مناهج مدارس ليوناردو مفصلة بشكل شخصي لكل تلميذ موهوب هذا في وسط فصول صممت لتضم ستة عشر تلميذا على الأكثر. وطريقة ليوناردو تصمم مناهج وأهدافاً تناسب الطالب ذا المستوى المتوسط. أما الطلاب الموهوبون، فيتم تعديل هذه المناهج والأهداف بحسب قدراتهم وإمكانياتهم. لا يتم تجاوز مستوى إلى مستوى آخر حتى نعرف أن الموهوب قد خطى في الطريق خطوة خطوة في السلم ويكون كل موهوب يبدع في بيئة تناسبه.في منهج ليوناردو، يتم التأكيد على ترك مساحة حرة للتلميذ كي يتطور فيها ويتم اختيار ما يناسب من برامج تضفي على حياته المتعة والمرح. يضم منهج ليوناردو لغات العالم من مثل الانجليزية والأسبانية والصينية و كيفية أن يتعلموا «كيف يتعلمون» وكيف يمكن تأسيس وإدارة مشاريع العمل التي يؤسسونها بأنفسهم. كذلك يتعلمون فلسفة ومعنى هذا العالم ووسائل التواصل والعلوم والتكنولوجيا ومعرفة أسس البحث وآلياته وكيف يمكن إنتاج آراء موضوعية وكيف يقدمون تفسيرات إبداعية للفن ويتعلمون الأدب والموسيقى والرياضة ويشكل المنهج العام مما يشتغلون عليه حوالي ثلاثين بالمائة. ولدى الموهوبين وقت يطلق عليه “وقت ليوناردو” يسمح لهم فيه بالعمل فيما يشاؤون من اهتمامات. وهناك اهتمام شديد بالفن والثقافة والرياضة. ويقدم منهج ليوناردو طريقة مبتكرة للتعليم الموسيقي يطلق عليها اسم ستيمد stimed وتعني الأساس للابتكار في التعليم الموسيقي. ترتكز الطريقة على توفير الموضوعات التي تناسب اهتمامات الاطفال وكفاءاتهم. يتم تدريس اللغة الانجليزية للأطفال في سن أربع سنوات والأسبانية في سن ثماني سنوات. هناك موضوعات الفلسفة وعلوم الحاسوب والرياضيات و تعلم مهارات الاتصال والمهارات الاجتماعية والموسيقى والرقص وممارسة الرياضة وألعاب الذكاء كالشطرنج. تتعامل المدارس مع أساتذة مهرة في هذه المجالات وتعطى الدروس في فصول دراسية وربما يحصل الطلاب على واجبات منزلية.و يوفَّر حاسب محمول للطلاب ويمكنهم أن يأخذوه معهم إلى منازلهم ويوفر لهم القدرة على التعامل مع التقنية في المشاريع وتعلم استخذام الوسائط المتعددة و وسائل التواصل البحثي والتعاون المتقدمة. ولأن منهج ليوناردو يعتقد أن ما هو خارج المدرسة من المحيط له أهمية قصوى، فإنه يفترض أن المعارف التي خارج المدرسة أكثر وأكبر مما هي في الكتب وهي معارف أكثر وثوقاً من ما كتب في الورق. وبذلك يستضاف في مدارس ليوناردو ضيوف من ذوي الاختصاص لإلقاء المحاضرات، وترتب الرحلات الخارجية ويُعتمد لكل تلميذ مرشد و تعقد مشاريع مشتركة. وفي المراحل الثانوية من الدراسة، يتعامل الطلاب مع المراكز الاجتماعية والشركات لإجراء البحوث والدراسات. كيف يحدد هذا المنهج الموهوبين .. يحدد هذا المنهج الموهوبين تحث ثلاث تصنيفات اتباعاً لعالم النفس الأمريكي جوزيف رينزولي الذي يتبنى وجهة نظره منهج ليوناردو. يمكن أن نعتبر تلميذا ما بأنه تلميذ موهوب حسب هذا المعيار إن تجاوز اختبار الذكاء لديه 130 نقطة. ويطلق على هذا اسم القدرة الفكرية المتقدمة. أما التصنيف الثاني فهو وجود إبداع في تصميم الحلول. الحلول تقدم بطريقة مختلفة عن الطريقة المعتادة بالنسبة للتلاميذ الآخرين. وأما التصنيف الثالث فهو التصميم على انجاز المهام. وهنا نلاحظ أن التلميذ يصر على مواصلة التحدي من أجل الوصول إلى انجاز المهمة التي بين يديه مهما واجه من صعوبات. يقبل الطلاب تحت هذه التصنيفات حتى لو كان لدى بعضهم بعض العوائق مثل التوحد ما دام الطلاب يستطيعون التواصل مع زملائهم الموهوبين والعمل معهم. وإذا وجدت بعض المشكلات، فإن هناك المختصين في المدرسة لحل مثل هذه