أدّى ملايين اليمنيين أمس صلاة “جمعة الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين” في الساحات والميادين العامة بأمانة العاصمة صنعاء وعموم محافظات الجمهورية. وفي خطبتي صلاة الجمعة بجامع الصالح بالعاصمة صنعاء دعا الخطيب أكرم الرقيحي كافة أبناء اليمن إلى الاعتصام بحبل الله والتناصح عملاً بقوله تعالى: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم ْبِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّار ِفَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”. وقال: “تأتي على الإنسان أوقات يظل فيها عن طريق الهدى فتختلط عليه الأمور وتضرب في ذهنه الحقائق والموازين, فيميل في اتجاه يظن أنه الصواب ويلتزم موقفاً وفكرة يظن أنها الحق الذي لا محيص عنه وأنه الصواب الذي لا باطل معه, غير أنه سرعان ما تبدي له الأيام خطأ موقفه وضلال فكرته وانحراف وجهته, وحينها ينبغي عليه أن يراجع نفسه ويعيد حساباته وأن يصحح موقفه ويقلع عن باطله فيتوب إلى خالقه لأن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل”. وأضاف: “إن كل بني آدم خطاءون وخير الخطاءين التوابون, وإن الله غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى, نقول هذا لنجعله منطلقاً ومدخلاً نلج من خلاله إلى واقعنا وما يحدث في بلدنا وأمتنا ومجتمعنا بعد أن تأكد للعقول والأذهان مرارة الواقع الذي يراد لنا والمستقبل الذي ينتظرنا وما يعانيه شعب اليمن من أزمة خانقة وفتنة هائجة وفرقة حادثة واختلاف وانقسام كاد أن يزعزع أمننا وأن يهدم بلادنا واقتصادنا وأن يأتي على حاضرنا ومستقبلنا”. وتابع خطيب الجمعة قائلاً: “ينبغي على أبناء شعب الإيمان والحكمة أن يقفوا وقفة صادقة خالصة ليراجعوا فيها حساباتهم ويتحملون مسئولياتهم أمام الله وأمام الشعب والأمة والأجيال والتاريخ, فهذه بلادنا ومصالحنا وهذه مؤسساتنا وخيراتنا وأهلنا وأوطاننا, نحن اليوم في حاجة إلى أن نقف وقفة صادقة مخلصة نراجع فيها أخطاءنا وننسى خلافاتنا كتلك الوقفة الصادقة التي وقفها رئيسنا وقائدنا يوم أن أطل علينا متحملاً آلامه وجراحه ومتناسياً من أساء إليه وهو يقول أين الصادقون, أين الأوفياء, أين من سيحافظون على بلادهم, وأين من سيتحملون واجبهم ومسئولياتهم تجاه إخوانهم وأمتهم وبلادهم, هلموا إلى الحوار والتفاهم والشراكة, واقبلوا على الوئام والمحبة والسلام”. وأكد أن تلك الكلمات كانت ومازالت هي شعار فخامة الأخ الرئيس وهدفه وغايته التي ما حاد عنها حتى وهو يعاني ما يعانيه, ولو كان شخصاً غيره لأعرض عن كل هذا وأخذ يفكر في الانتقام لشخصه والأخذ بثأره. مهنئا أبناء شعبنا وأمتنا على سلامة قائدنا وولي أمرنا.. وقال: على الرغم مما أصاب فخامة الرئيس وكبار رجال دولته إلا انه لم يسىء حتى إلى من أساءوا إليه, وفي المقابل نسمع الشتائم والسباب ممن أساءوا إليه, وكل إناء بالذي فيه ينضح”. مؤكداً حاجة الوطن إلى الوقوف وقفة حكمة وإيمان وأخوّة وألفة ومحبة نقبل فيها على بعضنا ونتناسى فيها خلافاتنا ونزاعاتنا قائلاً: “كلنا أخوة، كلنا مؤمنون وموحدون، كلنا يمنيون ومسلمون في شمالنا وجنوبنا في شرقنا وغربنا, كلنا نؤمن بالله وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم القائل: “إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وسنتي”. وتابع: “إن كتاب الله وسنة رسوله يأمرننا بالوحدة بيننا وتحثنا على الأخوّة والمودة في ما بيننا وتذكّرنا بما كان عليه أهل اليمن وكيف كنا مضرب الأمثال والأقوال في إخوتنا وفي محبتنا وفي الفتن أو حكمتنا”. وخاطب أبناء الشعب اليمني بمختلف المحافظات قائلاً :”يا أبناء اليمن في صنعاء وعدن وتعز وأبين و لحج وحضرموت أما سمعتم قول رسول الله فيكم: “أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة, الإيمان يمان والحكمة يمانية؟”