الحوثيون والبحر الأحمر.. خطر جديد على كابلات الأعماق مميز    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    أول تحرك للرئيس العليمي بعد سقوط خسائر بشرية وتضرر البنية التحتية والأراضي الزراعية جراء المنخفض الجوي بحضرموت    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    تأجيل مباريات الخميس في بطولة كرة السلة لأندية حضرموت    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    عن العلامة اليماني الذي أسس مدرسة الحديث النبوي في الأندلس - قصص رائعة وتفاصيل مدهشة    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    نعيبُ جمهوريتنا والعيبُ فينا    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    الكشف عن استحواذ جماعة الحوثي على هذه الإيرادات المالية المخصصة لصرف رواتب الموظفين المنقطعة    حراس الجمهورية تجبر ميليشيا الحوثي التراجع عن استهداف مطار المخا    الحوثيون يضربون سمعة "القات" المحلي وإنهيار في اسعاره (تفاصيل)    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    فضيحة قناة الحدث: تستضيف محافظ حضرموت وتكتب تعريفه "أسامة الشرمي"    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    حضرموت تستعد للاحتفاء بذكرى نصرها المؤزر ضد تنظيم القاعدة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    "ليست صواريخ فرط صوتية"...مليشيات الحوثي تستعد لتدشين اقوى واخطر سلاح لديها    ثلاث مساوئ حوثية أكدتها عشرية الإنقلاب    دوري ابطال اوروبا ... ريال مدريد يطيح بمانشستر سيتي ويتأهل لنصف النهائي    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    انس جابر تعبر الى ثمن نهائي دورة شتوتغارت الالمانية    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    من هم الذين لا يدخلون النار؟.. انقذ نفسك قبل فوات الأوان    باريس سان جيرمان يرد ريمونتادا برشلونة التاريخية ويتأهل لنصف نهائى دورى الأبطال    نيابة استئناف الامانة تتهم 40 من تجار المبيدات والأسمدة بارتكاب جرائم بيئية وتعريض حياة الناس للمخاطر    الكشف عن آخر تطورات الحالة الصحية للفنان عبدالله الرويشد    ارنولد: انا مدين بكل شيء ل كلوب    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة التعليمية..هل تساعد المتفوقين أم تدفن مواهبهم..!؟
نشر في الجمهورية يوم 09 - 04 - 2011

إن الاهتمام بالطفل يعني الاهتمام بالأمة، فأطفال اليوم هم رجال الغد، والمتميزون من الأطفال هم كنز هذه الأمة، ومن الواجب استثمار هذا الكنز، فمردود العطاء الذي يقدمه الإنسان المتميز لأمته ووطنه هو مردود غني ومتميز، فالذكاء ينمو في البيئة التعليمية المناسبة، وغالباً ما يصاب بالإحباط، والتراجع إذا ما تعرض لظروف تعليمية، وحياتية سيئة، أو صعبة..
ولذلك تولي بعض الدول المتقدمة اقتصادياً، وثقافياً، وسياسياً اهتماماً كبيراً بالطفل وخصوصاً المبدع، والموهوب، والمتميز، فهل تسير اليمن مع الركب العربي والعالمي في تطوير المناهج، والفلسفة التعليمية التي تساعد على تنمية الإبداع العلمي لدى الأطفال والشباب؟! هذا ما ستجيب عنه “الجمهورية” في هذا الملف.. أكد الدكتور عاطف محمد السيد الأقرع أستاذ التربية الخاصة المساعد بكلية التربية، والدكتور مهدي صالح هجرس أستاذ علم النفس بكلية التربية في جامعة إب أهمية رعاية الموهوبين والمتفوقين والمبدعين من أبناء اليمن؛ باعتبار تلك الرعاية المدخل الأمثل لتحقيق النهضة والتقدم المرجو للبلاد، بالاستناد إلى تجارب دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي التي ابتدعت أساليب متعددة في رعاية المتفوقين والموهوبين.
