كانت الفرحة مرتسمة على شفتيه وهو يستمع بإنصات شديد لما قاله والد العروس ..سيتم العرس هذا الأسبوع ..مر الأسبوع الذي صاحبه شراء لوازم العرس ودعوة الضيوف لليوم المنشود، وفي يوم الاثنين كان الزفاف وأعقبته ليلة الدخلة.. رسم الشاب صورة مختزنة من أقوال الأهل والأصدقاء عن أول يوم عن أول ليلة، قال له ابن عمه إياك أن تخيفها لأن البنات في هذا اليوم تحديدا يكن خائفات غير قادرات على استيعاب الفكرة والوضع الجديد لأنهن يتغيرن بطبيعة الحال من واقع وبيئة وظروف أسرية إلى طبيعة مغايرة تماما وأسرة مختلفة تماما لسابقتها وبالتالي يجب أن تكون على دراية بتلك الظروف وإياك ثم إياك أن تريها سلاحك لأن البنت الجديدة على أمر كهذا لاتحتمل قوة السلاح يجب عليك تلطيف الجو بالنكات، عليك ان تنتزع الابتسامة منها انتزاعا بأية وسيلة ممكنة حتى تكسر حاجز الخوف وتقتل الرهبة فيها. وجاءت لحظة الحسم وفي أول ليلة في غرفتة داعبها بإلقاء النكات ومظهرا نوعا من اللا مبالاة تجاه رغبته المتأججة خاطبها ليطمئنها قائلاً "أنتِ زوجة المستقبل ولستِ عابرة سبيل أو وسيلة للمتعة ليوم واحد" لاحظ أن البنت يكسوها الخوف تتلعثم حتى بالكلمة.. تخرج منها بعض الكلمات متقطعة الأحرف مصحوبة بحشرجة تتبعها غصة تسعل على إثرها بتسارع متلاحق يسعفها بكوب ماء.. طمأنها قلت لك لن أقربك اليوم أنتِ للعمر كله إذا أظلمت اليوم ستشرق غداً.. أخذ كوباً من الحليب ثم شرب منه وأعطاها تشرب ثم أخذ منها الكوب شارباً من موضع شربها.. مرت ساعات في الغرفة وكأنها بضع ثوانٍ استطاع بدهاء مغازل أن ينزع منها قبلة في وجنتها، احمرت خجلا شعر برغبتها في ترك الأمور تسير كما أرادت ان تسير.. رغبة تخالطها رهبة لا بد أن هذه هي.. مر الأسبوع الأول والحال مازال هو الحال في اليوم الثامن قرر أن ينجز المهمة وإلا سيبقى الوضع كما هو عليه إلى أجل غير محدد ان خضع لمعالجة مشاعرها.. أخذ يقبلها عند النوم ويداعب نهديها بيديه ثم وضع سلاحه يداعبها في فخذيها حتى ارتخت كل أطرافها وغارت عيناها، وفي تلك اللحظة توغل فيها يحرث أرضها فوجد الأرض سالكة والطريق سالك تماما آمنة لا ضيق ولا توترات ولا اندفاع لم تدرك هي مقدار ماتفعل الرغبة سلبتها عقلها.. قام من عليها وقد اشتط غضبا وصفعها صفعة دوت لها جدران الغرفة وأخذ بتلابيبها قائلا "من فتحك أين غشاء بكارتك، من أخذ منك حياتك".. وأمام إلحاح مستمر خارت قواها لتعترف له بحقيقة مرة جدا قاسية جدا.. رهيبة جدا قالت وهو فاغر فاه من شدة الصدمة التي اخذته من عالمه الى عالم آخر عالم وحشي انتزعت فيه الرحمة والدين «والدي» لم يستوعب جيدا ماقالت وكرر عليها ليجد في عباراتها صدق الحديث فقرر في لحظة غضب ان يغسل هذا العار بالطلاق وهي أنجع طريقة لهكذا معضلة.. طلقها وهي في حالة من اليأس والذهول ولم تمضِ سوى بضعة أيام إلا وهي في بيت أهلها.. اما هو فمازال غير مصدق يقينا مشككا أحياناً أخرى بما حدث وبرغم تكذيبه لها كان يردد عبارة وحيدة تنسيه ألمها عبارة أصبح حلاً دائماً يلجأ اليها عندما تضيق به السبل يرددها بينه وبين نفسه برضا تام «إن كانت تكذب فقد تخلصت من كذبها وفجورها وإن كان أبوها حقا الفاعل فلاتلزمني فتاة خضراء الدمن» ومهما يكن الأمر فقد فتحت أرجلها لقريب ولن تحفظ شرفي بقريب. وصلت البنت الى بيت أبيها ودموع الحزن تغطي وتسود الدنيا في عينيها بوجه كئيب حزين ارتسمت على محاجرها هالة سوداء.. قعدت في ركن الغرفة تتذكر ذلك اليوم الذي جاء فيه والدها الى غرفة نومها مهددا إياها بالقتل إذا لم تمكنه من نفسها ومكرراً تهديده اذا أفشت سره تذكرت رائحة الخمر المنبعثة من فمه وقد انتشرت في أرجاء الغرفة تذكرت أن سنها لم تتجاوز العاشرة وتذكرت بمرارة متجددة ذلك اليوم البغيض وكيف عاشت السنوات الست اللاحقة لها وكأنها ستون عاما.. بالنسبة للأم فقد حزنت بألم واضح على طلاق ابنتها في تلك السن الصغيرة ولأنها لاتعرف السبب الرئيس للطلاق فقد صدقت ما قالته لها ابنتها من نقص رجولة الزوج . أما الوالد فكان لامباليا في شيء وكان الأمر لايعنيه من قريب أو بعيد وعندما كانت تقع عينا ابنته عليه كان يقابلها بنظرات باردة ميتة جدا وتنظر له وكأنه شيطان رجيم وبرغم ذلك كله تركها وغادر البيت باحثا عن ملهى أو حانة يشرب فيها الخمر مخلفا وراءه قلباً كسيراً وزوجة حزينة.. ظلت البنت «المطلقة» تعيش حالة من عدم الاستقرار النفسي حالة من الخوف والقلق من هذا المستقبل الذي يقذف المطلقة إلى عالم آخر عالم تملأه الأسئلة المبهمة مغلف بالحزن وبموتها في مجتمع تصبح فيه المطلقة أرضاً خراباً بوراً تلبستها رهبة العيش وحيدة.. مرت الأيام اللاحقة سريعا وخلال شهر كانت سمعة الشاب على المحك بينما ألقت البنت بنفسها من الطابق الثالث فخرت صريعة.