على مسافات قصيرة...حدود شرفات ضيقة واقفة مراقبة إياه بكلِ شدة..تعصر عينيها ألم محبة شوق ألفةَ سلوتهً ومزاحه العذري بمعاكسة ساحر. نظراته متلاحقة زارعة في أحداقها ومضة أمل...صانع في قلبها عرش بلقيس, رشفْ أحلام جديدة بدنيا من وميض حياة تبرح العَطش..يصور بصيصاً على جدران إملائه بأرقام الحنين. شيء ما يحتلك على شفتيها يريد أن يندلع فتسده بأناملها..نظرات تنسل تحت حاجبها المضمر بالسواد، قلبها ينبض مُسرج بنور كهربائي أضاء عتمة الأماكن . نظرات متشابهة من الطرفين، مسربل يده مؤشراً بضربات خفيفة بيده اليمنى ،و يده اليسرى تُمسك “طلساماً” رسائل ملونة، حاولت الاقتراب منه...ترقُب المكان بشدة تحمل كشيء من طفولة مترعرعة نازعة سن الشباب والرشد. رددت إليه إشارات بضربات يدها على حقيبتها المعلقة على كتفها، مازالت حدود المسافات لم تْسمح لها اخذ الرسالة.. تقترب منه ثم تبتعد تحاول الاقتراب من نقطة وقوفه ناظرة حدوث زحام من شابات الجامعة. فكر أن ينتقل ويتحرك ساحباً نفسه ليقف على الباب بعصبية، وعيناه ترقباها بشدة...فجأة.. أقبلت ثلة من الطالبات..حاولت مسرعة، حاملة نفسها بمجموعة خطوات عشوائية...قلبها يدق بضربات لعذراء يجذبها الهوى ،عيناها في عينيه.يدها تمتد إلى محاولة أخذ (الطلسام) لتنسل هاربة..تقطع الزحام ضاربة على المارين...غير آبهة بالإشارات المرورية...متجهة خارج باب الكلية هائمة في جسد مشدود حابسة أنفاسها...قابضة على رسالتها الملونة بشدة... أصوات زميلاتها الضاحكة بحركتها البلهاء وخطواتها العشوائية..لتسمع أحدهم يوبخها بالشتم والاحتقار. قال أحدهم:”صحيح أن البنات ناقصات عقل “ اختفت خلف أشجار الزينة وقفت ماسحة عرق جبينها المُلتهب..مغطية عينيها سحب الدخان المتزاحم محاولة إعادة أنفاسها المتسربة. فتحت الرسالة، عيناها ترقبان بدقة، يداها ترتعشان بخجلٍ رهيب ... الرسالة الملونة تتنفس بقلق, بادئة قراءة الرسالة، بنصف عين تتابع الرصيف من بين فتحات أشجار الزينة المرصوصة..قبل أن تبدأ بقراءة الرسالة... رأت زميلتها تقترب قابعة المكان تبحث عنها..ارتبكت مسرعة فتحت حقيبتها أدخلت الرسالة دون أن تغلقها...عائداً ذلكَ الشرود، والإعياء الخفي، والأنفاس المنقطعة...شاحبة بشيء من جفاف محدق في حلقها، رافعة يدها، وقابضة على الأشجار الممتدة بشدة. صاحت زميلتها مازحة تقهقه فضفاضات العبارات البلهاء . قائلة: ماذا تفعلين هنا أيتها الحمقاء الشاردة مختبئة وراء الأشجار..؟ كأنك تريدين إخفاء شيء ..! تعايت فأنزلت رأسها إلى أطراف أشجار الزينة المتربعة قائلة ابتعدي عني! لا أريد أن أتكلم ولا أتحدث مع أحد..دعيني وحالي...فإني مُتعبة... أكثرت زميلتها في المِزاح، والملاطفة، نظرت إلى حقيبتها مفتوحة, مررت خاطرها أن تسرق نظرات خفيفة..شاهدت ورقة ملونة بشرفة متكئة .. واصلت مزاحها لتمد يدها سارقة رسالتها الملونة من حقيبتها، فتتضاحك... مقربة فمها من أذنها مرسلة بعض الكلمات، محتقرة . كم أنت مسكينة ؟ إلى متى هذا الجنون.. !! آه من امرأة مغفلة...كاذبة !! تركتها وانطلقت. تغامزها بنظرات متواطئة . رفعت رأسها متأوهة توفك نفخات متتالية... تشاهد إلى زميلتها...بنصف عين ... ناظرة غروبها لتأخذ الرسالة ، وتقرأها من جديد. اختفت في الجهة الخلفية...لتعود أنفاسها الهادئة، أحست بالاطمئنان، عيناها تطوفان أطراف المكان وزوايا البنايات المتربعة. مدت يدها بكلِ هدوء إلى الحقيبة.. تواقة إلى قراءة الكلمات الغزلية وأشعار الحب العذري الصريح... ..... لم تجد الرسالة.....!! تجوب داخل الحقيبة, وعيناها الصغيرتان تحدقان إلى حقيبتها فلم تر سوى أقلام الحبر الجاف ومرآتها النصف كسر مطمورة في علبة ماكياج برتقالي، وريشة تلوين، وقلم حاجب جاف. تصيح في ذهول عشوائي, تبكيِ مهرولة في ظلام من دُلجة السحاب النازل على عينيها...لطمت خدها قطعت الرصيف تصارع قدميها في ذهول الخائف الجريح. دخلت إلى حرم الكلية تقطع الزحام تجوب باحثة عن زميلتها باينة الحقيقة أمام الجميع . نازعةً حجاب الحياء ... (معلنة حباً صريحاً).