الكشف المبكر
وقال الباحثان في دراسة علمية حديثة: إن الإبداع أحد المتغيرات والنواتج التربوية الهامة إذا ما تمت رعايته، والاعتناء به لدى الناشئين، وهذا سيدفع بالمجتمع إلى مسار المعاصرة، والتحديث، والنهوض بأعباء الأمة، ويتم ذلك عن طريق كشف المبدعين والتعرف إلى العوامل التي تؤثر على إبداعهم، والذي يمكن أن يسهم في إعداد البيئة المناسبة لإعداد مبدعين نافعين لمجتمعهم. فالاهتمام بالإبداع والمبدعين يعد من أبرز الأولويات في العصر الحديث للدول المتقدمة، والسائرة في طريق التقدم لأهميته ولكونه الأداة التي تعمل على حل المشكلات المختلفة التي تتحدى حاضر الإنسانية ومستقبلها، كما أن إعطاء الفرص المناسبة لنمو الطاقات الإبداعية هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لأي مجتمع من المجتمعات.
تنمية التفكير الإبداعي
ولتحقيق ذلك ينبغي الابتعاد عن التعليم التقليدي الموجه نحو المحاضرات، والكتاب المنهجي المقرر الذي يرتكز على المستويات الدنيا من التفكير، والعمل على زيادة تنمية التفكير الإبداعي من خلال استخدام طرائق التدريس الحديثة، كالاستقصاء، والاكتشاف. كما أن التعلم الذي يكون فيه الطالب محوراً لهذا التعليم، والمعلم موجهاً ومرشداً يعمل على تنمية الإبداع.
العوامل المؤثرة
ووفقاً للدراسة فإن الخبرات الثقافية، والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الفرد في محيط الأسرة، والبيئة لها أثر كبير في تشكيل شخصية الفرد، وتكوين اتجاهاته، فضلاً عن أهميتها في تنمية القدرات الإبداعية، وازدهارها، فالمستوى الثقافي، والاقتصادي، والاجتماعي المرتفع للأسرة قد يتيح لأبنائه فرصاً أكثر لممارسة الأنشطة التي قد تساعد على تنمية القدرات الإبداعية عن طريق تزويدهم بالألعاب المناسبة، وإشراكهم في المناقشات مع الكبار، وإعطاء أكبر قدر من الاستقلال والحرية الشخصية، فضلاً عن الإمكانات الثقافية والتربوية التي تزود الفرد بالمعارف التي تنمي القدرة الإبداعية.
وشخصت الدراسة واقع رعاية المتفوقين في بلادنا بالآتي:
يمكن تلمس ملامح صورة رعاية المتفوقين في اليمن عبر العديد من المظاهر، فهناك اهتمام محصور بتهيئة مدرسين للمتفوقين في بعض المدارس على مستوى بعض المحافظات تمثل في مُجملها جهوداً فردية على مستوى المؤسسة نفسها، ولا تجسد مستوى الطموح المطلوب، كما توجد بعض الجهود لبعض مؤسسات المجتمع المدني، كالمنظمة الوطنية لمكافحة الأمية التي تبنت مشروعاً لتشجيع المتفوقين من خلال مهرجان التفوق السنوي، وكانت بدايته في عام 2004، وفي السنوات القليلة الماضية بدأت وزارة التربية والتعليم تخطو خطوات في اتجاه التأسيس لمدارس تُعني بالمتفوقين، وبدأ الإعداد النظري، والمنهجي بأخذ طريقة إلى الواقع فضلاً عن تحديد المدارس النموذجية التي ستبدأ بتطبيق التجربة فيها في أمانة العاصمة، وحضرموت، وعدن، وتعز، كما أدخلت وزارة التربية والتعليم إدارة خاصة بالمتفوقين والموهوبين ضمن مستوى الإدارة العامة للأنشطة المدرسية، وأستحدث في كل مكتب تربية وتعليم بالمحافظات قسماً خاصاً للعناية بذلك، أما الموهوبين والمبدعين فإن مظاهر الاهتمام بهم غير واضحة المعالم.
