هل تساءلت يوماً: لماذا يعاني العديد من الإداريين ضعفاً في عمليات الإدارة والتعامل مع العاملين, ولماذا لا يدركون أيضاً أنهم يعيشون في القرن الحادي والعشرين الذي يتميز بفكر إداري وثقافة إدارية جديدة في التعامل مع الموظف.. ؟! ظهرت أهمية علم الإدارة منذ آلاف السنين.. وبصفة خاصة عندما انتقل الإنسان من العيش بمفرده إلى العيش في تجمعات بشرية من أجل تحقيق الهدف المشترك لهم وهو ضمان الحصول على المتطلبات المادية والمعنوية الأساسية للحياة. ومع تطور الحياة تعاظمت أهمية علوم الإدارة وواجهت الجماعات والمنظمات بأشكالها المختلفة الحكومية وغير الحكومية الفرص والتحديات وبصفة خاصة في علاقتها بالسوق العالمي أو ما أطلق عليه بالعولمة فيما بعد. ولقد استطاعت الإدارة الحديثة أن تواجه الواقع من خلال نجاحها في التعرف على العالم وإدراكها ما يدور فيه, وأدى ذلك إلى نجاحها في التعامل مع حقائق الحياة دون انتقائية أو أحلام يقظة, دون أن نرى الأمور على حقيقتها لا كما نريدها أن تكون, وأن نمتلك الشجاعة الكافية لعمل ما ينبغي عمله, لا ما نود عمله. وهناك العديد من القيم الإدارية المهمة يستوجب مراعاتها عند التعامل مع الموظفين, لعل من أهمها أو أبرزها ما يلي: قيمة الحب أو الاستحواذ على قلوب الموظفين، فالموظفون لا يعاملون باعتبارهم ماكينات بل باعتبارهم بشراً لهم تطلعات ولهم احتياجات، وعندها يشعر الموظفون أنهم محط اهتمام ورعاية الإدارة التي تحفظ لهم حقوقهم ومصالحهم وتعطيهم كما تأخذ منهم. قيمة المشاركة حيث يشعر الموظفون باعتبارهم شركاء وسيصبحون شركاءك بالفعل, والشراكة هنا تعني إشراك الموظفين في عملية اتخاذ القرارات من خلال التعرف على انطباعاتهم ومقترحاتهم, بحيث يتم تجنب سياسة فرض النظم والقرارات والتنفيذ بالأمر، والشراكة تعني أيضاً أن الموظفين يجب أن يشعروا بأنهم يتقدمون كما تتقدم الشركة, فهم يحصلون على عائد أكبر، يرتقون في وظائفهم, يحصلون بالتدريج على مزايا إضافية... إلخ. قيمة الباب المفتوح هي قيمة الاتصالات المفتوحة, حيث تختفي الأجواء التي تمتلىء فيها الشائعات والكلام المنقول وشعور الموظف بأن هناك أسراراً لا يعرفها, والأبواب المغلقة والحواجز الوهمية بين المدير والموظف لتحل محلها أجواء جديدة تتغذى على الاتصالات المفتوحة بين الإدارة وبين الموظفين, حيث الباب المفتوح الذي يسمح بمرور المعلومة أو التوجيه أو الاقتراح أو المشكلة أو الانطباع بكل سهولة ويسر بين المدير والموظف. قيمة التعليم المستمر فالموظف عندما تتاح له الفرصة ويحفز على تنمية معارفه ومهاراته بشكل متواصل وتقدم له البرامج والإرشادات التي تساعده على تقديم أفضل ما لديه يشعر بأنه مميز مقارنة بأقرانه في مؤسسات ومجالات أخرى وهذا أكبر محفز للولاء. قيمة التمكين والتمكين يعني إعطاء الموظف الصلاحيات والأدوات التي تمكّنه من أداء المطلوب منه على أكمل وجه, حيث يشعر الموظف بالاستقلالية ويشعر بتقدير الإدارة للمهام التي ينهض بها في العمل. صناعة الولاء وأخيراً علينا أن ندرك أهمية هذه القيم التي تشكل الدعامات الأساسية في صناعة الولاء للموظفين, تلك الصناعة التي نتمنى أن تنتشر في بعض مؤسساتنا الحكومية العقيمة لتكون وقوداً لتحقيق الإنجازات على مستوى الأفراد والمؤسسات والمجتمع أسوة ببعض القطاعات في المؤسسات الخاصة التي صنعت من خلالها الولاءات والانتماءات للعاملين لديها ووصلت إلى أعلى مراتب النجاح.