رائحة الخيانة والتآمر على حضرموت باتت واضحة وبأيادٍ حضرمية    يافع تثور ضد "جشع التجار".. احتجاجات غاضبة على انفلات الأسعار رغم تعافي العملة    عمره 119 عاما.. عبد الحميد يدخل عالم «الدم والذهب»    بعد إخفاق يحيى.. جيسوس يطلب ظهيرا أيسر    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    لم يتغيّر منذ أكثر من أربعين عامًا    الاتحاد الأوروبي يوسّع مهامه الدفاعية لتأمين السفن في البحر الأحمر    مجموعة هائل سعيد تحذر من المعالجات العشواىية لأسعار الصرف وتنبه من أزمات تموينية حادة    تظاهرات في مدن وعواصم عدة تنديداً بالعدوان الصهيوني على غزة    غزة في المحرقة.. من (تفاهة الشر) إلى وعي الإبادة    السعودي بندر باصريح مديرًا فنيًا لتضامن حضرموت في دوري أبطال الخليج    العنيد يعود من جديد لواجهة الإنتصارات عقب تخطي الرشيد بهدف نظيف    - اقرأ سبب تحذير مجموعة هائل سعيد أنعم من افلاس المصانع وتجار الجملة والتجزئة    الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تحذر من اختفاء أوكرانيا كدولة    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    حملات ضبط الأسعار في العاصمة عدن.. جهود تُنعش آمال المواطن لتحسن معيشته    في السياسة القرار الصحيح لاينجح الا بالتوقيت الصحيح    قادةٌ خذلوا الجنوبَ (1)    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    أحزاب حضرموت تطالب بهيكلة السلطة المحلية وتحذر من انزلاق المحافظة نحو الفوضى    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة نذير محمد مناع    إغلاق محال الجملة المخالفة لقرار خفض أسعار السلع بالمنصورة    لهذا السبب؟ .. شرطة المرور تستثني "الخوذ" من مخالفات الدراجات النارية    منع سيارات القات من دخول المكلا والخسائر بالمليارات    تكريمًا لتضحياته.. الرئيس الزُبيدي يزيح الستار عن النصب التذكاري للشهيد القائد منير "أبو اليمامة" بالعاصمة عدن    لاعب المنتخب اليمني حمزة الريمي ينضم لنادي القوة الجوية العراقي    المشايخ في مناطق الحوثيين.. انتهاكات بالجملة وتصفيات بدم بارد    عدن.. تحسن جديد لقيمة الريال اليمني مقابل العملات الاجنبية    اجتماع بالحديدة يناقش آليات دعم ورش النجارة وتشجيع المنتج المحلي    هيئة مكافحة الفساد تتسلم اقرار نائب وزير التربية والتعليم والبحث العلمي    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    "القسام" تدك تحشيدات العدو الصهيوني جنوب خان يونس    أمواج البحر تجرف سبعة شبان أثناء السباحة في عدن    سون يعلن الرحيل عن توتنهام    وفاة وإصابة 470 مواطنا جراء حوادث سير متفرقة خلال يوليو المنصرم    محمد العولقي... النبيل الأخير في زمن السقوط    طفل هندي في الثانية من عمره يعض كوبرا حتى الموت ... ويُبصر العالم بحالة نادرة    مع بداية نجم سهيل: أمطار على 17 محافظة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    تقرير حكومي يكشف عن فساد وتجاوزات مدير التعليم الفني بتعز "الحوبان"    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    ذمار.. سيول جارفة تؤدي لانهيارات صخرية ووفاة امرأة وإصابة آخرين    مأرب.. مسؤول أمني رفيع يختطف تاجراً يمنياً ويخفيه في زنزانة لسنوات بعد نزاع على أموال مشبوهة    لاعب السيتي الشاب مصمّم على اختيار روما    أولمو: برشلونة عزز صفوفه بشكل أفضل من ريال مدريد    تعز .. الحصبة تفتك بالاطفال والاصابات تتجاوز 1400 حالة خلال سبعة أشهر    من أين لك هذا المال؟!    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    ما أقبحَ هذا الصمت…    لمن لايعرف ملابسات اغتيال الفنان علي السمه    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    وداعاً زياد الرحباني    اكتشاف فصيلة دم جديدة وغير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    7 علامات تدل على نقص معدن مهم في الجسم.. تعرف عليها    تسجيل صهاريج عدن في قائمة التراث العربي    العلامة مفتاح يؤكد أهمية أن يكون الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام أكبر من الأعوام السابقة    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مديح الأدب القبيح
نشر في الجمهورية يوم 15 - 09 - 2010

أطرف ما يمكن أن نقرأه من أخبار أدبية هو تكريم كاتبة بإطلاق صفة «أسوأ كاتبة في العالم» عليها. ليس في الامر مزاح او لعبة طريفة كما يحصل احياناً في الاوساط الأدبية الغربية، فالكاتبة تدعى أماندا ماكيتريك روس والتكريم تم يوم أمس في بلفاست بحسب صحيفة «التيليغراف» البريطانية.