المتفوق عقلياً
ويعرف الباحثان “المتفوق عقلياً” بأنه الطالب الذي لديه قدرات عقلية عالية تميزه عن غيره من العاديين في المجالات الأكاديمية أو الإنتاجية أو غيرها بما يمكنه من تحقيق مستوى أداء أعلى من العاديين ويكون موضع تقدير الجماعة .
أما “الموهوب” فيعرفه الباحثان بأنه الطالب الذي يظهر أداءً متميزاً في واحد أو أكثر من الأبعاد التالية مقارنة بأقرانه من ذات الفئة العمرية، القدرة العقلية العالية حيث تزيد نسبة ذكائه عن 120، والقدرة الإبداعية المرتفعة، والتحصيل الدراسي المرتفع، والقيام بمهارات فنية أو علمية أو أدبية غير عادية، ويتمتع بسمات شخصية غير عادية.
الأنشطة الإبداعية
وتشير الدراسة إلى أن الإبداع Creativity، يمثل مقدرة الفرد على إنتاج تكوينات، أو نظم، أو أفكار، أو صياغات هادفة، ومفيدة، كما تتصف بالتعدد، والتنوع، وبالجدة والأصالة في مجال من المجالات التي تلقى تقديراً في مجتمع معين، وزمان معين.
والإبداعية بهذا المعنى مفهوم متسع يشمل اكتشاف، أو إضافة عناصر، أو نظم، أو أفكار جديدة، أو إعادة تنظيم معلومات، أو عناصر قائمة في نظام، أو صياغة جديدة، كما تشمل عديداً من النواتج التي تنتمي إلى محتويات مختلفة كالصياغة نموذج، أو نظريات علمية، أو أعمال فنية تشكيلية، أو أدبية، أو موسيقية، أو اختراع أجهزة.. ومن هذا المنطلق فقد عرف الباحثان “الشخص المبدع” بأنه الطالب الذي لديه القدرة على إنتاج أفكار جديدة تتمتع بالأصالة، والطلاقة، والمرونة، والجدة، وتكون مفيدة وهادفة وتلقى تقديراً من المجتمع.
أهداف رعاية المتفوقين
نظراً لأهمية ما يمكن أن يقدمه المتفوقون والموهوبون والمبدعون لمجتمعنا من خلال التنمية الاجتماعية بمختلف أبعادها الشاملة، حيث يؤكد جميع التربويين أهمية تقديم خدمات تربوية خاصة للطلاب المتميزين، إذ إن تحسين نوعية التعليم، والخدمات المقدمة لهذه الفئات من الطلاب يسمح لهم بالمساهمة بشكل أكبر في المجتمع، حيث تسعى معظم البرامج الخاصة برعاية تلك الفئات لتحقيق الأهداف التالية: تزويد المتفوقين بأقصى ما يمكن من الفرص التعليمية المتاحة لإثبات ذواتهم وقدراتهم في مجال رعايتهم، وتزويد المجتمع بأفراد متميزين، يساعدون على حل المشكلات المختلفة من خلال تقديمهم لإنتاجات مفيدة في كل مجالات المعرفة، تكوّن الرضا الذاتي عند العلماء، والفنانين والقادة، والذي يؤدي إلى نتائج قيمة تفيد المجتمع من هذا الإبداع.
