اليمن بلد سياحي من الطراز الأول، لكن كما يقول المثل مخرب غلب ألف عمار ، تشارك اليمن في العديد من المعارض السياحية الدولية بهدف الترويج للسياحة في اليمن، خاصة أنها تتمتع بمختلف أنواع السياحة من سياحة الصحراء، على الثقافية والدينية والبحرية والمحميات الطبيعية و..و.. إلخ السياحات المتعددة. لكن خبرا قصيرا في قناة الجزيرة عن تفجير انتحاري كالتفجير الذي حدث أمام كلية الشرطة أو للجنود الذين يتدربون في ميدان السبعين يكفي لهدم ما بنته وزارة السياحة في عشر سنوات الأسبوع الماضي وشوارع العاصمة تتكدس فيها القمامة وجميع المخلفات حاولت وزارة السياحة لملمة جراحها المبعثرة، خاصة أنها وزارة بدون مبنى وذلك من خلال عقد اللقاء التشاوري السياحي السادس لقادة العمل السياحي, والذي عقد تحت شعار “الأمن والاستقرار أساس لتنمية سياحية فاعلة.. شعار يعكس الواقع الذي يعيشه اليمن اليوم. أوضاع صعبة في ختام هذا اللقاء حضر دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة اللقاء الذي لم يستطع أن يخفي تشاؤمه من صعوبة تطور قطاع الساحة في ظل هذا الوضع المزري فقال بأن قطاع السياحة في اليمن لن يزدهر إذا ما استمرت الأوضاع على هذا النحو، مشيرا بان القمامة وجميع المخلفات مكدسة في شوارع العاصمة صنعاء وغيرها من مدن الجمهورية والأوضاع الأمنية منفلتة و..و..الخ متسائلا: كيف سيأتي السياح إلى اليمن في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلد إلا إذا كانوا يعانون العمى وقال: لهذا لابد أن ندرك أن الوطن وطن الجميع، وأننا جميعا نعيش تحت سقفه وإذا ما انهدم السقف فإنه سيسقط على الجميع، وعلينا جميعا أن نجعل تحقيق استقرار الوطن نصب أعيننا، دعونا نتعاون بكل شيء لخدمة وطننا، فنجاح اليمن في تجاوز المرحلة الراهنة وتحقيق الاستقرار والازدهار فيه مصلحة لكل اليمنيين, منوها إلى الأهمية الاقتصادية القصوى للسياحة بالنسبة للاقتصاد الوطني وللتنمية في اليمن، بما يوفره هذا القطاع من فرص عمل وفيرة وعوائد مالية.. وقال في ختام كلمته بأنه لايريد أن يحبط قادة العمل السياحي، لكن هذا هو الواقع الذي يجب أن تتجاوزه اليمن بتكاتف الجميع وأن تكون نظرتنا متفائلة نحو المستقبل، خاصة أن اليمن كبلد سياحي سيظل كذلك ويبقى أن نتجاوز التحديات الماثلة لنصل إلى وضع ملائم، نتمكن في ظله من التوظيف الأمثل لمواردنا السياحية، والتسويق لها بكفاءة واقتدار. قطاع مصاب بالشلل وزير السياحة الدكتور قاسم سلام، أكد أهمية ترسيخ الأمن والاستقرار لنهوض البلد وإعادة دوران عجلة التنمية وبعث الروح من جديد إلى قطاع السياحة الذي أصيب بالشلل؛ نتيجة لأحداث العنف التي شهدها البلد العام الماضي والتي نال قطاع السياحة نصيب الأسد من الآثار السلبية لتلك الأحداث لعل أهمها ما تعرض له مبنى الوزارة من تدمير وتخريب مؤكدا حرص الحكومة على إيلاء اللقاء التشاوري السادس وأمثاله من اللقاءات في مثل هذا الظرف، الاهتمام بما يسهم في تنشيط ديناميكية مؤسسات الدولة وتوسيع التفاعل بين حلقاتها المختلفة لترسيخ الديمقراطية وقاعدة الحوار السلمي الديمقراطي داخل هيكلية مؤسسات الدولة انطلاقا من جوهر وروح المبادرة الخليجية المزمنة واليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن الدولي 2014 وفي سياق ترسيخ قاعدة الدولة اليمنية الحديثة ومؤسساتها المختلفة في إطار ترسيخ دولة المؤسسات والنظام والقانون. أبرز القطاعات متأثرة الدكتور أمين جزيلان مدير عام مكتب السياحة في محافظة إب، والذي بدأ حديثه بالثناء على صحيفة الجمهورية لمهنيتها وحيادتها وقال: في الواقع لا يمكن الحديث عن السياحة في ظل غياب الأمن والاستقرار، وحقيقة قطاع السياحة كان من أبرز القطاعات التي تأثرت بشكل مباشر بأحداث العام الماضي والتي مازالت تداعياتها موجودة حتى اليوم، بالرغم أن محافظة إب كانت من المحافظات الآمنة