تتسابق دول العالم في سبيل إدراج تراثها الثقافي والفكري في القائمة العالمية المُتبناة من قبل المنظمة الأممية للعلوم والثقافة والتربية (اليونسكو).. ولعلها تبذل من أجل ذلك الغالي والنفيس حتى تستطيع أن تفخر بتراثها الفكري والثقافي حين يتصف بنعوت العالمية، نظراً لما يمثله ذلك من اعتراف دولي بالعراقة والحضارة التي تمتلكها هذه الدولة أو تلك. ذلك هو حال وديدن الشعوب المؤمنة بقيمة الثقافة والإرث الإنساني، في حين نرى علامات الإهمال بادية تجاه تراثنا اليمني المدرج ضمن قائمة الإرث الإنساني العالمي، تؤكدها سلوكيات المواطنين، وجمود السياسات الحكومية وعجزها التام عن توعية العامة وإلزامهم بالحفاظ على تراث وطن، وبتقصيرها عن الفعل المسئول الواجب اتخاذه، فإذا بالإهمال على هيئة مزدوجة شعبية وأخرى رسمية. ليس أقل من الاستشهاد على ذلك ما تتعرض له مدينة العلم والعلماء، زبيد التاريخية، عضو القائمة الإنسانية والعالمية للتراث، ومدننا التراثية الأخرى كمدرسة ومسجد العامرية وقلاع رداع، والجامع الكبير بصنعاء القديمة، وما يطالها من إهمال وتقصير نال من بنيتها الأساسية، حتى لم تحظ أي منها بقليل من الترميم والحماية. قد تكون بعض التهديدات التي تتعرض لها تلك الكنوز التراثية التي عرف العالم قدرها ومنزلتها لا دخل للإنسان فيها، كتعرض بعضها للتشققات أو التآكل بسبب الأمطار الغزيرة التي تؤثر على أسس وبنية المَعلم، بالرغم من عدم انتفاء مسئولية اليمنيين عامة والمسئولين منهم خاصة تجاه أعمال الصيانة والترميم، بَيد أن هدم التراث الإنساني في اليمن يحدث بأيدي سلوكيات المواطنين ممن لا يدركون قيمة ومكانة الإرث الإنساني. مثال ذلك ما شهدته وتشهده قبلة العلماء، زبيد التاريخية، التي ولجت قائمة التراث الإنساني باستحقاق بعد أن صنفت بيوتها ومكتباتها وشوارعها العتيقة والأثرية ضمن الإرث الإنساني الواجب حمايته والحفاظ عليه، نتيجة طراز المعمار المتميز، بالإضافة إلى كونها ساهمت في تربية وإعداد العلماء وكانت من المدن العلمية التي يشد إليها الرحال، غير أنها شهدت مؤخراً استحداث مباني إسمنتية حديثة غزت البيئة العتيقة للمدينة، وأوقفت عبق التاريخ الصادر من معالمها التراثية، مما هدّد مكانة المدينة في قائمة التراث، وجعلت (اليونسكو) تصدر تحذيراتها المتواصلة للحكومة اليمنية من شطب موقع المدينة من السجل العالمي، إن لم تحرك ساكناً تجاه ما يطال المدينة من تخريب. مدرسة العامرية ومدرستها الشهيرة كانت على موعدٍ في الربع الأول من العام الحالي مع العصابات المسلحة التي سيطرت على مدينة رداع وأعادت فتح المسجد المغلق منذ سنين للترميم والصيانة حتى قبل انتهاء الفترة المطلوبة للترميم، ولم تكتف تلك العصابات الإرهابية بذلك بل مضت في تشويه جمال العمارة العامرية. فيما حوادث متشابهة ومتماثلة وفي أوقات متقاربة، نتيجة وابل من الأمطار تعرضت له سُقُف الجامع الكبير بصنعاء وجامع زبيد التاريخي وقلعة رداع التاريخية، تسببت في سقوط بعضها، وتشققات في بعضها الآخر، في توافق وتصادف يدعو للدهشة. غير أن تلك الدهشة يمكن أن تزول إذا عرفنا أن عمر وتاريخ كل ما ذكرنا من معالم متقارب نسبياً، يزيد أو يقل بعضها عن بعض بعقود قد تصل إلى القرن أحياناً.. الأمر الذي لا يعفي الجهات الثقافية المعنية من المسئولية، خاصةً إذا عرفنا أن ترميم وصيانة معالم مماثلة يتم وفقاً لانتظام زمني وبشكل دوري لا يزيد أقلها عن عشرين عاماً في أحسن الأحوال. وحقيق علينا القول: إن تلك الأمطار كان يمكن لها أن تتجنب الإضرار بسُقُف إرثنا الوطني ذي الصيت العالمي لو نالت حظاً ضئيلاً من الاهتمام والرعاية والصيانة الدورية، فليس هيناً أن تمتلك معالم وطنية تسجل اسمها واسم الوطن بحروف من ذهب في قائمة الإرث