خالد اليماني كتب تحليلًا سياسيًا وليس موقفًا عن الجنوب، فاشتعلت شاشات قنوات العهر السياسي. أصوات يمنية متناثرة بين مقاهي أوروبا ومصر وملاذات تركيا، لم تقترب يومًا من رائحة البارود ولم تلفحها حرارة شمس الجبهات، لكنها نصّبت نفسها حُرّاسًا للوطنية، توزّع شهادات الانتماء وكأنها من لجان المكارثية. ما إن نشر اليماني رؤيته حول حق الجنوب في إنهاء مشروع الوحدة الفاشل، حتى انطلقت جوقة المأجورين من سياسيين وإعلاميين يمنيين لتردّد أسطوانة التخوين التي حفظوها عن ظهر قلب. لا حجج، لا منطق، فقط إنكار مزمن، وكأنهم يعتقدون أن الصراخ العالي يمكن أن يغطي على الحقائق.
سواء اعتبروه جنوبيًا أصيلًا أو يمنيًا مرتدًا في قاموسهم، فإن موقف اليماني يفضح ما لا يريدون الاعتراف به: أن مشروع الوحدة لم يفشل فقط في الجنوب، بل صار عبئًا يعترف به حتى مسؤولون يمنيون سابقون ممن جرّبوا السلطة من الداخل. وهذه الحقيقة بالنسبة لهم مثل شوكة في الحلق... أو بالأحرى مثل علكة لاصقة لا تنزل مهما حاولوا ابتلاعها.
الهجوم على اليماني يكشف عقلية نخب ما تزال تعيش في وهم السيطرة على الجنوب، وكأنها لم تسمع أن الزمن تغيّر وأن موازين القوى انقلبت رأسًا على عقب. أما الحقيقة التي يتجاهلونها فهي أن الجنوب ماضٍ في طريقه السياسي، بإسناد شعبي وتاريخي، وأن أي صوت يعترف بهذه الحقيقة سيظل يزعجهم أكثر مما يسوم أهلهم الحوثي ويمارس ساديته العنصرية عليهم.