للداخل والخارج.. الرسائل الكاملة في كلمة الرئيس الزُبيدي التاريخية بمناسبة ذكرى إعلان عدن    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    بعد رحلة شاقة امتدت لأكثر من 11 ساعة..مركز الملك سلمان للإغاثة يتمكن من توزيع مساعدات إيوائية طارئة للمتضررين من السيول في مديرية المسيلة بمحافظة المهرة    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    تقرير يكشف عن توقيع اتفاقية بين شركة تقنية إسرائيلية والحكومة اليمنية    مجلس القضاء يقر إنشاء نيابتين نوعيتين للصناعة والتجارة في تعز وحضرموت    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    الوزير البكري يلتقي بنجم الكرة الطائرة الكابتن اسار جلال    ماذا يحدث داخل حرم جامعة صنعاء .. قرار صادم لرئيس الجامعة يثير سخط واسع !    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل الشيخ محسن بن فريد    عندما يبكي الكبير!    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    حادث تصادم بين سيارة ودراجة نارية على متنها 4 أشخاص والكشف عن مصيرهم    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    أطفال يتسببون في حريق مساكن نازحين في شبوة بعد أيام من حادثة مماثلة بمارب    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    كارثة وشيكة في اليمن وحرمان الحكومة من نصف عائداتها.. صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    بعد خطاب الرئيس الزبيدي: على قيادة الانتقالي الطلب من السعودية توضيح بنود الفصل السابع    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    كيف تفكر العقلية اليمنية التآمرية في عهد الأئمة والثوار الأدوات    تفاصيل قرار الرئيس الزبيدي بالترقيات العسكرية    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    آرسنال يُسقط بورنموث ويعزز صدارته للدوري الإنجليزي    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصيدة النثر بين التأصيل والاستقلالية
نشر في الجمهورية يوم 26 - 03 - 2011

د. بهنام عطااللهقصيدة النثر، جنس أدبي يستمد من الحداثة والثقافة أهم مقوماته، وهي ضرورة فرضت نفسها إزاء التطورات الحاصلة في المجتمعات، من أهم مبادئها الأساسية: الحصر، الإيجاز، شدة التأثير والوحدة العضوية..
لقد عرف E. Jalous أفضل تعريف حين قال: (إنها قطعة نثر موجزة بما فيها الكفاية، موحدة ومضغوطة كقطعة من بلور، تتراءى فيها مائة من الانعكاسات المختلفة في خلق حر، ليس له ضرورة، غير رغبة المؤلف في البناء، خارجاً عن كل تحديد، وشيء مضطرب إيحاءاته لا نهائية.
ومن الناحية الإبداعية، لا تشكل قصيدة النثر قطيعة مع القصيدة العمودية أو قصيدة الشعر الحر. إن البعض يعد قصيدة النثر خارجة عن القواعد العامة لحركة الشعر، بحجة عدم التزامها بأوزان الشعر المعروفة، إلا أن ما يؤكد عكس ذلك هو قول دي بوس: (إن هناك الكثير من القصائد الجميلة بلا أبيات شعرية، كما أن هناك الكثير من الأبيات الشعرية التي تخلو من الشعر). ولكن بالرغم من ذلك تبقى للقصيدة الموزونة تأثيراتها الجذابة والمدهشة.
لقد برزت قصيدة النثر وتطورت في الغرب، وعلى وجه الدقة في نهاية القرن التاسع عشر، إلا أن جذرها مستمد من الشرق، بل إن القارئ الفاحص والذي يمتلك ذائقة شعرية يستطيع أن يستنتج أن قصيدة النثر قد ظهرت أول ما ظهرت في ملحمة كلكامش، التي كتبها السومريون في بلاد ما بين النهرين، كما أن النتاجات النثرية الآرامية لاحيقار الحكيم، كاتب الملك سنحاريب وحامل أختامه وقصته المعروفة مع نادان ابن أخته، والتي ترقى إلى القرن السابع قبل الميلاد (680 ق.م)، هي أيضاً نمطاً من الكتابة النثرية. وإذا أمعنا البحث والاستقصاء سنرى في كتاب العهد القديم (التوراة)، نماذج لقصيدة النثر، كما في سفر نشيد الإنشاد - الذي هو عبارة عن قصيدة تنشد الحب البشري - ومزامير داود النبي وسفري الجامعة والأمثال وغيرها. فضلاً عن هذا وذاك فإن القصيدة (الآرامية) لشعراء سريان أمثال: مار افرام السرياني ونرساي وابن العبري، والتي نشأت في الشرق، قد أخذت هذا المنحى، فضلاً عن كتابات الصوفية النثرية وكتاب النفري ورسائل ابن العربي والبوني وغيرهم، ومن ثم نصوص يوسف الخال وأدونيس وانسى الحاج ومحمد الماغوط وتوفيق الصائغ أصحاب مجلة (شعر)، ثم أصحاب مجلة (أبولو) وجماعة مجلة (الكلمة) العراقية ويأتي في مقدمتهم الكاتب حميد المطبعي. فقصيدة النثر أصولها مشرقية، بل إن بعض الشعراء في الغرب قد تأثروا بما مضى ذكره، منهم الشاعر ت س. اليوت في (الأرض اليباب)، والذي يستمد فكرة قصائده من الكتب المقدسة، التي ظهرت في الشرق.