الإنساني والعالمي في الوقت الذي يتمنى مكاننا الكثير من الدول بمعالم أقل استحقاقاً من معالمنا العملاقة. أصل الفكرة انطلق هذا البرنامج الإنساني العالمي عن طريق اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، والذي تم تبنيه خلال المؤتمر العام لليونسكو، والذي عقد في 16 نوفمبر 1972 م. ومنذ توقيعها، فقد صادقت 189 دولة على هذه الاتفاقية، يهدف البرنامج إلى تصنيف وتسمية والحفاظ على المواقع ذات الأهمية الخاصة للجنس البشري، سواء كانت ثقافية أو طبيعية. ومن خلال هذه الاتفاقية، تحصل المواقع المدرجة في هذا البرنامج على مساعدات مالية تحت شروط معينة. بلغ عدد المواقع المدرجة في هذه القائمة حتى عام 2011م 936 موقعاً، منها 725 موقعاً ثقافياً و183 موقعاً طبيعياً و28 موقعاً يدخل ضمن الصنفين، في 153 دولة من الدول الأعضاء، وترمز (اليونسكو) إلى كل موقع من هذه المواقع برقم خاص، ولكن مع تغيير نظام الترقيم فقد يتم إعادة إدراج بعض المواقع ضمن تصنيف أكبر. ولذلك، فإن نظام الترقيم الحالي وصل إلى 1100، بالرغم من أن عدد المواقع أقل من ذلك، حالياً تحمل إيطاليا الرقم الأكبر في عدد المواقع التراثية وهو 44 موقعاً. يعتبر كل موقع من مواقع التراث ملكاً للدولة التي يقع ضمن حدودها، ولكنه يحصل على اهتمام من المجتمع الدولي للتأكد من الحفاظ عليه للأجيال القادمة. وتشترك جميع الدول الأعضاء في الاتفاقية، والبالغ عددها 189 دولة، في حماية والحفاظ على هذه المواقع. انطلقت فكرة الجمع ما بين الحفاظ على التراث الثقافي والحفاظ على الطبيعة في مؤتمر عُقد بالبيت الأبيض عام 1965، دعا إلى الحفاظ على التراث العالمي “في العالم والمناطق الطبيعية الخلابة والمواقع التاريخية والأثرية الرائعة من أجل الحاضر والمستقبل لمواطني العالم كله”. وقد قدم الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة اقتراحات مماثلة في عام 1968، وقد تم عرضها في عام 1972 على مؤتمر الأممالمتحدة المعني بالبيئة البشرية والذي عقد في ستوكهولم. واتفق جميع الأطراف على نص واحد للاتفاقية المتعلقة بحماية التراث العالمي الثقافي والتراث الطبيعي والتي اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو في 16 نوفمبر 1972. عملية الترشيح والاختيار ينبغي للبلد الراغب في ترشيح إحدى آثاره أو ممتلكاته أن يُجرى أولاً جرداً لممتلكاته الثقافية والطبيعية الفريدة. وهو ما يُطلق عليه بالقائمة الأولية، وهي عملية هامة جداً؛ لأن الدولة يجب ألا ترشح الآثار التي لم تدرج على قائمتها الأولية. ويلي ذلك، اختيارها لإحدى الآثار من هذه القائمة ليُوضع في ملف الترشيح. مركز التراث العالمي يقدم المشورة والمساعدة في إعداد هذا الملف، عند هذه النقطة، يتم تقييم الملف من قبل المجلس الدولي للمعالم والمواقع الأثرية والاتحاد العالمي للحفظ، تلك الهيئات تقدم توصياتها إلى لجنة التراث العالمي. وتجتمع اللجنة مرة واحدة سنوياً لتحديد إمكانية تسجيل كل الممتلكات المرشحة على قائمة التراث العالمي، وأحياناً ما يؤجل هذا القرار لطلب المزيد من المعلومات من البلد الذي رشح الموقع. وهناك عشرة معايير للاختيار، ويجب على الموقع المرشح أن يستوفي واحداً منها على الأقل لإدراجه على القائمة. وحتى نهاية عام 2004، كان هناك ستة معايير للتراث الثقافي وأربعة معايير للتراث الطبيعي. في عام 2005، تم تعديل تلك المعايير لتصبح مجموعة واحدة من عشرة معايير. المواقع المرشحة يجب أن تكون ذات “قيمة عالمية استثنائية” وتستوفي على الأقل واحداً من تلك المعايير العشرة، وقوانين (اليونسكو) تنص على أن أي معلم يتجاوز عمره مائة عام يدخل ضمن لائحة التراث العالمي. المعايير تعمد المواقع والمعالم تراثاً إنسانياً إذا كانت تمثل