والتي لم تسجل فيها أعمال عنف إلا في نطاق محدود، وهذا لاشك يرجع إلى حكمة وحنكة محافظ المحافظة القاضي أحمد عبدالله الحجري الذي حاول بقدر المستطاع أن يمنع سفك الدماء ومع ذلك حركة السياحة في البلد بشكل عام أصيبت بشلل تام إلى يومنا هذا، وفي اعتقادي أن على حكومة الوفاق أن تعمل بشكل جدي على توفير الأمن والاستقرار في مختلف محافظات ومدن الجمهورية اليمنية؛ لأن الأمن والاستقرار هو الركيزة الأساسية لعملية التنمية، ولاشك أن وزارة السياحة خلال السنوات القلية الماضية قطعت شوطا لابأس به في الجانب التشريعي وفي الترويج السياحي، لكن للأسف حدث هنا أو هناك يشوه صورة اليمن تماما خاصة في ظل التطور الذي يشهده الإعلام الفضائي والالكتروني، والذي جعل العالم كله كقرية صغيرة. وأضاف قائلاً: كما أن قطاع السياحة من القطاعات الاقتصادية التي تتداخل أنشطته مع الكثير من القطاعات مثل الداخلية والدفاع وأيضاً مع الثقافة ومع البلدية أو الأشغال العامة، وكذلك مع المواصلات ومع وزارة النقل ومع الكثير من الجهات، لكن للأسف التنسيق فيما بين كل هذه الجهات ذات العلاقة غائب. موازنة محدودة أما بالنسبة للصعوبات التي تواجه عملنا بمكتب السياحة بمحافظة إب هناك حقيقة العديد من الصعوبات لعل أهمها محدودية الميزانية بالرغم أن محافظة إب أصبحت اليوم من أهم الوجهات السياحة في اليمن؛ لما تتمتع به المحافظة من تعدد المواقع السياحية والمعالم التاريخي والحضارية وهو الأمر الذي بدأ في ترسيخ مفهوم السياحة لدى المجتمع في محافظة إب، غير أن مكاتب السياحة في المحافظات بشكل عام مهملة من الوزارة أولاً ومن السلطة المحلية المحلية ثانياً، أيضاً نعاني من الكادر العامل في هذا القطاع وهو للأسف كادر غير مؤهل ومن تم تأهيلهم غادروا المحافظة لتحسين مستوى دخلهم سواء إلى محافظات أخرى أو إلى دول الخليج، خاصة أن أصحاب المنشآت السياحة ظلموهم في مستحقاتهم؛ لهذا الكادر الموجود اليوم في الفنادق وغيرها من المنشآت السياحة كادر غير مؤهل. الجهل عدو اليمن أما الأستاذ محمد المعافا مدير عام مكتب السياحة في محافظة عمران، فقال: الجهل هو العدو الأول والرئيسي لليمن وكل ما يحدث من سلبيات ومن إشكاليات تحد من تطور اليمن والدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، وغياب الأمن والاستقرار الذي هو في الأساس أساس الحياة لأي مجتمع وليس السياحة فقط هو بسبب الجهل الذي يعاني منه البلد ، خاصة أن حوالي نصف المجتمع يعانون من الأمية، خاصة في المناطق الريفية والنائية، كما أن الأزمة السياسية التي حدثت العام الماضي مزقت النسيج الاجتماعي وأخلت بالأمن والاستقرار , لهذا المطلوب أولا من مختلف الأطراف السياسية احترام عملية الوفاق التي جاءت بناء على المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن والالتفاف حول القيادة السياسية وحول حكومة الوفاق لوصول البلد إلى بر الأمان، والبدء في مرحلة جديدة هي مرحلة بناء اليمن الحديث والدولة المدنية الحديثة، بلد يسوده الإخاء والمحبة بلد ينبذ العنف والتطرف والتشدد، وأيضا المطلوب من جهات الاختصاص وخاصة وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ضبط الأمن والاستقرار في البلد وضبط الحدود المفتوحة، خاصة أن سواحلنا التي تمتد لأكثر من 2500 كيلو متر مفتوحة، وعبرها يتم تهريب البشر والسلاح وكل شيء، وأيضاً العمل على نشر ثقافة التسامح ونبذ التطرف والتشدد، الاهتمام بالتعليم خاصة في المحافظات النائية ،وأيضا تكثيف المنح الدراسية في مثل هذه المناطق، وأيضا للأسف السياحة في بلادنا تعاني من فقدان للهوية، قانون، إنشاء الهيئة العامة للسياحة في المرحلة السابقة كان على أساس أنها وحدة اقتصادية يحق لها استثمار مواردها والمساهمة في إنشاء المشاريع السياحية بالشراكة مع القطاع الخاص أو على انفراد، وهذا هو الوضع الطبيعي للسياحة