الاحتياجات الخاصة. استراتيجيات مفهوم ليوناردو إن التلاميذ الذين يحملون شيئا من هذه المواصفات، مختلفون عن أقرانهم في التفكير. إن لديهم اهتمامات تختلف عن اهتمامات أقرانهم ويطرحون أسئلة لا يسألها الآخرون ويستخدمون مصطلحات لا قبل للآخرين بها. هكذا يصبح هؤلاء الموهوبون “غرباء” وسط غيرهم، ذوي اهتمامات و تفكير يختلف عن الذي عند الآخرين. وفي المقابل، فهم يشبهون من هم في عمرهم من الناحية النفسية. ولكي لا يختلطون مع الكبار بسبب موهبتهم ويفقدون من هم في عمرهم في اللعب والتواصل والتعامل، يقدم منهج ليوناردو في مدارس تقليدية فيجمع الصحة الفكرية إلى الصحة النفسية. ترتكز طريقة عمل مفهوم ليوناردو على مجموعة من الاستراتيجيات. أول هذه الاستراتيجيات هي أن يُجمع الأطفالُ ذوو الاهتمامات المشتركة معاً مادام الأطفال الموهوبون سابقوين لأقرانهم ويتوافقون مع من هم أكبر منهم سناً في الاهتمامات. هدف هذه الاستراتيجية هو جمع ذوي الاهتمامات المشتركة في فصل واحد وفي نفس المدارس التقليدية. وثاني هذه الاستراتيجيات هو توفير منهج دراسي فيه بعض التحدي. هكذا يقدم المنهج المعتاد بشكل مختصر وسريع ويقدم مع هذا المنهج المعتاد موضوعات في مجالات أخرى وأساليب أخرى غير تقليدية. أما بالنسبة لموضوع طريقة التسريع، فإن استراتيجية مفهوم ليناردو عنها يبقى لا مع ولا ضد. فكل ما في الأمر، أن ذلك يعتمد على مقدرة الأطفال في القراءة والكتابة والذي يكون فيه كل طفل مختلفاً عن الآخر. إن تسريع الطلاب قد يصل بهم إلى حال ينتهون فيه من المواد التقليدية ولا يستطيعون الالتحاق بالجامعة بسبب صغر سنهم. وفي مفهوم ليوناردو، ينظر إلى ربط الموضوعات بأعمار الأطفال. الاستراتيجية الرابعة هي التعلم من الأعلى إلى الأسفل. فبدلا من تعلم الموضوعات بدأ من التفاصيل صعوداً إلى العموميات، فإن فكرة مفهوم ليوناردو أن يكون التعليم معكوساً. فبدلا من تدريس أنظمة القياس المتري بتفاصيله هكذا منذ البداية، يتم تقديم فكرة القياس التي تشرح وتناقش بما يستدعي الضرورة، ثم ينتقل بعدها إلى تفاصيل الأوزان والأحجام والأطوال والوحدات المستخدمة ووسائل القياس. الاستراتيجية الخامسة عند ليوناردو، هي التركيز على الكفاءات، الكفاءات والمهارات أكثر أهمية من المعارف ذاتها، إن كفاءة التعلم الذاتي والقدرة على الاندماج في المجتمع والقدرة على تشكيل رأي ذاتي عن ما حولهم أفضل بكثير من تحصيل المعارف، إن الكفاءات لهي أهم ما يظهر في التقارير الدراسية عند مدارس ليوناردو. تأتي استراتيجية الحماس و التشجيع استراتيجية سادسة. إن عاملا مهما في تطوير المهارات والابقاء عليها هو ابقاء الحماس مشتعلاً لدى الموهوبين. هذا يجعلهم يستمرون في التواصل مع أقرانهم الموهوبين ويواصلون التحدي في التعامل مع كل جديد يتعلمونه. هذا يجعل التعلم ممتعاً باستمرار. يركز أيضاً مفهوم ليوناردو على الإبداع مستنداً إلى مقولة آينشتين: “الخيال أهم بكثير من المعرفة”. إن من أهم قدرات الموهوبين هي التفكير الخلاق والقدرة على تقديم حلول مختلفة وجديدة لا تخطر ببال الآخرين. إن التعليم التقليدي لا يشجع على الإبداع وليس فيه فرص كثيرة من ذلك وهذا ما يوقع بالموهوبين في دوائر الاحباط. إن مفهوم ليوناردو يشدد على جعل المساحة كلها للأطفال يبادرون فيها من ذات أنفسهم ويقدمون الحلول الجديدة للمشاكل ودائما ما يطالبون باستخدام ابداعاتهم. يدعم مفهوم ليوناردو أيضاً فكرة انشاء محتوى جماعي معرفي مشترك في بيئة تعلم مستمرة إذ ليس هناك منهج أو طريقة تعليم للموهوبين موحدة. إن فكرة المحتوى والشبكة الجماعية