وقصيدة النثر جنس أدبي مستقل، بل إنها عُدَت نوعاً أدبياً حقيقياً، وإن لم تكن ملامحها واضحة لحد الآن، وقد استطاعت أخيراً أن تتحول من (الهامش إلى المركز)، كونها نوعاً من الكتابة الحرة، وهذا ما أكده الشاعر عز الدين المناصرة في أطروحته للدكتوراه والمعنونة (الجنس المستقل)، حيث يرى: إن قصيدة النثر هي نص مفتوح على أنواع سردية نثرية، وفيه درجات عالية عن النثرية، أي أنه كتابة حرة، وبالتالي فهو جنس مستقل، لأن من مميزات قصيدة النثر: الاستقلالية بجانب الإيجاز والوحدة الموضوعية.
ومن أجل أن تتطور قصيدة النثر وتستقل بذاتها كجنس أدبي معترف به، يجب أن تسعى إلى أن تكون ظاهرة فنية، ولن يكون لها ذلك ، إلا إذا تمكنت بمقدرة كتابها من امتلاك أدواتها السليمة معرفياً ورؤيوياً. فالأدب والشعر منه بشكل خاص ليس طريقة خاصة في التعبير حسب وإنما هو طريقة خاصة في الرؤيا كذلك، وإن والتلاعب باللغة وحده ولن يخلق قصيدة النثر ويدفعها إلى مستوى الشعرية، ما لم تنهض الرؤيا لتحرك ذلك النسيج اللغوي والخاص بتشكيلاته المتميزة، تحركه وتتحرك داخله.
كما أنها ليست كما يعلن البعض سهلة الكتابة، بل إنها صعبة الكتابة، كونها قد تخلت عن الوزن، فكان لا بد من إحلال إيقاع داخلي محله، يعمل على شد بنية القصيدة نحو المركز، ولخلق علاقات حيوية بين مفاصل القصيدة، لتترك أثرها الواضح على ذائقة المتلقي، ومن هنا فإن كاتب قصيدة النثر يحتاج إلى دراية خاصة بهذا النوع من الجنس الأدبي.
وقصيدة النثر متمردة (لأنها ولدت من تمرد على الاستعبادات الشكلية التي تحول دون أن يخلق الشاعر لنفسه لغة فردية، والتي تضطره إلى أن يصب مادة جُملهِ اللدنة في قوالب جاهزة)، كما تؤكد سوزان برنار في كتابها الموسوم (قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا). نعم إنها متمردة على كافة القوانين الكلاسيكية في نظم الشعر، فهي تستمد قوتها من الحداثة والمغايرة والتنافر والفنطازيا في محاولة لتغير القوالب الشعرية الجامدة والجاهزة، بل إنها محاولة جادة لتجديد الشكل الشعري العربي.
لقد أضفت قصيدة النثر للمشهد الأدبي، جنساً أدبياً ينزع نحو التجدد والعصرنة والحداثة، جنس مستقل متجرد من طوق الصرامة والقيود، سيعزز بلا شك طريق الأدب، ويرفده بقوة التكثيف والتخييل والشفافية.
المصادر:
1. سوزان بيرنار، من بودلير إلى أيامنا، ترجمة د. زهير مجيد مغامس، دار المأمون للترجمة والنشر، بغداد ،1993.
2. خالد الخزرجي، قصيدة النثر.. الجدوى والتحول، جريدة العراق، العدد (7574) 14 نبسان 2002.
3. إشكالات قصيدة النثر لعز الدين المناصرة، جريدة العرب اللندنية، العدد (6357) 15 16 / 3 / 2002.
4. عز الدين المناصرة، الجنس المستقل، أطروحة دكتوراه، الأردن، 1997.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.