محمد المخلافي عندما تقرأ ما كتبه القاضي أحمد سيف حاشد عن ابنته شيماء على صفحته في الفيسبوك، تشعر وكأنك أمام قصة إنسانية حقيقية، تختبر فيها معنى الأبوة والحب والرحمة في آن واحد. كتب حاشد ببساطة ابنته أنهت دراستها الجامعية، ولها الحق في اختيار شريك حياتها كما تشاء. كلمات قصيرة، لكنها تحمل في طياتها رفضا للقيود الصارمة، وإيمانا عميقا بالحرية والكرامة الإنسانية. الشاب الذي وقع اختيار شيماء عليه كان أميركي اسمه تشالز. اسم غريب، دين مختلف، وعادات بعيدة عن ثقافتنا. في البداية، كان القلق يساور حاشد، لكن سرعان ما تبددت هذه المخاوف أمام صدق الشاب وإخلاصه. أعلن إسلامه وأبدى استعداده للتخلي عن اسمه، ليبرهن عن جديته ورغبته الصادقة في الزواج. هنا، لا يتعلق الأمر بالثقافة أو الاختلاف، بل بالقلب الذي يتجاوز الحدود. لم تكن رحلة الزواج سهلة. واجهوا تحديات قانونية ودينية واجتماعية، وتعرضوا لانتقادات لاذعة، وحتى للهجوم على مواقع التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، بقي حاشد متمسكًا بموقفه: الحب حق إنساني، والأبوة الحقيقية ليست في السيطرة أو التقييد، بل في دعم الأبناء واحترام خياراتهم. القصة لم تنته عند الزواج، بل تجلت أكثر أثناء مرض حاشد وخضوعه لعملية قلب مفتوح. هنا ظهر معدن تشالز الحقيقي، فقد بقي إلى جانبه في المستشفى، يطمئن عليه لحظة بلحظة، ويسهر على راحته. حتى والدته تواصلت مع حاشد للاطمئنان عليه. هذه المواقف تحمل معنى الوفاء الحقيقي، وتثبت أن الإنسانية لا تعرف حدودًا أو جنسية. بهذه الروح، يقدم حاشد نموذجا نادرا للأب الذي يختار الإنسانية على العادات، ويؤكد أن الحب قادر على الصمود أمام القيود الاجتماعية، وأن الأبوة الحقيقية هي القدرة على الوقوف مع الأبناء، لا ضدهم. عن مجلة ليبابيديا الإلكترونية