثلاث وقاية من أمراض المكورات بنسبة تتراوح بين (75 - 85 %) . تذليل الصعوبات • لماذا لم يضُم لقاح المكورات الرئوية ويُدرج مع لقاحات التحصين الروتيني مسبقاً وليس الآن ليشكل رديف وقاية أوسع ضد أمراض المكورات وامراض الطفولة القاتلة ؟ كلفة لقاح المكورات الرئوية العالية من جهة والتي تصل إلى (80دولاراً) للجرعة الواحدة، ومحدودية المصانع المنتجة له من جهة أخرى.. شكلا عامل صعوبة وأسهما في عدم التفكير خلال السنوات الماضية بدمج هذا اللقاح ضمن نظام التحصين الروتيني للأطفال دون العام . إذ كان لابد من الحصول على دعم حلف اللقاح العالمي في هذا الشأن، لدوره الكبير في مساندة البلدان النامية وفق بروتوكولات محددة يُشترط فيها نسبة تغطية عالية للقاحات الروتينية في البلد. حيث اشترط الحلف ضمان التغطية الروتينية بلقاح الخماسي المضاد لأمراض(الكزاز، التهاب الكبد البائي، الخناق، السعال الديكي، التهاب السحايا المَُسَبَب بالمستدمية النزلية “ب”)، بما يزيد عن (70 %) للأطفال المستهدفين دون العام من العمر . وبالتالي عندما تمكنت اليمن من تحقيق نسبة أعلى وصلت إلى (85 %) فيما يخص التغطية للأطفال دون العام بلقاحات التحصين الروتيني على مدى السنوات السابقة، منذ عام 2005م وحتى عام 2009م، حصلت بذلك على دعم الحلف للقاح المكورات الرئوية بعد موافقة اللجنة المستقلة على تزويد اليمن به لينضم إلى التحصين الروتيني للأطفال في اليمن التي لا يتجاوز دعمها - كما ذكرت- من التكاليف للجرعة الواحدة من اللقاح سوى (20)سنتاً أمريكياً. إلى جانب مسؤولية اليمن عن استقبال اللقاح وتخزينه وتوزيعه وضمان سلامة سلسلة التبريد على جميع المستويات مركزياً وبالمحافظات والمديريات وعلى مستوى المرافق الصحية. تجارب مع اللقاح • هل تم استخدام لقاح المكورات الرئوية من قبل في دول أخرى من العالم؟ وما مؤشرات النجاح التي تحققت من جراء استخدامه؟ مع نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات واللقاحات المضادة لأنماطٍ مصلية من المكورات الرئوية تُعطى في البلدان المتقدمة. شروط التحصين •هل ثمة شروط معينة للتحصين بلقاح المكورات الرئوية؟ وما طبيعة الموانع التي تستدعي إيقاف جرعة اللقاح أو تأجيلها؟ يتم إعطاء لقاح المكورات مقترناً بلقاحي الخماسي وشلل الأطفال، باعتبار الفئة المستهدفة بلقاح المكورات دون العام من العمر، وهي الفئة المستهدفة ذاتها بالجرعات الثلاث للقاحي الشلل والخماسي..وليس هناك أي موانع من إعطاء اللقاح المضاد للمكورات للأطفال دون العام، بينما لا يعُطى لمن تجاوز هذا السن، باستثناء الموانع التي تسري على كافة اللقاحات، كالإصابة بصدمة عصبية أو وعائية عند تلقي الطفل اللقاح السابق، أو ارتفاع درجة الحرارة إلى ما فوق(38,5درجة مئوية) أو لدى إصابة الطفل بتشنج عند التطعيم. أضف إلى ذلك الحالات الحرجة التي تحتاج ترقيد وعناية طبية في المستشفى . أيضاً لا مانع من أن يُعطى اللقاح للأطفال (الخُدج) - أي الذين يولدون قبل اكتمال أشهر الحمل- أو الذين يعانون أمراضاً تسبب تدني مناعة الجسم مثل المرضى بالإيدز أو من يعانون فقر الدم المنجلي. شروط وقائية • ما مجمل الشروط والاعتبارات الأخرى المعززة للوقاية من المكورات الرئوية؟ للوقاية الشخصية من المكورات الرئوية شروط محورها الالتزام بالسلوك الحسن المبني على النظافة كاستخدام منديل أثناء العطاس، وكذا عند السعال لمنع انتقال جراثيم المكورات الرئوية عبر الرذاذ في الهواء الذي يطلقه المصابون بالمرض، فإذا انتشرت هذه الجراثيم في الهواء بفعل الإهمال يسهل عليها الانتقال إلى الأصحاء وخصوصاً الأطفال دون سن الخامسة والرضع الذين تقل مناعتهم كثيراً في هذه المرحلة من حياتهم وتحديداً من هم دون الستة الأشهر الأولى من العمر وغير المعتمدين على الرضاعة الطبيعية الخالصة من الثديين الذين تتدنى مناعتهم كثيراً حيال الأمراض التنفسية. وبالتالي يظلون بحاجة إلى تحصين يقيهم الإصابة بالأمراض القاتلة ومنها المكورات الرئوية من منطلق أن التطعيم يتيح وقاية منها . كذلك تجنب استخدام الأشياء الشخصية التي يستعملها المرضى بالالتهابات التنفسية كالمناديل. بالإضافة إلى ضرورة الحرص على ارتداء الملابس الثقيلة للوقاية من البرد. أما الشق الآخر للوقاية فهو التحصين بلقاح المكورات الذي يُعطى للأطفال دون العام من العمر متزامناً مع لقاحي الشلل والخماسي، ويتيح مناعة ضد جراثيم المكورات الرئوية الواسعة الانتشار بنسبة تصل إلى (75 - 85 %).