صلة الأرحام ليست شيئاً هامشياً في حياة المسلم، فإحدى المعالم الكبرى في رسالة الإسلام هي صلة الأرحام،فعندما سأل هرقل عظيم الروم أبا سفيان بن حرب- وكان لا يزال مشركاً- عن أحوال الرجل الذي بُعث فيهم، كان من ضمن أسئلة هرقل أن قال له: (وبم يأمركم)فقال أبو سفيان:( يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف) وعندما سأل عمرو بن عبسة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غايات رسالته قال:( أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يُوحد الله لايُشرك به شيء) فصلة الأرحام برهان على صلاح الباطن بالتقوى والخوف من الله، وصلاح الظاهر بحسن الخُلق مع عباد الله وقد استنبطت خديجة رضي الله عنه من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أرحامه وأهله وجيرانه ما أكد لها أن ما جاءه وحي من عند الله، فعندما شكا إليها خوفه وارتياعه من نزول الوحي قائلاً:زملوني زملوني،دثروني دثروني، خففت من روعه قائلة:(كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم،وتحمل الكل، وتكسب المعدوم،وتعين على نوائب الحق)والتعبد بصلة الأرحام من أجل أعمال البر المقربة إلى الله عز وجل فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله : دلني على عمل يدنيني من الجنة ويباعدني من النار،فقال له:( تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة،وتصل ذا رحمك)فلما أدبر الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن تمسك بما أمر به دخل الجنة) ومع أن صلة الأرحام من أوسع سبل السلام الموصلة إلى دار الخلود،فإن قطعها من أسرع الطرق الموصلة للهلاك في الدنيا والآخرة، ولهذا اقترن قطع الأرحام بالإفساد في الأرض فقال تعالى:(فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم(22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) محمد(22-23) وقد توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قاطع الرحم فقال:( لا يدخل الجنة قاطع رحم).