في كل مرة كانت تذهب فيها [سعاد] لزيارة الطبيب للفحص يخبرها أنها تعاني من حالة اكتئاب لكنها كانت تنفي ذلك وتخبره بأنها – طبيعية جدا – وسعيدة جدا -ولا تعاني من أي عوارض اكتئاب مطلقا [ لكن الطبيب] كان يصرّ على عكس ما تقوله تماما ويؤكد انه يسمع في دقات قلبها – نبرة حزينة – وان قلبها في كل مرةتأتي لزيارته يبوح له بأشياء كثيرة عن حياتها حين يضع السماعة عليه.. لكنها تخفيها في قلبها الى اجل غير مسمى ولاتريد افشاءها للملأ .. وهي بذلك تتصنع السعادة من تلقاء نفسها خوفا على سمعة العائلةومركزها المرموق الذي ضحّت من أجله [بمن تحب] وحكمت على عواطفها – بالموت السريري – وهي ترضخ لأوامر – كبير العائلة – بأن الأرتباط بشاب لايملك رصيدا بنكيا ..أو.. أسهما في سوق البورصة سوف يجلب للعائلة العار والدمار .. حتى لوكان اشرف وأتقى خلق الله لأن هذا يعني في العرف القبلي مساساً بكبرياء العائلة .. وعليها أن تذهب بحبها ومشاعرها الى الدرك الأسفل من جهنم… وحينما أراد الطبيب ان يسترسل أكثر وهو يواجهها بما في قلبها انتفضت - كعصفورة بللها القطر – وجذبت سماعة الطبيب جانبا خوفا من ان يكمل قلبها افشاء بقية اسراره ها …. فاستجاب لها الطبيب وطمأنها بأن سرها في بئر عميقة طالبا منها أن تمد له يدها ليرى ان كان النبض كما يجب أم لا وبدأ يقيس نبضها وهي تنظر اليه باهتمام حتى بدت في عينيه بعض الدموع التي تحاول ان تسقط على وجنتيه وتعابير وجهه بد ات تتغير أدركت حينها بأن ما منعت القلب من اكمال روايته عنها على الطبيب قد بدأ نبض يدها يسرد ماتبقى من اسباب حكايتها المصطنعة مع السعادة وحقيقة [ حزنها الدفين ] الذي تحاول جاهدة ان تخفيه عن كل الناس ارضاء لعائلتها واذعانا لعادات مجتمعها الغجري المتخلف حينها سحبت يدها من يد الطبيب وانطلقت مهرولة نحو الباب الخارجي للعيادة .. تاركة علامة استفهام كبيرة على وجه الطبيب … ومنذ ذلك الوقت لم يعد يراها في عيادته مطلقا .