الإعداد الكامل
وحثت الدراسة على تحديد حاجات المبدعين والموهوبين من مطالب نموهم الشامل، وتخطيط وتنظيم الموقف التعليمي المناسب لمقومات البيئة التعليمية الإبداعية، وتوجيه الميول الإبداعية على أساس من الفهم الواضح لقدرات المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين واستعداداتهم، وتهيئة البيئة التعليمية الإبداعية في حدود الإمكانات المتاحة، وربط التعليم بالعمل المنتج، ومطالب التنمية في المجتمع، ومساعدة هذه الفئات [المتفوقين، الموهوبين، المبدعين] على تحقيق النمو الشامل والمتكامل، ومساعدتهم على تحقيق أقصى درجات التكيف، وتمكينهم من اختيار المهنة المناسبة لميولهم، وقدراتهم، وتوفير مصادر المعلومات المناسبة لهم، ورفع مستوى تفوق التلاميذ المتميزين في التحصيل الأكاديمي، والتفكير الإبداعي، وتطوير أنماط التفكير، وحل المشكلات لديهم، وتنمية الشعور الإيجابي بمفهوم الذات لديهم، وتمكين المتفوقين من القدرة على التوجيه الذاتي، وتحمل المسؤولية، وتنمية الصفات القيادية لديهم، والإعداد الصحيح للحياة الاجتماعية والمهنية التي تتناسب وميولهم، وتوفير الخدمات الإرشادية والتوجيهية الضرورية، وتطوير مهارات التفكير العلمي الناقد ، واتخاذ القرارات وحل المشكلات، والكشف عن إمكانات التميز عند التلاميذ بغرض توجيهها وصقلها، وتوفير المعلمين ذوي القدرات والكفاءة المناسبة ، وتدريبهم على اكتشاف المتفوقين والموهوبين والمبدعين لديهم.
رعاية قانونية
وأكدت الدراسة أن القانون اليمني يوجب رعاية المتفوقين في الوطن فقد نصت الفقرة [ل] من المادة الثالثة لقانون التربية والتعليم رقم [45] لعام 1992 على أن التعرف على حاجات المتعلمين وإشباعها، واكتشاف ميولهم، وقدراتهم، ورعايتهم، وتوجيههم عامل أساسي في تحسين عملية التعليم والتعلم، كما نصت المادة [50] من القانون على أن من أهداف وزارة التربية والتعليم التنوع في أساليب وطرق التدريس، وتنمية روح الإبداع، والابتكار، وحل المشكلات، وحب الدراسة الذاتية لدى الطالب، كما تنمي ملكة التفكير الحر، والمستقل، وهذا يوضح أنه من الضروري الاهتمام بتنمية مواهب أفراد المجتمع اليمني إلى أقصى ما تؤهله لهم قدراتهم الطبيعية، واكتشاف ذوي المواهب المميزة لرعايتها اجتماعياً، ونفسياً، وتربوياً على أسس علمية سليمة.
قصور المناهج التعليمية
إن المناهج العادية لا تلبي احتياجات الموهوبين ولا تؤدي إلى اكتشافهم مبكراً، وبالتالي تضيع هذه المواهب والقدرات، ويخسر المجتمع الكثير من الإنجازات التي يمكن أن يقدمها الموهوبون لو تم الاعتناء بهم، واكتشافهم بوقت مبكر, وهناك العديد من الأمثلة على قصور المناهج العادية، والأساليب التقليدية في اكتشاف ومساعدة الموهوبين نذكر منها على سبيل المثال “أينشتاين” Einstein مكتشف نظرية النسبية الذي اعتبره مدرسوه دون المتوسط من حيث التحصيل الدراسي، وكذلك توماس “اديسون” Edison مخترع الراديو، والمحرك الكهربائي، والمصباح الكهربائي وغيرها من المخترعات التي أفادت البشرية، هذا المخترع كان مصنفا عند أساتذته في المدرسة من البلهاء، والمشاغبين، وينال نصيباً وافراً من غضب وعقاب المعلم مما أدى به إلى ترك المدرسة.
برامج دراسية متقدمة
ولهذا نادت جهات كثيرة للاهتمام بالمتفوقين، والموهوبين، والمبدعين، وإعداد برامج دراسية خاصة بهم، ومن هذه البرامج والطرق الآتي:
أولاً: الإثراء: Enrichment : ويقصد بإثراء البرنامج التربوي، أو التعليمي تزويد هذه الفئات [المتفوقين، والموهوبين والمبدعين] أياً كانت المرحلة التعليمية، بنوع جديد من الخبرات التعليمية تعمل على زيادة خبراته في البرنامج التعليمي بحيث تختلف تلك الخبرات عن الخبرات المقدمة للطالب العادي في الصف العادي أو المرحلة التعليمية العادية.
