الفصل الثالث/ الجزء الثاني عشر استلقت إسراء على الأريكة المفضلة لديها في المنزل وهي تلتقط أنفاسها في صعوبة، وتشير إلى أختها قائلة وهي تخلع حذاءها : -من فضلك يا هند، إنني أتوق إلى فنجان من القهوة .... وبشدة نظرت هند إلى أختها الكبرى في إشفاق وهي تومئ برأسها وتتجه إلى المطبخ في هدوء. ثم التقطت الريموت الخاص بجهاز التلفاز وأخذت تقلب في القنوات الفضائية في ملل حتى ظهرت أختها وهي تحمل صينية القهوة وتضعها أمامها وتجلس إلى جوارها. شكرتها إسراء بتمتمة وهي ترتشف القدح في استمتاع مرهق، حتى لاحظت إسراء أن أختها الصغرى لم تزح نظرها عنها وهي تحدق بها، فضحكت في توتر وهي تقول : -مالذى أصابك يا هند، هل تريني لأول مرة؟! ابتسمت وهي تخفض نظرها إلى الطاولة التى تتوسطهما وهي تقول في خفوت : -لقد جاء أستاذ مدحت إلى هنا ابتسمت إسراء وهي تتوقع حدوث هذا، فهزت كتفيها في لامبالاة وهي تكمل ارتشاف قهوتها في هدوء. لم تلبث هند أن حسمت أمرها ورفعت رأسها وهي تنظر مباشرة إلى إسراء قائلة : -لقد أخبرته بشأن زواجك من حسن الصواف. وما ان انهت عبارتها حتى سقط قدح القهوة من يد إسراء لينكسر فوق أرضية الغرفة وبمنتهى العنف ... *** -من المتصل ؟؟؟ هتفت بتلك العبارة وقد شارف حاجباي على الامتزاج من شدة انعقادهما معا .. ولم أتلق جوابا من الطرف الآخر، لكنى سمعت شبح ضحكة ما .. أو هكذا خيل لي -ماذا تفعل يا مدحت؟ علا صوت زوجتي بتلك العبارة ليرتعش جسدي ويسقط الهاتف من يدي ليسقط هو الآخر على الأرضية ويظهر ذلك الشرخ على شاشته العريضة وأنا التفت إليها صارخا : -من الذي كان يحادثك ؟ تطلعت إلي منال لعدة ثوان بانفعال لم أستطع تحديده ثم أجابت في حدة وهي تشير إلى الهاتف : - أنت الذي يجب أن تجيب هذا السؤال، فقد سمحت لنفسك بالإجابة ارتجف جسدي أكثر وأنا أصرخ : - إنه لم يجبني، وكان الرقم محجوبا، أخبريني أنت من الذي يحادثك صرخت منال وهي تلقي بالمنشفة على الفراش وقد انتقلت لها عدوى الصراخ : -ماالذي دهاك يا مدحت؟ منذ متى وأنت تسألني عن من يحادثني، لتفحص الأرقام في الفاتورة القادمة بنفسك وتركتنى لتجلس أمام المرآة وهي تعدل من زينتها وكأن شيئا لم يكن وأنا أنظر إليها وأكاد أحترق من فرط الغضب حتى صحت فجأة : -منذ متى وأنت تأخذين حمامك في هذا الموعد؟ توقفت منال عن وضع زينتها وهي تلتفت إلي محدقة بي غير مصدقة وهي تسألني : -ماذا تقصد؟ شعرت أنني قد ضربت على الوتر الحساس وأنا أصيح في هياج حقيقي بعد أن تأكدت من ذلك : -أعنى أن هناك شخصا ما يدخل منزلي، أقصد أنك خائنة، أقصد أنك ساقطة رخيصة. ورفعت يدي اليمنى لانهال علي زوجتي بصفعة هزت كيانها وهي تقف محدقة بي في ذهول، وتناهى إلى أذني صوت ابنتي وهي تركض مسرعة إلى الحجرة منادية باسم زوجتي. وتسمرت منال لعدة ثوان، وتوقفت ابنتي بعينيها الحائرتين في مكانها وهي تشاهدنا لأول مرة بهذا الموقف. ثم رفعت منال ذراعها الأيسر وهي تشير إلى باب الحجرة قائلة في صوت متحشرج : -غادر منزلي يا مدحت، لا أريد أن أراك هنا مجددا. تراجعت خطوتين إلى الوراء غير مصدق لما أسمعه وأكملت منال حديثها قائلة : -إن هذا منزلي، وبما إنني أصبحت الخائنة، فلا يحق لك البقاء فيه. ظللت أحدق في وجه زوجتي وكأني أراها لأول مرة حتى صاحت بشكل هستيري : -قلت لك اغرب عن وجهي. وانطلق بكاء ابنتنا يشق المكان وأنا أهرول من المنزل ... وكأن كل شياطين الجحيم تلاحقني وأدرت محرك السيارة وأنا أدير عيني في المنطقة لأشاهد الجميع ينظرون إلي من نوافذ حجراتهم وانطلقت سيارتي مطلقة صريرا مزعجا نحو هدف واحد منزل إسراء تاركا خلفي دون أن أدري ... زوجتي منال وهي تلتقط سماعة الهاتف وتطلب رقماً خاصاً رقم الشيطان .. شخصياً ...