تحفة عبقرية خلاقة من صُنع الإنسان، أو تمثل إحدى القيم الإنسانية الهامة والمشتركة، لفترة من الزمن أو في المجال الثقافي للعالم، سواء في تطور الهندسة المعمارية أو التقنية، أو الفنون الأثرية، أو تخطيط المدن، أو تصميم المناظر الطبيعية، أو إنها تمثل شهادة فريدة من نوعها أو على الأقل استثنائية لتقليد ثقافي لحضارة قائمة أو مندثرة. ويجب أن تكون مثالاً بارزاً على نوعية من البناء، أو المعمار أو مثالاً تقنياً أو مخططاً يوضح مرحلة هامة في تاريخ البشرية، وأن يكون مثالاً رائعاً لممارسات الإنسان التقليدية، في استخدام الأراضي، أو مياه البحر بما يمثل ثقافة (أو ثقافات)، أو تفاعلاً إنسانياً مع البيئة وخصوصاً عندما تُصبح عُرضة لتأثيرات لا رجعة فيها، وأن تكون مرتبطة بشكل مباشرة أو ملموس بالأحداث أو التقاليد المعيشية، أوالأفكار، أوالمعتقدات، أوالأعمال الفنية والأدبية ذات الأهمية العالمية الفائقة. (وترى اللجنة أن هذا المعيار يُفضل أن يكون استخدامها بالتزامن مع معايير أخرى). تلك المعايير الأخرى تدعى بالمعايير الطبيعية كأن تحتوي ظواهر طبيعية فائقة أو مناطق ذات جمال طبيعي استثنائي، وأن تكون الأمثلة البارزة التي تمثل المراحل الرئيسية من تاريخ الأرض، بما في ذلك سجل الحياة، وكبير على ما يجري العمليات الجيولوجية في تطوير تضاريسه، أو ملامح شكل الأرض أو فيزيوغرافية كبيرة، وأن تكون الأمثلة البارزة التي تمثل كبيرة على الذهاب البيئية والبيولوجية في عمليات التطور والتنمية من الأرضية، والمياه العذبة الساحلية والبحرية النظم الإيكولوجية والمجتمعات المحلية من النباتات والحيوانات. بالإضافة إلى احتوائها على أهم وأكبر الموائل الطبيعية لحفظ التنوع البيولوجي بالموقع، بما في ذلك تلك التي تحتوي على الأنواع المهددة بالانقراض وذات قيمة عالمية فريدة من وجهة نظر العلم أو حماية البيئة. إحصائيات وهناك 890 موقعاً للتراث العالمي يقعون في 148 بلداً، منهم 689 موقعاً ثقافياً، و176 طبيعياً، وهناك 25 موقعاً مختلطاً، وقسمت لجنة التراث العالمي البلدان إلى خمس مناطق جغرافية: (أفريقيا، والدول العربية (التي تتألف من شمال أفريقيا والشرق الأوسط)، آسيا والمحيط الهادئ (وتضم أستراليا وأوقيانيا)، أوروبا وأمريكا الشمالية، وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي)، روسيا ودول القوقاز تصنف لأوروبا، في حين أن المكسيك تصنف على أنها تنتمي إلى منطقة أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. وبلغ عدد المواقع المدرجة في هذه القائمة حتى عام 2011، 936 موقعاً، منها 725 موقعاً ثقافياً و183 موقعاً طبيعياً و82 موقعاً يدخل ضمن الصنفين، في 153 دولة من الدول الأعضاء، وترمز (اليونسكو) إلى كل موقع من هذه المواقع برقم خاص، ولكن مع تغيير نظام الترقيم فقد يتم إعادة إدراج بعض المواقع ضمن تصنيف أكبر. ولذلك، فإن نظام الترقيم الحالي وصل إلى 1100، بالرغم من أن عدد المواقع أقل من ذلك. حالياً، تحمل إيطاليا الرقم الأكبر في عدد المواقع التراثية وهو 44 موقعاً. ويعتبر كل موقع من مواقع التراث ملكاً للدولة التي يقع ضمن حدودها، ولكنه يحصل على اهتمام من المجتمع الدولي للتأكد من الحفاظ عليه للأجيال القادمة. وتشترك جميع الدول الأعضاء في الاتفاقية، والبالغ عددها 189 دولة، في حماية والحفاظ على هذه المواقع. تراث يضيع التراث اليمني المدرج ضمن القائمة مميز، وله شهرة واسعة، وقد تم اختيار مدينة شبام حضرموت ومدينة صنعاء القديمة بما فيها الجامع الكبير، ومدينة زبيد التاريخية، ومدرسة ومسجد العامرية ضمن تلك القائمة التي يبدو أنها معرضة للشطب بجرة قلم؛ بسبب الإهمال والتقصير من قبلنا مواطنين ومسئولين تجاه إرثنا وإرث أجدادنا الذي لم نصنه حق صيانته.