ثانياً: الإسراع :Acceleration، ويعني الخدمات التنظيمية المدرسية التي تسمح للطالب [المتفوق أو الموهوب، أو المبدع] بالتقدم بمعدل أسرع مما هو معتاد بالنسبة لأقرانه من الطلاب العاديين، وبالتالي إنهاء مرحلته التعليمية في عمر زمني مبكر، ويتم التسريع وفق عدد من الأشكال لعل أهمها ما يلي:
1 القبول المبكر في رياض الأطفال، أو الصف الأول الأساسي للتلميذ المتفوق، ولا بد أن يقترن ذلك برعاية أسرية خاصة تعمل على الرفع من شأن ثقافته، وإنجازه المدرسي خاصة، والسماح للتلميذ المتفوق بتخطي صف واحد من المرحلة التعليمية الدراسية الواحدة، وهذا يعني أنه من المحتمل دخول التلميذ المتفوق إلى الجامعة، وهو لا يتجاوز من العمر سن الخامسة عشرة.
أدوات اكتشاف الموهوبين
وتشير الدراسة إلى أن اكتشاف المتفوقين والموهوبين والمبدعين بالجامعة يحتاج لتوفير الأدوات اللازمة للمعلمين والمتخصصين حتى يمكن متابعة هؤلاء الطلاب خلال سنوات الجامعة، مما يساعد على زيادة تفوقهم.
دور الجامعة
إن دور الجامعة في رعاية الطلبة المتفوقين والموهوبين والمبدعين فيها يتأتى من خلال تقديم كافة أنواع الرعاية اللازمة لتحقيق التوافق النفسي لهؤلاء الطلبة لزيادة تفوقهم وموهبتهم وإبداعاتهم وتنمية قدراتهم المختلفة.
الرعاية العلمية
وفي إطار التفاصيل يشير الباحثان إلى أن أول أنواع الرعاية يتمثل في الرعاية العلمية، وتتم هذه الرعاية من خلال:
إنشاء هيئة علمية متخصصة في الجامعة تسمى ب[هيئة رعاية الطلبة المتفوقين] على أن تتكون من مجموعة من الأساتذة المتخصصين وذوي الاهتمام بهذا المجال.
أن تستعين هذه الهيئة العلمية بالمتخصصين لوضع الخطط اللازمة للكشف عن الطلبة المتفوقين وفق أحدث الطرق العلمية، إضافة إلى وضع الخطط العلمية والدراسية الخاصة بهؤلاء الطلبة.
إعداد المناهج والمقررات العلمية التي يمكن أن تتناسب والقدرات العلمية العالية التي يمتلكها هؤلاء الطلبة في مختلف مجالات العلوم ومن خلال الاستعانة أيضاً بالخبرات الوطنية والعربية والعالمية في هذا المجال.
أن تحرص الجامعة على الاطلاع على التجارب والدراسات السابقة في هذا المجال لأخذ ما تراه مناسباً ويتفق مع طبيعة النظام التربوي والتعليمي في اليمن.
أن تسعى الجامعة إلى إشراك هؤلاء الطلبة بالأنشطة العلمية والمشروعات البحثية التي تقوم بتنفيذها.
أن تحرص الجامعة على توفير المراجع والبحوث العلمية الكافية في مجالات العلوم والفنون والآداب، في مكتباتها لكي تكون هذه المراجع كافية لإشباع طموحات الطلبة العلمية.
أن تقوم الجامعة بتوفير الأماكن والأوقات المناسبة لهؤلاء الطلبة لممارسة الأنشطة المختلفة، بما يتناسب مع طموحاتهم العلمية، والفنية، والأدبية.
تزويد الجامعة لأعضاء هيئة التدريس فيها بالمعلومات اللازمة لتطوير مفاهيمهم، وأساليب تعاملهم مع الطلبة المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين وذلك من خلال دورات متخصصة في هذا المجال .
أن تقوم الجامعة بتنظيم برامج ثقافية ضمن برنامج لتبادل الزيارات، والرحلات العلمية والثقافية بين الجامعات في الداخل والخارج مع أقرانهم للاستفادة من خبرات الآخرين، وممارسة مختلف الأنشطة التربوية والعلمية والرياضية والأدبية بما يشبع هواياتهم.
