في مؤشر جديد على اتساع رقعة الخلافات داخل سلطة صنعاء بشأن النفوذ الاقتصادي، وجه مجلس النواب الحكومة بإيقاف العمل بالقرار المشترك رقم (1) لسنة 2025م، الصادر عن وزارات المالية والاقتصاد والصناعة والاستثمار، وسط تصاعد الأصوات الرافضة لهذا القرار داخل أروقة الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة. وأكدت الغرفة في بيان، أن البرلمان أقر تشكيل لجنة اقتصادية من أكاديميين وخبراء ومختصين لدراسة الوضع الاقتصادي العام والقرار المثير للجدل، إلى جانب الشكوى المقدمة من الاتحاد العام للغرف التجارية وغرف المحافظات، على أن تتضمن الدراسة حلولًا توازن بين مصلحة الصناعة الوطنية وحقوق المصنعين والمستهلكين والتجار والمستوردين، وتراعي المصلحة العامة. مباحثات وفي تطور لافت، طمأن رئيس غرفة أمانة العاصمة، علي محمد الهادي، القطاع الخاص بأن القرار المشترك في طريقه للإلغاء، بفضل المباحثات الجارية مع الحكومة. جاء ذلك خلال لقاء تشاوري موسع نظمته الغرفة الثلاثاء 29 يوليو/تموز 2025 في قاعة قصر صنعاء بحي عصر، حضره عدد من رجال الأعمال والتجار. وأشار الهادي إلى "مؤشرات إيجابية" بشأن تجاوب الجهات الحكومية مع مطالب الغرفة بإلغاء القرار، وهو ما أكدته الدائرة الإعلامية للغرفة في خبر لاحق، مشيرة إلى لقاء رسمي عقد الأربعاء في رئاسة الوزراء، ضم قيادة الغرفة والنائب الأول لرئيس الوزراء، محمد مفتاح، وتم خلاله الاتفاق على تشكيل فريق عمل مشترك لمواصلة النقاش والتحضير لورشة عمل وطنية لمراجعة القرار وسياسات التوطين. القرار المشترك ويتضمن القرار المشترك حظرًا نهائيًا لاستيراد عدد من السلع، أبرزها: الألبان السائلة المعلبة، العصائر الصناعية، المياه المعدنية، المناديل الورقية، الإسفنج الجاهز، الأعمدة والأنابيب الحديدية، الجنابي والأحزمة. كما نص القرار على تقييد كميات الاستيراد وتعديل التعرفة الجمركية والاستيفاء الضريبي بشكل مقطوع على سلع مثل: لب المانجو، صلصة الطماطم، المياه الغازية، السكر، الحلاوة الطحينية، حفاظات الأطفال، السيراميك، البلاستيك، الحقائب، وأكياس التعبئة. وتسري هذه الإجراءات على مرحلتين: الأولى بدأت في 1 يوليو/تموز 2025، والثانية ستدخل حيز التنفيذ مطلع أغسطس/آب القادم. الغرفة تتحدى الجهات التي منحتها الشرعية المفارقة أن الغرفة التجارية بالامانة التي تم فرض قيادتها من قبل السلطة في مايو/آيار 2023 عبر تدخل أمني مباشر، باتت اليوم في مواجهة مباشرة مع ذات الوزارة التي شرعنت قيادتها، وتخوض صراعًا مفتوحًا معها على خلفية القرار المشترك. صراع مصالح ويشير مراقبون إلى أن هذا التحول يعكس صراع مصالح داخل دوائر سلطة صنعاء، لا سيما في ظل رفض الحكومة سابقًا توجيهات البرلمان بشأن عدم قانونية اقتحام الغرفة وتغيير قيادتها، رغم وجود حكم من المحكمة العليا. إلا أن قيادة الغرفة الحالية عادت لتطرق أبواب البرلمان ذاته لمواجهة قرارات الحكومة، ما يعكس ارتباكًا في مراكز القرار وتضاربًا في مرجعيات الشرعية داخل سلطة الأمر الواقع. صراع سلطة ونفوذ رغم أن القرار المشترك يُسوّق له كخطوة لحماية الصناعة الوطنية ودعم برامج التوطين، إلا أن التوقيت، وطريقة الإقرار، ورفض الغرف التجارية له، يعكس بوضوح أن القرار ليس مجرد سياسة اقتصادية، بل أداة نفوذ اقتصادي استخدمتها مراكز قوى داخل صنعاء في صراعها على المصالح والجبايات والامتيازات التجارية. ويبدو أن الأيام القادمة ستشهد مزيدًا من التصعيد، خاصة مع قرب دخول المرحلة الثانية من القرار حيز التنفيذ في الأول من أغسطس، ما يضع الحكومة أمام اختبار حقيقي: إما المضي في القرار وتحدي الغرفة والبرلمان، أو التراجع لحفظ توازن السلطة. تم نسخ الرابط