أحمد سيف حاشد تخرجت ابنتي شيماء من الجامعة.. من حقها أن تجد فارس أحلامها.. من حقها أن تحب وتتزوج من تريد.. لقد عاش أبيها قصص حب مؤثرة ومؤلمة بل وفاشلة ايضا.. قناعتي المبدئية كانت تنصب بوجوب مساعدتها في أن تتزوج بمن تحب في وسط عصبوي وواقع ذكوري يفرض شروطه الظالمة على الواقع وعلى الحب والأحلام وتملك المستقبل الذي نبحث عنه. كان الواجب علي كأب وقبله كإنسان مساعدتها في تجاوز التحديات التي تعترض مسار زواجهما ومواجهة كل العصبويات الصغيرة والكبيرة لانتمائي للإنسان، والإنتصار لما هو إنساني في أي مكان من هذا العالم . كان الشاب الذي أحببته من بلد بعيدة وتحديدا من الولاياتالمتحدةالأمريكية.. اسمه تشالز.. اسمه مختلف.. وديانته مختلفه وعاداته وتقاليده أيضا مختلفة.. كانت توجساتي في البداية أن يكون هذا الشاب ينتمي إلى إحد عصابات تجار الأعضاء البشرية أو باحتمال ارتباطه بأحد أجهزة المخابرات الدولية، ولكن تلاشت تلك المخاوف تدريجيا حتى أنتهت إلى إطمئنان وسكينة، وبالتالي وجوب استحقاق الدعم الكامل لهما ولحبهما. قدم هذا الشاب كل التنازلات في سبيل أن ينال حب إبنتي.. اسلم بشهادة أحد المراكز الإسلامية في ولايته، واستعد أن يتنازل حتى عن اسمه.. سعينا مجتمعين في تذليل كل الصعوبات القانونية والدينية والثقافية، وكل من جانبه حتى يصل ونصل بحبهما إلى بر الأمان. وبقي هناك مجتمع محافظ جدا لا يرحم ولا يتمهل، وعادات وتقاليد ثقيلة لا تتزحزح، وثقافات عصبوية بائسة محكومين بها ومازلنا نعيش رحاها، بعضها يعود إلى ما قبل الدولة، وعقليات متخلفة تريد أن تخضع العالم كله لمشيئتها ومساراتها المظلمة. وفي مثل هذه الأيام أعلنت زواجهما بالقاهرة العام الماضي 2024 .. قامت القيامة علينا غير أننا انتصرنا بإرادة فذة لا نملك سواها.. قرأنا منشورات وتعليقات تشنيع واسع وباذخ بحقنا.. سمعنا ما يفطر القلب.. احتملنا ما لا يحتمله جبل.. جيوش إلكترونية تتعسف الحقيقة وتستغل الإنساني المحض في خدمة أجندات السياسي التافه.. تآزرت عصبيات شتى ومدعومة للتشنيع فينا، وتدميرنا، وإلحاق "العار" بنا، ولكننا انتصرنا لما هو إنساني.. أنتصر الحق في الحب والحياة على الموت والمرض. مازالت ابنتي شيماء لم تحصل على لم الشمل، وما زال زوجها يبذل ما أستطاع للمحاماة لتحقيق حلمه بلمّ الشمل، فيما أنا وبعد يأس ومرور عام من المحاولة استطعت الدخول للولايات المتحدة ولم أستطع أن أدخل ولدي مرافقا على غير حال زملائي الداخلين والخارجين منها. قبل عملية القلب المفتوح طلب المستشفى بالسماح لابني بدخول الولاياتالمتحدة لتقديم الرعاية الصحية والدعم النفسي لوالدة ولكن تم مواجهة طلبنا وطلب المستشفى بالرفض من قبل سفارة أمريكا في مصر. وقبل يوم من عملية القلب المفتوح وصل إليّ تشالز زوج ابنتي وكان حاضرا ساعة بساعة معي وقت العملية وبعدها حتى تجاوزت كل الاحتمالات السيئة، وظل لثلاثة أيام يختلس قليل من نوم له على كرسي لا يتسع منتصرا على الممنوع إلى جانب سريري لمساعدتي ومحاولة الاطمئنان المستمر على صحتي.. ولا أنسي أمه التي تواصلت بي أكثر من مرة تتطمئن على صحتي.