قيام الجامعة بإنشاء المراكز العلمية المتخصصة التي تقدم الخدمات الإرشادية النفسية والاجتماعية لهؤلاء الطلاب، ومنها مركز الإرشاد النفسي والتربوي لمعالجة مشكلاتهم النفسية والاجتماعية بما يساعدهم على التوافق النفسي.
أن تحرص الجامعة على توفير ما يلزم من أدوات وتجهيزات لمعامل العلوم، وأجهزة الحاسبات الالكترونية، وإيصالها بشبكات المعلومات الدولية، وإتاحتها بالمجان لهؤلاء الطلاب، بما يساعدهم على البحث، والاطلاع على أحدث الأبحاث والمخترعات العلمية.
الرعاية التربوية والنفسية
أما الرعاية التربوية والنفسية فبحسب الباحثين يمكن تحقيقها من خلال:
إنشاء الجامعة إدارة لرعاية الطلاب المتفوقين، والموهوبين والمبدعين بصفة خاصة، والطلاب بجميع بصفة عامة [تسمى إدارة رعاية الشباب]، ومن خلالها تقدم الخدمات الإرشادية، والمساعدات المادية، والرحلات، والأنشطة الاجتماعية، والثقافية، والترفيهية، وبحث مشكلاتهم وحلها، مما يحقق التوافق النفسي، والدراسي لديهم، وتقديم هذه الخدمات من خلال أخصائيين اجتماعيين ونفسيين.
إخضاع الجامعة الطلاب المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين للدراسات النفسية والاجتماعية باستمرار لرفع مستواهم العلمي، وتحصليهم الدراسي وكذلك التعرف على مشكلاتهم النفسية والاجتماعية والحرص على حل تلك المشكلات.
أن تسهم الجامعة في توفير أدوات قياس وتشخيص عالية الدقة للتعرف على الطلبة المتفوقين باستمرار لغرض رعايتهم نفسياً واجتماعياً وتحصيلياً.
إن تقديم الجامعة المساعدة لهؤلاء الطلبة للكشف عن استعداداتهم، وقدراتهم العقلية، ومواهبهم، وإبداعاتهم، وتحديد مستواهم في مجال تفوقهم، ومواهبهم، وإبداعاتهم، بما يساعدهم في فهم حقيقة أنفسهم، وإدراك جوانب تفوقهم، وتنمية مفهومهم عن ذاتهم.
أن تساعد الجامعة الطلبة المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين في فهمهم لحاجاتهم النفسية والمعرفية، والاجتماعية في إطار الظروف المحيطة بهم، وأن تعمل على إشباع تلك الحاجات بقدر ما لديها من إمكانات.
الرعاية الاجتماعية
أما دور الجامعة في تقديم الرعاية الاجتماعية فيمكن تحقيقه من خلال بعض الإجراءات ومنها:
تنظيم المسابقات العلمية، والثقافية، والترفيهية، والأنشطة الرياضية بما يتناسب مع المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين مما يخلق المنافسة بين هؤلاء الطلاب، وأقرانهم بالجامعات الأخرى داخلياً وخارجياً.
إقامة مدينة جامعية [سكن للإقامة الكاملة] لطلاب الجامعة بصفة عامة، والمتفوقين، والموهوبين، والمبدعين بصفة خاصة مع تمتعهم بحق الإقامة في القسم الداخلي بالمدينة الجامعية مع التغذية المجانية تحت إشراف دقيق من المتخصصين في الإشراف الداخلي من الأخصائيين الاجتماعيين، والأخصائيين في التغذية، وتقدم تلك الخدمات للمقيمين في المناطق البعيدة عن الجامعة.
تنظيم لقاءات إرشادية لأعضاء هيئة التدريس لتبادل الآراء وبحث مشكلاتهم، وإيجاد الحلول اللازمة لتلك المشكلات.