باعتبارها صناعة بدون مداخن، صناعة تحتاج إلى بنية تحتية وإلى أمن واستقرار وبيئة جاذبة وليس طاردة؛ لهذا يجب أن تعامل السياحة بشكل عام كوحدة اقتصادية وليس إدارية ما لم فإن قطاع السياحة سيستمر في نفس الوضع محلك سر. علاقة غير واضحة أما بالنسبة لعلاقة مكاتب السياحة بالوزارة وأيضا بالسلطة المحلية فهي أيضا غير واضحة وتعاني من فقدان الهوية أيضا؛ لهذا يجب تصحيح هوية قطاع السياحة ليعود إلى وضعه الطبيعي كباقي بلدان العالم، وأن يكون هناك اهتمام من قبل الحكومة ووزارة السياحة أيضا والسلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها بقطاع السياحة وتفعيل قانون التدوير الوظيفي وترفيع القيادات الشابة للنهوض بهذا القطاع خاصة أن هناك قيادات مازالت في مواقعها منذ حوالي عشرين سنة تقريبا, خاصة أن الدكتور قاسم سلام سعيد وزير السياحة لديه الطموح الكبير لتطوير قطاع السياحة ليتبوأ مكانه الطبيعي كأهم مورد اقتصادي في البلد. التوافق علاج فعال عبدالحافظ المقدشي مدير عام السياحة في محافظة ذمار قال: لا يخفى على الجميع أن السياحة في بلادنا حاليا هي في غرفة الإنعاش أو العناية المركزة وذلك بسبب الوضع الأمني في البلد بشكل عام وهذه الإشكالية لن يتم معالجتها إلا من خلال توافق مختلف الأطراف السياسية للخروج من هذه الظروف الصعبة التي تمر بها اليمن. أما بالنسبة لنا في ذمار هناك العديد من الإشكاليات التي نعانيها والتي تحد من طموحنا في النهوض بالسياحة في محافظة ذمار، منها على سبيل المثال محدودية الموازنة التشغيلية للمكتب وكذلك عدم وجود بنى تحتية لوزارة السياحة، خاصة أن المحافظة تمتاز بالعديد من المواقع السياحية التي ممكن تكون مواقع ذات جذب ليس للسياحة الداخلية فحسب، بل لجذب السياح من الخارج منها على سبيل المثال الحمامات الطبيعية مثل حمام علي وحمام اللسي، وأيضاً المحميات الطبيعية مثل محمية عتمة، وكذلك مواقع جذب للسياحة الثقافية مثل موقع بينون والنخلة الحمراء في الحداء، غير أن جميع هذه المواقع ليست مهيأة لجذب السياح وتحتاج إلى تأهيلها لجذب السياح سواء من الداخل أو الخارج. الأمن قبل الإيمان صادق صلاح مدير عام مكتب السياحة في محافظة تعز قال من جانبه: كما يعلم الجميع بأن قطاع السياحة في الفترة الأخيرة ضرب بشكل كبير بسبب الانفلات الأمني الذي شهدته مختلف محافظات الجمهورية، الأمر الذي يستوجب على جميع القوى الوطنية والأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية أن تتوحد جهودها من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع الوطن، من أجل الوطن والمواطن أولا باعتبار أن الأمن قبل الإيمان، وأيضا من أجل إعادة دوران عجلة التنمية وكذلك من أجل تطور ونهوض قطاع السياحة؛ إذ لا سياحة في ظل غياب الأمن والاستقرار، والذي يشكل بيئة طاردة للسياحة وللاستثمار وللتنمية، خاصة أن حوالي 30 % من المنشآت السياحية أغلقت العام الماضي بسبب أحداث العنف التي وقعت وأيضا أكثر من70 % من المنشآت السياحية شبه مغلقة، وأكثر من 60 % من الكادر العامل في قطاع السياحة تم الاستغناء عنهم بسبب الشلل الذي أصاب هذا القطاع, ولاشك أن قادة العمل السياحي قد ناقشوا مجمل الإشكاليات التي يعاني منها قطاع السياحة من أجل النهوض بهذا القطاع الواعد بالخير، خاصة مشاكل انقطاع التيار الكهربائي، بالإضافة إلى تعدد الجهات فيما يتعلق بجباية رسوم الضرائب، ونتمنى أن تكون هناك نافذة واحدة للتعامل مع قطاع السياحة، وإيجاد رؤية واضحة لعلاقة مكاتب السياحة في المحافظات مع المجالس المحلية، خاصة أن مكاتب السياحة ليست مكاتب إيرادية بقدر ما هي مكاتب خدمية، تسعى إلى تحسين الخدمات السياحية، وتوفير كافة هذه الخدمات في مختلف المناطق والمواقع السياحية بمختلف أنواعها، وخلق وعي مجتمعي بأهمية هذا القطاع في رفد الخزينة العامة إذا ما توافر الأمن والاستقرار.