منذ الأزل والإنسان اليمني يشتهر بأنه استطاع تطويع الطبيعة واستثمار حتى قسوتها لصالحه ، وتجلى هذا التفوق للإنسان اليمني جلياً في مجال الزراعة والري ، فبنى الأراضي الخصبة على الصخور الجبلية وابتكر تقنية المدرجات الزراعية الجبلية ، كما اشتهر باختراع الآلات والأدوات الزراعية التي توفر حصيلة إنتاجية كبيرة وتساعد في رفع مستوى الجودة. ابتكار الغذاء ولم يقتصر إبداع اليمانيين على تلك التقنيات بل اتجهوا حديثاً صوب استثمار المزروعات والمحاصيل في مجالات عدة ، كما ذكرت دراسة حديثة أجراها مركز البحوث والدراسات لما بعد الحصاد في مدينة عدن ، حيث استطاع فريق بحثي تابع للمركز بتحويل عصير الطماطم إلى مادة غذائية أساسية مليئة بالفائدة والسعرات الغذائية العالية ، وجاء ذلك استثماراً لتوافر محصول الطماطم في فصل الصيف واستغلال الفائض منه. ابتكار « منال» وفيما يتعلق بالأمراض ومكافحة الآفات الزراعية كان اليمني أيضاً في قمة الخبراء في هذا المجال منذ القدم ، وحديثاً توصلت دراسة زراعية الى تفوق الصنف «منال» (نوع من بذور الطماطم) على مقاومة الأمراض التي تصيب ثمار الطماطم من بين سبعة أصناف أخرى حيث أجريت التجارب عليها في حقول المزارعين في كلٍ من مديريات المعافر والمواسط والشمايتين بتعز خلال الأعوام 2006و2009 بتعز , وخلال العام الحالي أثبتت التجارب التي نفذت في دراسة بحثية من قبل المهندس والباحث الزراعي ( خالد القرشي) ضمن الأنشطة البحثية لفرع المحطة البحثية للمرتفعات الحنوبية ( تعز وإب)بالتنسيق مع عدد من الوكلاء المحليين المستوردين لأصناف بذور الطماطم .. واهمية هذه الدراسة البحثية باعتبار أن محصول الطماطم من محاصيل الخضروات الرئيسية في اليمن , وقد انتشرت زراعته في الآونة الأخيرة باقليم المرتفعات الجنوبية لما له من مردود اقتصادي كبير , ونتيجة استمرار المزارعين قطف الثمار , مما جعل المزارعين يلجأون للتغلب على هذه الأمراض ومنها الاصابة بمرض فيروسي التفاف أوراق الطماطم , الى استخدام المبيدات الكيماوية وبكميات كبيرة . ومعروف ان هذه المبيدات تشكل خطورة على المستهلك والمزارع والبيئة .. ومن هنا كان استنباط الصنف منال من ضمن الاصناف الاخرى التي شملتها الدراسة , والتي اظهرت ظهور الامراض عليها بينما الصنف منال اثبت تفوقه عليه من خلال مقاومته للأمراض وعدم ظهور الإصابة عليه.. وحالياً ينتشر زراعة هذا الصنف في محافظات تعز وأبين ولحج . وله مميزات خرجت بها الدراسة , تتلخص في الآتي: - أعطى انتاجية وجودة عالية من الثمار وقد بلغت متوسط انتاجيته 42 طناً للهكتار. - توفير النفقات المالية الخاصة بالرش بالمبيدات الكيماوية. - المحافظة على البيئة من التلوث بالمبيدات الكيماوية. - عدم تعرض حياة المستهلك والمزارع لمخاطر المبيدات الكيماوية . الحاجة إلى دعم كل ذلك يؤكد أن اليمنيين كانوا قديماً أو حديثاً يواصلون هواياتهم المفضلة في تليين البيئة لمصلحتهم ، وتطويع القاسي لنفوذهم ، واستغلال الظروف والقدرات لتعود بالنفع والخير عليهم ، فالدراسات والأبحاث والعلمية ، خاصةً الاقتصادية منها بمقدروها إن منحت الدعم والإمكانيات اللازمة والتشجيع والرعاية والاهتمام أن تحقق الكثير لزراعتنا واقتصادنا الذي لن يتطور أو يتقدم إلا بالاعتماد على التراث الخاص بنا أولاً ، إلى جانب البحث العلمي المتواصل واستثمار العلوم الحديثة.