الرعاية المادية
وتشير الدراسة إلى الرعاية المادية كأحد أنواع الرعاية التي يمكن أن تحققها الجامعة من خلال:
صرف الحوافز المادية لكل طالب متفوق، أو موهوب، أو مبدع، والعمل على زيادة تلك الحوافز بما يتناسب مع الظروف الاجتماعية، ومستوى المعيشة لكل طالب من تلك الفئات، حتى يتمكنوا من شراء ما يلزمهم من كتب، أو مراجع غير متوفرة بمكتبة الجامعة لإجراء أبحاثهم، أو تجاربهم العلمية، أو اشتراكهم في الأنشطة العلمية، والتربوية، والفنية حتى لا تعوقهم ظروفهم الاجتماعية، أو المادية [إن كانت لا تسمح بذلك] مما يساعد على زيادة تفوقهم، وتحصيلهم الدراسي .
حث رجال الأعمال، والجمعيات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني لتقديم الدعم اللازم لهؤلاء الطلاب لتتمكن الجامعة من رعايتهم بشكل متكامل.
إعفاء المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين من دفع مستحقات التسجيل لكل سنة دراسية خلال مراحل دراستهم بالجامعة تشجيعاً لتفوقهم ومواهبهم وإبداعاتهم.
الرعاية الصحية
ويبرز دور الجامعة في تحقيق الرعاية الصحية من خلال قيامها بتقديم الرعاية الصحية، والطبية لجميع طلابها بصفة عامة، وللمتفوقين، والموهوبين، والمبدعين بصفة خاصة من خلال الكشف الطبي، والدوري كل عام في بداية العام الدراسي، لاكتشاف أي أمراض جسمية قد تظهر أثناء الدراسة مع تقديم العلاج اللازم لكل حالة مرضية حتى لا يعوق المرض هؤلاء الطلاب عن تفوقهم، ومواهبهم، وإبداعاتهم .
وكذلك توفير ما يلزم من أجهزة تعويضية قد يحتاجها هؤلاء الطلاب من نظارات طبية، أو أجهزة حركية قد تلزم بعض المتفوقين أو الموهوبين، أو المبدعين من ضعاف البصر، أو المعاقين حركياً بالجامعة.
مسؤولية الجامعة
واختتم الباحثان الأقرع وهجرس دراستهما بتقديم العديد من التوصيات الهادفة إلى تنفيذ برامج رعاية المتفوقين والمبدعين وذلك على النحو الآتي:
على إدارة الجامعة حصر أعداد المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين فيها من خلال لجان تشخيص علمية متخصصة وتصنيفهم وتقديم الحوافز لهم وتوفير الإمكانيات المادية لرعايتهم، وحث رجال الأعمال والجمعيات الأهلية على تقديم الدعم المادي والمعنوي في هذا الشأن.
على كليات التربية بالجامعات عقد دورات تدريبية مكثفة للمعلمين والمعلمات بمدارس وزارة التربية والتعليم، لتدريبهم على أساليب اكتشاف المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين، وتعريفهم بخصائصهم، وكيفية التعامل معهم، وتقديم كافة أوجه الرعاية والخدمات التي يحتاجها هؤلاء الطلبة تمهيداً لاستمرار تفوقهم عند دخولهم الجامعة.
أن تعمل الجامعة على الاهتمام بالطلبة المتفوقين، والموهوبين والمبدعين والعمل على تطويرهم من خلال توفير متطلبات أعمالهم العلمية؛ ليتمكنوا من قيادة عجلة التقدم وتقديم الابتكارات المختلفة لتطوير المجتمع ليصبحوا قادرين على مواجهة التحديات العصرية، ويسهموا في تطوير المجتمع، وتحقيق التنمية الشاملة.
على الجامعة تقديم الرعاية والاهتمام الكامل والدعم والمساندة للطلاب المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين من خلال توفير المراجع، والمعارف، والخبرات ذات الكفاءة العالية في تعليمهم، والوسائل المعينة، والمناهج، والأنشطة المختلفة الملائمة لإعدادهم، وتنمية قدراتهم، ومواهبهم، وإبداعاتهم المختلفة بطرق حديثة، ومتميزة تضمن تنميتهم علمياً، ومهنياً وتمكنهم من الإنتاج، والإبداع وتطوير المجتمع في كافة المجالات.
