ما إن ترى عينييك الدنيا في أولى لحظات الفجر، تتفتح زهرة عينيك، وترى الوهج في لحظات مخاضه الأولى يقاوم عتمة الليل، لحظتها تتوقد في عينيك رغبة روحية، ربما تقود قدميك حيث بيوت الله منتشرة في الأصقاع! فعلى الرغم من ارتخاء الحبال الصوتية بعد النوم، إلا أن أحرف القرآن لعذوبتها أخالها كما لو كانت تتدحرج بعفوية من بين تلك الارتخاءات العجوزة، تقتحم بسهولة ذلك الهدوء التي تعيشه أعضاء أجسادنا، لتملأ الأجواء الداخلية بالكثير من اللعب والملاطفة والقليل من الحشرجة، تلك هي صورة الإمام العجوز أو الشاب، حين ينطلق مارد صوتهم يملأ الآفاق، عبر مكبرات الصوت. في حين أن تضرعات العباد تعانق عنان السماء، ونظراتهم الضارعة التي يحملها بساط الصوت هي الأخرى تخترق حاجز السماء، وتصل لكن إلى أين؟ فتلك هي مشيئة الرب. - والغبش يكاد يفتح عينيه يتدلل أشهراً كثيرة، لكنه في كلٍ ينجح في أن يحوي الدنيا بين جفنيه، لا يمل أبدا! والنسمات الباردة إذ تتغلغل تحطم جدار القفص الصدري الجامد، لتحرر معها الثِّقل الذي نشعر به بعد ساعات نوم طويلة. لكن لو كانت تلك النسمات أكثر نقاء، لشقت طريقها حتى أنعشت كل خلايا جسدنا، ولشقت الطرقات المتعرجة التي كنا ضالعين نحن في تعرجها، حين أتخمنا بها معدتنا أوبالخربشات التي على جدران قلوبنا. في لحظتها تشعر كما لو كنت قادرا على أن تأخذ قطعة من تلك السماء، تخبئها بين يديك الصغيرتين، فتشعر بالطفل داخلك، فلا تخجل من ذلك واستمتع. مد يديك وأغمض عينيك، واشعر كما لو كنت أكبر من كل هذا الكون، واجعله بين يديك، وتذكر أنه لا شيء مستحيل، طالما أن الله قد تعهد بالرعاية يومك ذاك. إياك أن تحرم نفسك من هذه اللحظات، وحاول أن تعيشها يوميا؛ لتشعر بلذة الصلاة وجمال الطبيعة في ذلك الوقت، ونقاء روحك الرائعة. لا تتردد فأنا أكيدة بأنه في منزل كل منكم نوافذ عديدة، عش الطقس هذا كل يوم في إحداها واستمتع، وأسعدت أوقاتا أيها الأخ الإنسان الرائع.