، يا أهل اليمن في الحديدة وشبوة ومأرب وصعدة وعمران وحجة وذمار وريمة أما سمعتم قول رسول الله فيكم: “إن الأشعريين من أهل اليمن كانوا إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم في المدينة جمعوا ما كان معهم في إناء واحد ثم اقتسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم”. ومضى قائلاً :”يا أهل اليمن في الجوف وفي المحويت وفي المهرة وفي إب وفي سقطرة أما علمتم بأنه حينما نزل قول الحق سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) فوقف عمر ابن الحطاب متسائلاً: يا رسول الله من هؤلاء الذين يحبهم الله ويحبونه؟ فأشار الحبيب المصطفى إلى أبى موسى الأشعري قائلاً: هذا وأصحابه من أهل اليمن, هذا وأصحابه من أهل اليمن”. وتساءل الخطيب: “أين أخوتك؟ وأين إيمانكم؟ وأين ما أخبر به رسول الله عنكم؟ كيف ضربت طباعكم؟ وكيف تبدلت أحوالكم؟ أين ما كنتم عليه من لين القلوب وسماحة الأخلاق والمودة والسماحة والرحمة؟ هل ستعرضون عن كل هذا؟ هل ستعرضون عن ما وصفكم به الحبيب المصطفى وتحيدون عن هديه وسنته؟”. وقال الخطيب: “نحن اليوم في حاجة إلى أن تقف أحزابنا وشبابنا ومعارضتنا كتلك الوقفة التي وقفها رئيسنا ليعبّروا عن إخلاصهم كما عبّره عن إخلاصه ويظهروا وطنيتهم كما أظهر هو وطنيته ويقوم بواجبهم نحو إخوانهم وشعبهم وبلادهم فيغلب مصلحة البلاد فوق كل مصلحة ويصون مصالح العباد عن كل أضرار ومفسدة”. وخاطب المعتصمين في الساحات والميادين قائلاً: “يا من أنتم في الساحات، يا من أنتم في المعارضة العيون إليكم ناظرة والوجوه إليكم شاخصة تنظر إلى أين تسيرون بهذا البلاد؟ وما الذي تبغونه لهذا الشعب؟ فمصالح البلاد قد توقفت, ومعايش العباد قد تعطلت وما تنشدونه من تحويل وتغيير ها نحن اليوم نجني ثماره، ها هو شعب اليمن اليوم يجني ثماره ويعاني آثاره فدبة البترول وصلت سعرها إلى عشرة آلاف واسطوانة الغاز وصلت إلى ثلاثة آلاف ريال والكهرباء التي كنا قد نسينا انطفاءاتها والمياه التي كانت تملأ بيوتنا وخزاناتنا لم نجد أو لم نعد نجد إليها اليوم سبيلا”. وأضاف: “حقاً لقد غيرتم أحوالنا, بل إنكم قلبتموها رأساً على عقب, نحن اليوم في حاجة إلى أن نقف وقفة انتماء ومسئولية نستشعر فيها انتماءنا لهذا الوطن, ونتحمل فيها مسئولياتنا تجاه شعبنا وإخواننا وأمتنا, فشعب اليمن لن يتأخر عن إخوانه هناك في جعار وفي زنجبار الذين شرّدتهم ايادي الإرهاب وهدمت منازلهم وشرّدت أطفالهم وعيالهم ونساءهم, وسنمد لهم يد العون والمساعدة”. وأكد الخطيب أن شعب اليمن لن يتوانى في الدفاع عن مصالحه والوقوف بوجه العابثين بالأمن والمتلاعبين بأرزاق شعب اليمن, ولن يصبر طويلاً على من يهدد نظامه ويزعزع أركانه ويعبث باستقراره ويفسد مصالحه ومؤسساته, وسيقف بكل حزم وشدة مع أبناء القوات المسلّحة والأمن ومع الدستور والنظام ويواجه الذين يصرون على غيهم ويتمادون في باطلهم. واستطرد قائلاً: “شعب اليمن لن يصبر طويلاً على من يتلاعب بأمنه ويحتكر أقواته ورزقه ويهدد أمنه ومصالحه ويعطل