مدير صندوق الرعاية الاجتماعية بتعز: لو تم توظيف نسبة من موارد الزكاة لتنمية الفقراء لكانت تجربة ناجحة مكافحة مشكلة الفقر تحتم التكامل بين مكونات شبكة الأمان الاجتماعي في سبيل تحقيق أثر عميق في المعركة مع الظاهرة.. ذلك ما أكده قاسم ناجي شحرة المدير التنفيذي لصندوق الرعاية الاجتماعية بمحافظة تعز الذي قال: ظاهرة الفقر مرشحة للتفاقم، والاستفحال ما لم يقو عود السياسات المرادفة للمعونات النقدية؛ بهدف إخراج نسبة أكبر من المستفيدين إلى دائرة الإنتاج، وفقاً لإستراتيجية متكاملة منفتحة على أفكار جديدة، منها تخصيص جزء من موارد الزكاة لإقراض الفقراء؛ حتى يصبحوا منتجين، وشركاء في عملية التنمية.. واستطرد مدير فرع الصندوق حديثه بالقول: مكونات الشبكة جاءت شبكة الأمان لتعنى بالشرائح الاجتماعية الضعيفة المتوسطة وعديمة الدخل؛ للحد من الانعكاسات المتوقعة جراء تطبيق برنامج الإصلاح المالي، والإداري، والاقتصادي الذي بدأ عام 1995م فتم إنشاء مكونات الشبكة بدءاً من صندوق الرعاية الاجتماعية الصندوق الاجتماعي للتنمية مشروع الأشغال العامة برنامج الأسر المنتجة صندوق التشجيع الزراعي والسمكي صندوق دعم المعاقين مشروع الحماية الاجتماعية مشروع التنمية الريفية وغيره . هذه المكونات كان يفترض أن تعمل بآلية تكاملية باتجاه هدف مكافحة الفقر، إلا أن هذه الآلية لم تتحقق خلال الفترة الماضية؛ نتيجة عدم تفعيل سكرتارية شبكة الأمان الاجتماعي، منذ ولادتها وأنيط بكل مجموعة “مكون” هدف مكافحة الفقر، ثم وجدت السكرتارية العليا، وكانت حينها برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عبدالكريم الإرياني، وعقدت اجتماعا واحدا، فكان الاجتماع اليتيم . أثر متدن وأضاف قاسم شحرة قائلاً: غياب الآلية هذه أحد أسباب تدني أثر الشبكة. ومكوناتها الآن منفصلة، وكل برنامج بعيد عن الآخر، ولايوجد تنسيق فيما بينها، وكان ينبغي أن يتولى صندوق الأشغال العامة خلق فرص عمل، والصندوق الاجتماعي يتولى البناء المؤسسي، وأن يتولى صندوق الرعاية الاجتماعية تقديم الدعم النقدي، والعيني، إلى جانب برنامج ناجح لدعم الأسر المنتجة، بحيث تكون النتيجة في خدمة هدف تحويل الفقراء إلى منتجين لأن غياب التكامل أدى إلى أن كل مؤسسة تعمل لوحدها . وكان صندوق الرعاية يُعد المدخل، والمنهج الأساسي، والمعني بتحديد الأسر المرشحة للحصول على الدعم، ودور الجهات الإقراضية، ومثل غياب المؤشرات الرسمية لخارطة الفقر في اليمن سبباً رئيسياً للصعوبات التي رافقت بداية عمل الشبكة، حتى جاءت نتائج مسوحات ميزانية الأسرة لعام 1998م، ومسح الفقر لعام 1999م, وهي مسوحات متخصصة كانت هي الأولى من نوعها، قبلها كانت السياسات بعيدة عن المؤشرات، بما فيها سياسة صندوق الرعاية الاجتماعية؛ فكان يعتمد في تحديد الحالات المرشحة للدعم بناء على كشوفات العقال والمشائخ، وبعدها اعتمد على المؤشرات، حتى عام 2005م، حيث أجري مسح تحسنت معه المؤشرات، وأداء المؤسسات، إلى جانب تراكم الخبرة ، ووصل عدد الحالات المستفيدة من صندوق الرعاية إلى أكثر من ستمائة ألف حالة على مستوى البلاد، وتوفر من خلال المسوحات في الميدان مؤشرات يمكن