على الجامعة عقد المؤتمرات، والندوات العلمية، والوطنية الخاصة بتعليم الطلاب المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين، وتشجيع الباحثين، ودعم البحوث، والدراسات الخاصة بهم، وكذلك إعداد المؤتمرات العلمية لمناقشة حاجاتهم، وكيفية إشباعها.
على كليات التربية وضع برنامج لإعداد معلمي الطلاب المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين مع قبول هؤلاء الطلاب وفق معايير ومستويات عالمية، وتدريبهم على أساليب الكشف عن هؤلاء الطلاب، وطرق التعامل معهم، والتدريس أيضاً.
أن يكون دور الأستاذ الجامعي كالموجه والمرشد والمشجع والمحفز للعملية التربوية والتعليمية من خلال استخدامه طرائق التدريس المتنوعة والمبتكرة والمتجددة ذات المرونة العالية التي تساعد على تنمية الشخصية، وتنمية مهارات التفكير الإبداعي لدى المتفوقين، والموهوبين، والمبدعين .
على الجامعة حث الجهات المسئولة عن النظام التعليمي بالدولة على إنشاء مدرسة خاصة بالمتفوقين، والموهوبين، والمبدعين في كل محافظة لتقدم لهم ما يحتاجونه من مناهج تربوية خاصة بهم، ورعاية اجتماعية، وصحة نفسية، ومادية، وأنشطة تربوية تشبع حاجاتهم المستمرة للعلم، والتعليم مع تقديم كافة الخدمات لتأهيلهم، وتوجيههم علميا.
أن تهتم الجامعة بعرض المواهب، وإبداعات الموهوبين، والمبدعين في قاعات عرض معروفة والتشجيع على مشاهدتها من المهتمين بهذا المجال بدعوة الأساتذة بالجامعات اليمنية، ومراكز البحوث المتخصصة لمناقشتهم، واستعراض أفكارهم، وإبداعاتهم لتصحيح مسارها، وإثراء مواهبهم .
المسؤولية الوزارية
كما قدمت الدراسة بعض التوصيات الخاصة بوزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية والتعليم، وأهمها مايلي:
التنسيق والعمل التكاملي بين وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية للقيام بدور تكاملي من أجل تحقيق هدف اكتشاف الموهوبين والمتفوقين والمبدعين وتنمية قدراتهم الفكرية والإبداعية لما يحقق لهم النمو الشامل في المستقبل عن طريق المؤسسات التربوية على اختلاف مراحلها من التعليم الأساسي وحتى التعليم الجامعي .
أن تقوم جميع المؤسسات التعليمية [المدرسة والجامعة] بالاهتمام بالتنمية الشاملة، والمتكاملة للمتفوقين، والموهوبين، والمبدعين من بين طلابها في المجالات العقلية، والجسمية، والحركية، والانفعالية، والاجتماعية، والخلقية مع مراعاة الفروق الفردية فيما بينهم من قدرات واستعدادات وميول واتجاهات.
أن تسعى وزارة التربية والتعليم جاهدة لإنشاء مدرسة خاصة بالمتفوقين والموهوبين والمبدعين في كل محافظة لتقدم لهم ما يحتاجونه من مناهج تربوية وتعليمية خاصة بهم ورعاية اجتماعية وصحة نفسية ومادية وأنشطة.
أن تسعى وزارتا التعليم العالي والبحث العلمي والتربية والتعليم لإيجاد صيغة مناسبة لقيام تعليم خاص بالمتفوقين والموهوبين والمبدعين بدءاً بالتعليم الأساسي وانتهاءً بالتعليم الجامعي؛ لكي يمكن استثمار طاقات هؤلاء الطلبة بصورة تمكنهم من إدارة الصراع العلمي والتقني في العصر الحالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.