إن الرغبة والقدرة على تخطي الصعاب وتجاوز المحبطات والمثبطات انما هي سمة الفرد الناجح في المجتمع ، وعليه لا بد من التمسك برغباتنا التي يجب أن تكون سامية لنسمو بأنفسنا وطموحاتنا ولنرتقي في سلم الأولويات التي ينبغي أن نتدرج في مدارجها حتى تكلل بالتطبيق العملي في أرض الواقع ولو بعد حين. فما من شيء في هذه الدنيا يكون لنا بين الكاف والنون إنما علينا العمل للوصول للغاية النبيلة التي نرنوا إليها ، وكلما سمت غايتك عليك مضاعفة العمل وتقوية العزيمة والإرادة أكثر فأكثر، حيث أن النجاح والإنجاز ما هو إلا إرادة توجهها النفس حيث تريد الروح والبصيرة اللتان هما مصنع كل فضيلة. إن الإرادة القوية تعني الاستعلاء على كل مظاهر الإغراء والمتع اللحظية؛ بغية الوصول إلى الهدف المرسوم، والإرادة القوية من خلال كثير من المشاهدات في هذه الحياة تعني التحلِّيَ بالصبر على معوِّقاتها التي تقابلنا في الطريق، وإيجاد الحلول المناسبة لها حتى نحقّق مرادنا ونصل إلى أهدافنا. إذاً الإرادة هي تلك النقطة الصغيرة التي تمكث في عقلك الباطن وتحركك اتجاه ما تريد وتعطيك الدافع والحافز في اتجاه هدفك و تمكنك من تذليل الصعاب و تحدي المعوقات لإكمال طريقك وإنجاز مبتغاك مهما صعب المشوار. وكثير ما نستدل في هذا المقام بقول الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله حيث قال «لوأن رجلاً وقف أمام جبل وعزم على إزالته، لأزاله». إن تحقيق هدفك في الحياة بحاجة إلى مزيد من العزيمة وقوة الإرادة و الثقة بالنفس، والقوة النفسية، بيد أنك ستواجه سيلاً عارماً من التثبيط ومن التشكيك و من التنقيص،لذلك عليك أن تكون على قدر طموحاتك ورغباتك، وأن تعمل على تقوية إرادتك لتصبع عصية على الانكسار. واليوم لعلي أطلع القارىء بما يمكن تسميته السمو في أرقى صوره وأحلى حلله عبر هذه المواقف التي سطرها اليابانيون للخروج من محنتهم بإرادة حديدية وعزيمة فولاذية وهي عبارة عن مواقف عاشها اليابانيون جراء زلزال تسونامي الذي ضربهم وجعل الأرض من تحتهم قاعا صفصفا لكنهم تجاوزوا الصعاب وصنعوا المنجزات بتحليهم بكثير من القيم. - أحدهم يقول عندما كنت أسير عائدًا إلى المنزل، رأيت سيدة مسنة تقف أمام أحد المخابز، كان المخبز مغلقا ً ولذلك وقفت المرأة توزع الخبز مجانا ً على المارة، حتى في مثل هذه الأوقات العصيبة، كان الناس يحاولون البحث عما يمكنهم القيام به لمساعدة الآخرين، لقد ملأ المشهد قلبي بالدفء. - في السوبر ماركت، حيث سقطت جميع السلع من الرفوف، كان الناس يلتقطون الأشياء التي يودون شراءها بدقة، ومن ثم الوقوف بهدوء في الطابور لشراء الطعام بدلاً من خلق حالة من الذعر وشراء ما هب ودب، كانوا يشترون بقدر الحاجة، بل اشتروا أقل ما يحتاجونه، حتى إن بعضهم كان يقول: شعرت بالفخر لكوني يابانياً! - في مكان آخر في الطريق، كانت هناك سيدة تحمل لافتة كتب عليها “الرجاء استخدام المرحاض لدينا”، وكانت قد فتحت منزلها للناس الذين شردهم الفيضان والزلزال لاستخدام حمامها!! من الصعب أن تكتم الدموع في عينيك عندما ترى هذا التكاتف والتعاطف من الناس. - في ديزني لاند، كانوا يوزعون الحلوى مجاناً، وقد شاهدت العديد من فتيات المدارس الثانوية يتهافتن عليها، قلت في نفسي ماذا؟؟” ولكن بعد دقائق، ركضت هذه الفتيات للأطفال في مركز الإجلاء ووزعنها عليهم. لقد كانت تلك لفتة جميلة. - أحدهم أراد تقديم المساعدة بطريقة ما،حتى لو كانت فقط لشخص واحد، فكتب لافتة: إذا لم تكن تمانع في ركوب دراجة نارية فبإمكاني إيصالك إلى منزلك، وقد وقف في البرد حاملا ً هذه اللافتة، ثم يوصل أحد المارة إلى بيته في منطقة توكوروزاوا وهي بعيدة جداً. - بسبب نقص البنزين فإن محطات البترول معظمها مغلقة أو عليها طوابير طويلة جداًورغم الطوابير الطويلة إلا أن العامل يبتسم ويقول : بسبب الوضع الراهن، فنحن فقط نعطي وقود / بنزين بقيمة 30 دولار لكل شخص، فهل توافق؟ إنها ابتسامة الراحة والطمأنينة وإزالة القلق. - طفل صغير يقدم الشكر لسائق أحد باصات / حافلات مؤسسة النقل العام قائلا: شكرا جزيلا لمحاولتكم الجاهدة لتشغيل القطار الليلة الماضية” لقد جلبت كلماته دموع الفرح للسائق. - فتاة أجنبية تقول إنها صدمت لرؤية الطابور الطويل والمنظم وراء أحد الهواتف العمومية، حيث انتظر الجميع بصبر لاستخدام الهاتف على الرغم من أن الجميع كان تواقا ً لمهاتفة عائلاتهم وأقاربهم والاطمئنان عليهم. - حركة المرور كانت رهيبة جداً، سيارة واحدة فقط كان يمكنها المرور عند كل إشارة خضراء، لكن الجميع كان يقود بهدوء وخلال الساعات العشرة التي أخذها الطريق بالسيارة (والذي يستغرق عادةً 30 دقيقة فقط) لم يسمع أي صوت لأبواق السيارات. - البعض ممن كان ينتظر على المنصة متعبون ومنهكون من الوقوف ، جاءهم شحاذ وقدم لهم قطعة من الكرتون المقوى للجلوس عليها. على الرغم من أن الشحاذين يتم عادة تجاهلهم ، إلا أنهم كانوا على استعداد للخدمة عندما احتاج الأمر!! - سنتوري (شركة عصير) قامت بتوزيع العصير مجانا ً على الناس، وشركات الهاتف قامت بزيادة عدد نقاط توصيل الانترنت والانتلانت اللاسلكي وآي فاي لتسهيل التواصل، كما قامت شركة مواد غذائية بتوزيع مليون علبة من الشعرية والشوربة المعلبة مجانا ً، والجميع يحاول تقديم المساعدة بأفضل طريقة ممكنة. - في الملجأ، قال رجل عجوز: ماذا سيحدث لنا الآن؟” فرد عليه صبي في المدرسة الثانوية كان يجلس بجانبه: ”لا تقلق! عندما نكبر، أعدك بأننا سوف نصلحها مرة أخرى!” قال ذلك بينما كانت يده تربت على ظهر الرجل العجوز!! تلك لمواقف تشعرنا بأن هناك أمل، وأن هناك مستقبلا ً مشرقاً على الجانب الآخر من أي أزمة قد يمر بها شخص أو مجموعة أفراد أو بلد أو حتى أمة بأكملها. [email protected]