بموجبها رسم أهداف واضحة . تقييم الفقر قاسم شحرة استطرد في حديثه بالقول: على مستوى شبكة الأمان جاء العمل الممنهج بعد عام 2009م، وساعد على ذلك الدراسات الخاصة بتقييم الفقر لعام 2006م.. المسح الذي قامت بعده مسودة تقييم أعطت مؤشرات لسياسة استهداف الفقراء وفق معايير، وأسس معمول بها دولياً، وأوضحت خلل السياسات السابقة، ومن الاختلالات أن معونات صندوق الرعاية لاتُغطي سوى 10 % من الاحتياجات، وأوجبت تحسين سياسة الصندوق، ورفع الدعم كما كشفت تسرب الدعم لحالات غير مستحقة، وأظهرت أن 35 % من تحويلات الدخل تذهب للأسر الأشد فقراً و65 % للأسر الأقل فقراً، أو الأحسن حالاً . معالجة أخطاء التحيز عن أسس التطوير قال شحرة: من العيب الاستمرار في الخطأ؛ لذا فقد صندوق الرعاية السابقة واستبعد التحيز التشخيصي فالباحث يجمع البيانات عن الفقراء المرشحين، وتجري المفاضلة الآلية، وبذلك تخرج عدد من الحالات غير المستحقة، وتم إدخال حالات مستحقة لم تدخل بداية من عام 97م 2006م، وبذلك اتبعت سياسات جديدة تقوم على المفاضلة الآلية في اختيار الأسر الأشد فقراً، وثانياً إجراء المسح الشامل للأسر التي لم تستفد من الدعم النقدي، ومن ناحية ثالثة توفرت بيانات شاملة على مستوى الجمهورية بأسلوب منظم واستفادة من دور الخبراء الأوروبيين؛ ليقدم الصندوق مساعداته النقدية لمن يستحقها . مشاريع مدرة للدخل وبالنسبة لأهمية إيجاد سياسات مرادفة في إطار مهام الرعاية الاجتماعية أكد المدير التنفيذي لفرع صندوق الرعاية في تعز أن تحقيق التنمية المستدامة للفقراء لابد منها لإدماجهم في سوق العمل من خلال التدريب، والتأهيل الحرفي، وتمكينهم من إنشاء مشاريع جديدة للدخل، وهذا أساس رؤية الصندوق للسياسات المرادفة، والتي تأتي أهميتها؛ كون محافظة تعز تعاني شحة الموارد، وارتفاع البطالة، والفقر؛ الأمر الذي يوجب توفر استراتيجية تتصف بالديمومة، والبحث عن تمويل لهذه المشاريع من الإيرادات المتاحة أي موارد الزكاة، وهي باعتقادنا قابلة للتوظيف في مكافحة الفقر، وبما يحقق أمرين على مستوى تحسين إيرادات الزكاة، أولهما الحد من التهرب من دفعها، وثانيهما تعزيز الثقة لدى الناس بأثرها المباشر في حياة الفقراء، عبر تجربة مدروسة لتحويلهم إلى منتجين، وكل ذلك ينبغي أن يسهم في تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية في إنفاقها على الفقراء، والمساكين. ونرى أن تجربة كهذه ستكون أكثر فاعلية؛ لأن مورد الزكاة دائم، ولاينضب وحين نوظف جزءا منه لإنشاء مشاريع مدرة للدخل بقروض؛ فإن العائد سيحقق رصيدا إضافيا لموارد الزكاة على المدى البعيد؛ فالقروض بدون فوائد، مع آلية محكمة لصرفها، واسترجاعها كفيل بمواجهة الفقر، ومظاهره، ومنها ما نشاهده كل يوم من تزايد أعداد المتسولين، وأطفال الشوارع، ألا يحتم ذلك وجود بدائل لمواجهة هذه الظواهر !؟ وعما يضمن نجاح خطة مبرمجة كهذه قالصاحب الفكرة: أولاً - إن الزكاة تراكم وفورات، والفقراء بحاجة لبدائل أنجح من الدعم النقدي الضئيل، وربما تكون الفكرة مفتاح نجاح حقيقي، إذا ما نوقشت، وأثريت من المعنيين، ولابد أن يتحقق في إطارها الموازنة بين الإنفاق “الإقراض”، ومقومات نجاح المشروع الذي يعتمد على القرض . إشكالية الاقتراض وحول القروض التي تقدمها برامج التمويل ضمن سياسة شبكة الأمان الاجتماعي لفت قاسم شحرة إلى مشكلة قائمة حيث قال: القروض بفوائد صارت مشكلة فالمستفيد من الضمان يتطلب منه ضمانات طويلة، ومن يريد قرضاً من جمعية، أو مؤسسة مالية يدفع مبلغا للضامن، ولمن يعنيه تمرير المعاملة، الكل يريد حق “ابن هادي”، ولكن بضمان مستحق الفقراء من الرعاية الاجتماعية يمكن ضمان استرجاع القرض، وتوجه كهذا سيزيد من الوعي بالادخار كسلوك اقتصادي، وهو مسألة لابد منها لكل فقير يشق طريقه، ونجاح مشروعه الخاص، وهذا ما لمسناه ممن حققت مشاريعهم النجاح بدعم صندوق الرعاية، حتى إنهم بعد عامين أبدوا استعدادهم للاستغناء عن الدعم النقدي مقابل قرض عيني آخر . هدم النسيج الاجتماعي وعن مؤشرات الفقر في محافظة تعز قال مدير الصندوق: هناك أسر تفتقر لأبسط مقومات الحياة، ومساعدة الصندوق، وتأتي بعد عامين من دخول سجل المستحقين، والصرف كل ثلاثة أشهر، وحال الأسرة لايحتمل، وما يزيد من الإحساس بالأمر الاستعداد لبذل الجهد لو وجد قرض عاجل يمكن من شراء ثلاث أغنام، لكان أجدى ، وأنفع لبعض الأسر التي أصبح الفقر، والبؤس ينخر في نسيجها، ويفككها، وقد شهدنا حالات خصام أسري وصلت، أو كادت تصل إلى الطلاق في رواق الإدارة؛ لذا يتوجب عمل شيء من ذاتنا، ولنناقش مسألة توظيف جزء من موارد الزكاة، ولنثبت قدرتنا على المستوى المحلي على تجاوز مشكلة شحة الموارد، ونرفض أن تكون هي المشكلة ما دمنا قادرين على أن نفكر، ونبادر، ونجرب، وسنجد أن التوظيف الأمثل للموارد المتاحة يخرجنا من كثير من المآزق، وليس هناك ما هو أسوأ من مأزق الفقر، لاسيما في حال الاعتماد على الإعالة في وقت يمكن فيه التوظيف الأمثل لجزء من موارد الزكاة لتنمية الفقراء، وتحقيق نقلة نوعية في مكافحة الفقر، واجتثاث أسبابه بتضافر، وتكامل جهود مكونات شبكة الأمان الاجتماعي، وخطط التنمية، ودور منظمات المجتمع المدني في مؤسسات وجمعيات خيرية . فرص متنوعة وعن نوعية المشاريع المدرة للدخل، وارتباطها بالبيئة الزراعية قال: التنوع في التضاريس، والبيئات، والمناخ بين مناطق ساحلية، وجبلية، وسهلية، وأودية في محافظة تعز، واليمن عموماً لو استغلت بإقراض الفقراء لتحسن الأمر ففي مناطق الرعي ستزيد الثروة الحيوانية، ومنتجاتها، وحتى الصناعات المرتبطة بهذه المنتجات، وبذلك يوفر الفقير جزءا من متطلباته، وحاجاته الأساسية، وتصبح الأسر المنتجة رافدا للتنمية فالمنتج إلى جانب كونه عاملاً في الزراعة هو الرافد، وسيكون أقل ثأثراً في حال البطالة الموسمية؛ لأنه صاحب مشروع مدر للدخل . سياسة موحدة لتحقيق الهدف أما أهمية التكامل بين مكونات شبكة الأمان كضرورة فتحدث عنها قائلاً: التكامل مسألة حاسمة في التوظيف الأمثل للموارد، وعندما تكون سياسة واحدة لتحقيق هدف مكافحة الفقر؛ فإننا نخفف من الهدر في الإنفاق، ونحد من تكرار مشاريع على حسابات أخرى في المنطقة، أو على حساب غيرها، والإدارة هي العنصر الفاعل في التنمية، وبعض المؤسسات تدار بمزاج مع افتقار إلى رؤية تعزز فرص نجاحها في نطاق مهامها بسبب