الخدمات وسيقف بكل حزم وشدة سيأخذ على أيدي الماكثين وسيأخذ على أيدي القاسطين, وسيأخذ على أيدي المارقين استجابة لقول الحبيب المصطفى “مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فكان بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها, فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقنا ولم نؤذ من فوقنا, فإن تركهم من كانوا في أعالي السفينة أن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً أن تركوهم وما يفعلون غرقوا وغرقت السفينة وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً فاتقوا الله يا عباد الله وأنيبوا إلى ربكم يرحمكم الله قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)”. وقال الخطيب الرقيحي: “إننا نعيش في شهر شعبان ونتهيأ لاستقبال مواسم الخير في رمضان, فحري بنا اغتنام هذه الخيرات والإقبال على فاطر الأرض والسماوات بتطهير القلوب وإصلاح النوايا والنيات وتشابك الأيادي وتضافر الجهود ونبذ الشحناء والبغضاء والأحقاد والتعامل فيما بيننا بالألفة والمودة والرحمة وعدم التلاعب بأقوات الناس أو احتكار ضرورياتهم وحاجياتهم, فهذه مواسم الخير والبركة والغفران, فأروا الله من انفسكم فيها خيراً وأروا إخوانكم من انفسكم فيها خيراً”. وأضاف: “اقبلوا إلى الله سبحانه وتعالى: بالحمد والشكر ان استجاب دعائنا ولبّى نداءنا فحفظ رئيسنا وولي أمرنا وألبسه ثوب الصحة والعافية وأنعم على كبار رجال الدولة بالشفاء.. فوالله ما زادته تلك الحادثة النكراء وتلك الفعلة الشنعاء إلا محبة في قلوبنا ووفاءً وولاءً وتأييداً بين أبناء شعبه”. ووجّه رسالة إلى القابعين في شارع الستين قائلاً: “هذه أصواتنا قد رفعناها إلى العظيم جل في علاه, وهذه دعواتنا لهجنا بها إلى الحق سبحانه بأن يحفظ ولي أمرنا وأن يمُن عليه بالصحة والعافية، وأنتم قد توجهتم ودعوتم بخلاف ذلك، فانظروا أجاب الله دعاءنا، فوالله ما أجاب الله إلا دعاء تلك النسوة والرجال والأطفال الذين كانوا يلهجون إليه ويقبلون عليه بالعمل الصالح والصوم والدعاء بأن يحفظ ولي أمرنا وأن يمُن عليه بالصحة والعافية, فأقر الله أعيننا, فحفظ ولي أرمنا وأظهره علينا سليماً معافى”. وقال خطيب الجمعة: “يا من أنتم قابعون في الستين هذه إرادة الله وهذه مشيئته, يهب الملك لمن يشاء ويؤتي فضله وعافيته من يريد, فهل ستحادون الله في قضائه؟ وهل ستعارضون الله في حكمه وحكمته وأمره ومشيئته؟”. وتقدّم بالشكر وجزيل الثناء والعرفان والاعتزاز والامتنان إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله أبن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده وأفراد أسرته ورجال دولته وأبناء شعبه على ما قدّموه لفخامة الأخ رئيس الجمهورية من رعاية كريمة وعناية جليلة. وأضاف: “لهم منا كل شكر وحب وامتنان فهم قبلة الإسلام وهم محل الإيمان ومهبط القرآن ومقام الإنعام والإكرام فجزاهم الله عنّا خيراً على دعمهم واهتمامهم بإخوانهم من شعب اليمن, وبارك الله في الجارة السعودية الكريمة الشريفة ملكاً وأسرة وحكومة وشعباً, وجعل الله ذلك في ميزان حسناتهم”.. ودعا المولى عز وجل أن يفرّج الكرب عن الشعب اليمني وكل شعوب الأمتين العربية والإسلامية, وأن يحفظ فخامة الرئيس من كل الشرور والأشرار, وأن يحفظ رئيسنا من كل الشرور والأشرار, وأن يلبسه ثوب الصحة والعافية ويعيده إلى شعبه وأهله ووطنه سالماً غانماً ناصراً سليماً معافى.