هذه ليس محدودا بمدارس ليوناردو، بل يشمل الاشتراك مع تلاميذ وأساتذة التعليم التقليدي والمحتوى الخارجي ومشاريع ليوناردو التي تم انجازها يضاف إليها تحديات جديدة تنتظر الانجاز. من ضروريات مفهوم ليوناردو أن يكون هناك تواصل مع البيئة المحيطة الاجتماعية والصناعية. ليست مدارس ليوناردو كغيرها من المدارس. إنها مدارس ذات معارف أصيلة وجديدة ولذلك يتم التواصل مع الشركات والمعاهد والمؤسسات لكي تسهم في تطوير هذه الأفكار والمساهمة بمحاضرات وورش عمل وزيارات وعقود بالإضافة إلى الدعم المادي. وتهتم فكرة ليوناردو بتوسيع دائرة الاهتمامات و تنويع ما ينمي المواهب. فبالإضافة إلى الاهتمامات بالفن والرياضة والثقافة، تدخل اهتمامات جديدة أبعد من تلك التي تعالج في المدارس التقليدية. فمثلا في مجال الموسيقى، فبالإضافة للتنمية المعارف والمهارات الموسيقية، تدخل مهارات الريادة والمهارات المتعلقة بالتنظيم والابداع. وهناك اهتمام أيضا بتطوير قدرات التواصل مع الآخرين على كل المستويات وفي كل الحالات كأولوية من أولويات برامج ليوناردو. وضع مدارس ليوناردو اليوم بدأت مدارس ليوناردو عام 2007 تهتم بالأطفال الموهوبين بين سن 4 أربع سنوات إلى 12 عاما؛ تهتم بالأطفال الذين يزيد معدل مقياس الذكاء عندهم عن 130 نقطة وأولئك الذين يتميزون بالتفكير في حلول ابداعية ويصرون على انجاز المهام الصعبة. في عام 2010 وصل عدد المدارس في هولندا الابتدائية إلى أربعين مدرسة تتبنى مفهوم ليوناردو ومن المتوقع أن تضاف 10 مدارس هذا العام. ويطمح جان هندركس أن تصل المدارس إلى 300 مدرسة ابتدائية وثانوية خلال خمس سنوات بدءاً من تاريخ بداية المشروع عام 2007. مشروع مدارس ليوناردو يبقى في مرحلة تطوير وهو يحظى بالكثير من الاهتمام والدعم على كثير من الصعد. وعلى الرغم من كل هذا الاهتمام والدعم وزيادة المدارس والمواد والمدرسين، يبقى هناك مجموعة من العوائق. المدرسون المختصون غير متوفرين بما يكفي لكل الموضوعات الإضافية. المدارس لديها قوائم انتظار تسجيل طلاب جدد طويلة. والآباء يسجلون أبناءهم في أكثر من مدرسة و كذلك فإن مدارس ليوناردو تعطي الاولوية للطلاب في مدارسهم الحكومية التي يدرسون فيها وفي بيئاتهم التي قدموا منها. تكلفة مدارس ليوناردو تصل إلى سبعة آلاف يورو تساهم الحكومة بدفع أربعة آلاف وخمسمائة يورو منها. وكثيرًا ما تتطلب هذه المدارس من الآباء مزيداً من المدفوعات التطوعية. تتعاون مدارس ليوناردو مع الجامعات والمؤسسات التعليمية لتقديم مناهج موسعة وأفكار جديدة وهناك مجموعة من الأبحاث التي تجرى للتحقق من فعالية طريقة ليوناردو. هذا ما يحاول فريق ليوناردو عمله من أجل دعم أكثر من الحكومة واقناعها باعتبار مدارس ليوناردو مدارس ذوي احتياجات خاصة لكي تحصل على دعم أكثر. وكذلك محاولة توفير نظام ليوناردو في مدارس اكثر وليكون بديلا كاملاً عن النظام التعليمي التقليدي للتركيز على دعم الموهبة. ها هي المدارس تحط محل اهتمام في ألمانيا و تسترعي انتباه كثير من الآباء وتعد بكثير من النتائج الايجابية. إن أطفال اليوم أكثر ذكاء وموسوعية ومعرفة بالحياة من حولهم من أولئك الذين كانوا أطفالا قبل 30 عاماً حسب وجهة نظر جان هندركس؛ وهذا من أثار ما يصلهم من إشارات وتصوراتٍ من حولهم من خلال وسائل الإتصال الحديثة والوسائط. لا بد لهم من وسائل تنمي ما يحتاجونه بمواهبه الكبيرة هذه وتواكب امكانياتهم. إن طموح مدارس ليوناردو، أن يصبح المجتمع يوماً، غنياً بالمبدعين ممن يساهمون في إثراء اقتصاد بلدهم كل بما يملك من مهارات وقيم تسامح وتنوع ثقافات..