الأنظمة المالية الجامدة، وعدم مواكبتها لمستجدات الحياة العامة، ومتطلبات التنمية وفق الرؤى العلمية، والتجارب الدولية القائمة، والتنسيق، والتكامل واحد من الجوانب المهمة لشبكة الأمان الاجتماعي، ولكن لاتحصل لقاءات لتبادل الآراء، وإن التقى المعنيون ففي مناسبات اجتماعية لاتتيح الغوص في قضايا متصلة بواقع الفقراء، وسياسة مكافحة الفقر . الشراكة المجتمعية وعن محاولة إنشاء إطار للشراكة لتعزيز جهود التخفيف من الظاهرة قال: قبل عامين كانت بوادر لتأسيس ما يسمى بالشراكة المجتمعية، وتم عقد ورشتي عمل لهذا الغرض، وكنا قد بدأنا وضع محددات للاتجاهات التنموية في محافظة تعز، إلا أن العمل توقف عند هذا الحد، وعاد الوضع إلى مستوى الحديث عن الفكرة، ولم يتحقق المزيد . أولويات وفيما يتصل بالارتفاع النسبي للفقر في محافظة تعز، ومدى وضوح الرؤية لجوانب الظاهرة شخص مدير صندوق الرعاية الوضع بقوله: في تعز كثافة سكانية، معدل بطالة مرتفع، شحة موارد ، طبيعة صعبة؛ وبالتالي فالمحافظة هي الأكثر تضرراً من ظاهرة الفقر فهي ذات ارتفاع نسبي للفقر مقارنة بمحافظات أخرى، لاسيما أن المساحة الزراعية أقل، وهو ما تؤكده المسوحات الرسمية، ووفقاً لمسوحات صندوق الرعاية بلغ عدد الحالات المستفيدة من الصندوق 142،000 حالة تحصل على ما يقارب خمسة مليارات ريال سنوياً حسب مسح عام 2008م الذي كشف تزايد الحالات تحت خط الفقر؛ بسبب اختلالات من فترة سابقة، وتم تصحيح الوضع . الآن همنا الشاغل ليس التوسع في المساعدات النقدية، وإنما ينصب على الأسر التي يمكن إخراجها من دائرة الفقر وإذا لم تكن هناك رؤية متكاملة، وشاملة لجوانب الظاهرة، وبدون إيجاد المعالجات الحقيقية لإخراج النسبة الأكبر من دائرة الإعالة إلى دائرة الإنتاج، فستظل مشكلة الفقر قائمة في محافظة تعز، بل وستستفحل بشكل أكبر، وهذا ما يتطلب من قيادة السلطة المحلية، والمجلس المحلي إلى وضع هذا الأمر على رأس الاهتمامات؛ لأن المشكلة، واحتمالات تفاقمها لاتحتمل الإبطاء أو التسويف، كما لاتحتمل المعالجات الجزئية؛ لأنها تمثل إهدارا للموارد المتاحة، ولابد من إستراتيجية فاعلة، كأن تخصص موارد المحافظة مدة عامين للقضاء على ظاهرة الفقر، وتأجيل مشاريع في قطاعات معينة، وتلك جراحة لابد منها لاستئصال الظاهرة، وإحداث أثر.. إننا نحتاج إلى عام أو عامين لتحقيق الأثر الملموس، وليكن عام مواجهة الفقر، وهذا لايعني أننا لسنا مرتاحين لدور الصندوق، وشبكة الأمان الاجتماعي في المحافظة، لكنه تنبيه من أن الفقر في تعز مشكلة عويصة إذا ظلت المعالجات على ما هي عليه . تطوير البناء المؤسسي حول المشاريع الجديدة، وتطوير البناء المؤسسي وصلاحيات فروعه في المديريات قال شحرة: حظيت محافظة تعز بمساعدات برنامج الغذاء العالمي، والتي استهدفت ثلاثة وثلاثين ألف تلميذ في الفصول الدراسية الأولية من أبناء المشمولين بالمعونة المقدمة من الصندوق بقيمة إجمالية لهذه المساعدات تصل إلى خمسة ملايين يورو، وذلك ضمن مكونات مشروع تطوير البناء المؤسسي لفروع الصندوق، وتجهيزها، وربطها شبكياً؛ مواكبة للصلاحيات الواسعة، وممارستها لكامل المهام في تقديم الخدمات للمستفيدين .