تتنقلُ عيناهُ بين يديَ المارة وجيبوبهم وعيونهم القلقة وقلبه يهتف: متى يَضَعُها في جيبه؟ أرجو ألا يطولَ انتظاري, الجوعُ بدأ في ممارسةِ طقوسهِ اليومية ومازالَ هذا الصندوق خاليَ الوفاض مما يُمكن أكله. ألا يعلم المارون كم أشتاقُ لهم وأُحب مرورهم وعددهم وخطواتهم البطيئة وحتى المتسارعة حين تبطئ وهي تمر من أمامي متى تمتلئ هذه الكف الفارغة بالنقود؟ متى تمتلئ هذة البطن الفارغة إلا من الهواء و الأصوات المضطربة؟ متى تعمر هذة الجيوب الجدباء؟ ككل نهار أجدُ نفسي معلقاً بين سماء الأمنيات وأرض الرجاء وواقع مرير مملوء بالألم لكأني أعرف أني أفقر حتى من أن أحلمَ بغدٍ أفضل ماذا أقولُ لها وهي تنتظر ككل مساء عودتي وأنا خالي الوفاض إلا من سلة الأمنيات التي ملت سماعها. مُسعد ما أشقاك هل تاه عن مخيلة أمك كل الأسماءِ ولم تجد لك غير هذا الاسم النحس وكأنها كانت تقصد به إغاظتي في قادم الأيام لكنهم يقولون أنَّ الآباء لايعرفون مستقبل أبنائهم فلماذا أنا أرى مستقبل ابني ماثلاً أمام عيني لذا أسميتهُ الشحات وأراه غارقاً بين أكوامِ القمامة التي رافقت دربي الطويل. هههههه هؤلاء الموتى الأحياء الملعونين تَخلوا عن عادةٍ كانت نوعا ما إنسانية كانوا يضعون بقايا طعامهم الصالح للأكل لوحده في أكياسٍ منفصلة بعيدا عن الأشياء الأخرى ويضعونه على باب العمارة بجانب برميل القمامة ويضعون ما قَدِمَ من ملابسهم أيضا بشكلٍ مرتب ..غابت عني هذه الأشياء الحبيبة الآن. الناس تصبح أكثر عطاءً في الأعياد والمواسم الدينية وعند الموت فهل أصبح لزاماً عليَّ أن أدعوَ طوال الوقت أن تكونَ السنةُ كُلها رمضان مثلاً وهل يجدي أم أنَّ عليَّ أن أتمنى الموت لهم يا ويلي كم أصبحتُ أُحب موت أحدهم هل أقتُلَ كي أُشبع جوعي؟ وإذا أشبعت جوعي من يشبع جوع أولادي؟ تباً لتفكيري المريض إنهم يجلبون لي النحس حتى في تفكيري. عندما يأتي رمضان وهو الآن على الأبواب سأكونُ أكثر حرصاً وسأدخر الكثير من المال والطعام لمثل هذة الأيام. من يدري ربما أجدُ تلكَ الحقيبة المتخمة بالنقود كما يحصل في تلكَ الأفلام الهزلية القديمة التي أُشاهدها حين أجلس أحيانا على القهوة. لمَ لاتمطر عليَّ ناراً وأرحل لمَ لايحدث هذا أكرهُ البقاء على حافة الفنااااااء ولاأموت. قد أُقدمُ على الموتِ بصدرٍ مكشوف رحب لايهمني خطيب الجامع ذو الكرش المنفوخة نهار الجمعة من أنَّ النارَ ستكونُ مصيري لمَ لا تكون مصير كرشه المليئة بالعفن وهو يراني جاراً له ولا يتذكرني أبدا.