واللافت في التكريم أنّ المكرمة رحلت في العام 1939 ولا تحظى بشهرة عالمية على خلاف مواطنَيْها جيمس جويس وصموئيل بيكيت. وسيمنح القائمون على الاحتفال جائزة لمن يستطيع من الجمهور ان يمنع نفسه من الضحك اطول فترة ممكنة، خلال قراءة فقرات من أعمالها.
ليس المهم مَن تكون هذه الكاتبة التي، كما افادت لجنة التكريم «تكرر نفسها كثيراً» و «تبالغ في المواقف الدرامية، ولا التعرّف الى أعمالها التي لم تترجم، على ما بيدو، الى أي لغة. الطريف في الامر هو الصفة التي اطلقت عليها بغية تكريمها وليس للقدح بها أو ذمها. ترى هل يمكن اطلاق هذه الصفة على كاتب او كاتبة هما على قيد الحياة؟ هل من كاتب حي يتقبل مثل هذه الصفة؟ بل هل يجرؤ كاتب على قبول وصف أدبه بالسيّئ؟
أكثر ما يثير في هذه البادرة هو انها تضع على المحك مقولة الأدب السيئ او الادب القبيح، هذه المقولة التي غالباً ما هُمّشت في عالم النقد الأدبي ولم تنل حقها ولم يُلقَ عليها ضوء كافٍ. بل إن هذه المقولة تدفع الى البحث عن المعايير والمقاييس التي يُحكم من خلالها على الأدب، إن كان جيداً او سيئاً، جميلاً أو قبيحاً. فبين هذين الضدين مقدار من الالتباس الذي لا يمكن إيضاحه او إلغاؤه. هل يمكن إثبات هوية الأدب الجميل وهوية الأدب القبيح وفق قاعدة ثابتة؟ هذه المهمة وسواها تظل وقفاً على العمل النقدي الذي قد يستطيع او لا يستطيع القيام بها. وقد علّمنا التاريخ أن آراء كثيرة حكمت على أعمال شعرية او روائية بالسوء والقباحة فاذا بها بعد فترة قصيرة او طويلة، تغالط تلك الآراء وتقلبها أو تدحضها.
كتب الشاعر الفرنسي شارل بودلير قصيدة عنوانها «الجيفة» وفيها يصف قباحة الجسد المتحلّل فقام عليه النقاد ونعتوا قصيدته الشهيرة بالقباحة والبشاعة والقرف. ولكن لم تمضِ سنوات حتى أضحت هذه القصيدة من اجمل القصائد الفرنسية. هذا «جمال القبح» كما يقول العرب، الجمال الذي ينطلق من القبيح لا ليجمّله فقط، بل ليجعل منه مادة جميلة وفريدة. أمين نخلة أمير النثر العربي كتب عن اشياء نافلة وعادية جداً لكنه ارتقى بها الى مصاف الفن الجميل والبديع. وكم من نصوص حُكم عليها في حينها بالرداءة وهوجمت بشدة تبعاً ل «قباحتها» و «بشاعتها» ثم ما لبثت ان نهضت لتصبح نصوصاً رائدة. هنا أتذكّر «أناشيد مالدورور» للشاعر الفرنسي الكبير لوتريامون الذي اضطر، بعدما تعرض للنقد المبرح، الى ان يكتب اشعاراً هادئة تختلف عن «الأناشيد» الشرسة.
هل من شاعر أو كاتب عربي يستطيع أن يوافق على اطلاق صفة «السوء» على أدبه او بعض أدبه؟ انها مسألة شائكة حقاً. بعض الكتاب أو الشعراء قد يرضون بوصف كتاباتهم الاولى بمثل هذا الوصف، اما كتاباتهم التالية فيرفضون طبعاً إسباغ هذا الوصف عليها. مرة تجرأ الشاعر أنسي الحاج وقال: «بعض شعري لا أحبه». الشاعر والكاتب في عالمنا العربي لا يعترفان بالقباحة او السوء ان هما وجدا في أعمالهما. وما يُكتب من أدب وشعر في العربية هو غالباً غير قابل لأن يكون قبيحاً او سيئاً لأن أصحابه يرفضون ذلك.
أتذكّر جملة قالها الكاتب الفرنسي جان روستان: «الجمال في الفن، ليس في الغالب إلا قباحةً مقموعة». هنا يتوازى الجمال والقبح وكأن واحدهما يكمل الآخر او كأن واحدهما هو الوجه الخفي للآخر. فعلاً لا يقوم جمال بلا قبح. والعرب قالوا قديماً إن الضد يحتاج الى ضده ليظهر بوضوح. ولولا الأدب القبيح لما بان الادب الجميل. ولكن مهما عظم شأن القبيح فالجمال هو الذي سينتصر خافياً في صميمه كل القباحة.
لو أُسست جائزة للأدب السيئ او القبيح في عالمنا العربي هل مَن يجرؤ على نيلها؟ ترى ألا يستحق الأدب السيئ جائزة بذاتها؟
لكن السؤال الذي يظل بلا جواب: هل من معايير نهائية يمكن ان يُحكم من خلالها على جمال الجميل وقباحة القبيح حكماً جازماً؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.