يحقق التلاميذ الصينيون نتائج «مذهلة» في الاختبارات التربوية الدولية، حسب ما صرحت به منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD المسئولة عن اختبارات (بيسا) والتي تعتبر المعيار الدولي الرئيسي لقياس جودة الأنظمة التعليمية في البلدان المختلفة. لم تسمح الحكومة الصينية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنشر النتائج التفصيلية لهذه الاختبارات، ولكن تقول إنها ترسم صورة مجتمع يستثمر المال والجهد - فردياً وجماعياً - في مجال التعليم.. تجرى اختبارات بيسا مرة واحدة كل ثلاث سنوات، لقياس قدرات الطلبة في مجالات القراءة والرياضيات والعلوم. وتشير آخر النتائج إلى أن النظام التعليمي الصيني يتجاوز بجودته الأنظمة التعليمية في كثير من الدول الغربية. وبينما يحظى تطور الصين في المجالات الاقتصادية والسياسية باهتمام شديد من باقي دول العالم، يلقي التقرير الذي أصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الضوء على الطريقة التي تعد بها الصين أجيالها الجديدة. وتشير نتائج اختبار (بيسا) إلى إن مدينة شانغهاي تأتي في المركز الأول في تسلسل جودة التعليم في العالم، ولكن لم يتضح ما إذا كانت هي وهونغ كونغ (التي حققت هي الأخرى نتيجة مرموقة) حالتان فريدتان على نطاق الصين. إلا إن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تؤكد أن النتائج التي خرج بها التقرير تشير الى أن أداء التلاميذ في باقي مناطق الصين كان قويا أيضاً، ويقول (لقد رأينا أداءً متميزاً حتى في المناطق الريفية والبيئات الفقيرة)، ويشير الى ان النتائج بينت «المرونة» التي يتميز بها الطلبة الصينيون وتصميمهم على تحقيق النجاح رغم خلفياتهم الفقيرة، كما بينت «درجة عالية من المساواة» بين التلاميذ الفقراء وزملائهم من ميسوري الحال. وقال التقرير (تعتبر شنغهاي حالة خاصة، وكانت النتائج التي حققتها ضمن المتوقع، ولكن المفاجأة كانت النتائج التي أحرزتها الأقاليم الفقيرة، إن قدرة التلاميذ الصينيين على التكيف مع الظروف الصعبة والمرونة التي يتحلون بها في هذا المجال مدهشة حقا، ويجب ان ندرك ان في الصين هناك إيمان راسخ بأن التعليم هو مفتاح النجاح). ويقول التقرير إن النتائج التي حققها التلاميذ الصينيون الفقراء على وجه الخصوص تحسدهم عليها أي دولة غربية، ومن اجل ضمان الحصول على صورة واقعية، أجريت الاختبارات في تسعة أقاليم صينية وشملت مناطق فقيرة ومتوسطة وغنية. ولم تسمح الحكومة الصينية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنشر النتائج التفصيلية لهذه الاختبارات، ولكن المنظمة تقول إنها ترسم صورة مجتمع يستثمر المال والجهد - فردياً وجماعياً - في مجال التعليم.. وتقول المنظمة إنها في رحلة قام بها مؤخراً إلى أحد الأقاليم الأفقر في الصين، استرعى انتباهها كيف أن المدارس كانت أفخر المباني في القرى والبلدات التي زارتها على الإطلاق على عكس الغرب حيث تكون مجمعات التسوق هي في العادة أفخر المباني في المدن، وقال التقرير: (يتشكل لديك الانطباع بأن هذا مجتمع يستثمر للمستقبل عوضاً عن الاستهلاك الآني).. وكشف التقرير عن وجود فروق حضارية واضحة بين التلاميذ الصينيين والغربيين عند سؤالهم عن أسباب النجاح في المدرسة، (فالتلاميذ في أمريكا الشمالية يؤمنون بالحظ حيث يقولون لك، إني موهوب في مجال الرياضيات، أو لست موهوبا لذا سأدرس موضوعا ثانيا، أما في أوروبا فالأمر يتعلق بالإرث الاجتماعي، حيث إذا كان الوالد عاملاً، يصبح الابن كذلك، ولكن في الصين، يقول تسعة من كل عشرة تلاميذ تسألهم ان الأمر يعتمد على الجهد الذي ابذله، وبإمكاني ان انجح لو راجعت دروسي بإتقان، إنهم يتحملون المسؤولية، ولا يحملونها للنظام التعليمي. تجرى هذا العام جولة جديدة من اختبارات (بيسا) في ظاهرة أصبحت تشابه سنة إجراء دورة كأس العالم ولكن للمستويات التعليمية، وترشح البرازيل وتركيا وبولندا لتحقيق نتائج متميزة هذه المرة، وهو الأمر الذي يؤكد انحسار التفوق الغربي لصالح دول مثل الصينوالبرازيل وتركيا.. فعلى سبيل المثال، رد الرئيس الأمريكي باراك أوباما على النتائج التي خرج بها التقرير بالقول: البلاد التي تتفوق علينا في مجال التعليم اليوم ستتفوق علينا في باقي المجالات غداً!!. نستعرض مثل هذه التجارب لنقارن أوضاعهم من ناحية الاهتمام بالتعليم وبذكاء تلاميذهم مع أوضاعنا التعليمية في بلد نامٍ كاليمن يحتاج كثيراً للاستثمار في العقول والموارد البشرية لينهض من فقره وتخلفه، ويلتحق بركب المستقبل.